ببرمجة متنوعة تجمع بين العروض الثقافية والحرفية والمسابقات، يواصل مهرجان الشيخ زايد، المقام في منطقة "الوثبة" بأبوظبي، جذب الزوار من المواطنين والمقيمين و السياح من مختلف بقاع العالم، حاضنا، ومرحبا بالجميع تحت شعار "الامارات ملتقى الحضارات". المهرجان، الذي انطلق في 18 نونبر الماضي، و تتواصل فعالياته الى غاية 18 مارس القادم، يأخذ زواره في رحلة عبر الزمن والمكان، ليضعهم في صلب الموروث الفكري والثقافي والحضاري للإمارات، كاشفا عما تختزله الدولة من كنوز القيم الأصيلة والتقاليد المتوارثة الضاربة جذورها في التاريخ التليد لدولة الامارات العربية المتحدة، وذلك من خلال أروقة وأجنحة متنوعة، وأنشطة تزيد عن 4 آلاف فعالية، وحوالي 750 عرضاً جماهيرياً. الزائر للمهرجان سينبهر منذ الوهلة الأولى بتنوع أروقته وأجنحته التي تبلي كل الأذواق، وتأسر النفس داخل فضاء صفت أجنحته بعناية فائقة، حيث تأخذ "القرية التراثية"، التي تتوسط موقع المهرجان، الزائر في رحلة بين مفردات التراث الإماراتي، للتعريف بها، إذ تمثل معرضاً فنياً فريداً من نوعه وتستعرض حكاية الإمارات عبر بيئات متنوعة تشمل البيئات البرية والجبلية والبحرية والزراعية. تضم "القرية التراثية" مجموعة من المحال التي يختص كل منها بعرض واحدة من الحرف اليدوية التي تجسّد عبق التاريخ والتراث العريق للدولة، مثل صناعة الفخار وسعف النخيل والتلي والسدو والخياطة ورسم الحناء وغيرها من الحِرف، كما تعرض المحال المنتجات التقليدية التراثية القديمة. داخل هذه القرية، يتم تنظيم العديد من الفعاليات التي تجسد جوانب من العادات والتقاليد التي طالما تميز بها مجتمع الإمارات، من أبرزها العرس الجماعي الذي ضم 51 شاباً إماراتياً، بتنظيم من وزارة تنمية المجتمع وبدعم من مصرف أبوظبي الإسلامي، بهدف إحياء نهج الآباء والأجداد والقيم والتقاليد المتوارثة في مجتمع دولة الإمارات، كما يمكن للزائر للقرية التراثية الاستمتاع بعدد من المسابقات التراثية المستمدة من حرف الماضي، وكذلك الألعاب الشعبية التي اعتاد الأطفال والكبار ممارستها قديما والتي تشكل كنزا من كنوز الثقافة الشعبية الإماراتية على مر الزمن. ولهواة وعشاق التراث الاماراتي التليذ، وللراغبين في اكتشافه لأول مرة، يوفر جناح دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، لزواره فرصة الاطلاع على جوانب عدة من تراث الإمارات، إذ يركز على إبراز عناصر الأصالة التي اعتمدتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية، مثل: فن العيالة والصقارة وفن العازي والنخلة والقهوة العربية والسدو وسباقات الهجن والتغرودة وفن الرزفة، إلى جانب الخط العربي، إذ يتولى القائمون على الجناح تعريف الزوار من الكبار والصغار على كل عنصر من هذه العناصر، كما يستضيف الجناح فرق فنون شعبية تؤدي عشرات العروض الحية من العيالة والحربية والربابة والشلات طوال فترة المهرجان. الحرف التقليدية اليدوية لها نصيب، أيضا داخل مهرجان الشيخ زايد، حيث تمنح ورش العمل المنتشرة هناك للزوار، كذلك فرصة الاطلاع عن قرب، على الحرف اليدوية التقليدية، وربط الأجيال الجديدة بتراثهم وتكريسه في نفوسهم وتشجيعهم على ممارسته. ويبقى الهدف من وراء كل هذا الزخم الثقافي والتراثي، الذي يوفره مهرجان الشيخ زايد طيلة 120 يوما، هو تقديم رسالة المهرجان الرئيسة المتمثلة في الحفاظ على التراث الوطني، وتأكيد عمق الحضارة الإماراتية، ونقلها للأجيال المقبلة، دون نسيان دوره كذلك في تعزيز مكانة أبوظبي وجهة سياحية وثقافية رائدة عربيا وعالميا.