منحت الوثيقة الدستورية التي صوت عليها المغاربة في استفتاء فاتح يوليوز 2011 حق ممارسة السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة، وذلك من خلال الفصل 90 الذي جاء فيه «يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية، ويمكن أن يفوض بعض سلطه إلى الوزراء « لكن يبقى من المفيد الإشارة الى أن هذه الصلاحية لا ينحصر حق ممارستها في مؤسسة رئيس الحكومة، لأن المتتبع لتاريخ الدساتير التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، يلمس ويكتشف بشكل واضح بأن هذه الصلاحية عرفت تطورا في ممارستها بين مؤسسة الملك ومؤسسة رئيس الفريق الحكومي. فدستور 1962 الذي يعتبر أول دستور عرفه المغاربة بعد الاستقلال. منح للملك صلاحيات إدراية واسعة، حيث نجد هذا واضحا وجليا في الفصل 29 الذي جاء فيه « الملك يمارس السلطة التنظيمية في المجالات التي خصصها له الدستور» وتجدر الاشارة الى أن هذه السلطة التنظيمية كانت تمارس عن طريق مراسم ملكية، أما فيما يخص الظهائر فكانت مخصصة للنصوص التي تدخل في مجال القانون وهذا لا يعني أن الوزير الأول في هذه المرحلة لم يكن يتمتع بحق ممارسة السلطة التنظيمية، فالفصل 68 منح له صلاحية ممارسة هذه السلطة لكنها بقيت مقيدة بشرط ألا تتدخل في مجال الصلاحيات المخصصة للمؤسسة الملكية، في المقابل نجد أن الملك كان يترأس المجلس الوزراي والذي كان يعتبر أهم تكوين حكومي، حيث تناقش القضايا الكبرى التي تهم سياسة البلاد والأمة. في 7 يونيو 1965 تم الإعلان على حالة الاستثناء من طرف الراحل الملك الحسن الثاني ، حيث أدى هذا الإعلان عن تمركز السلطة التشريعية والتنفيذية في يد الملك وذلك انسجاما مع الفصل 35 من الدستور. وأصبحت المؤسسة الملكية المستحوذ الوحيد على السلطة التنظيمية رغم تعيين وزير أول في 6 يوليوز 1967، هذا الأخير لم يكن يمارس سوى الصلاحيات المفوضة له من طرف الملك. مع دستور 1970، أصبح للملك كامل الصلاحية في ممارسة السلطة التنظيمية ونجد هذا جليا في الفصل 29 الذي جاء فيه « الملك يمارس السلطة التنظيمية، ويصدر ضهائر توضح المجالات التي يمكن أن يفوض فيها هذه السلطة للوزير الأول». وتجدر الإشارة أن دستور 1970 عرف مراجعات عدة وذلك في سنوات 1972، 1992، 1996، لكن هذه المراجعات بقيت منسجمة مع الهيكلة التي جاء بها دستور 1962 وذلك بمنح السلطة التنظيمية للوزير الأول، حيث نجد أن دستور 1996 أعطى وبشكل واضح هذه الصلاحية للرئيس الفريق الحكومي وذلك من خلال الفصل 63 الذي جاء فيه « يمارس الوزير الأول السلطة التنظيمية». ورغم أن دستور 2011 حافظ على نفس الهيكلة بمنحه ممارسة السلطة لرئيس الحكومة وذلك في الفصلين 89 و 90 تبقى المؤسسة الملكية تشاركه هذه الصلاحية وذلك بتوفرها على وسائل وآليات تخول لها التدخل في ممارستها. نذكر منها، صلاحية تعيين رئيس الحكومة، وصلاحية ترأس المجلس الوزاري بالإضافة إلى الرسائل الملكية... الخ.