نظم المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو بالفيدرالية الديمقراطية للشغل، بجهة الرباطسلاالقنيطرة، وقفة احتجاجية صباح أمس الأربعاء 24 يناير 2017، بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بسلا، تضامنا مع الممرضة مريم بكار، وتنديدا بالأجواء غير السليمة التي يمارس في ظلها المهنيون واجباتهم، ولمطالبة وزارة الصحة بتحمل مسؤوليتها الكاملة في حماية موظفيها ومساندتهم قضائيا وفقا لما ينص عليه القانون. وفي سياق متّصل، أكدت مصادر صحية، أن حالات الانتحار بمصالح الأمراض النفسية والعقلية هي ليست بالغريبة أو الاستثنائية، إذ أقدم غير مامرّة عدد من النزلاء في لحظة من اللحظات العصيبة مرضيا على وضع حدّ لحياتهم في غفلة عن المهنيين، الذين يكونون أمام تحدي الاستجابة للطلبات الصحية للمرضى الذين يكون عددهم كبيرا مقارنة بعدد العاملين الصحيين إبانها، ورغم أن وزارة الصحة هي لاتخصص سجّلا خاصا عن حالات المنتحرين في هذه المصالح، لكونها تدرجهم ضمن خانة الوفيات بشكل عام، إلا أن هناك عددا من الحالات التي وقعت تؤكد حجم العطب النفسي المؤدي إلى الانتحار، والذي كانت حالة مستشفى مولاي علي الشريف بالراشيدية، التي حوكمت بموجبها الممرضة مريم بكار، واحدة من بينها، إلى جانب حالة انتحار واحدة بمستشفى تطوان للأمراض النفسية التي وقعت في 2012، وكذا 3 حالات وقعت منذ 2010 إلى اليوم بمستشفى برشيد الذي تبلغ طاقته السريرية 240 سريرا، فضلا عن حالة انتحار أخرى بالمستشفى المختص بطنجة، متمّ شهر فبراير من سنة 2016، بعدما أقدم نزيل على وضع حدّ لحياته شنقا بالاستعانة بملابسه بعد قضائه 10 يوما داخل هذا المرفق الصحي الذي كان يخضع فيه للعلاج من الاضطربات النفسية الحادة التي كان يعانيها، إلى جانب العديد من الحالات الأخرى. ولاتقف حالات انتحار المرضى الذين يعانون من أعطاب نفسية عند أولئك المتواجدين بالمصالح الطبية المختصة، إذ أن حالات مماثلة شهدتها السجون أيضا، كما هو الشأن بالنسبة لمريض كان نزيلا بالسجن المحلي العرجات 2 بسلا، بتاريخ 3 نونبر 2017، وهو الذي كان موضوع متابعة طبية بمستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بسلا، وقبل ذلك سُجّلت حالة انتحار أخرى شهدها السجن المحلي سلا 1، في 26 فبراير 2016، التي كان ضحيتها مريضا نفسيا، وكانت المؤسسة السجنية قد حاولت إيداعه بمستشفى الرازي بسلا، لكن طلبها تم رفضه لعدم وجود أسرّة شاغرة، كما سبق وأن تمت الإشارة إليه في بلاغ في الموضوع في حينه، دون الحديث عن حالات انتحار أمنيين ومواطنين، داخل مقرات العمل، أو بمحلات السكن أو بالشارع العام، شنقا أو حرقا أو بتناول الأدوية والمواد السامة وغيرهما. وأكدت مصادر طبية، أن حالات الانتحار قد عرفت ارتفاعا في الفترة ما بين 200 و 2012، مشيرة إلى أنه يجب التمييز بين الشخص الذي يهدد بالانتحار وبين الشخص الراغب في الانتحار، إذ أنه في الحالة الأولى يجب اعتبار التهديد بمثابة طلب استغاثة ومساعدة من الشخص قصد التدخل من طرف المحيط لإخراجه من المشاكل المتعددة التي يعيشها، سواء كانت نفسية، اجتماعية أو اقتصادية، وفي الغالب ما يتم التدخل ولا تنجح عملية الانتحار، في حين أنه في الحالة الثانية وهي الأخطر، يجب التدخل بشكل استعجالي، لأنه إذا لم يتم تدارك الأمر فالشخص الذي يكون في حالة اكتئاب حاد ويعيش في سوداوية، هو يخطط لتنفيذ عملية الانتحار بدقة متناهية، ويختار بعناية الزمان والمكان ووسيلة الانتحار، وفي الغالب ما تتم العملية بنجاح ما لم يتدخل أحد حين وقوع العملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. من جهته، شدّد الحسن الرامي، ممرض مختص في الصحة النفسية والعقلية، على أنه في مستشفيات الصحة العقلية والنفسية حيث يودع أغلب المصابين بالاكتئاب الحاد، والأشخاص الذين نجوا من حالات الإقدام على الانتحار من المرضى النفسانيين، تقع كذلك حالات الموت بالانتحار، معتبرا أن هذا الأمر هو عاد في جميع مستشفيات الطب النفسي في العالم، إلا أن تكثيف المراقبة والتدخل بواسطة بروتوكول دوائي والعلاجات النفسية المصاحبة والمواكبة من طرف الفريق الطبي المعالج، يحول دون تفشي ظاهرة الانتحار في الوسط الاستشفائي. وأكّد عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، على أنه في مستشفياتنا النفسية بالمغرب، لم نصل بعد إلى ما وصلت إليه بعض الدول المجاورة في مجال الصحة النفسية، إذ تعرف المؤسسات الصحية المغربية المختصة ظروفا مزرية من حيث بنيات الاستقبال الهشة والمهمشة، إلى جانب نقص حاد في الأطر الطبية والتمريضية، وفي بعض التخصصات الأخرى كالعلاج النفسي والعلاجات المصاحبة للأدوية الكيماوية، دون إغفال النقص الحاد في الأدوية من كل الأجناس، وعدم قدرة الطاقة الاستيعابية السريرية الحالية الاستجابة لطلبات العلاج المتزايد يوما عن يوم، مما ينتج عنه اكتظاظ في المصالح الاستشفائية الشيء الذي يقوي فرضية الإقدام على الانتحار داخل هده المصالح، فضلا عن الميزانية الهزيلة التي تخصصها الحكومة للصحة عامة وللصحة النفسية بالخصوص. وشدّد الرامي، على أن هذه العوامل كلها وغيرها، هي تؤدي بالمريض إلى فقدان الأمل في العلاج وبالتالي التفكير في وضع حد لحياته، في حين يجد مهنيو الصحة أنفسهم عرضة لكل التبعات، حتى وإن كانوا غير مسؤولين عنها؟