Getty Images لفت الظهور الثلاثي الأول من نوعه لكل من الرئيس الصيني شي جين بينغ والروسي فلايديمير بوتين والكوري الشمالي كيم جونغ أون، أنظار العالم خلال عرض عسكري ضخم احتفلت خلاله الصين بمرور 80 عاماً على انتصار البلاد على اليابان في الحرب العالمية الثانية. واستعرضت الصين خلال العرض أسلحة متطورة جداً تراوحت بين أسلحة بالليزر والصواريخ الباليستية النووية والطائرات بدون طيار عملاقة تعمل تحت الماء. ولفتت مجموعة من الروبوتات رباعية الأرجل الأنظار في العرض العسكري اليوم، وهي تُعدّ سلاحاً جديداً نسبياً، وملفتاً للنظر، في ترسانة الصين. تتمتع هذه الآلات بالقدرة على الاستطلاع في الخطوط الأمامية، وتوصيل الإمدادات، وحتى شنّ ضربات دقيقة على الأهداف، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية الصينية. Getty Images وقال مراسل بي بي سي نيوز للشؤون الأمنية، فرانك غاردنر، إنّ من الأمور التي تثير قلق الخبراء العسكريين والأمنيين في الغرب، استعراض الصين للأسلحة الجديدة، بما في ذلك الصواريخ التي تسافر بسرعة تفوق خمسة أمثال سرعة الصوت. وأشار إلى أنّ "قوة بكين العسكرية مثيرة للإعجاب، لكنها لم تُختبر بعد". ويضيف أنّ عرض الأسلحة الصينية للقرن الحادي والعشرين أعطى للمحللين الدفاعيين الغربيين الكثير مما يمكنهم استخلاصه والتفكير فيه. ويتابع: "لا تكمن قوة بكين في أعدادها فحسب، مدعومةً باقتصادها الضخم، بل في تزايد الابتكار والاعتماد على الذات". لكنه يعتبر أنّ "هناك علامة استفهام كبرى تظل قائمة حول ما إذا كان جيش التحرير الشعبي الصيني، مع تسلسله الهرمي الصارم ومذهبه، قادراً على تنسيق كل هذه الأصول الهائلة بفعالية لمحاربة حملة تستخدم فيها كل الأسلحة: على الأرض، وفي البحر، وفي الجو، وفي الفضاء، وفي الفضاء الإلكتروني". ولمشاهدة العرض العسكري الصيني، جلس بوتين وكيم جونغ أون، إلى جانبي شي جين بينغ، بالاضافة الى عشرات من رؤساء الدول الآخرين، وزعيمان غربيان فقط، هما رئيس سلوفاكيا روبرت فيكو ورئيس صربيا ألكساندر فوتشيتش. وحضر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان العرض أيضاً. Getty Imagesالقوات الصينية تستعد لعرض عسكري في ساحة تيانانمن في 3 سبتمبر/ أيلول 2025 في بكين وفي خطابه خلال حفل الغداء، قال الرئيس الصيني إن العالم يجب ألا "يعود أبداً إلى شريعة الغاب، حيث يستغل القوي الضعيف". لم يخاطب شي أي دولة غربية تحديداً، لكن مسؤولين صينيين سبق أن وصفوا الولاياتالمتحدة ب"المتنمرة" لفرضها رسوماً جمركية على دول العالم. وأضاف شي: "نأمل بصدق أن تستخلص جميع الدول العبر من التاريخ، وتقدر السلام، وتعمل معاً من أجل... بناء مستقبل أكثر إشراقاً للبشرية". وقال مراسل بي بي سي نيوز في الصين، ستيفن ماكدونيل، إن شي جين بينج، قال وهو يقف على قمة بوابة تيانانمين - دون أن يوضح ما يعنيه - إن العالم اليوم يواجه "اختياراً صعباً بين السلام والحرب، والحوار والمواجهة". وقال أيضاً إنّ "أمته العظيمة لم تعد تخشى أحداً". ولم يكن العرض العسكري الذي أقامته بكين اليوم "مجرد استعراض للقوة، بل كان بمثابة عرض ضخم لبيع الأسلحة الصينية للمشترين المحتملين"، بحسب ما قاله محللين لتيسا وونغ، مراسلة الشؤون الرقمية في آسيا. ومن المعروف أن بعض الدول المشاركة، مثل ميانمار، تشتري كميات هائلة من الأسلحة الصينية. لكنّ "فرصة البيع لعملاء جدد أو زيادة الطلبات هي وسيلة تنتهجها الحكومة الصينية لتوسيع نفوذها عالمياً"، كما يشير الخبير العسكري مايكل راسكا. وقال محلل الشؤون الدفاعية ألكسندر نيل لبي بي سي نيوز، إن ذلك وجّه رسالةً إلى الولاياتالمتحدة مفادها أنه إذا أرادت أمريكا تحديهم فعلاً، فسيعني ذلك "محاربتهم في عدة مسارات محتملة في آنٍ واحد - شبه الجزيرة الكورية، ومضيق تايوان، وأوكرانيا". ويضيف: "وإذا فكّرتَ في الأمر، فإن الضغط على الولاياتالمتحدة في هذه المسارات الثلاثة قد يُفشلها في أحدها". Getty Imagesعرض عسكري بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الصين على اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية، 3 سبتمبر/أيلول 2025 في هذه الأثناء، انتقد دونالد ترامب، الذي لم يكن حاضراً في العرض، شي على وسائل التواصل الاجتماعي: "أرجو أن تبلغوا تحياتي الحارة لفلاديمير بوتن وكيم جونغ أون بينما تتآمران ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية". ولم تتم دعوة دونالد ترامب للانضمام إلى الاحتفالات في بكين، ويقول مراسل بي بي سي نيوز، ستيف روزنبرغ إن ذلك يرسل رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية، تفيد بتقديم بديل للنظام العالمي الذي تقوده الولاياتالمتحدة. Getty Imagesعرض أسلحة الليزر خلال عرض الصيني العسكري بمناسبة الذكرى الثمانين للنصر على اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية، في ساحة تيانانمن في بكين يوم 3 سبتمبر/أيلول 2025 من جهته، نفى المتحدث باسم الكرملين، يوري أوشاكوف، أي تلميح إلى وجود مؤامرة ضد الولاياتالمتحدة، وفقاً لوسائل الإعلام الروسية الرسمية، واصفاً كلام ترامب بأنه "مثير للسخرية". وأفادت وكالة تاس أن أوشاكوف قال إنّ بوتين وشي وكيم "لا يفكرون حتى في مؤامرة ضد الولاياتالمتحدة"، وإن القادة الثلاثة يدركون دور واشنطن "في الوضع الدولي الراهن". واجتمع على هامش القمة، الزعيمان الروسي والكوري الشمالي وقال كيم لبوتين إن من "الواجب الأخوي" لكوريا الشمالية مساعدة روسيا. ودعا بوتين كيم لزيارة روسيا، بعد اجتماع استمر ساعتين ونصف، حيث أشاد الرئيس الروسي بالجنود الكوريين الشماليين الذين يقاتلون إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا. وقال كيم إن اجتماعاً جديداً سيجمعه ببوتين قريباً. ما مدى فعالية الأسلحة الصينيةالجديدة؟ Getty Imagesتشكيلة الصواريخ الباليستية التي تطلقها الغواصات JuLang-3، المعروفة أيضاً باسم الصواريخ الباليستية JL-3 تشير تيسا وونغ، مراسلة بي بي سي نيوز للشؤون الرقمية في آسيا، إلى أنّ العرض العسكري الصيني كان بمثابة استعراض لقوة شي المتنامية على المسرح العالمي، وللقوة العسكرية الصينية - وتضمن العرض صاروخ "قاتل غوام"، وطائرة بدون طيار "الجناح المُخلِص"، وحتى "الذئاب الروبوتية". ورغم امتلاك الصين الكثير من الأسلحة، إلا أنّ السؤال يبقى في مدى فعاليتها. إذ اتضح من عرض يوم الأربعاء، أن الصين استطاعت إنتاج مجموعة متنوعة من الأسلحة بسرعة. ويشير مايكل راسكا، الأستاذ المساعد في برنامج التحولات العسكرية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، لبي بي سي نيوز، إلى أنه قبل عشر سنوات، كانت التكنولوجيا العسكرية التي عرضتها الصين عبارة عن "نسخ بدائية" لمعدات أكثر تطوراً بكثير ابتكرتها الولاياتالمتحدة. لكن هذا العرض كشف عن مجموعة أكثر ابتكاراً وتنوعاً من الأسلحة، وخاصة الطائرات بدون طيار والصواريخ - وهو ما يعكس مدى التقدم الذي وصل إليه مجمعهم الصناعي الدفاعي. ويتساءل الدكتور راسكا: "بإمكانهم استعراض هذه المنصات المتطورة والبارزة، ولكن هل يتمتعون بالمرونة التنظيمية اللازمة لاستخدامها بالطريقة التي يريدونها؟". ويضيف أن الأمر لن يكون سهلاً لأنّ الجيش الصيني ضخم وغير مجرب، نظراً لعدم مشاركته في حرب كبيرة منذ عقود. ماذا نعرف أيضاً عن هذه الأسلحة Getty Imagesالذئاب الروبوتية الصينية خلال عرض الأربعاء العسكري يبدو أنّ الصين تُركز على تطوير أنواع محددة من الصواريخ لمواجهة الولاياتالمتحدة. إذ أطلقت الصين خلال عرض الأربعاء العديد من الصواريخ، بما في ذلك بعض المتغيرات الجديدة. وتشمل هذه الصواريخ صاروخ دونغفنغ-61، القادر على حمل رؤوس حربية متعددة في مقدمته؛ وصاروخ دونغفنغ-5C الباليستي العابر للقارات، الذي يُمكن إطلاقه من شمال الصين وضرب الولاياتالمتحدة؛ وصاروخ دونغفنغ-26D متوسط المدى "قاتل غوام"، القادر على ضرب قواعد عسكرية أمريكية رئيسية في غوام. وكان هناك أيضاً العديد من الصواريخ المضادة للسفن الأسرع من الصوت، مثل YJ-17 وYJ-19، التي يمكنها التحليق بسرعة كبيرة والمناورة بشكل غير متوقع لتجنب أنظمة الدفاع الصاروخي. وهناك سبب لهذا التركيز على الصواريخ. يقول ألكسندر نيل، زميل مساعد في منتدى المحيط الهادئ، إن الصين تُطوّر الصواريخ والقوات الصاروخية كجزء أساسي من استراتيجيتها للردع، ولمواجهة التفوق البحري الأمريكي. ومن جهة أخرى، قدمت الصين خلال العرض مجموعة واسعة من الطائرات المُسيّرة، بعضها مُزوّد بالذكاء الاصطناعي، لكن الطائرة المُسيّرة العملاقة AJX-002 هي التي لفتت الأنظار. تُعرف هذه الطائرة المسيرة أيضاً باسم "مركبة كبيرة الحجم تعمل تحت الماء بدون طاقم" (XLUUV)، يصل طولها إلى 20 متراً، ويمكنها القيام بمهام مراقبة واستطلاع. واستعرضت الصين أيضاً طائرتها الهجومية الشبحية GJ-11، الملقبة ب"الجناح المُخلِص"، والتي يمكنها التحليق إلى جانب طائرة مقاتلة مأهولة ومساعدتها في هجماتها. إلى جانب مجموعة من الطائرات المسيرة التقليدية، غرضت بكين أيضاً "ذئاب روبوتية". يقول الخبراء إنه يمكن استخدامها في مهام متنوعة، من الاستطلاع وكسح الألغام إلى مطاردة جنود العدو. * بكين تستعد لليوم المشهود الذي سيكون فيه زعيمها محط أنظار العالم * دبابات وسياحة وصور تذكارية: لماذا يزور كيم جونغ أون وفلاديمير بوتين الصين؟ * قمة الصين الأمنية: هل تشهد ولادة تحالف جديد ضد النفوذ الأمريكي؟