الدار البيضاء – تحدث نائب العميد المكلف بالتعاون والبحث العلمي في جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، صلاح قوبع، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأبناء، حول الأهمية التي يجب أن تعُطى للفلاحة والتنمية القروية ضمن دينامية الإنعاش الاقتصادي، كما تم الإعلان عن ذلك في الخطاب الملكي السامي، الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم الجمعة الماضي، إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة. 1- هل يمكن اعتبار الاستراتيجية الجديدة بديلة لمخطط المغرب الأخضر؟ تم إطلاق مخطط المغرب الأخضر في سنة 2008 بأهداف محددة لإنعاش الفلاحة في المغرب. وعلى غرار الاستراتيجيات القطاعية الأخرى التي تم إطلاقها، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، بغية تحقيق الإقلاع الاقتصادي للمملكة، مكن مخطط المغرب الأخضر من إحداث تغيير شامل في دينامية الفلاحة. وفي المقابل، ظهرت بعض أوجه القصور التي احتاجت إلى اتخاذ تدابير لتعديل مسارات التنمية لهذا القطاع وتحقيق أقصى استفادة من إمكاناته. ومن هذا المنطلق، تم إطلاق إستراتيجية جديدة، "الجيل الأخضر 2020-2030′′، والتي تهدف في المقام الأول إلى ترسيخ المكتسبات والتعلم والاستفادة من تجربة مخطط المغرب الأخضر. ويتعلق الأمر باستراتيجية للدعم تركز بشكل خاص على خلق أنشطة جديدة محدثة لفرص الشغل ومدرة للدخل، لاسيما لفائدة الشباب في الوسط القروي، وذلك بغية تحقيق هدف أسمى يكمن في توفير شروط بروز طبقة متوسطة فلاحية من شأنها أن تشكل، في نهاية المطاف، قاطرة للتنمية القروية في المغرب. اقرأ أيضا: تدابير استباقية بآسفي للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا 2- ما هي الفروع الجديدة لتثمين الإنتاج الفلاحي؟ جميع القطاعات الفلاحية معنية بالعمل على تحقيق النجاح. إذ يجب تعبئة الموارد بشكل ملائم، وإيجاد الوصفة الأمثل لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. وتعكس استراتيجية "الجيل الأخضر"، على غرار استراتيجية مخطط المغرب الأخضر، نقلة نوعية لكونها ترتكز على الرؤية الشاملة واتساق مكوناتها. وتوجد الفلاحة العصرية والتضامنية في صميم هذه الرؤية. وبالنسبة للقطاعات، فإن الأمر يتعلق أساسا بقطاعات غابوية، لا سيما من خلال إحداث نموذج تشاركي جديد لإشراك السكان في تدبير وتنمية الفضاءات الغابوية والنهوض بهذه المناطق وتحديثها. 3- كيف يمكن التوفيق بين تعقيدات نظام الأراضي الجماعية واحتياجات الفلاحة العصرية؟ إن التوجيهات الملكية السامية تروم النهوض بالمقاولة الفلاحية الصغيرة من خلال تعزيز روح المبادرة لدى الشباب في العالم القروي في إطار منظومة فلاحية مشجعة . وتستند هذه الإرادة الملكية القوية إلى الفرص الهائلة التي يتيحها الوسط القروي بالمغرب، وبالتالي يتعين تعبئة الموارد المتاحة، خصوصا الأراضي الجماعية التي ينبغي إخراجها من حالة الركود. صحيح أن الأمر يتعلق بمشروع معقد، نظرا لاعتبارات تاريخية ولتفاعلات وتدخلات مختلف الأطراف المعنية، لكنه يظل مشروعا واعدا من حيث الموارد. الحكومة يجب أن تشرع، وتلعب دورها في تعبئة الموارد غير المستغلة، لاسيما ملايين الهكتارات للأراضي الجماعية، وهو ما سيسمح للأسر بالعالم القروي بالولوج للملكية العقارية وهو سيكون له بالتأكيد تأثيرات لتحقيق ازدهار مشترك. وإضافة إلى هذه التعبئة للموارد، من المهم التفكير في أشكال تنظيمية جديدة للاستغلاليات الفلاحية بالمغرب تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأراضي الجماعية. 4- جلالة الملك تحدث عن الفلاحة كقطاع رئيسي للاقتصاد المغربي على ضوء الحقائق الجديدة التي فرضتها جائحة كوفيد 19. هل يعتبر هذا التأكيد اشارة للعودة للأسس التاريخية للاقتصاد المغربي كبلد فلاحي بالأساس؟ هل سيؤثر ذلك على الاسترتتيجيات الأخرى الصناعية، التي صعدت بقوة خلال العشرين سنة الأخيرة؟ اقرأ أيضا: التعاون الوطني يعلن عن فتح باب تلقي طلبات الدعم برسم السنة المالية 2020 تاريخيا، تعتبر الفلاحة قطاعا ريسيا للاقتصاد المغربي. إنه قطاع دو أولوية، لكن، هذا لايعني أنه يجب أن تأخذ الريادة مقارنة بقطاعات صاعدة كالسيارات والطيران. هذه الأخيرة تعد من المهن العالمية للمغرب، وتضع اقتصادنا على سلسلة قيم عامة. الفلاحة مستهدفة بشكل خاص في هذه الظرفية، لانعاش الاقتصاد الوطني، لأنها تؤثر بشكل مباشر على التنمية في العالم القروي، الذي يمثل 48 في المائة من مجموع الساكنة. يتعلق الأمر بقطاع لعب دور امتصاص الصدمات، لكن أيضا تأمين التزويد بالمنتوجات الغدائية خلال الأزمة الصحية. الأولوية المعطاة للفلاحة في الخطاب الملكي تمثل منطلقا لنموذج تنموي متوازن يشكل فيه العالم القروي والحضري كلا منسجما. 5- من الواضح أن صندوق محمد السادس للاستثمار لديه كل صلاحيات صندوق سيادي. كيف سيتم تدبيره؟ ماهي مجالات تدخله وكيف سيتم تقييم أدائه؟ الرؤية الملكية لانعاش الاقتصاد رؤية واضحة، ورصدت لها موارد مهمة في اطار صندوق محمد السادس للاستثمار. توجيهات جلالة الملك والموارد المرصودة تمثل خارطة طريق للخروج سريعا من الأزمة، وهو ما سيسمح للأزمة الحالية بأن تأخذ شكل "الانتصار" بالمغرب. الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك يعد نموذجا من حيث الحكامة الجيدة والتدبير والنجاعة والشفافية. سيمكن الصندوق، الذي سترصد له 15 مليار درهم، من إعطاء دفعة للمجالات الأساسية للاقتصاد الوطني : الصناعة، الابتكار ، الفلاحة، السياحة، البنى التحتية وكل الأنشطة التي تتوفر على امكانات مهمة.