أكثر من 1.6 مليون عاطل عن العمل سيتركهم عهد الحكومة الحالية خلفه 200 مليار درهم سنوياً لخدمة الدين.. والمواطن يدفع الثمن 48.74 مليار درهم حاجيات تمويل إضافية لقانون مالية 2026 5 سنوات ضاعت على الإصلاحات الهيكلية الكبرى
على عكس التوجهات الرسمية التي تدعو إلى تسريع تنزيل الأوراش الكبرى وتحقيق تنمية ملموسة، جاء مشروع قانون المالية 2026 مخيّبًا للآمال. فقد انتظر المواطنون من الحكومة نفسها أن يكون هذا المشروع أداة لإيجاد حلول عاجلة للمشكلات العالقة، خصوصًا في مجالات التشغيل والصحة والتعليم، إلا أن الواقع أظهر تناقضًا صارخًا بين الخطاب الرسمي وما جاء به القانون من تدابير غير فعالة. خلال مناقشته أمام لجنة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب، حيث كشف الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية عن نقاط الضعف الجوهرية في المشروع، مؤكدًا أن التوجهات المعلنة على الورق لم تُترجم إلى سياسات عملية قادرة على تحسين حياة المواطنين وتلبية احتياجاتهم الملحة. وشدد عرض رئيس الفريق الاشتراكي عبد الرحيم شهيد على كشف كل الحيثيات، وأكد أنه و قبل الخوض في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، يسجل الفريق الاشتراكي اعتزازَه وافتخاره بما حققه شباب المغرب الأبطال بفوزهم بكأس العالم لكرة القدم لأقل من عشرين سنة، وهو الفوز المستحق الذي يؤكد حجم الطموح المغربي للارتقاء بين الأمم والشعوب، ويعكس إرادة أمة عريقة في التقدم واحتلال موقع الريادة إقليمياً ودولياً. كما ثمن الفريق اتساع دائرة الدعم الدولي لقضية وحدتنا الترابية عشية اجتماع مجلس الأمن، مشيدًا بالمجهودات الدبلوماسية الرسمية التي يقودها جلالة الملك، وبمشاركة الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، من أجل إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية عبر تفعيل مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وتطرق الفريق كذلك إلى حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على مدى سنتين من طرف الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، مجددًا إدانته لجرائم الحرب، وداعمًا للحق الفلسطيني، ومؤكدًا أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. من جهة أخرى، أعرب الفريق عن تقديره للإصلاحات الإيجابية والتطور الملموس في تدبير المالية العمومية، وللمجهود المقدر للإدارة المالية في ضمان الأمن المالي، مشيدًا بالعمل الدؤوب لأطر وموظفي وزارة الاقتصاد والمالية. وفتح الفريق قوسًا على تاريخ المغرب الحديث منذ الاستقلال، مؤكدًا دور المعارضة في بناء الدولة والمؤسسات، منذ دستور 1962 وحتى دستور 2011، مرورا بمبادرات ديمقراطية وحقوقية، وحكومة التناوب، وهيئة الإنصاف والمصالحة، معتبرًا أن الدستور الحالي قد كرس مكانة المعارضة بجانب الحكومة، وأن النقد الموجه للمعارضة اليوم يعكس جهلًا بالتاريخ وبالممارسة السياسية الصحيحة. إن مشروع قانون المالية الخامس لهذه الحكومة يُفترض أن يعكس نسب إنجاز حقيقية والتزامات واضحة تجاه المواطنات والمواطنين، لكنه جاء في الواقع مكملًا لنفس الخطاب الوردي السابق، مستمرًا في إنكار التراجعات الاقتصادية والاجتماعية، وتفاقم الصعوبات في التعليم والصحة والشغل والسكن، وفشل في النهوض بالاقتصاد الوطني. ولم يعكس المشروع أي استجابة فعلية للواقع المعيشي الصعب، بل جاء عادياً من حيث الكم والكيف، مع غلبة الطابع الإداري التقني على الإجراءات، وفقدان اللمسة السياسية المسؤولة. كما انتقد الفريق التناقض في استعمال الحكومة للمصطلحات الاقتصادية، متسائلًا عن تغير الخطاب من «الاستدامة» إلى «التوازنات المالية»، وما يعكسه ذلك من تحديات مستقبلية. كما أشار إلى التراجع عن التزامات النموذج التنموي الجديد، واستخدام لغة النجاح الوهمية بدل إجراءات فعلية لتلبية مطالب المواطنين، وخصوصاً الشباب. وعلى صعيد السياق الدولي والوطني، أشار الفريق إلى أن الحكومة تحاول تبرير إخفاقاتها بالظرفية الاقتصادية والجفاف والتوترات الجيوسياسية، بينما الواقع يظهر فشلها في التحكم في الاختلالات الداخلية وفي استثمار الموارد المالية الكبيرة، بما فيها التحويلات المالية لمغاربة العالم. انتقد الفريق الفرضيات الحكومية المتعلقة بمؤشرات النمو الزراعي ونسبة العجز المالي، مستغربًا اختلاف الحسابات بين الحكومة وبنك المغرب رغم الاعتماد على نفس المراجع، مما يعكس تباينًا غير مبرر في الأرقام الرسمية. وسجل الفريق عدة نقاط أساسية: تراجع النمو المتوقع لسنة 2026 رغم كل الإمكانات. استمرار عجز مزدوج: الفشل في الالتزام بالبرنامج الحكومي، والفشل في تفعيل النموذج التنموي الجديد. ضعف النمو وعدم قدرة الاستثمار العمومي على خلق فرص شغل كافية. فيما يخص الميزانية، أشار الفريق إلى المديونية المتصاعدة، وارتفاع النفقات الجارية، وتحويل جزء كبير من الموارد إلى الحسابات الخصوصية للخزينة، مؤكداً أن الحكومة لم تحقق العدالة الضريبية المنشودة، وأن الإصلاحات الضريبية لم تخفف العبء عن المواطنين ولا دعمت المقاولات الصغيرة والمتوسطة بالشكل المطلوب. كما سجل الفريق إخفاق الحكومة في تفعيل الحماية الاجتماعية، مع وجود 8.5 مليون مغربي خارج دائرة الاستفادة من الحماية الصحية، واستمرار ضعف النمو الاقتصادي والبطالة المرتفعة، وارتفاع الفقر والهشاشة، وتأجيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وتعطيل الزمن الحقوقي المغربي. خلص الفريق الاشتراكي إلى أن الحكومة ستترك وراءها إرثًا ثقيلًا من العجز الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مع مخزون كبير من العاطلين عن العمل والفقراء، وتراجع مؤشرات التنمية، مؤكداً أن المعارضة الاتحادية ستظل تسمي الأشياء بمسمياتها بعيدًا عن الشعبوية والشخصنة، داعيًا الله أن يعين المغرب على التعامل مع هذا الإرث الثقيل، وأن يغفر للحكومة ما اقترفته بحق المغاربة.
السيدة الرئيسة السيدة الوزيرة، السيد الوزير المنتدب السيدات والسادة النواب الحضور الكريم قبل الخوض في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، نسجل في الفريق الاشتراكي اعتزازنا وافتخارنا بما حققه شباب المغرب الأبطال بفوزهم بكأس العالم لكرة القدم لأقل من عشرين سنة، وهو الفوز المستحق الذي يؤكد حجم الطموح المغربي للارتقاء بين الأمم والشعوب ويعكس إرادة أمة عريقة في التقدم واحتلال موقع الريادة إقليميا ودوليا. ونسجل أيضا تثمين اتساع دائرة الدعم الدولي لقضية وحدتنا الترابية، ونحن عشية اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي مناسبة للإشادة عاليا بمجهوداتنا الديبلوماسية الرسمية التي يقودها جلالة الملك، والتي تنخرط فيها الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، من أجل إنهاء هذا النزاع المفتعل عبر تكريس مغربية الصحراء بتفعيل مبادرة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية. وعلاوة على ذلك، نستحضر حرب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني طيلة سنتين من طرف الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، ونجدد إدانتنا لجرائم الحرب المرتكبة ودعمنا المطلق للحق الفلسطيني وتأكيدنا أن السلام في منطقة الشرق الأوسط لن يكون إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ومن جهة أخرى، ونحن نناقش مشروع قانون المالية لسنة 2026، لا بد أن نسجل، كمعارضة مسؤولة وبناءة، الإصلاحات الإيجابية والتطور الملموس في تدبير المالية العمومية والمجهود المقدر للإدارة المالية بكل مكوناتها في ضمان الأمن المالي، وأن نثمن العمل الدؤوب لأطر وموظفي وزارة الاقتصاد والمالية. قبل أن أكمل أود أن افتح قوسا أعتقد أنه سيكون طويلا بعض الشيء، وهو مرتبط بما سمعناه هذا الصباح من نعوت للأسف متعددة ومتنوعة للمعارضة وأدوارها، ونود أن نذكر بفتح قوس على تاريخ المغرب، تاريخ الدولة المغربية الحديثة 70 سنة من الاستقلال وهو تاريخ لبناء الدولة الحديثة، لبناء المؤسسات، ولعبت فيه المعارضة السياسية دورا كبيرا ومهما للغاية، منذ دستور 1962 الى دستور 2011 مرت ستة دساتير وقودها الفكري والمذهبي والقانوني كانت اأراق المعارضة، المعارضة التي آمنت بالمؤسسات دائما، وتقوية المؤسسات وصولا إلى دستور 2011 ، هذا الأخير الذي اعتبر تتويجا لمسار تاريخي عرفته بلادنا وتتويجا أساسا للعهد الجديد الذي انطلق بمبادرات ديمقراطية وحقوقية مهمة على أساسها تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، وقبلها كانت حكومة التناوب بقيادة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي الذي كان معارضا محكوما بالإعدام وعادإلى بلاده لبناء الدولة الديمقراطية التوافقية مع المؤسسة الملكية، ثم هيئة الإنصاف والمصالحة التي كان يترأسها المرحوم إدريس بنزكري ، الذي كان معارضا وقضى 20 سنة في السجن المركزي وخرج من السجن لبناء دولة الحق والقانون إلى جانب المؤسسة الملكية، هذا المسار توج مرة أخرى سنة 2011 ، والذي كل هذا التراكم عرف مكانه داخل الوثيقة الدستورية التي أعطت صورة واضحة عن فصل السلط، وحددت اختصاصات الحكومة والبرلمان والجتمع المدني والأحزاب السياسية، والنقابات… داخل الوثيقة الدستورية. ماعرفه هذا الدستور من تتويج هام هو دسترة المعارضة وإعطائها المكانة اللازمة لها بجانب الحكومة، هذا الدور للأسف، وهذا التاريخ الذي لم تعشه لا بأس أن تجهله ، لكن الأحزاب التي كانت جزءا منه صعب أن نسمعها تروج خطابا من هذا النوع وإذا وقفنا عند الكلمات المستعملة صعب تقبلها(التبخيس، فرملة الإصلاح، ترويج الأكاذيب، الخرجات الكيدية، الضجيج المصطنع، الخطاب التضليلي….) إن هذه المعارضة مسؤولة ومدسترة. وهذا الخطاب كان في هذا التاريخ الذي قلناه والذي تعرض فيه الكثير من الناس للاعتقال وكان يطل دائما من أجل شيطنة المعارضة، إن التبخيس الحقيقي هو الذي يقول للحكومة صباح مساء أنت على طريق الصواب هذا هو الذي يقل بالتوازنات في الأنظمة الديمقراطية، اليوم أن نسمع هذا الخطاب يعني جهل بالتاريخ وجهل بحقوق الإنسان وجهل بالممارسة السياسية، وهنا سأقول لصاحب هذا الخطاب رجاء غير من يكتبون لكم من المتملقين والمرتزقين … حضرات السيدات والسادة، إن مشروع القانون الذي نحن بصدد مناقشته اليوم يعد القانون المالي الخامس لهذه الحكومة، والذي من المفترض أن يتضمن نسب إنجاز حقيقية لمختلف الالتزامات التي وعدتم بها المغاربة، بالإضافة إلى الإجراءات العملية لتدارك ما يمكن تداركه في نهاية ولايتكم. لكن للأسف، نسجل توالي قوانين المالية وتكراركم لنفس الخطاب الوردي، واستمراركم في نفس النهج الإنكاري للتراجعات المسجلة في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنات والمواطنين، ولتفاقم الصعوبات التي يواجهونها في الولوج إلى التعليم والصحة والشغل والسكن وغيرها من الحقوق الأساسية، موازاة مع تسجيل فشلكم الذريع في النهوض بالاقتصاد الوطني ومعالجة معيقاته الأساسية. ولأن السيد رئيس الحكومة قد استبق الدخول السياسي بتقديمه لحصيلته، التي يعتبر فيها أنه حقق لبلادنا في خمس سنوات ما لم يحققه غيره في خمسين سنة، فلا يسعنا ونحن نناقش قانون ماليتكم الأخير، إلا أن نقف عند بعض هذه «المنجزات غير المسبوقة»، انطلاقا من تحليل أرقام ومعطيات مشروع القانون والوثائق المرفقة به، لنقف معكم بالملموس على حجم الهوة بين المعلن والمنجز في عهدكم. وفي بداية المناقشة، نود التوقف عند الإطار المرجعي والتوجهات العامة لمشروع القانون الذي جئتم به، لنثير انتباه الحكومة إلى أن هذا المشروع منفصل عن تطورات الأحداث التي نعيشها وتفاعلاتها. فقد كان أملنا أن نجد في أولوياتكم مقتضيات وإجراءات عملية وفِعْلِية، تُعبِّر عن حالة استنفار حكومي لمواجهة الواقع المرير للبطالة وتدهور القدرة الشرائية والهدر المدرسي والخصاص في الأطر الصحية، واختلالات منظومة الحماية الاجتماعية، والصعوبات القاتلة للمقاولة الوطنية، خاصة الصغيرة والمتوسطة، والضغط والتركيز الضريبيين، وإشكالات التمويل للأفراد والمؤسسات، وصعوبات الولوج إلى الطلبيات العمومية، وآجال الأداءات ومنافسة القطاع غير المهيكل، وغيرها كثير من المعيقات التي زاد تدبيركم من حدتها. والحال أنكم جئتم بمشروع قانون «عادي» كَمّاً وكَيفاً، رغم أن في ثلاث شهور هناك خطابين ملكيين حرصا على التذكير بأن البلاد تسير بسرعتين، حرص على غياب العدالة المجالية وحرص على التذكير بالعدالة الاجتماعية ورغم ذلك جاء القانون عاديا كما وكيفا في زمن استثنائي يتطلب جرأة أقوى وإبداعا أعمق وجدية أكبر، حيث طغى الطابع الإداري التقني الصِرف على الإجراءات المقترحة، وغابت عنها لمسات الفِعل السياسي المسؤول القادر على الدفاع عن اختياراته وتحمل كلفتها السياسية والاجتماعية وليس التنابز بكلام الشارع… إننا نسجل عودتكم لقاموس الظرفية الصعبة واستعمالكم لمصطلح «التوازنات المالية»، بعد أن كنتم تتحدثون في السنوات السابقة عن «الاستدامة»، وهذا التغير في اللغة يعكس حجم التحديات المقبلة، في علاقة مباشرة باختلال التوازن المقلق بين الموارد والنفقات في عهدكم. تخليتم في هذا المشروع عن خلاصات وتوصيات النموذج التنموي الجديد الذي كنتم مؤتمنين كسلطة تنفيذية على البدء في تفعيله، إذ تقهقر النموذج في سلم أولوياتكم، لتنتقلوا من «الالتزام بتنفيذ توصيات التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد» كما أكدتم في قانون مالية سنة 2022، كإطار مرجعي «معلن» لإعداد قوانين المالية، إلى تنفيذ «التزامات الحكومة المتضمنة في برنامجها، تماشيا مع الرؤية الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد» كما تؤكدون في مشروع قانون مالية 2026. فشتان بين الالتزام بالتنفيذ وبين التقاطع في الرؤى. ونستغرب، في هذا الإطار، كثرة استعمال مصطلحات تنهل من القاموس الذي يدعي النجاح، حيث تلجأون إلى استخدام مصطلحات من قبيل «مواصلة» و»تعزيز» و»توطيد» و»استكمال» و»تدعيم» … وغيرها؛ كما لو أن الأيام والشهور الأخيرة عرفت خروج المواطنات المواطنين للشارع من أجل تحية مجهوداتكم، وليس المطالبة بقطيعة مع منهجكم التدبيري الفاشل. ففي الوقت الذي نتوجه فيه نحو اعتماد آليات جديدة لإدماج الشباب في الحياة السياسية تفاعلا مع خروج الشباب إلى الشارع لرفع مطالب اجتماعية واضحة، تأتي الحكومة للحديث عن «المواصلة» وكأن شيئا لم يقع. أهذه هي الحكومة المنسجمة المتناغمة التي ظهر فيها كل حزب يتكلم على هواه؟؟؟ حضرات السيدات والسادة، وإذا كنا نشاطركم التحليل بخصوص عناصر السياق الدولي والوطني، وطابع اللايقين الذي يُخيم على الاقتصاديات العالمية، والسياسة الحمائية التي تنهجها العديد من الدول، والتوترات الجيوسياسية وتداعياتها على سلاسل التوريد العالمية؛ فإننا بالمقابل، لا نتفق معكم في ما تذهبون إليه من تبريرات، وما تَخلُصون إليه من نتائج ذات الصلة، فالحكومة لا تقدم لنا إلا ما يسعفها في تبرير الظرفية. صحيح أن التضخم بدأ مستوردا سنة 2022، لكنه انتهى وطنيا نتيجة عجزكم عن التحكم في الاختلالات المرتبطة بسلاسل التوريد الوطنية، مما أدى إلى استقرار الأثمان في الارتفاع، رغم تراجع التضخم سنوات 2024 و2025، وذلك بفعل القرارات التي اتخذها بنك المغرب وتشدده في السياسة النقدية، والتي لم تنظروا إليها يوما بعين الرضى. صحيح كذلك أننا عرفنا سنوات متتالية من الجفاف، وهذا ليس بجديد في التاريخ المغربي، على اعتبار أن الظروف المناخية الوطنية معطى بنيوي في الاقتصاد الوطني وليس اكتشافا خالصا لهذه الحكومة. بالمقابل، وجب الوقوف بكل مسؤولية على مستوى الإجهاد المائي الذي وصلنا إليه، بفعل التغيرات المناخية من جهة، وبفعل النموذج الفلاحي الذي اعتمده المغرب في السنوات الأخيرة، والذي استنزف الفرشات المائية للعديد من الأحواض والطبقات الجوفية. فالحقيقة المرة بعد هذه السنوات من هذا النموذج الفلاحي الموجه للتصدير، والذي أشرف على تفاصيله السيد رئيس الحكومة، هو أننا اعتمدنا نموذجا لا يأخذ بعين الاعتبار الحقائق الهيدروجغرافية لبلادنا واختار المخطط الأخضر بإلغاء المخطط الأزرق، ولا يستحضر الفلاحة المعيشية التي تشكل عناصر الاستقرار في العالم القروي، مما يجعل حجم الضرر الاستراتيجي لبلادنا أكبر مما استفادته من عائدات مالية أو رفع للقدرات الإنتاجية في مجال الخضروات والفواكه واللحوم. فلا نحن حققنا الاكتفاء الذاتي، ولا نحن حققنا السيادة الغذائية، ولا نحن وَفرنَا المنتجات بثمن في متناول القدرة الشرائية للمغاربة، ولا نحن حافظنا على ثروتنا المائية، ولا نحن حافظنا على استقرار الفلاحين في مداشرهم، ولا نحن خلقنا جيلا جديدا من الفلاحين المرتبطين بالأرض، ولا نحن حافظنا على المالية العمومية بالنظر إلى حجم الدعم الموجه لهذا القطاع. في نفس السياق، وبما أنكم تتحججون دائما بالظرفية الدولية والجفاف، وجبت الإشارة إلى أنكم الحكومة التي تَوفر لها ما لم يُتوفر لسابقاتها، واستفدتم من عائدات مالية مهمة دون أن يكون لكم مجهود فيها، سواء تعلق الأمر بتراجع أسعار المحروقات على المستوى الدولي و أثره على انخفاض الفاتورة الطاقية في السنوات الثلاث الأخيرة، أو بالهوامش المالية الناتجة عن تراجع نفقات المقاصة، أو صادرات المغرب من الفوسفاط، وبالأخص تحويلات مغاربة العالم والتي فاقت كل التقديرات في الأربع سنوات الأخيرة، حيث أضحى مغاربة العالم يشكلون نظام مقاصة قائم الذات يَجبُر الضرر الذي لَحِق الأسر المغربية بفعل سياساتكم اللااجتماعية. وعلى الرغم من أنه من المرجح أن تتجاوز التحويلات المالية لمغاربة العالم خلال هذه الولاية 2022-2026 ما مجموعه 587 مليار درهم، فللأسف لم يحتلوا الأولوية التي يستحقونها في سياساتكم العمومية. حضرات السيدات والسادة، بخصوص الفرضيات المؤطرة لقانون المالية، نضطر مرة أخرى إلى إثارة واقعية الفرضيات التي تعتمدونها، وذلك بالنظر إلى حجم التباين بين أرقامكم لاختتام سنة 2025 وفرضيات سنة 2026، مقارنة مع آخر تقديرات لمؤسسة بنك المغرب المعلن عنها في 23 شتنبر 2025، سواء في جانب النمو أو العجز أو تقديرات المحصول الزراعي من الحبوب بالنسبة لنفس السنوات. فبخصوص فرضيات اختتام سنة 2025: في 24 يوليوز 2025، بمناسبة تقديم وزارة الاقتصاد والمالية لعرضها حول تنفيذ ميزانية 2025 والإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026، تمت مراجعة التوقع الإجمالي للنمو الاقتصادي إلى 4.5 % بالنسبة لسنة 2025؛ فكيف تحول في أقل من ثلاثة أشهر إلى 4.8%؟ كيف يمكن أن يختلف حساب بنك المغرب عن حساب الحكومة حول المحصول الزراعي لسنة 2025 مع العلم أن المؤسستين تستندان في حساباتهما إلى نفس المرجع (وزارة الفلاحة والمندوبية السامية للتخطيط)؟ وكيف يمكن أن يزيد حساب الحكومة بخصوص المحصول الزراعي عن حساب بنك المغرب ب 1.7 مليون قنطار في أقل من شهر، في موسم مخصص للزراعة وليس للحصاد؟ كيف يمكن لنسبة مئوية «أقل» أن تعطينا «محصولا أكبر»؛ إذ تعتبر الحكومة أن القيمة المضافة الفلاحية ستسجل نموا ب4.6 %، بفعل تحقيق محصول 43 مليون قنطار سنة 2025، فيما يعتبر بنك المغرب أن القيمة المضافة الفلاحية سترتفع سنة 2025 بنسبة 5 %، باعتبار محصول حبوب يقدر ب 41.3 مليون قنطار؟ وبخصوص فرضيات اختتام سنة 2026: كيف يمكن أن يصل حجم الفرق إلى 20 مليون قنطار بالنسبة لمؤسستين تستندان إلى نفس المرجع: تقديرات مفرطة للحكومة بالنسبة لنتائج المحصول الزراعي لسنة 2026 (70 مليون قنطار)، تعاكسه معطيات بنك المغرب (50 مليون قنطار)؟ لماذا بقيت الحكومة حبيسة تصورها الأولي لمسار التحكم في العجز، بحيث تتوقع أن يصل العجز في سنتها المالية الأخيرة إلى 3 %، بخلاف بنك المغرب المطلع «بحكم اختصاصاته» على مستويات الموارد والنفقات، والذي يقدر نسبة العجز لسنة 2026 في 3.4 %؟ ما هي نسبة العجز الحقيقية، إذا ما استثنينا موارد الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، وموارد التمويلات المبتكرة التي فاقت 124 مليار درهم، منها أكثر من 102 مليار درهم في عهد هذه الحكومة؟ وفي انتظار تحيين الأرقام التي طالبنا بها الوزارة، لماذا يتغير المرجع الزمني بين مؤشر وآخر، إذ أن الحكومة تشير في مذكرة تقديم مشروع القانون (ص41) إلى أن مجموع التمويلات المبتكرة منذ سنة 2019 إلى متم شهر غشت 2025 هو 111 مليار درهم)، أي لماذا غشت 2025؟ غريب أن تكونوا على هذه الدرجة من الاختلاف في الاستنتاج، مع أنكم تستندون إلى نفس المراجع والقوائم المالية والحسابات الوطنية. فأين الخلل؟ بغض النظر عن التباين المسجل في أرقامكم الخاصة بالنمو «المحقق» و»المفترض»، فتمة واقع بعناوين بارزة هي: أولا، كل التقديرات تتجه نحو تسجيل تراجع للنمو برسم سنة 2026 (ولو كان طفيفا)؛ ثانيا، حكومتكم لم تتمكن في 4 سنوات من التدبير و5 قوانين للمالية من زحزحة معدل النمو الاقتصادي السنوي عن مستوياته المتواضعة (معدل النمو السنوي خلال هذه الولاية الحكومية 2022-2026، يتأرجح بين 3.5 % (بنك المغرب) ونسبة 3.7% (وفقا لآخر تحيين قامت به الحكومة)؛ ثالثا، تسجلون عجزا مزدوجا: يتعلق الأول بالفشل في تحقيق ما التزمتم به في برنامجكم الحكومي، ويتعلق الثاني بالفشل في تحقيق متطلبات تفعيل النموذج التنموي الجديد؛ رابعا، في عهدكم ظل النمو متواضعا وغير منتج للشغل الكافي ومكلفا اقتصاديا بالنظر إلى حجم الاستثمارات العمومية من الناتج الإجمالي الخام. حضرات السيدات والسادة، بخصوص الميزانية نسجل في المعارضة الاتحادية أنكم نجحتم في جعل المديونية معطى هيكليا وركيزة للتوازن المالي، أمام ارتفاع مضطرد لتحملات الخزينة، والتي لا توازيها بالضرورة ارتفاعات في الموارد العادية الكافية؛ إذ يقدر رصيد الميزانية العامة برسم سنة 2026 بناقص 107.57- مليار درهم، مع الإشارة إلى أن هذا الرصيد السلبي ظل يتجاوز 100 مليار درهم طيلة ولاية الحكومة، بل وصل سنة 2025 إلى ناقص 126.36 – مليار درهم. في نفس الإطار، وصلت الاقتراضات المتوسطة والطويلة الأجل برسم سنة 2026 إلى 123 مليار درهم؛ مع العلم أن ما بين سنتي 2022 و2025 ارتفعت الاقتراضات المتوسطة والطويلة الأجل من 105.38 مليار درهم إلى 125.00 مليار درهم. كما تصل حاجيات التمويل المتبقية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، إلى 48.74 مليار درهم، بعد أن وصلت إلى 58.55 مليار درهم سنة 2022، ثم 63.51 مليار درهم برسم سنة 2025؛ فيما يستمر في عهدكم الانزياح التدريجي لموارد ونفقات ميزانية الدولة نحو الحسابات الخصوصية للخزينة، والتي أصبحت تقارب 22% من مجموع التحملات و23.33% من مجموع موارد ميزانية الدولة. تتحدثون عن استعادة التوازن الميزانياتي من خلال التحكم في عجز الميزانية والمديونية، وذلك عبر ترشيد النفقات والتحكم في اللجوء إلى المديونية. والحقيقة أن نفقات التسيير قد عرفت منحى مضطردا في عهدكم، اذ انتقلت من 242.12 مليار درهم سنة 2022 إلى تقدير 347.49 مليار درهم سنة 2026. أما المديونية في عهدكم فقد ارتفعت إلى أكثر من 1124.2 مليار دهم، بعد أن كانت في حدود 885.3 مليار درهم عند تسلمكم مقاليد التدبير. عن أي ترشيد تتحدثون، والنفقات الجبائية ماضية في مستوياتها المرتفعة في عهدكم، حيث انتقلت منظومة التحفيزات الضريبية من 31.49 مليار درهم سنة 2024 إلى 32.01 مليار درهم سنة 2025، تمثل فيها الإعفاءات الكلية نسبة 73.1 % من مجموع النفقات الجبائية، أي 23.39 مليار درهم برسم سنة 2025، فيما تستأثر قطاعات الأمن والاحتياط الاجتماعي وقطاع العقار وقطاع إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز بحصة 57 %، مقابل نسب ضعيفة للصحة والقطاع الاجتماعي ب 2 في المائة، و6.3 في المائة لقطاع التربية. تتحدثون عن تحسن النتائج الخاصة بأهم ركائز النظام الجبائي مبرزين الإصلاحات التي تمت في الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل، كنتيجة طبيعية لتنزيلكم للقانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي. هل نسيت الحكومة أن القانون الإطار وتوصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات، قد جعلت من العدالة الضريبية العنوان الأبرز لكل الإصلاحات المنشودة في هذا الإطار؛ وهنا نسائلكم: أين تتجسد هذه العدالة عندما تصبح الشركات الكبرى المستفيد الرئيسي من إصلاحات الضريبة على الشركات التي جئتم بها خلال مختلف قوانين المالية، في الوقت الذي تمثل فيه المقاولات الصغرى والمتوسطة أكثر من 95 % من النسيج المقاولاتي الوطني والذي وصلت فيه الكثير منها للإفلاس؟ أين تتجسد العدالة عندما يكون أكثر من 73 % من الضريبة على الدخل هي اقتطاعات من أجور الموظفين؟ أين تتجسد العدالة عندما تصبح إصلاحات الضريبة على القيمة المضافة ثقلا أساسيا على المواطنات والمواطنين وموردا غير مباشر للخزينة على حساب القدرة الشرائية؟ كيف يمكن أن نسلم بارتفاع موارد الضريبة على القيمة المضافة في الداخل ونحن نعلم أن جزءا منها يتأتى من ارتفاع الأسعار على المواد الأساسية بما فيها المحروقات، ومن الضريبة على الأدوية وعلى صحة المواطنات والمواطنين؟ نذكركم أنكم تركتم 1.5 مليون من الشباب، حسب معطيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بدون عمل ولا تكوين ولا دراسة؟ نذكركم أن 36.7 في المائة من الشباب من الفئة العمرية 15-24 هم في بطالة؟ ألم يعد يكفيكم أن 331 ألف منهم تغادر مدارسكم سنويا، منها 180 ألف شاب (ة) في مقتبل العمر، لا يجيد القراءة والكتابة والحساب؟ فلا يمكن للنتائج الإيجابية المسجلة في بعض الموارد الضريبية، أن تنسينا أن الإصلاح ورش لم يكتمل بعد، وأنكم لم تقوموا بعد بما يلزم تجاه الجبايات المحلية، والرسوم شبه الضريبية، وإجراءات التحصيل، وتخليق الإدارة الضريبية، وتخفيف التركيز الضريبي، وتجسيد العدالة الضريبية كمدخل مركزي لتحقيق العدالة الاجتماعية. لقد اختزلتم الإصلاحات وتفعيل القانون الإطار في تغيير النسب وتشديد العقوبات والحجز من المنبع. لقد غلب المنطق الإداري في التحصيل، على أهميته، على روح الإصلاح التي ننشد من خلالها أن تصبح الضريبة محركا للاقتصاد، ومحفزة للطلب الداخلي، ورافعة للتنمية، وداعمة لتنافسية المقاولات، وضامنة لموارد قارة بالنسبة للخزينة. فقد جاءت مختلف قوانين المالية بنقط استفهام عديدة بما تثيره المقتضيات الواردة فيها من تساؤلات بخصوص التشريع الضريبي على مقاسات فئوية وقطاعية، أكثر ما تجيب عن الأسئلة المقلقة للشارع المغربي. ولنا في تأجيل تطبيق وضع العلامة الجبائية على بعض المحروقات برسم سنة 2026، خير دليل على ذلك. حضرات السيدات والسادة، لسنا بحاجة إلى التذكير بأنكم لم تحققوا التزاماتكم العشر التي على أساسها نلتم ثقة البرلمان، في مشهد غير مسبوق يعكس التغول السياسي للمرحلة، فهي على لسان كل المغاربة وتبُح بها حناجر المحتجين من كل الأجيال ومن كل المناطق الحضرية أو القروية. إن ما يقلقنا اليوم أكثر، هو حجم الدين السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي ستتركونه للحكومات والأجيال المقبلة. فرغم محاولاتكم القفز على الواقع المعيش للمغاربة، والتفافكم على الأرقام لتقديمها بصيغة تسعف نهجكم المحجب للواقع، ورغم كل الإمكانات المرصودة لتلميع صورة هذه الحكومة لدى الرأي العام، فالحقيقة أنكم ستغادرون الحكومة وفي رصيدكم 10 ديون ستبقى منحوتة في تاريخكم السياسي: لسنا بحاجة إلى تذكيركم بأن حساباتكم لم تتم المصادقة عليها بعد من طرف المجلس الأعلى للحسابات في خرق واضح لمقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية، والتي كان من المفروض أن تدخل حيز التنفيذ انطلاقا من سنة 2020. وهي مناسبة للتأكيد على مسؤولية الحكومة في التعاطي الإيجابي مع المؤسسات الدستورية واحترام اختصاصاتها، وأن تتجاوب مع ملاحظات المجلس، خاصة تلك المتعلقة بورش التصديق على حسابات الدولة، تكريسا لأحكام الدستور فيما يخص المحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، وتعزيزا لمبادئ الشفافية والموثوقية الخاصة بالبيانات المالية والمحاسبية، بما لذلك من آثار على تحديث المالية العمومية ومصداقية بلادنا في تعاملها مع المؤسسات والمستثمرين. للأسف، عدم إحالة الحكومة كل الوثائق اللازمة على المجلس، أو التأخر في ذلك،لأكثر من 3 سنوات، أدى إلى عدم تمكن هذا الأخير من إبداء رأيه بخصوص التصديق على حسابات الدولة لسنوات 2020 و2021 و2022؛ بالنظر إلى الفروق المهمة المسجلة في الأرصدة، وما بين الوضعيات الحسابية، وعدم توفر المجلس على المستندات والوثائق المتعلقة بالحساب العام، بالدقة اللازمة وفي الآجال المحدد. السيدة الوزيرة هذه هي المرة الثالثة التي نشير للأمر وتتحاشون الرد نريد أن نعرف من هي الجهة التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها . نسجل التضارب في الأرقام يخص منظومة الحماية الاجتماعية، للأسف بعد كل هذه السنوات وبعد المجهود الجبار الذي تم في الموضوع ، لايزال موضوع الأرقام مقلقا وسأقول بشكل واضح بأنه طبعه «بوليميتك» ولم تنجح الحكومة في تسييد أرقامها لتقول هذه هي الأرقام الحققية فيما يمس هذا المجال ، كما نسجل أن 8.5 مليون من المواطنات والمواطنين خارج دائرة الاستفادة من الحماية الصحية، إما لعدم تسجيلهم (5 ملايين) أو لوجودهم في حالة «الحقوق المغلقة» (3.5 مليون)، فيما يتحمل المغاربة بشكل مباشر أكثر من 50 في المائة من المصاريف الصحية الإجمالية؛ اقتصاد متواضع ونمو يراوح مكانه بين معدل (+) أو (-) 3.5 %، رغم كل الإمكانات المرصودة، مع العلم أنكم تسلمتم مفاتيح الحكومة والمغرب يحقق 8.2 % من النمو، فلا أنتم حافظتم على هذه النسبة، ولا أنتم وفرتم شروط تنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد (7 % على المستوى المتوسط)، ولا أنتم حققتم حتى نسبة 4% التي التزمتم بها كمعدل سنوي. وعلى الحكومات المقبلة ومعها المواطنات والمواطنون أن يؤدوا فاتورة ضعفكم؛ ارتفاع في المديونية سيقوض هوامش التمويل المستقبلية، وسيكلف الخزينة التزامات مالية متوسطة وطويلة الأجل؛ فقد تجاوزت نفقات خدمة الدين أكثر من 200 مليار سنويا، بالإضافة إلى التكلفة المتعلقة بالتمويلات المبتكرة والتي ستنطلق عملية تسديد الإيجار المرتبطة بها ب 7 مليار درهم (وفق التصريح الأخير لوالي بنك المغرب)؛ وما تشكله من ضغط على الميزانيات القادمة. استمرار حالة العجز المزدوج سواء على مستوى الميزانية أو على مستوى الميزان التجاري، فقد وصل هذا الأخير ما بين 2022 و2024 إلى قيمة تراكمية تتجاوز 900.8 مليار درهم؛ مصحوبا بأسئلة حارقة حول استفادتنا من مختلف اتفاقيات التبادل الحر والشراكات المتعددة، وضعف النسيج المقاولاتي الوطني الموجه للتصدير، ومستويات تنافسية منتوجاتنا؛ أدخلتمونا في مسار محفوف بالمخاطر من خلال الرهان على تحقيق النمو انطلاقا من النفقات العمومية، في ظل ضعف المردودية الخاصة بالاستثمار العمومي، وعدم مساهمة القطاع الخاص بشكل كاف؛ فأصبح المجهود العمومي من الاستثمار في عهدكم غير ذي أثر اجتماعي ملموس ومرادفا لارتفاع البطالة وضعف النمو. وعلى الحكومات اللاحقة أن تتحمل الخطورة المستقبلية المرتبطة بمنظومة التحفيزات التي جاء بها الميثاق الجديد للاستثمار، بالإضافة إلى فشلكم في تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات وخلق 500 ألف منصب شغل ما بين 2022 و2026، الذي بقي رقما بعيد المنال؛ ارتفاع مهول للبطالة في عهدكم خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حيث انتقل معدلها السنوي من 11.8 % سنة 2022 إلى 13.3 % سنة 2024 (ولا مجال هنا للالتفاف على الأرقام من خلال مقارنات فصلية). وفي انتظار النتائج النهائية لسنة 2025، نذكركم أن التغيير الصافي في الشغل خلال 3 سنوات الأولى يظل سلبيا ب : ناقص (99-) ألف منصب؛ الحقيقة المرة أنكم ستتركون لِخلَفكم مخزونا من العاطلين عن العمل يتجاوز 1 مليون و630 ألف عاطل، وارتفاع معدل البطالة في الفئة العمرية ما بيم 15 و24 سنة إلى 37.7 % ويصل هذا المعدل إلى 48 % في الوسط الحضري، وتراجع معدل النشاط الاقتصادي للنساء إلى 19.1 %، كما أن 6 من أصل 10 من الباحثين عن الشغل يواجهون صعوبات عديدة في الولوج إلى سوق الشغل؛ تكريس للهشاشة وإجهاز على القدرة الشرائية، في ظل ارتفاع الأسعار للمواد الأساسية، وضعف الحماية الاجتماعية واستمرار وجود فوارق كبيرة على المستوى الجهوي والإقليمي والجماعي؛ ذلك أن 2.5 مليون مغربي (ة) في تِعداد الفقراء، منهم حوالي %72 في الوسط القروي، وما يقارب ثلاثة ملايين شخص لا يزالون في وضعية الهشاشة، مع احتمال حقيقي لإمكانية انزلاق الأسر القروية منهم إلى دائرة الفقر. هو الفشل الذريع في الوفاء بالتزامكم الحكومي القاضي بإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة. تبديد زمن الإصلاحات الهيكلية الكبرى: 5 سنوات من تعطيل النموذج التنموي الجديد. 5 سنوات ضاعت من عمر إصلاح التقاعد، ومن عمر إصلاح المقاصة، ومن عمر إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية. 5 سنوات من تجميد القوانين الإطار للاستثمار والتعليم والصحة. 5 سنوات ضائعة للحد من الفوارق الاجتماعية والتقليص من التفاوتات المجالية لا أدل على ذلك خطاب جلالة الملك الذي تحدث عن المناطق الجبلية والواحات التي عانت الويلات مع هذه الحكومة. تعطيل الزمن الحقوقي المغربي في كل تجلياته، وتأخير إضافي في تكريس روح الوثيقة الدستورية، وتنكر تام لما جاء في برنامجكم الحكومي من التزام بتحيين الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. هذه الوثيقة لن تنجز عليها الحكومة ولو سطرا واحدا . مع كامل الأسف، هذا هو «الإنجاز» و»الإرث» الذي تحقق في خمس سنوات من عهدكم، والذي لم يحققه المغرب في خمسين سنة قبلكم. حضرات السيدات والسادة، إننا في الفريق الاشتراكي، وانطلاقا من هوية حزبنا الديموقراطية الاجتماعية، سنظل معارضة اتحادية تسمي الأشياء بمسمياتها: بعيدا عن الشعبوىة وبعيدا عن الشخصنة، ورغم كل الشعارات التي رفعتموها، بقيت التزاماتكم وإجراءاتكم بدون بوصلة، وبدون أثر. في عهدكم، أصبح مناخ المال والأعمال في وضعية انتظارية وتردد قاتل في ظل استفادة قلة قليلة من رؤوس الأموال من كل الهوامش والفرص التي يتيحها الاقتصاد الوطني. في عهدكم، تضاربت الأرقام، وتمددت شبهات تضارب المصالح، وتعطل المصعد الاجتماعي الذي يحفظ التوازن بين الفئات الاجتماعية. لذلك، لم يتبق لنا سوى الدعاء: الله أسأل أن يعين بلدنا على هذا الإرث الثقيل الذي ستخلفونه من بعدكم. والله نسأل أن يغفر لحكومة الكفاءات ما اقترفته من ذنوب في حق المغاربة.