تشهد موريتانيا سجالا متصاعدا بعد نشر وثائق تتعلق بصفقة مع شركة مغربية وأخرى سنغالية لتوريد معدات طبية لصالح وزارة الصحة، ما أثار نقاشا حول طريقة الإبرام ودور الجيش في العملية، ومدى احترام مقتضيات قانون الصفقات العمومية. وبحسب المعطيات المنشورة، تنازلت وزارة الصحة عن الصفقة للجيش، الذي تولّى إسنادها أولا لشركة سنغالية، قبل أن يسحبها لاحقا ويحولها إلى شركة مغربية، وذلك من خلال مسطرة التراضي التي يمنع القانون استخدامها في الصفقات العمومية إلا في حالات محددة، مثل الكوارث الطبيعية أو الضرورات الأمنية، وهو ما لا ينطبق على هذه العملية.
وتوضح الوثائق أن الصفقة عرفت سلسلة من التعثرات، إذ لم تصل أي معدات طبية إلى المستشفيات رغم مرور أشهر على توقيع العقود.
وحسب المعطيات المتوفرة فإن الجيش الموريتاني دفع نحو 80 بالمائة من قيمة الصفقة الأصلية للشركة السنغالية قبل أن يطالب باسترجاع المبلغ بعد أسبوع بدعوى "خطأ في العملة"، من دون اتخاذ أي عقوبات أو تفعيل الضمان المالي، وهو ما أثار أسئلة مراقبين حول طريقة إدارة الملف.
ووقعت قيادة أركان الجيش عقدا مع شركة Fortunes Capital السنغالية بقيمة 5.19 مليون يورو في دجنبر 2024، قبل إضافة ملحق في أبريل 2025 رفع قيمة العقد إلى 8.18 مليون يورو، دون تفسير رسمي للزيادة الكبيرة في التكلفة.
وفي مرحلة لاحقة، دخلت شركة مغربية، هي T2S، على خط الصفقة بعد مفاوضات جديدة مع مسؤولين موريتانيين، غير أن العقد الجديد نص على الدفع الكامل مقدما خلافا للصفقة الأولى التي كانت مقسمة إلى دفعتين، كما تضمن توريد أجهزة صينية بدلا من الأجهزة الأوروبية التي نص عليها العقد الأصلي.
وأثار هذا المسار المتقلب سلسلة من التساؤلات في الساحة الموريتانية، حول مبرر إسناد عملية شراء معدات طبية مدنية إلى الجيش؟ وأسباب الفارق الكبير بين الصفقتين الأولى والثانية؟ وسبب تأخر الدفعة الأولى للشركة السنغالية لأشهر؟
وتعد T2S (Techniques Science Santé) واحدة من أبرز الشركات المغربية العاملة في مجال التجهيزات الطبية والمختبرية، وقد تأسست قبل نحو عقدين، وراكمت حضورا واسعا داخل السوق المغربي وشمال إفريقيا، حيث تعمل على توريد وتركيب وصيانة المعدات الطبية وأجهزة التحليل المخبرى، إضافة إلى تقديم حلول رقمية خاصة بإدارة المختبرات، كما توسعت خلال السنوات الأخيرة بعد دخول صندوق الاستثمار الإفريقي Helios Investment Partners كشريك رئيسي فيها، ما منحها قدرة أكبر على التوسع خارج المغرب وتعزيز نشاطها في غرب إفريقيا.