تزامن إحياء اليوم التاريخي لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال 11 يناير1944 ، مع ندوة تاريخية نظمتها جمعية المتقاعدين والمسنين بمدينة انزكان يوم السبت 11 يناير 2014 ، بداية من الساعة 10 صباحا، اطرها المندوب الجهوي للمقاومة، وذلك بمقر الجمعية وبحضور مجموعة من الفعاليات ذات الصلة بالمقاومة وابناء الشهداء، وقد عرف اللقاء ، بعد الندوة، نقاشا غنيا من خلال استقراء الذاكرة التاريخية الوطنية ، وحوارا مفتوحا حث فيه الحاضرون على ضرورة الاسراع بتحقيق مجموعة من المطالب والملتمسات تتمثل في اعادة الاعتبار للذاكرة التاريخية الوطنية لمدينة اعلنت العصيان والتمرد على المقيم العام أثناء زيارته للمدينة خلال فترة الحماية. إعادة الاعتبار لرجالات المقاومة بالمدينة والذين هبوا لمقاومة المحتل واشعلوها نارا وثورة اثناء وقبل وبعد زيارة المقيم العام للمدينة ،وهؤلاء لايزالون مجهولي الاعتراف بدورهم في إذكاء الروح الوطنية واعلان بداية المقاومة المسلحة ضد المحتل الغاصب. إعادة الاعتبار لبعض المآثر والاماكن التي شهدت ملاحم بطولية وهي لاتزال مهملة ومنسية من قبل المسؤولين عن شأن المقاومة وجيش التحرير ،وكذا مسؤولين محليين وإقليميين ووطنيين، كالقصبة القديمة ومقر الباشوية القديم والساحة المقابلة لمحكمة الأسرة، إضافة الى اماكن اخرى عرفت ملاحم بطولية بالدشيرة الجهادية. إعادة الاعتبار لتاريخ المقاومة بالمنطقة حيث لم يتم بعد رفع الغبار والنسيان عن وثائق وأرشيفات هامة ومشرقة صنعها مقاومون «مجهولو الهوية» مازالوا غير معروفين لدى الجيل الحالي . إعادة الاعتبار لأبناء وحفدة شهداء المقاومة والاستقلال بالمدينة والذين لايزالون يعيشون ظروف الانتظار اللانهائي لتسوية ملفات آبائهم واجدادهم الذين ضحوا من اجل استقلال هذا البلد وحريته، حيث تنكرت لهم السلطات الوصية والجهات المعنية والمسؤولون عن الشأن المحلي. لهذا كان هذا اللقاء فرصة للمطالبة بإيصال صوت تصحيح الاخطاء والاختلالات التي عرفها واقع وتاريخ هاته المدينة المجاهدة، والذي يسعى البعض الى اغتصابه لاجل التسول به او الارتزاق به، لكن ذاكرة الوطن لا يمكن ان تمحى او تزيف ، ما دام ان رجالا عظماء صنعوها بدمائهم وإخلاصهم، واليوم نرى كيف تتكالب الكثير من المؤامرات لهدم وتبديد وقتل ذاكرة المدينة التاريخية والوطنية من خلال التآمر على العديد من هاته المآثر التاريخية والوطنية ومحاولة الاستحواذ عليها لأجل اقامة مشاريع تجارية او عقارية تدر عليهم الملايين ولو على انقاض تاريخ المدينة المشع بالبطولات والملاحم الوطنية، فكيف يمكن ان ننسى انتفاضة المدينة ورجالاتها ضد الجنرال كيوم، حيث زار المقر القديم للقيادة وانتفض السكان ومقاومو هاته المدينة ضده راجمين موكبه بشتى اساليب الرجم من حجارة ،وبضائع ،واحذية، وغيرها، وكان هذا الموقف الاول من نوعه ضد المقيم العام في تنقلاته عبر ارجاء الوطن، فالسبق يعود الفضل فيه لهؤلاء المقاومين الاجداد لكنهم اليوم ينسون ويغفلون، بل قصدا مبعدون من صفحات تاريخ هذا الوطن المضيء بنفحات المقاومة والجهاد ؟ فكيف يتجرأ البعض لقتل هاته الذاكرة واعدام اماكن تاريخية مشهورة تحت مبررات واهية من قبيل الآيلة للسقوط ولكونها تشكل خطرا على المواطنين، في حين انها وافقة صامدة امام كل تقلبات الزمن الطبيعية وغير الطبيعية ،ولاتزال تحمل في طياتها عناصر المقاومة ضد فؤوس الهدم وقرارات السلطات التي تتحرك تحت ذرائع واهية، لكن تحركها مصالح مادية على حساب المصلحة التاريخية والوطنية التي لاتقدر بثمن ، واليوم تتوالى عمليات محو تاريخ المدينة عبر قرارات متعجرفة تريد اغتيال الذاكرة المحلية للمدينة، وهكذا تم اعدام "مدرسة الديانات الثلاث" التاريخية التي ربت وكونت اجيالا من المواطنين المغاربة والاجانب، وشكلت اسطع والمع صورة للوحدة بين طوائف دينية مختلفة ( المسلمون واليهود والمسيحيون)، اغتيلت مع سبق الاصرار والترصد ، واليوم تتحرك آياد سوداء لاغتيال مواقع تاريخية اخرى بالمدينة بذرائع واهية ،عوض التدخل لانقاذها وترميمها مهما كلف ذلك من ثمن، فهل اصبح البعض عاقا تجاه ابنائه واجداده وتاريخه حتى يتجرؤون باستعمال معاول وفؤوس الهدم ضد السجلات التاريخية والوثائق الوطنية والرموز التاريخية. ترى أين محاكم تجريم خونة التاريخ والوطن؟ أين قوانين الردع ضد كل من سولت له نفسه المس بحجر او أثر تاريخي يدون صفحة من صفحات تاريخنا المجيد؟ اين شرطة المآثر التاريخية؟ اين الوزارة الوصية والجهات المختصة؟ واين مؤسسات الحفاظ والدفاع عن مآثرنا الوطنية والتاريخية؟ هكذا بدأت مؤامرة الغزو والاستيلاء على ذاكرة المدينة تتجه الى المقابر والمدافن القديمة قصد تحويلها الى مصالح انتفاعية "مقبرة حي الجرف القديمة" و"المقبرة الرئيسية القديمة" بحي الموظفين ومصلاها القديم والتي تحوم حولها العيون غير البريئة لاستغلالها ،والانتفاع من ريعها مما يدل على ان الاحياء والاموات معا هم في بورصة الاغتناء والارتزاق المادي بدون اعطاء الاعتبار لقيمة الذاكرة التاريخية والروحية لهاته المدينة المجاهدة والمسالمة. ومن جملة ما يمكن تداركه لإحياء هاته الذاكرة الوطنية المشرقة، اقامة نصب تذكاري بالساحة المقابلة لمحكمة الاسرة والتي تحولت في الآونة الاخيرة الى محور طرقي ،وهي التي كانت قد عايشت سابقا تلك الملحمة البطولية ضد زيارة المقيم العام للمدينة، كما انه يمكن تحويل المركب الاداري القيادة والعمالة سابقا، الى متحف وطني يحفظ ويصون الذاكرة المحلية للمدينة، كما يمكن ان يقوم بدور التربية والتكوين وزرع القيم الوطنية لدى اطفال وتلاميذ المدينة وغيرهم، من خلال احتضان ملتقيات وعروض واوراش على شاكلة المتاحف الوطنية والتي تقوم بنفس الدور ولم لا ان يكون موردا تاريخيا واكاديميا لفائدة الطلبة الباحثين في الجامعات والمعاهد قصد النبش والحفر في الذاكرة الوطنية المجيدة، كما يجب صيانة وحماية معالم تاريخية اخرى بالمدينة من قبيل "مدرسة الموحدين الابتدائية" والمستشفى الاقليمي القديم والحي القديم اسايس ومسجده الكبير الذي كان يؤمه المرحوم الحاج عبد الرحمان، والذي رفض آنذاك الإعلان عن تنصيب بن عرفة على منبر المسجد، فتم إبعاده، بعد رفضه المساس بشخص ورمزية جلالة الملك الراحل محمد الخامس كسلطان للمغرب، وهذا المسجد مع الاسف لايزال مهملا ومنسيا من طرف جميع المسؤولين بالمدينة وذلك على الرغم من الدور الديني والتربوي الذي كان يقوم به آنذاك، ونفس الشيء بالنسبة للزوايا التي تتواجد بالمدينة ك"الزاوية التيجانية" المحاذية للمسجد الكبير ب"حي اسايس"، و"الزاوية الناصرية"، و"المجزرة"، و"السجن المحلي" بالمدينة.