1 ليس من السهل ولا من الصعب أن نتكلم عن الذين نجلهم ونقدرهم عاليا. أقول ليس من السهل لأن الأمر هنا يتعلق بتقديم شهادة نرغب في أن تكون في مستوى الصدق الذي نكنه لمثل هذه الكائنات الاستثنائية. تتبدى صعوبة الوصف/ الشهادة عندما نقترب من أشد الكلمات وضوحا. 2 أعرف محمد عنيبة الحمري إنسانا بأسمى وأنبل معاني الكلمة دلالة. فها هنا رجل يتعامل بصرامة مع إنسانيته أولا، وإنسانية الآخرين ثانيا. إنها الصرامة التي تتجلى في لغته كما في سلوكه وتصرفاته اليومية. قرر الإنسان محمد عنيبة الحمري أن يتجلى بالوضوح الساطع في عمق أعماق شخصيته. أجمل ما فيه، وهذا اعتقاد يخصني، أنه يجهل جهلا مطلقا معنى التردد الذي يطوق الأرواح التي أنهكها الخسران، تولاها وأتى عليها. أجمل ما فيه، مرة أخرى، أنه عدو لذود لكل ضروب التواطؤات الناسفة للبعد الحيوي فينا. محمد عنيبة الحمري شلال قهقهات آتية من أعالي الألم الأرقى والأنقى. الشعر عنده أعمق وأوسع من أن يحد بقصائد يضمها ديوان. الشعر أسلوب حياة طافح بالمعاني الجليلة التي يجرف مدها الهائل كل توصيف سطحي. الشاعر الذي يجري الكلام حوله هنا محب للحياة. إنها غوايته المقدسة وغيرها باطل. وحده الشاعر يعرف كم هي رائعة فتنة الحياة. ووحده يقف بالمرصاد لأعدائها. أعداء الحياة هم الجبناء، أليس كذلك يا محمد؟ مؤلم ما أرى يا أخي، أعدادهم (الأعداء) تزداد يوما بعد يوم. خلاصنا الأوحد نعانقه في عمق هذا العابر الذي يتلألأ في لحظاتنا الجميلة.. فيحضرتك أيها الجميل أشعر أن للحياة أكثر من معنى وأكثر من لغز أبديين. هكذا أراك مذ عرفتك يا أخي: وجهك توأم وجه البشارة. دمت لنا شلالا جذلان يتدفق أمام أعيننا بمطلق الحياة.