دعا محمد صباري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، إلى اعتماد مقاربة دولية أكثر عدالة وتضامنًا لمواجهة التحديات الاقتصادية، والتجارية، والطاقية التي يعيشها العالم اليوم، مؤكدًا أن هذه التحولات المعقدة تستوجب استجابة جماعية من مختلف الفاعلين، سواء على المستوى السياسي أو البرلماني أو الاقتصادي. جاء ذلك في كلمة ألقاها صباري، نيابة عن رئيس مجلس النواب السيد راشيد الطالبي العلمي، خلال افتتاح الدورة الثالثة لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي لمنطقة الأورومتوسط والخليج، الذي انعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يومي 23 و24 ماي الجاري، بشراكة بين مجلس المستشارين والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، تحت شعار: "تحديات اقتصادية وتجارية وطاقية غير مسبوقة – استجابة البرلمانات الإقليمية والقطاع الخاص." وفي كلمته، نوه صباري بدعوة نخبة من صناع القرار وممثلي البرلمانات والمنظمات الإقليمية والدولية، للتداول في قضايا عالمية ملحة تهم العولمة، والانتقال الطاقي، والعدالة المناخية، والتكنولوجيا، والأمن الغذائي. وأشار إلى أن هذه القضايا لم تعد محصورة في بعدها الاقتصادي، بل باتت تتقاطع مع رهانات السيادة والاستقرار والعدالة الاجتماعية والرقمية. وانتقد صباري اختلالات النظام التجاري الدولي، الذي وصفه بغير المتوازن، في ظل تصاعد النزعات القطرية والأنانيات الوطنية التي تُفرغ مفاهيم التبادل الحر من جوهرها. وذكّر بأن مدينة مراكش نفسها كانت قد احتضنت سنة 1994 التوقيع على الاتفاقيات النهائية لمنظمة التجارة العالمية (الغات)، معربًا عن القلق إزاء المسار الذي سلكته العولمة منذ ذلك الحين، والذي أنتج تفاوتات صارخة وتوترات متزايدة. وبخصوص التحديات البيئية والتحول نحو الطاقة المتجددة، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب أن العدالة المناخية يجب أن تكون محور السياسات الدولية، مشيرًا إلى أن شعوب الجنوب، ولا سيما في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والبلدان الجُزرية، هي من تدفع ثمن تغير المناخ رغم أنها الأقل تسببًا فيه. وشدد على أن الانتقال الطاقي لا يمكن أن يتحقق دون تعبئة حقيقية للتمويلات وتسهيل نقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية. كما تطرق صباري إلى معضلة الأمن الغذائي، التي لا تزال تؤرق مناطق عديدة من العالم، في وقت تعرف فيه دول أخرى فائضًا في الأغذية يتم التخلص منه بمليارات الدولارات. ولم يُغفل كذلك الفجوة الرقمية التي تتعمق في ظل الثورة الصناعية الرابعة، والتي تهدد بإقصاء البلدان الفقيرة من منافع الرقمنة والذكاء الاصطناعي. في ختام كلمته، دعا صباري البرلمانيين إلى إعادة طرح ثلاث أسئلة مركزية: 1. إلى أي مدى يلتزم المجتمع الدولي بالتضامن ونقل التكنولوجيا لتحقيق انتقال طاقي منصف؟ 2. هل ما زالت هناك إرادة جماعية لضمان الاستقرار العالمي، واحترام سيادة الدول؟ 3. وكيف يمكن توجيه الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية دون تعميق الفجوات داخل البلدان وفيما بينها؟ وفي نهاية مداخلته، شدد صباري على ضرورة توجيه الاهتمام نحو القارة الإفريقية، التي وصفها بأنها "قارة القرن 21″، لما تزخر به من إمكانيات وموارد طبيعية وبشرية. وأبرز أن المبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس لفائدة القارة تُعد نموذجًا متفردًا للتعاون جنوب-جنوب، قادرة على جعل إفريقيا قطبًا اقتصاديًا واستثماريًا عالميًا.