فتح 1239 مسجدا من أصل 2217 مسجدا متضررا من زلزال الحوز أمام المصلين (التوفيق)    الصين تطلق قمرا اصطناعيا اختباريا لتكنولوجيا الانترنت    15 ألف عداء مرتقب في سباق 10 كلم بالدار البيضاء    طقس الأربعاء: قطرات مطرية بالريف ورياح قوية بطنجة والأطلس                هيئات جمعوية وحقوقية تدافع عن القسم الاقتصادي بعمالة إقليم الجديدة    إدارة المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة تكذّب إشاعة وفاة سيدة بقسم الولادة    ''إنترناشيونال سكول'' بالجديدة تطلق منحة التميز 2025 للدراسة مجانا في مؤسستها    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    طنجة.. توقيف سيدة استغلت طفلها في التسول وأجبرته على البكاء لاستعطاف المارة    المغرب يحذّر من ثغرات "حرجة" في منتجات آبل    حملات أمنية متواصلة بكزناية تسفر عن توقيف مروج للمخدرات وحجز سيارة للنقل السري    بوبريك: ورش تعميم الحماية الاجتماعية سجل تقدما كبيرا    بركة وبن يحيى يستقبلان ائتلاف تنظيمات نسائية حزبية ويؤكدان سعيهما تعزيز تمثيلية المرأة في البرلمان        بعد اكادير .. زيارة مفاجئة لوزير الصحة تربك مستشفى الحسني بالناظور    البطولة: الكوكب المراكشي ينهزم في ثاني مبارياته أمام نهضة بركان    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تكشف "فضائح وعيوب" مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني الصحافة    عضو بالكونغرس: المغرب حليف تاريخي وشريك موثوق للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا        "غزة تحترق".. إسرائيل تطلق عملية برية ضخمة في مدينة غزة    قروض السكن والاستهلاك.. بنك المغرب يكشف: قروض الأفراد ترتفع ولكن بشروط أصعب    اليورو يسجل أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ اربع سنوات    عمور: المغرب يعزز مكانته كوجهة سياحية مخطَّط لها مسبقا وتراجع رحلات المغاربة للخارج ب25%    رسملة البورصة عند 1.036 مليار درهم    مغربية تتولى رئاسة "المجلس النووي"    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    أوزود تحتضن سينما الجبل برئاسة محمد الأشعري وتكريم علي حسن و لطيفة أحرار وعبداللطيف شوقي    مسابقة لاختيار شبيهة للممثلة ميريل ستريب    أكدت دعمها لدور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس ..القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    الكان، الشان، ودوري الأبطال: الكاف يرفع الجوائز المالية ويشعل المنافسة القارية    الممثل الهوليوودي روبرت ريدفورد يفارق الحياة        ضوابط صارمة.. منع "التروتنيت" في المحطات والقطارات وغرامات تصل 300 درهم    مايسة سلامة الناجي تلتحق بحزب التقدم والاشتراكية استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة علال الفاسي لسنة 2024    المغرب يتقدم في مؤشر الابتكار العالمي        "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    عصبة الأبطال الأوربية.. أرسنال يحرم من خدمات ساكا و أوديغارد في مواجهة بلباو    كلاسيكو الرجاء والجيش يلهب الجولة الثانية من البطولة الإحترافية    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس    فيدرالية اليسار الديمقراطي تشارك في حفل الإنسانية بباريس        ترامب يقاضي صحيفة نيويورك تايمز بتهمة التشهير ويطالب ب15 مليار دولار تعويضًا    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    دراسة: الأرق المزمن يعجل بشيخوخة الدماغ    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما موضوعية تصريح الوزير الخلفي بخصوص حصيلة العمل الحكومي ؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 31 - 03 - 2014

فضل مؤخرا الوزير الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة التوجه نحو وكالة المغرب العربي بهدف تقديم ما أسماه بحصيلة العمل الحكومي الذي يقوده حزبه العدالة والتنمية. ولم يكن اختيار تمرير عرضه هذا من خلال هذه المؤسسة عبثيا بل له دلالته لا داعي لتوضيح حيثياتها. ليس هذا هو المهم بل الأهم أن البعض كان ربما ينتظر تتبع عرض متميز بنوع من الموضوعية والواقعية، يعكس أولا المتاهات التي بات المشهد السياسي المغربي يخوض فيها والتي تشهد بشبه بداية انهيار بعض الفعاليات السياسية بالموازاة مع شيوع خطاب سياسي اصطلح عليه ب»الشعبوي» وما هو بذلك لكونه خطاب أقل ما يمكن أن يوصف به هو الانحطاط في أسلوب التواصل؛ وثانيا الركود الذي يتجه نحوه الاقتصاد المغربي في غياب تام لسياسة اقتصادية واجتماعية تستجيب لتحديات المرحلة والاكتفاء بتبني شعارات وإجراءات ارتجالية ومتسرعة، وثالثا الوضعية الاجتماعية المقلقة لشريحة عريضة من المجتمع المغربي.
1- إلى من يتوجه الوزير الخلفي بخطابه؟
لم يكن ليوصف بالمفاجئ ولا بالغريب بأن ينعت الخلفي، وهو من أهلها، حصيلة حكومة يقودها حزبه بالايجابية. ما عساه أن يقول غير ذلك؟ ألم يكن بالأمس القريب من بين المواطنين المغاربة الذين استأنسوا إلى درجة الملل لسماعهم مقولة « قولوا العام زين» والتي هي في سياق عرض الخلفي تجدها مرادفا لمصطلح «إيجابية» الحصيلة؟ هراء في هراء إذا ما احتكمنا إلى الواقع المعيش والذي هو أبلغ من الأرقام والمؤشرات والخطابات والعروض وأكثر يقينية من حيث التلقي لدى المواطن المغربي. وبكل حياد، فالمواطن المغربي عايش واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ميزته تطورات يمكن إبراز ملامحها على النحو التالي:
* على الصعيد السياسي: شهد المواطن المغربي منذ انتداب حزب العدالة والتنمية لقيادة حكومة تنزيل مقتضيات الدستور تناوب حكومتين متناقضتي المكونات والركائز الإيديولوجية، وكذا الأهداف بالموازاة مع تبني الحكومة في نسختيها لخطاب نعت ب»الشعبوي» وما هو كذلك لكونه خطاب جد منحط بينه وبين أدبيات وأخلاقيات الخطاب السياسي المتزن والملتزم والهادف مسافة شاسعة. كما أن المواطن المغربي عاين مشهدا سياسيا طغت عليه بشكل متأجج وغير مسبوق الصراعات الحزبية الداخلية والبين حزبية والتي أربكت وعطلت في محطات متعددة التدبير الحكومي للشأن العام وخصوصا العمل التشريعي وبالتالي التنزيل المنتظر لمقتضيات دستور الكرامة والمساواة والعدالة والربط الفعلي للمسؤولية بالمحاسبة.
* أما على الصعيد الاقتصادي وانطلاقا من المؤشرات المبعثرة التي أدلى بها الوزير الخلفي وبالنظر إلى توافر عدة مصادر تعلل وجهة نضرها بمعطيات مغايرة ومتناقضة لما صرح به ذات الوزير، فقد يصعب على محلل اقتصادي محايد وموضوعي تبني هذه المؤشرات أو تلك خصوصا وأن الحق في الحصول على المعلومة الاقتصادية الحقيقية والفعلية ما زال لم يعد تقليدا معمولا به. وبالتالي فلا زال الاقتصاد المغربي متميزا بإفراز مؤشرات ومعطيات مكسوة بنكهة سياسية معينة. وإذا كان واقع الحال على ما هو عليه فما يهم بالدرجة الأولى ليست المؤشرات في حد ذاتها بل تحليل مدى واقعيتها مقارنة مع الواقع المعاش. وما كان على الوزير الخلفي التحدث بلغة اعتمد فيها مصطلح الاقتصاد الوطني بل كان عليه التحدث بمصطلح المواطن المغربي. ذلك أنه لكل مصطلح معنى ومغزى وخصوصا آذان قد تصغي وقد لا تبالي. فواقع الحال يؤكد أن الاقتصادي لا يزال يزركش مؤشراته وفق رغبات وطموحات السياسي.
* وبخصوص الواقع الاجتماعي المعيش، فمصطلح الايجابية قد لا يكون صائبا في ظل استمرارية الاحتجاجات شبه اليومية التي يشهدها ليس فقط الشارع المغربي الحضري، بل نجده قد امتد إلى البادية والمناطق النائية. فإيجابية الحصيلة الاقتصادية التي زعمها الوزير الخلفي وجب وبكل موضوعية أن تنعكس على الواقع الاجتماعي، ذلك أن الاقتصادي يضمن الاجتماعي والاجتماعي يضمن الاقتصادي، وهذا أمر لا جدال بخصوصه. ورجوعا للواقع الاجتماعي المعاش فما يميزه هو أننا بتنا نعايش ظاهرة غير مسبوقة من الاحتجاجات إذ أن فعالياتها هي من مختلف شرائح المجتمع المغربي إذ علاوة على حاملي الشواهد العليا فقد انخرط في مسار الاحتجاجات تلاميذ ومحامون وأساتذة وأطباء وقدماء محاربين وذوي الاحتياجات الخاصة وممرضين وموظفون وغير هم (...) وبالتالي نسائل الوزير الخلفي عن دواعي استمرارية هذه الاحتجاجات إذا كان نعته لحصيلة الحكومة بالايجابي ومن أية زاوية يقيمها بالايجابية.
2- اعتزاز واستشهاد الخلفي بتقدير المؤسسات المالية الدولية!
صرح الوزير الخلفي أثناء عرضه لحصيلة الحكومة بمقر وكالة الأنباء العربي بكون «الحكومة قد استطاعت أن تتحكم في التوازنات الماكرو اقتصادية وهذا ما جعل المؤسسات المالية الدولية على غرار البنك الدولي و صندوق النقد الدولي تعبر عن تقديرها لهذا الأمر» معززا مضمون عرضه بما أسماه وارتضاه من مؤشرات قصد إبراز مظاهر تحكم الحكومة في التوازنات الماكر اقتصادية. من خلال هذا التصريح، بودنا أن نتساءل: هل الوزير الخلفي يجعلنا نستوعب بكون الحكومة التي يقودها حزبه تسعى إلى الحصول على تقدير المؤسسات المالية الدولية أم أنها انتدبت لتسعى وراء الحصول على تقدير ورضا المواطن المغربي؟ كما أنه، وبغية تحقيق نوع من الانسجام بين خطاب الخلفي وتجلياته، أعتقد وبكل موضوعية أن فقرة من عرضه وجبت إعادة صياغتها على نحو» أن الحكومة قد استطاعت أن تستجيب لتوصيات وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية قصد الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية «. ويمكن تعليل هذا السبيل بكون «الخطاب الاقتصادي» لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة لم يكن متضمنا في بداية ولايته لهذه المصطلحات، بل أبلغ من ذلك لم يكن متضمنا لسياسة اقتصادية جلية الأهداف والوسائل والمدة الزمنية، بل كان مقتصرا على شعارات اقتنصها من حركية الشارع المغربي، وسرعان ما نبذها وراءه لكونها وبكل واقعية كانت غريبة ومجانبة لأهدافه الأصلية. وإذا ما تمت إعادة صياغة الفقرة المشار إليها أعلاه ضمن تصريح الخلفي على النحو الذي أكدته، سيكون آنذاك من الهين إبراز مظاهر التكيف مع توجيهات المؤسسات المالية الدولية المتمثلة أساسا في مبدأ إخضاع توازنات الاقتصاد المغربي لآليات السوق أو ما يصطلح عليه بتحرير آليات توازن الاقتصاد الوطني من خلال الشروع في إقصاء صندوق المقاصة وإخضاع أسعار المحروقات إلى نظام المقايسة موازاة مع تراجع الدور الاجتماعي والدور الاقتصادي التصحيحي المرحلي للحكومة.
3- الوزير الخلفي
مغالطته للواقع المعاش
ما كان على الوزير الخلفي، خلال عرضه لحصيلة عمل الحكومة أن يتجاهل المؤشرات الماكرو اقتصادية المتبناة من طرف جل الاقتصاديين في مختلف دول العالم ويركز فقط على معدل النمو وتطور عجز الميزانية مزركشا عرضه ببعض التدابير والتي تبقى لعاميتها فاقدة للموضوعية. لا أحبذ الدخول في جدل حول الأرقام التي أدلى بها الخلفي، ولكن أتساءل عن ما الفائدة من الاعتماد والاقتصار على مؤشر معدل النمو، والذي برهنت الدراسات محدوديته بالنسبة للاقتصاديات التي تعاني من اتساع رقعة القطاع غير المهيكل، علاوة على محدوديته من زاوية تغييب المعطيات على الصعيد الجهوي وعلى صعيد الطبقات الاجتماعية. ما عسا المواطن المغربي أن يستوعبه من تطور مؤشر من نسبة إلى أخرى دون أن يلمس انعكاسات هذا التطور على واقعه المعاش؟ وفي نفس السياق، كان على الوزير الخلفي على غرار اقتصاديي العالم أن يعزز مؤشر النمو بمؤشرات أكثر دلالة كمؤشر التنمية البشرية والذي يعطي مثلا نظرة حول نسبة الولوج المدرسي ومؤشر الفقر والذي يمكن من التوفر على معطيات تهم بالخصوص نسبة الأمية ونسبة الاستفادة من الماء الصالح للشرب (...) إلى غيرها من المعطيات التي تهم الواقع المعاش للمواطن المغربي عوض إعادة ترويج «أسطوانة» حبلى بمصطلحات سئم سماعها المواطن المغربي كعجز الميزانية والأزمة والضائقة المالية والظروف الدقيقة (...). علاوة على هذا، وحتى يكون عرض حصيلة الحكومة قابل للتحليل الاقتصادي، كنا نأمل أن يتضمن هذا العرض المؤشرات الأخرى المكونة لل»مربع السحري « carré magique أي نسبة النمو أو الناتج الداخلي الخام croissance، نسبة التشغيل لعناصر الإنتاج plein emploi des facteurs de production، نسبة التضخم أو نسبة استقرار الأسعار stabilité des prix والتوازن الخارجي للميزان التجاري.équilibre extérieur de la balance commerciale . فعادة هذه هي المؤشرات المبدئية المعترف بها دوليا التي يتم اعتمادها لتقييم ظرفي لحصيلة سياسة اقتصادية واجتماعية لحكومة معينة وبالتالي فعدم تضمن عرض الوزير الخلفي لها يجعل ما قدمه فاقدا للصبغة العلمية الموضوعية ومتسما عكس ذلك بعرض «للاستهلاك» لا أقل ولا أكثر.
وإذا ما زعم الوزير الخلفي أنه بفضل «الإصلاحات الكبيرة» التي أقدمت عليها الحكومة الناطق باسمها من جلب الاستثمار الأجنبي وكذا الرفع من معدل النمو، فكيف له أن يفسر ما يحدث حاليا من تراجع في حجم هذه الاستثمارات بنسبة 60,1 في المائة (ناقص 6,172 ملايير درهم)، إذ بلغت 4,106 ملايير درهم، مقابل 10,278 ملايير درهم نهاية فبراير 2013 وفق تقرير مكتب الصرف ؟ وهذا يعني أن ما زعمه الوزير الخلفي بخصوص العلاقة القائمة بين «الاصلاحات الكبيرة» وارتفاع مستوى الاستثمارات الخارجية كان مجرد مزايدة وغير تابت. وما قد يكون موضوعيا من الزاوية الاقتصادية بخصوص نزوح الاستثمارات الأجنبية نحو المغرب هو ظرفية الأزمة الاقتصادية التي عايشتها اقتصاديات الدول الغربية وضرورة بحثها عن منافذ خارجية تمكنها من تحقيق قيم مضافة تساعدها على تجاوز أزمتها الداخلية. وهذا النحو هو صلب النظرية الاقتصادية الليبرالية وجوهر اشتغال نمط الإنتاج الرأسمالي. وهل يزن الوزير الخلفي حق وزنه معدل المديونية الذي حصره في 62 في المائة؟ فبكل بساطة فهذا المعدل المتجاوز لنصف الناتج الداخلي الخام يعني أنه على الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة أن يزيح جزءا من الثروات المنتجة وتخصيصها لسداد أقساط المديونية عوض تخصيصها لتمويل الاستثمارات أو تمويل القطاعات الاجتماعية التي تزيد حدة تأزمها. كيف للناطق باسم الحكومة أن يدعي بكون التغطية الصحية قد بلغت 77 في المائة ؟ إذا كان يقصد أنه تم توزيع 6 ملايين ونصف من بطاقات الرميد فهذا لا يعني التغطية الصحية الفعلية والحقيقية لا من زاوية المؤشرات الدولية المعتمدة في هذا المجال ولا من زاوية شهادة العديد من المواطنين المغاربة بالتلاعبات التي شابت توزيع هذه البطاقات والارتفاع لا مبرر لأسعار الأدوية دون الحديث عن الخصاص في المستوصفات والمستشفيات والأطقم الصحية والتجهيزات الطبية في العديد من المدن النائية والبوادي. وما مصير هذه المبادرة في ظل الأنباء عن تراجع الاتحاد الأوروبي عن الاستمرارية في دعمها لها. ما لا نأمله هو أن يبق المواطن المغربي ذو القدرة الشرائية الدنيا حاملا لبطاقة قد لا تؤمن له أية خدمة لا الخدمة الصحية الأصلية التي أعدت من أجلها ولا غيرها. أما زيادة 600 درهم كزيادة في الأجور فهذا لغو في الحديث لكون الوزير الخلفي يريد إثارتها فقط لتبيان أن الحكومة الفارطة قد تركت للحالية إرثا انعكس سلبا على ميزانية الدولة أما ما كان عليه إثارته هي 3000 درهم التي وعد بها رئيس الحكومة الناطق باسمها وهذا ما ينتظره المواطن المغربي أما 600 درهم فقد قيل عنها الكثير وقد اندثرت قدرتها الشرائية بفعل الزيادات غير المضبوطة لجل المواد الاستهلاكية إثر الإسقاط اللا مدروس لصندوق المقاصة وإرساء نظام المقايسة لسعر المحروقات في غير نسيجه الاقتصادي. لقد انتقى الوزير الخلفي الأرقام التي تتناغم ومضمون عرضه إلا أنه قد تناسى أو تجاهل ما وعد به رئيس حكومته بخصوص «1000 درهم» التي كانت ستصرف للطبقات الفقيرة إثر إسقاط صندوق المقاصة.
4- تدابير الحكومة تتجه بالاقتصاد الوطني نحو الركود واتساع رقعة الاحتقان الاجتماعي
أعتقد أنه ما تحدث عنه الوزير الخلفي بخصوص الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من اجل تقليص عجز الميزانية من قبيل وقف تنفيذ 15 مليار درهم من الاستثمارات و اعتماد نظام المقايسة في أسعار المحروقات وغيرها يؤكد ما سبق ذكره بخصوص التوجه نحو إخضاع توازنات الاقتصاد المغربي وفق آليات السوق وتراجع دور الدولة قصد الحد من نفقاتها لتخفيف العبء عن الميزانية، إلا أن المشكلة ليست في نفقات الدولة بل في تخليق تدبيرها أما دور الدولة فلا يزال ضروريا خصوصا في شقه الاجتماعي. على أية حال لا يمكن للوزير الخلفي أن يجزم بإيجابية هذه التدابير على الاقتصاد الوطني وليثه صاغ عرضه باستبدال مصطلح الاقتصاد الوطني بمصطلح المواطن المغربي، لكن هذه الإجراءات إذا ما تم التمادي فيها وعدم تصحيحها فإنها ستتجه بالاقتصاد الوطني نحو حالة الركود الاقتصادي واستفحال رقعة الاحتقان والتدمر الاجتماعي حيث أن الخلفي إذا كان يفتخر بالتمكن من خفض عجز الميزانية فلا يجب عليه أن يتجاهل أن معدل البطالة قد راوح 14 في المائة. ولا أستوعب كيف أن ارتفاع معدل النمو الذي يصرح به الخلفي لم ينعكس إيجابيا على حجم ومعدل البطالة. كما أنه من الصعب استيعاب قيام حكومة بنكيران بسحب 15 مليار درهم التي كانت متوفرة لديها ومخصصة لإنعاش وتنمية الاستثمارات وتفضيل استبدالها باللجوء إلى الاقتراض والذي يقيد ويرهن مستقبل الاقتصاد الوطني. كيف يمكن استيعاب إيجابية تدابير الحكومة وحصيلتها إذا كانت هذه التدابير تجهز ليس فقط على القدرة الشرائية للمواطن المغربي بل حتى على القدرة الإنتاجية والتنافسية للمقاولة المغربية الصغيرة والمتوسطة من خلال التوجه نحو الاقصاء النهائي لصندوق المقاصة وإرساء نظام المقايسة بخصوص أسعار المحروقات وعدم إرساء آليات لضبط جدي لتحديد الأسعار إن على مستوى سوق السلع الاستهلاكية أو على مستوى سوق العمل أما سوق المال فلا تعليق حوله لكونه يشهد احتكارا بامتياز . أي سياسة اقتصادية واجتماعية هذه التي «تخنق» العرض والطلب في نفس الوقت وبالتالي على أية أسس يمكن التفاؤل بارتفاع معدل النمو ؟ ألم يكن من الجدي أن يغني الوزير الخلفي عرضه، على الأقل، بالأشواط التي ربما قد قطعتها الحكومة في عدة أوراش كالقضاء والتعليم وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة ومنظومة الأجور ومنظومة الوظيفة العمومية (...) ؟ أما ما قد يمكن أن يوصف بالايجابي في المرحلة الحالية قد يكمن في تمكن حزب كان بالأمس مهددا بالاندثار ليصبح اليوم ذو مكانة بين الفعاليات السياسية سواء كان في الحكومة أو في المعارضة. أقول في المرحلة الحالية لكوننا نجهل ما قد تفرز عنه غدا جدليات المشهد السياسي في المغرب.
* باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.