أحدث المشرع المغربي مسطرة الأمر بالأداء، لأول مرة، بمقتضى ظهير 20 يناير 1951. وقد استلهم المشرع مقتضيات هذه المسطرة من المشرع الفرنسي. وفي 28 شتنبر 1974، تم إدماج المسطرة في صلب قانون المسطرة المدنية المواد من 155 إلى 165. وتتميز هذه المسطرة ببساطة إجراءاتها والسرعة في البث؛ وذلك كله من أجل تحقيق مصالح الدائنين ذوي الديون الثابتة على الغير. ولأهميتها، صدر قانون رقم 1.13 الصادر بتاريخ 6 مارس 2014 ينسخ ويعوض الفصول المتعلقة بمسطرة الأمر بالأداء، وجاء هذا التعديل لمعالجة الإشكالات المرتبطة بالمسطرة الرامية لتحصيل الديون، لما لها من آثر مباشرة على الاستثمارات الأجنبية والوطنية، حيث يعمل هذا القانون على تطوير مسطرة الأمر بالأداء، والتي تهدف إلى تحقيق السرعة في استيفاء الديون عبر تبسيط الإجراءات والتقليل من التكاليف. ويهدف أيضا إلى تحقيق التوازن القانوني بين حق الدائن في الحصول على دينه في أسرع وقت، وحق المدين في الحصول على محاكمة عادلة. إذا ثبت ما سبق، نتساءل عن ما هي أهم المستجدات التي جاء بها القانون الجديد؟ مسطرة الأمر بالأداء والجهة المختصة بالبت فيها مسطرة الأمر بالأداء الشروط الموضوعية يقضي الفصل 155 م م بأنه يمكن إجراء مسطرة الأمر بالأداء في كل طلب تأدية مبلغ 5000 درهم مستحق بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين، ومن خلال ما سبق القول إن الشروط الموضوعية لمسطرة الأمر بالأداء تتجلى في: أن يتعلق الأمر بطلب مبلغ مالي: حسب الفصل 155 م م لا نكون بصدد مسطرة الأمر بالأداء متى تقدم الطالب إلى الجهة المختصة بطلب يرمي إلى وفاء الملتزم بالتزام لا يكتسي صبغة طلب مبلغ من المال. وما كان المشرع ليشترط ذلك لولا تعدد محل الالتزام، والتي تعتبر رابطة قانونية بين شخصين أحدهما دائن والآخر مدين، يلتزم بمقتضاها المدين تجاه الدائن إما بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل، وقد يكون القيام بحق عيني أو الالتزام بإعطاء شيء، أو الوفاء بمبلغ مالي بذمة المدين وهذا النوع الأخير هو الذي يشترط لتطبيق مسطرة الأمر بالأداء. أن يتجاوز المبلغ المالي 5000 درهم: لا يكفي أن يتعلق الأمر بطلب مبلغ مالي، وإنما لا بد من تجاوز هذا المبلغ 5000 درهم وتم رفع هذا المبلغ بموجب قانون رقم 1.13 بعدما كان في السابق 1000 درهم فقط. وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص القيمي للجهة الموكول لها النظر في مسطرة الأمر بالأداء موقوف على هذا القدر المالي، غير أن هذا القدر مقتصر على أصل الدين ولا يشمل المصاريف والصوائر، أما بالنسبة للاختصاص القيمي للمحكمة التجارية فهو 20000 درهم الفصل 22 من قانون إحداث المحاكم التجارية. أن يكون المبلغ المالي المطالب به مكتوب: حسب الفصل 155 م م يجب أن يكون المبلغ المالي الذي يطالب به الدائن مكتوب وأن يكون مستحقا بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين. وبذلك يكون التعديل الجديد قد أضاف الأوراق التجارية إلا أنه، بالمقابل، اقتصر على السندات الرسمية بعدما كان في السابق ينص على مصطلح السند فقط والذي كان يحمل في معناه السندات الرسمية والعرفية، وبالتالي فإن السندات الرسمية هي أكثر حجية وضمانا لحقوق الدائنين خلافا للورقة العرفية التي لا تكون لها حجة إلا بالنسبة للتوقيع المصادق عليه دون ما جاء بمضمونها ما لم يكن المدين قد اعترف بها فتصبح بذلك ورقة رسمية، أما الاعتراف بالدين فلا يشترط فيه الكتابة لأن الاعتراف بالدين بطبيعته يكون شفويا وإن كان يجدر أن يحرر كتابة. الشروط الشكلية يقضي الفصل 156 م م بأن يتضمن المقال الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة الأطراف، وإذا تعلق الأمر بشركة وجب أن يتضمن المقال اسمها ونوعها ومركزها الاجتماعي مع تبيان للمبلغ المطلوب. ويجب أن يعزز هذا المقال بأصل السند الذي يثبت أساس الدين وصورة أو صور طبق الأصل عن عدد المدينين، ويعتبر هذا المقتضى من التعديلات المضافة بموجب قانون رقم 1.13. ويجب أن يكون المقال مكتوبا وموقعا من طرف الطالب أو وكيله. الجهة المختصة بالبت في مسطرة الأمر بالأداء من خلال الفصل 158 م م يتبين لنا أن المشرع المغربي أدخل تعديلا جوهريا عليه؛ وبذلك أصبح يختص بمسطرة الأمر بالأداء رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بعدما كان في السابق يختص لوحده. وجاء بهذا التعديل ليتناغم مع اختصاصاته في الفصول 148 و149 م م الذي ينوب عنه أقدم القضاة. ومن جهة أخرى، يعتبر اختصاصه وحده بالنظر في مقالات الأمر بالأداء مسألة صعبة التطبيق سيما إذا علمنا أن مشاغل ومسؤوليات الرئيس كثيرة ومتعددة، حيث يتعذر عليه، عمليا، أن يباشر كل المهام. وإذا ظهر للرئيس أن أحد الشروط الشكلية لم يحترم، فعليه أن يلغي الطلب لا أن يرفضه، لأن الرفض يقتصر على الشروط الموضوعية خاصة شرط ثبوت الدين وخلوه من أية منازعات. الطعن في أوامر الأداء وتنفيذها بعد أن يتخذ رئيس المحكمة الابتدائية قراره بقبول الأمر بالأداء، يبلغ هذا الأخير إلى المدعي عليه، فيؤدي ما عليه. ويكون الأمر بالأداء قابلا التنفيذ بمجرد صدوره، وهذا المقتضى جاء من خلال التعديل الجديد الذي جعل مسطرة الأمر بالأداء مشمولة بالنفاذ المعجل وهو مقتضى مهم جدا لتسريع المسطرة. ويجب أن تتضمن وثيقة التبليغ الأمر بالأداء تحت طائلة البطلان مع إعذار المحكوم عليه بأن يؤدي إلى الدائن مبلغ الدين والمصاريف المحددة في الأمر والفوائد عند الاقتضاء، أو أن يتعرض على الأمر داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، وفي حالة عدم تقديم ذلك يسقط حقه في ممارسة أي طعن. وبمقتضى التعديل الجديد تم إلغاء مرحلة الطعن بالاستئناف وتعويضه بالطعن بالتعرض قانون رقم 1.13، وبذلك فإن الأمر قابل للتنفيذ بمجرد صدوره ولا يقبل الطعن سوى بالتعرض، ويقدم الطعن بالتعرض بمقال مكتوب أمام المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر بالأداء، ويجب أن يقدم داخل اجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الأمر بالأداء. ويمكن للمحكمة المعروض عليها التعرض أن تأمر بإيقاف تنفيذ الأمر بالأداء بقرار معلل. بالإضافة لما سبق، فإن الحكم الصادر عن المحكمة في إطار التعرض قابل للطعن بالاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغه، ويمكن لمحكمة الاستئناف بناء على طلب أن تأمر بإيقافه كليا أو جزئيا بقرار معلل. وفي الأخي، يبقى التساؤل المطروح: ما فائدة إلغاء مرحلة الطعن بالاستئناف في الأوامر بالأداء والتي كانت تمارس في أجل 8 أيام من تاريخ التبليغ، وأن الحكم الصادر في إطار التعرض يقبل بدوره الاستئناف داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ، وبذلك هذا المقتضى فقط يؤدي إلى البطء في مسطرة الأمر بالأداء وإطالة المسطرة. تنفيذ مسطرة الأمر بالأداء من خلال المادة 160 م م أصبح الأمر بالأداء قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره، وهذا التعديل الجديد في غاية الأهمية لتسريع مسطرة الأمر بالأداء، إلا أنه يمكن للمحكمة المعروض عليها الطعن بالتعرض أن تأمر بإيقاف تنفيذ الأمر بالأداء كليا أو جزئيا بحكم معلل بناء على طلب المدين بناء على الفصل 147 م م. باحث في منازعات الأعمال