مسعد بولس يلتقي دي ميستورا في واشنطن ويؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو "الحل الوحيد"    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    الجيش الإسرائيلي يستهدف أبراج غزة    الركراكي يشيد بحكيمي .. يستحق الكرة الذهبية الإفريقية والعالمية    الزلزولي يتدرب منفردا مع ريال بيتيس    سبتة المحتلة .. البحر يلفظ جثتين لطفلين مغربيين والمأساة تكشف أزمة الهجرة القاتلة    فلترقد مطمئنا "أبو الحرائر والأحرار"!    نقد مقال الريسوني    المنتخب المغربي يتأهل إلى "المونديال" للمرة السابعة في تاريخه    الذهب يحطم سقف 3600 دولار للأوقية لأول مرة في تاريخه    في لقاء مع دي ميستورا .. مستشار ترامب يجدد دعم الحكم الذاتي بالصحراء    المغرب أول منتخب إفريقي يحجز بطاقة التأهل لمونديال 2026    ترامب يغير تسمية وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"    حموشي يتفقد ترتيبات الأمن بملعب مولاي عبد الله قبل مواجهة المغرب والنيجر    ذي ايكونوميست: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    مجعيط: الناظور يتصدر الاستثمار بجهة الشرق ولعامل الإقليم دور مهم في ذلك    العقوبات البديلة تسجل 80 قرارا قضائيا    المغرب... إحداث 56.611 مقاولة إلى متم يونيو 2025    ماذا كان وراء زيارة حموشي لملعب الأمير مولاي عبد الله؟    امرأة في حالة تشرد تعتدي على سيدة بالماء الحارق في الشارع العام    هذه تشكيلة الأسود أمام منتخب النيجر    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    تقرير أمريكي يكشف كيف تورطت شخصيات يسارية غربية في دعم أجندة إيران التخريبية عبر البوليساريو؟    اتحاد يعقوب المنصور في أول موسم    بحرية سبتة تنتشل جثتين لقاصرين حاولا الوصول إلى المدينة سباحة    وزير الأوقاف: الذكاء الاصطناعي يجمع على إيجابية خطط تسديد التبليغ    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    بوتين يرفض لقاء زيلينسكي بالخارج    خط بحري جديد يربط المغرب ببريطانيا وشمال أوروبا يعزز صادرات الفواكه والخضر ويختصر زمن الشحن    المحكمة الابتدائية بالحسيمة تدين مروج كوكايين بعقوبات مالية وسجنية ثقيلة    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    ميسي يقود الأرجنتين لاكتساح فنزويلا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس        رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    "زرع الأعضاء المطيلة للعمر والخلود"… موضوع محادثة بين شي وبوتين        شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    غاستون باشلار: لهيب شمعة    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوضوح والهوية والإزعاج
نشر في البوصلة يوم 11 - 07 - 2009

مما لا شك فيه أن المعنى الواضح صفة متوفرة في اللغات كلها. فلا أسبقية للغة على أخرى في هذا المقصد وإذا ما نحن استثنينا لغة الأدب يكاد أي نص لا يبلغ مرماه دون لغة تنشد الوضوح..
وبموجب هذا المنطق وصيرورته الإيديولوجية والعلمية تتحقق الفرادة اللغوية فيصبح للغة ذلك الإنتشار الواسع والمهيمن، كما هو الشأن في اللغة الانجليزية التي غدت اليوم أقوى اللغات إنتاجا وهيمنة على أدوات الحياة الجديدة.
إن منطق الفرادة اللغوية هذا ليس مثيرا للعجب، ولقد نعلم كل عمليات البتر والتبديل التي أجرتها وأجرأتها مؤسسات البحث اللغوي والألسني ولا زالت تخصص للغة ميزانياتها ويصرف من أجل حيويتها..
لاشك والحال هذا أن اللغة الانجليزية أو الفرنسية قد حكمت موتا على بعض الكلمات. والاستغناء عنها مقابل استقبال مفردات جديدة أضحت جزءا من المشهد الإعلامي والسياسي والاجتماعي.
مرة قال اللساني عبد القادر الفاسي الفهري أنه لكي نطور لغتنا العربية علينا بتطوير اللهجات.. وقد لا يكون هناك نموذج في الأصل، فليست ثمة لغة أكثر وأقل منطقية من لغة أخرى.. وما الفرادة التي حققتها لغات الآخرين سوى حاصل اشتغال أكاديمي دام سنوات عديدة.. فانعكس على الناس والمؤسسات الإعلامية ومجالات الخلق والإبداع..
إننا في مشهدنا الإعلامي نفتخر باستمرار بلهجة المغاربة وأي لهجة.. المركز أم الشمال أو لغة ثخوم البلاد وهوامشها. إننا في الصحافة والتلفزيون والإذاعة على حد سواء نقاتل كل يوم بسخافة دفاعا عن "الدارجة المغربية" لكأن الوقائع الموحية بانهيار المواطنة يمكن تفاديها من خلال تفجير حب ولهاني بدارجة لازالت حتى الآن لا تؤدي وظيفتها حتى في أبسط تعريف لساني، اللغة أداة للتواصل، فما بالك لو ألزمناها قدرات إبداعية وإنتاجية بالقوة.
هل نقول أن ثمة مرض إعلامي إسمه الدارجة المغربية؟!..
وهل هناك معادلة حقيقية جادة بين اللغة والهوية والتنمية؟...
إننا في التلفزيون نعطي باحترام وسخرية في آن لهجة البوادي ونجبر ممثلينا في الإنتاجات الدرامية مخارج أصوات "فونيمات" معوجة وثقيلة، لا يتذوقها سوى مخرجها. ويتذوق ماذا؟!. ليس الخلل في اللهجة بل في الإلحاح على إنتاجات مشكوك فيها.
ولقد نرى فريقا آخر ارتأى أن يصنع من الدارجة عناوين من ذهب... على صفحات الصحف والمجلات.. إن كل اتجاه يأخذ بقعته وينتشر فيها بوصفه ملاكا. ونستطيع أن نستنتج كل مرة أن هذه النرجسية "اللهجوية" هي بشكل أو بآخر مشترك ثقافي، فإذا تعلق الأمر بالهوية والمواطنة فنحن نتساوى دائما في حب لهجتنا باعتبارها ذلك الخزان الثقافي كدليل انتماء. أما إذا تعلق الأمر بنرجسة الدفاع عن اللهجة كونها لغة الآخر وليس الذات، لغة المستهدف المتلقي.. فلا عجب من أن نحس ببسمة المكابدة، الإستعمالية... والتي للأسف في غياب البتر والتفجير والتنظيف الملقى على عاتق الأكاديميات. تبقى لهجة من اجل الاستهلاك التافه والمنحط لقيمة اللغة. في حين كان على الإعلام أن يبادر بالتشجيع على استهلاك لهجة في نقاءها وتقديمها كتمارين نصية تغني القارئ وتدربه بدل أن تفقره وتجعله متلقي ساذج..
وسيبدو هذا الكلام جارحا، إذا ما اكتفى إعلامنا بسطحية الارتباط الجاف باللهجة، فيكون بهذا يسدد كل يوم ضربة لموت اللغة لا ولادتها بدعوى أن ما يفعله هؤلاء يعتبر وضوحا.
يقول الجغرافي بارون "إن اللغة في قبائل "البابو" الفقيرة، ولكل قبيلة لغتها ومفرداتها التي تميل إلى الفقر من غير توقف، لأن القوم يحذفون بعد كل وفاة بعض الكلمات دلالة على الحداد" ويقول "رولان بارت" في معرض تعليقه على كلام بارون "إننا نعطر باحترام لغة الكتاب الميتين، ونرفض الكلمات والمعاني الجديدة التي تهل علينا من عالم الأفكار فإشارة الحداد هنا تسدد ضربة للولادة لا للموت".
□□□
- إننا في اللهجة نقول المعاني ببساطة ذلك أن اللهجة أقرب إلى المكون النفسي الكامن في اللغة. اللهجة أيضا أكثر تعبيرا عن الأحاسيس والانكشافات وهي أيضا أقوى في الإقناع كما في الغضب كذلك.
- إننا نحس بسعادة الوضوح في اللهجة، بالفونطازم الإقناعي حين نعبر بالتهام.
- في الأغاني الشعبية ما يشبه دليل مواطنة، إنها بالأحرى الإحساس الغريزي بالمواطنة.
- إن للإعلام واجبا تجاه اللغة التي هي حقيقته، لا تجاه الخبر الصحفي أو النقد السياسي.. وعليه فإن اللهجة ليست وسيلة للشهرة والانتشار كما نوحي في إعلامنا بسوء نية.
- اللهجة خطاب تخييلي سنحتاجه ذات يوم في مقاربة ما يحصل الآن والذي سيصير مستقبلا ذاكرة. واللهجة داخل مشهدنا الإعلامي الراهن سبب إزعاج للهوية والمواطنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.