بعد الانتصار المبهر الذي حققوه في مواجهة المنتخب البرازيلي على ملعب ابن بطوطة، يدخل أسود الأطلس اليوم غمار اختبار جديد لتأكيد النجاحات التي حققوها في كأس العالم 2022 بقطر، ووضع بصمة تاريخية عن منتخب لا يقهر، يستعد لترسيخ مقولة الفوز ولا شيء غير الفوز. فالانتصار الذي حصده أبناء وليد الركراكي أمام سحرة السامبا مساء السبت الماضي أكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنتخب الوطني بريء من المصادفات والحظ وأن ما أنجزه خلال المونديال ببلوغه نصف النهائي كان نتيجة عمل واجتهاد وعرق، تضافرت فيه جهود اللاعبين والمدرب والجامعة الملكية لكرة القدم والجماهير الغفيرة التي تساند الأسود أينما حلّوا أو ارتحلوا. وفي مواجهة منتخب بيرو القوي هذا المساء، سيسعى الناخب الوطني وليد الركراكي من جهة إلى تأكيد نهجه التكتيكي الراسخ، القائم على الالتزام وروح الجماعة والاندفاع من جهة، وعلى تحرير اللاعبين والثقة في قدراتهم الفردية من جهة أخرى. منتخب بيرو يجر وراءه تاريخا طويلا من العطاءات، وله خبرة واسعة في مقارعة كبار أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين والأوروغواي، ويمتلك مجموعة تمزج بين خبرة الكبار وحماس الشباب. لكن المنتخب الوطني يمتلك الكثير من أوراق التفوق على هذا المنتخب أولها العامل النفسي الذي يبدو لصالح أسود الأطلس، بالنظر إلى أنهم تفوقوا قبل أيام قليلة على قاهر المنتخبات اللاتينية: البرازيل، بالإضافة إلى نفَس المونديال الذي لا يزال حاضرا في تحفيز اللاعبين. وإضافة إلى المعطى النفسي، سيستند أسود الأطلس خلال هذه المباراة أيضا إلى الدعم الجماهيري الكبير المتوقع، الذي سيستفيد من حجم الجالية المغربية المؤثر في إسبانيا، وهو الحضور الذي سيكون حاسما أيضا على المستوى النفسي بالنسبة للاعبين، المتعطشين لملاقاة الجماهير المغربية وشعاراتها المحفزة وعلى رأسها التشجيع الخالد "سير سير سير". ومن المرتقب أن يشهد الملعب توافدا كاسحا للجمهور المغربي، الذي سبق له أن استضاف المنتخب الوطني على الأراضي الإسبانية في مناسبات عديدة وأبان عن دعم منقطع النظير. ومن الناحية التقنية من المرتقب أن تشهد مباراة بيرو تجريب بعض اللاعبين الشباب الذين التحقوا لأول مرة بالمنتخب الوطني، إذ تمثل هذه المباراة فرصة حقيقية لاختبار مدى جاهزيتهم وقدرتهم على التأقلم والانسجام مع رفاقهم. وفي هذه الليلة الرمضانية الواعدة يُتوقع أن يثير أداء المنتخب انتباه وإعجاب المراقبين الكرويين عبر العالم، خصوصا بعد النتيجة التاريخية المسجلة ضد البرازيل. هذا زيادة على أن المنتخب الوطني يلعب هذه المباراة متحررا من أي ضغوط بعد أن ضمن التأهيل إلى كأس إفريقيا المقبلة قبل أن يلعب أي مباراة. لكن الأهم من هذا وذاك، هو أن المنتخب الوطني وعلى غرار البلاد كلها، دخل نادي الكبار بشكل رسمي. لم يعد منتخبنا الوطني، مع كل التواضع اللازم، مستعدا لإضاعة الوقت في مقارعة المنتخبات الصغيرة التي كانت في الماضي تشكل عقدة بالنسبة للكثير من الناخبين الذين تعاقبوا على تدريب أسود الأطلس. مع وليد الركراكي أصبح الطموح أكبر مما يمكن تصوره، وأصبحت أحلام هذا المنتخب تفوق بكثير حدود المشاركة المشرفة أو التأهيل للدور الثاني أو حتى بلوغ المربع الذهبي. إن المنتخب الوطني يستعد بشكل رسمي إلى مشاركته في كأس إفريقيا المرتقبة في كوت ديفوار من أجل الظفر باللقب الإفريقي الذي غاب عن خزانتنا الوطنية منذ سنة 1970 تاريخ آخر مسابقة إفريقية يفوز بها أسود الأطلس. مقارعة المنتخبات الكبرى كالبرازيل وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وكرواتيا وغيرها، ستمثل ابتداء من هذه المرحلة هدفا استراتيجيا للجامعة الملكية لكرة القدم التي تدرك أن هذه المرحلة التي تعيشها النخبة الوطنية لاعبين ومدربا وجمهورا تمثل لحظة تاريخية مميزة لا يمكن إفلاتها دون استخلاص الكثير من المكاسب الرياضية والإشعاعية والتقنية منها.