بوروندي تجدد دعمها الراسخ لمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كامل أراضيها    الخزينة العامة للمملكة تكشف المداخيل الجمركية    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    "حماس" تسلم الرهينة الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر للصليب الأحمر في غزة    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. نيجيريا تتأهل إلى نصف النهائي بفوزها بضربات الترجيح على السنغال (3-1)    15 فيلما مطولا تتنافس في الدورة 25 لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية    سلطات دار أقوباع تمنع تجار الفخار من احتلال الملك العمومي    فرنسا تتوعد برد حازم على الجزائر بعد طرد مزيد من المسؤولين    أكادير تحتضن انطلاق مناورات الأسد الإفريقي 2025 بمشاركة دولية واسعة    بابا ليو الرابع عشر يطالب بإنهاء العنف في غزة وإيجاد تسوية سلمية في أوكرانيا    أحزاب المعارضة بالبرلمان تقترب من إسقاط حكومة أخنوش وهذا مضمون الملتمس    حكيمي أفضل لاعب إفريقي في فرنسا    أنشيلوتي مدربا للبرازيل حتى مونديال 2026    طائرة طبية تنقل مولوداً مصاباً بكتلة في العنق.. وفرق طبية تتدخل بسرعة    مصرع شاب في حادثة سير مميتة بإقليم الدريوش    حزب الاستقلال يعقد الدورة العادية للمجلس الاقليمي بالعرائش    الفنان سعيد الشرادي يحيي حفلا فنيا بمدينة مراكش    الطائر والمحار والسمكة.. عرض مسرحي صامت أبهر الصغار والكبار بالرباط برسائله العميقة وحِكَمه الصينية    الحكومة تعتزم إحداث "وكالة وطنية للأطفال المحتاجين إلى الحماية"    الداخلية ترخص ل"الجمعية" بعقد مؤتمرها الوطني في بوزنيقة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    تامسنا.. انطلاق فعاليات المؤتمر الدوري السابع لجمعية إدارات السجون بإفريقيا (صور)    مبيعات الإسمنت تجاوزت 4.52 مليون طن عند نهاية أبريل الماضي    انعقاد عاجل للمجلس الوزاري يُغيّب أخنوش عن جلسة المساءلة في البرلمان    توتر وطني في قطاع المقاهي بسبب الرسوم.. هل تصل شرارته إلى الناظور؟    القضاء يمنع مصطفى لخصم من مغادرة التراب الوطني بعد متابعته بتهمة تبديد المال العام    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    نيسان تعلن تسريح 20 ألف موظف عالميا لمواجهة أزمتها المالية    الاستثمارات الصينية في المغرب تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    إحباط عملية تهريب كبيرة لمخدر الشيرا بأكادير    شركة الدار البيضاء للخدمات تنفي توقف المجازر في عيد الأضحى    حريق مهول يلتهم قيسارية عريقة في بني ملال وخسائر مادية جسيمة دون إصابات    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    بنهاشم ينهي مهمته كمدرب مؤقت للوداد ويعود إلى الإدارة الرياضية    أشرف حكيمي يتوج بجائزة "فيفيان فوي" كأفضل لاعب أفريقي في "الليغ 1"    الرجاء يحتفي بأطفال مدينة الداخلة    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    النفط يرتفع أكثر من 3% متأثرا بالتفاهم التجاري بين أمريكا والصين    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروفايل.. أحمد الصعري.. ذاكرة المسرح والمسرحيين الذي مات وفي حلقه غصة
نشر في الدار يوم 22 - 09 - 2019

مرة أخرى، يُفجع المسرح المغربي في واحد من أعمدته الأساسية، ويفقد بوصلته التي كان يلجأ إليها الفنانون حينما تتيه بهم السبل، أو عندما يحتاجون إلى معلومة عن المسرح أو رقم هاتف للمسارح والمسرحيين.
اليوم، تشاء الصدفة أن تسقط ورقة أخرى، في أول أيام الخريف، من شجرة أب الفنون، إذ عن عمر يناهز 80 سنة، وبعد معاناة مع مرض ألزمه الفراش لما يزيد عن ثلاث سنوات، يغادر الفنان القدير أحمد الصعري، قبيلة المسرحيين، في صمت الكبار، بعد أن وافته المنية، اليوم الأحد 22 شتنبر 2019، بمنزله الكائن بحي ليهودي في درب السلطان بالدارالبيضاء.
وبرحيل الصعري، يكون المغرب قد فقد ذاكرته المسرحية، التي اختزنت ماضيا يمتد من مرحلة التأسيس في أربعينيات القرن الماضي لمسرح فتي، فطري بالدرجة الأولى، إلى اليوم الذي أصبح فيه المسرح مدارس واتجاهات. خاصة وأن الصعري، خبر المسرح من مشتله، أو بالأحرى من بيئته، التي غذته بأسماء لها وزنها في الساحة المسرحية الحالية.
هو ابن درب السلطان، الذي يختزن بدوره تاريخا حافلا للمقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي. ففي هذا الدرب، وتحديدا بدرب اليهودي، رأى الصعري النور مع انطلاق البوادر الأولى للحرب العالمية الثانية.. ترعرع فيه، ومارس شغب الطفولة في الأزقة المحاذية ل"الريجي طابا"، وحفظ في كتُابه القرآن، قبل أن يدشن تعليمه الابتدائي ب"المدرسة العالمية" في الحي نفسه، والتي بالمناسبة درَّس فيها كبار المناضلين والسياسيين بالمغرب، أمثال علال الفاسي وعبد الله إبراهيم وعبد الهادي بوطالب…
كما درَس الصعري في مدرسة "مولاي الحسن"، التي حملت هذا الإسم بعد زيارة لها من قبل الحسن الثاني أيام كان وليا للعهد، وشاءت الصدفة أن يزورها، ويستمتع بسكيتشات تلامذتها وضمنهم الصعري. ولأنها أعجبت ولي العهد، طلب من المسؤولين أن يغيروا اسمها من مدرسة "المسلمين" إلى مدرسة "مولاي الحسن"، هذه المدرسة، درس بها فنانون كبارا أمثال المخرج السينمائي مصطفى الدرقاوي والمسرحي الكبير الطيب الصديقي…
في هذا الدرب، الذي تخرج منه كبار الفنانين، أمثال ثريا جبران والحاجة الحمداوية وعبد العظيم الشناوي وسعاد صابر وعبد القادر مطاع والثنائي مصطفى الداسوكين ومصطفى الزعري ومحمد بن إبراهيم والأخوان عبد القادر وعبد الرزاق البدوي والشعيبية العدراوي ونعيمة سميح (…)، أخذ الصعري يتلمس خطواته الأولى في عالم التمثيل، من خلال عشقه للسينما.. ففي درب السلطان والأحياء المجاورة، كانت دور السينما الملاذ الوحيد للترفيه عن البيضاويين.. فمن سينما موريتانيا والملكية وأطلس والكواكب والبيضاء وقاعات أخرى، أخذ الصعري ينفتح على العالم، أو الأحرى على تجارب هؤلاء الفنانين، خاصة عمالقة الدراما والكوميديا المصرية، الذين خطفوا ألباب الشباب وقتذاك.
في هذه المرحلة (المراهقة) شكل أحمد الصعري ثنائيا مع محمد لحريشي، قبل أن يلتقي بزوج الفنانة نعيمة المشرقي، عبد الرحمان بلخياط، في درب السلطان أيضا، حيث أسسا فرقة لإعداد الحفلات.
وخلال هذه المرحلة، ظل الصعري يبحث عن ذاته، ويسعى إلى تطوير مهاراته في فن التمثيل، فقاده الحظ إلى المعهد البلدي الذي كان يديره الفرنسيون في خمسينيات القرن الماضي.. هناك، تلقى دروسا في التمثيل على يد أساتذة كبار، أبرزهم الفنان والزجال الراحل الطيب لعلج.
من المعهد البلدي، انطلق الصعري نحو تجربة أخرى لها وقع كبير على تكوين المسرحيين المغاربة. حيث التحق، إلى جانب فنانين مرموقين، بفرقة المعمورة.. وفي هذه المرحلة، كان الطيب الصديقي تخلى عن حلمه في التأسيس لمسرح عمالي بالمغرب، ليقتنص الصعري، الذي أصبح، مع مرور الوقت، يده اليمنى.
لقد خلف الراحل تاريخا كبيرا من الأعمال التي عززت الخزانة المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. إذ شارك في مئات الأعمال، وكان حظه أن شارك في أول مسلسل مغربي، في أواسط ستينيات القرن الماضي، ولعل المغاربة من جيله أو الجيل الثاني، يتذكرون شخصية ذاك النادل "فنيدة" الذي اشتهر به لعقود، وظل ملازما له إلى اليوم، لبراعته في الأداء.
وإلى جانب التمثيل، تفرغ الصعري نسبيا للعمل النقابي، حيث كان دينامو النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، بالرغم من كونه كان رئيسا لفرعها في الدارالبيضاء..
وهنا، يقول عنه أصدقاؤه إنه كان خدوما وديناميكيا ورجل إدارة بامتياز.. كل السير الذاتية للممثلين في المغرب، مصطفة في رف من رفوف ذاكرته، لذلك، ظل يلجأ إليه الفنانون والصحافيون، حين يتعذر عليهم الاتصال بمسرحي معين. وحتى إذا تعذر عليهم الاتصال بالصعري، فالكل يعرف مكانه، الذي لا يعدو أن يكون مكتبه في مقر النقابة بزنقة العرعار في الدارالبيضاء.
في سنة 2016، وأثناء تكريمه من قبل جمعية فضاء القرية للإبداع، إلى جانب الفنانة نعيمة المشرقي والإعلامي الحسين الشعبي، تحدث الصعري عن جوانب من حياته، بحلوها ومرها، وكان مستعدا وقتها أن يساهم مع الجمعية ذاتها، في توثيق الذاكرة المسرحية في الدارالبيضاء، لكن لم تمر سوى أشهر قليلة حتى ألمت به وعكة صحية، ألزمته الفراش، تطورت إلى شلل نصفي، فقد معه النطق، وأيضا فقد كثيرا من الأصدقاء الذين كان له في مسارهم المهني لمسات بيضاء.
لقد رحل الفنان القدير أحمد الصعري وفي حلقه غصة.. على المسرح والمسرحيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.