وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا دِفَاعًا عَنِ الَمْؤَلِّف وَلَا دَفْعًا بِالْبُخَارِي قِرَاءَةٌ فِي كِتَاب»صَحِيح الْبُخَارِي نِهَايَةُ أُسْطُورَة» 1

يَقَعُ كِتَاب رَشيد إيلَال الَمْعَنْوَن ب «صَحِيح الْبُخَارِي نِهَايَةُ أُسْطُورَة» فِي 283 صَفْحَةٍ مِنَ الْحَجْمِ الْكَبِير، مُوَزَّعٍ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ وتَصْدِير، وَهِي كالتَّالي:
آفةُ تَدْوينِ الْحَدِيث؛
آفةُ عِلَمْ الْحَدِيث؛
أُسْطُورَة الْبُخَارِي؛
سُقُوطُ الْأُسْطُورَة؛
مَنْ أَلَّفَ صَحِيح الْبُخَارِي.
لقد أثَارَ الْكِتَاب ضَجَّةً لَا لُزُومَ لَهَا، لأَنَّ الَمَوْضُوع قَدْ تَنَاوَلَهُ، قَبَلْ هَذَا، مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْبَاحِثين2، وَأَعْتَقِدُ أَنَّهُمْ قَدْ أَوْفَوْهُ حَقَّهُ، وِإِنْ كُنْتُ أَتَعَجَّبُ كَيْفَ أَغْفَلَ الْبَاحِث ذِكْرَ هَذِهِ الدِّراسَاتِ وَسِوَاهَا فِي مَتْنِ بَحْثِهِ، وَلَمْ يُشِرْ إِلَيْهَا، وَلَوْ مِنْ بَابِ التَّعْريفِ بِالشَّيْء؛ وَهَذا مَا لَمْ أَسْتَسِغْهُ مِنَ الَمْؤَلِّف.
قَبَلْ مُنَاقَشَةِ الْكِتَاب لَابُدَّ مِنَ الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ إِشْكَالِيَّةَ الْحَدِيث النَّبَوِيِّ مِنْ أَعْقَدِ الْأُمُورِ فِي الدِّين الْإِسْلامي والْبَحْث فِيهَا يَتَطلَّب جُرْأة مَدْعومَة بِالعِلْمِ والْحُجَّة والْبَيِّنَة نَظَرًا لِحَسَاسِيَّتِهَا3. ومَع ذَلِك، فَلَا بَأْس مِنْ أنْ نَتَعَامَل مَع تُراثِنَا بِمَقَايِيسَ عِلْمِيَّة تُحَكِّمُ الْعَقْلَ، إِذْ لَا سُلْطَةَ سِوَاه، وبلغةِ أَبِي الْعَلَاء الَمْعَرِّي: « لَا إِمَامَ سِوَى عَقْلْي»، وَإِنْ ظَلَّتْ هَذِه الَمْقُولَةُ نَشَازًا دَاخِلَ الثَّقافَة الإسْلامِيَّة الَّتِي لَا تُقِرُّ بِالْعَقْل الْفَرْدِ عَلَى حِسَابِ الْعَقْلِ الْفِقْهِيِّ الْجَمَاعي، الَّذي مِنْ سِمَاتِه الانغِلاَق، مَا دَاَم يُحْتَجُّ بِالْفَتْوَى وَيُعَطَّلُ الْعَقْل، مِصْدَاقاً لِقَوْلِ بْنِ سَبْعين: «أَعُودُ بِاللهِ مِنْ عَقْلٍ يُقْنِع»؛ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ نَرْكُنَ إِلى الرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ وَالسَّنَدِ الْمُعَوِّلِ عَلَى مَا يُسَمَّى بِالتَّعْدِيل وَالتَّجْرِيحِ وعِلْمِ الرِّجَال، لأَنَّ هَذِهِ الْمَنْهَجِيَّةَ غَيْرُ دَقِيقَةٍ، وأَثْبَتَتْ عَدَم نَجَاعَتِها، مِنْ ذَلِكَ:
إِنَّ صَحِيح الْبُخَارِي يَضُمُّ أَحاديثَ تُنَاقِضُ النَّص الْقُرْآنِي ذَاتَهُ، إِضَافَةً إِلى كَوْن بَعْض الأَحادِيث تُناقِضُ الأُخْرى، وَأَحادِيث لَا يَقْبَلْهَا الْعَقْل؛
أَحادِيثَ صَحِيحةً لَا نَجِدُها عِنْدَ الْبُخَارِي فِي حِينْ نَجِدُهَا فِي صَحِيح مُسْلِم وَبِالْمِثْل نَجِدُ أَحادِيثَ أَغْفَلَهَا مُسْلم وَأَثبَتهَا الْبُخَارِي، عِلْمًا أَنَّ الَمْؤَلِّفَيْنِ اعْتَمَدَا نَفْسَ الْمَنْهَجِيَّةِ، خاصَّةً وأَنَّ الْمُصَنَّفَين يُعَدَّانِ وَلَا يَزَالَا مِنَ الْكُتُبِ الصِّحَاحِ؛
إِنَّ ثَقَافَتَنا الْإِسْلامِيّة تُبَجِّلُ السَّلَفَ لِدَرَجَةِ التَّقْدِيسِ، فَالْبُخَارِي وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحابَةِ، هُمْ دَائِماً عَلَى حَقٍّ وَإِنْ أَخْطأَوْا، مَا دَامُوا يَحْمِلُون الْعَلَامَةَ:»رَضِيَّ اللهُ عَنْهُ/عَنْهُمْ»، إِنَّهَا ISO الثَّقَافَة الْفِقْهِيَّة، وَالْعَصا السِّحْرِيَّة لفُقَهائنَا، إِذْ تَمَكَّنُوا بِوَاسِطَتِها مِنْ أَنْ يُمَرِّروا الْمَصائِب4. وَالأُسْتاذ رَشيد إِيلَال قَدْ أَصابَ فِي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَحَسْبُهُ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ يَتَحَرَّجُونَ تَارَةً فِي الاعْتِمَادِ عَلَى حَدِيثٍ لِتَفْسيرِ نَصٍّ قُرْآني أَوْ نَجِدُهُمْ يُبَرِّرُونَ عَدَم تَقَابُلِ أَوْ تَنَاقُضِ نَصِّ الْحَدِيث مَعَ النَّص الْقُرْآني، بَلْ إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ لِاخْتِراعِ عِلْمٍ جَديدٍ هُوَ نَسْخُ السُّنة لِلْقُرْآن.
لَقَدْ تَحَوَّلَ الْبُخَارِي إِلَى صَنَمٍ، تَعْبُدُهُ الْقَبِيلَة؛ لِذَلِكَ لَابُدَّ مِنْ خَلْخَلَةِ نِظَامَنَا الْقَديمِ، وَلِمَا لَا هَدْمِهُ وَرَدْمِهُ وبِنَاء أُسُسِ نِظَامٍ جَديدٍ. إِنّ ادِّعاءَ امْتِلاكِ الْحَقيقَة النِّهائِيَّة وَالْمٌطْلَقَة لِكُلِّ أَمْرٍ فِي كُلِّ عِلْمٍ مُمْكِنٍ، هُوَ الْمُصيبَةُ بِعَيْنِهَا، لأَنَّهُ يُؤَدِّي أَوْ أَدَّى بِالْفِعْلِ إِلى اسْتِشْرَاءِ وَبَاءٍ نَفْسِيٍّ حَادٍّ5.
إِنَّ سُؤَالَ: مَنْ أَلَّفَ صَحِيح الْبُخَارِي؟ (ص، 279)؛ أَوْ بِمَعْنى آخَرَ: هَلْ كِتَاب «الْجامِعُ الْمُسْنَدُ الصَحِيح الْمُخْتَصَرُ مِنْ أُمُورِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّمَ وَسُنَنِهِ وَأَيَّامِهِ» مِنْ تَأْلِيفِ الْبُخَارِي؟
الَّذي طَرَحَهُ الأُسْتاذُ رَشيد إِيلال، سُؤَالٌ مُحْرِجٌ لِثَقَافَةٍ تَتَهَيَّبُ السُّؤَال، بَلْ تُقِرُّ بِمَشْرُوعِيَّةِ عَدَم طَرْحِ السُّؤَال. وَلَكِنْ مَاذَا قَدَّمَ لَنا الْبَاحِث كَحُجَجٍ لِيُقْنِعَنا بِرَأْيِه، عَلَى اعْتِبار أَنَّ الْكِتَابةَ تَجَلٍّ لِنَوْعٍ مِنَ الْحَقيقَةِ مَا دامَتِ الْكِتَابةُ تَتَجاوَزُ وَعْيَها، وبِاعْتِبارِها تَجْرِبَةً غَيْرَ مُنْتَهِيَّةٍ، إِنَّهَا بَحْثٌ مُسْتَمِرٌّ.
يَغُوصُ الْبَاحِث عَلَى مَدَارِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى لِلْبَحْثِ فِي عَمَلِيَّةِ تَدْوِينِ الْحَدِيث عَلَى عَهْدِ الرَّسُولِ وَالصَّحَابَةِ مِنْ عَدَمهَا لِيُعَرِّجَ لِلْبَحْثِ فِي عِلْمِ التَّدْوينِ وَالاسْتِقْصَاءِ حَوْلَ عِلْمِيَّةِ الْحَدِيث وَما يُسَمِّيهِ أُكْذوبَةَ عِلْمِ الرِّجالِ، لِيَنْتَقِلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْخَوْضِ، فِي مَا أَسْمَاهُ، أُسْطُورَة الْبُخَارِي. كُلُّ هَذَا لِيَخْلُصَ، فِي النِّهايَةِ، إِلَى الْقَوْل: « إِنَّ صَحِيح الْبُخَارِي كِتَابٌ مَجْهُولُ الْمُؤَلِّف، لَا أُصولَ لَهُ، وَلَا حَقِيقَةَ لِوُجُودِهِ، فَهُوَ كِتَاب لَقِيطٌ.. «(ص،280 )
يُجْمِلٌ الَمْؤَلِّف دَوافِعَ تَأْليفِ كِتَابهِ إِلَى مَا يَلي:
1- أَضْحى كِتَابا «فَوْقَ النَّقْدِ وَفَوْقَ الْعِلْمِ، وَفَوْقَ الْعَقْل بَلْ فَوْقَ الْقُرْآنَ نَفْسِهِ لَدَى مُعْظَمِ الشُّيُوخِ..» (ص، 8)؛
2- تَمَسُّك الشُّيوخِ وَالْفُقَهاءِ بِكِتَاب الْبُخَارِي وَاعْتِبارِهِ أَصَحَّ كِتَاب بَعْدَ الْقُرْآن: «إِنَّ فِئَةَ الشُّيوخِ وَالْفُقَهاءِ وَالَمْحَدِّثِين ظَلَّتْ فِي مُجْمَلِها مُتَمَسِّكَةً بِالجَامِعِ الصَحِيح عَلَى أَساسِ أَنَّ كُلَّ مَا فِيه صَحِيح وأَنَّه أَصَحُّ كِتَاب بَعْدَ كِتَاب الله، بَلْ حَمل سِلاح التَّكْفِير والزَّنْدَقَةِ فِي وَجْهِ كُلِّ مَنْ يُنْكِرُ أَحَادِيثَ فِي هذا الكِتَاب أَوْ يُوَجِّهَ إِلَيْها سِهامَ انْتِقاداتٍ حَتَّى لَوْ عارَضَتْ مُتُونَها كِتَاب الله الْمُوحَى إِلَى نَبِيِّه.» (ص، 8)؛
3- يَحْوي بَيْن ثَناياهُ جُمْلَة إِساءاتٍ: «وَجَدْتُ أَنَّ الْمِئاتَ مِنْها تَحْبَلُ بِكَوارِثَ خَطيرَةٍ فَمِنْها ما يُسيءُ إِلَى مَقامِ الْأُلُوهِيَّة، وَمِنْها ما يُسيءُ إِلَى مَقامِ النُّبُوَّةِ، مِنْها ما يُسِيءُ إِلَى مَقامِ الإِنْسان نَفْسِهِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصوصِ..» (ص، 8)؛
بِالنِّسْبَةِ لِي أَرَى أَنَّ الكِتَاب يُمْكِنُ تَقْسِيمُهُ إِلَى قِسْمَيْن:
أ- الدِّراسَةُ، مُمَثَّلَةً فِي الْأَجْزاءِ الْأَرْبَعَة؛
ب- نُسَخُ مَخْطُوطَات صَحِيح الْبُخَارِي، مُتَمَثِّلَةً فِي الْجُزْءِ الْخامِسِ.
أَتَّفِقُ مَعَ الْمُؤَلِّف فِي مَا يَخُصُّ الْقِسْمَ الْأَوَّل الْمُتَعَلِّق بِإشْكالِيَّة تَدْوٍينِ الْحَدِيث وعُلومِ الْحَدِيث ورجالاته، عِلْماً أَنَّ الْأُسْتاذ إيلال لَمْ يُضِفْ شَيْئًا جَدِيداً لِلدِّراساتِ الَّتِي أَثبَتُهَا فِي الْهَامِشِ رَقْم 2، بَلْ أُجْزِمُ أَنَّ دِراسَةَ زَكَرِيا أَوزون، وَمَقَالَة وَضَّاح صائِب السَّالِفَتَي الذِّكْر، كانَتا أَكْثَر عِلْمِيَّة وَغِنىً؛ إِذْ رَجَعَ أَصْحابُها لِمَصادِرَ عَدِيدَة، كَمَا ارْتَكّزَتا عَلَى هَوامِش ثَقافِيَّة أَغْنَت الَمَوْضُوع وَيَسَّرَتِ الْبَحْثَ.
إِنَّ ما شَدَّنِي وَأنَا أُطالِعُ الْقِسْم الثَّانِي، هُوَ الصُّوَر الشَّمْسِيَّة لَمْخْطُوطَات من كِتَاب الْبُخَارِي، وَكُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّنِي إِزاءَ عَمَلٍ تَحْقِيقي لِتِلْك الَمْخْطُوطَات، الشَّيْء الَّذِي حَدَا بِالْبَاحِث لأَنْ يَتَوَصَّل إِلَى خُلَاصَتِه الْمُتَمَثِّلَة فِي، «نِهايَة أُسْطُورَة الْبُخَارِي»؛ إلَّا أَنَّنِي وَجَدْتُ نَفْسِي حائِراً، أَقْرَأُ هَذَا الْقِسْمَ ثُمَّ أُعِيدُه عَلَّنِي أَجِدُ مَا شَوَّقَنِي الْبَاحِث إِلَيْهِ وَأَوْهَمَنِي بِه؛ فعُدْتُ بِخُفِّي حُنَيْن. لِذَلِك، أُسَائِلُ الْبَاحِث: ما عَلَاقَةُ تِلْك الصُّور بِنِهايِة أُسْطُورَة الْبُخَارِي؟ عِلْماً بأَنَّ الْمُؤَلِّف لَمْ يَقُم بِعَمَلِيَّة تَحْقِيق، بَلْ اكْتَفَى بِالصُّور وَبِأَقْوالِ مُحافِظ مَكْتَبَةِ الْمَلِك عَبْدِ الْعَزيزِ الْعامَّة بِالرِّياض الَّتِي تُنْفِي وُجُودِ نُسْخَة أَصْلِيَّة لِكِتَاب الْبُخَارِي. وَهُنا أَقُولُ لِلْمُؤَلِّف: إِنَّ مَنْهَجَ عِلَمْ الْحَدِيث الَّذي رَفَضْتَهُ، هَا أنْتَ تَسْتَعْمِلْهُ بِحَذافيرِه عِنْدَما اعْتَمَدْتَ عَلَى شَهَادَةِ مُحافِظِ الْمَكْتَبَة. مَتَى كَانَ الْعِلَمْ يَتَأَسَّسُ عَلَى الرِّوايَةِ الشَّفَوِيَّة (عِلْمُ الرِّجَال)؟ أَلاَ يُجَرَّحَ هَذَا الرَّجُلُ؟
ملاحظات منهجية:
1- إِنَّ مِنْ أَساسِيَّاتِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ أَنْ يَكُونَ الْبَاحِث مُلِمّاً بِأَغْلَب مَا كُتِبَ حَوْلَ مَوْضُوعِ بَحْثِه، وَالْحَالُ أَنَّ الْأُسْتاذَ رَشِيد إِيلَال قَدْ أخَلَّ بهَذا الشّرْط. الْغَريبُ أَنَّ الْبَاحِث لَمْ يُشِر للَمْصادر الَّتِي يَكُونُ قَدِ اعْتَمَدَها عُمْدَةً لِبَحْثِه، وَمَا أكْثَرَها؛ بَلْ إِنَّ مَا يُثِير الْقَلَقَ أَنَّ الكِتَاب يَفْتَقِدُ لِببلْيوغْرافِيا، سِيّمَا وَأَنَّنا لَا نَعَدَم كُتُبًا تَناوَلَتْ صَحِيح الْبُخَارِي بالدَّرْسِ والتَّمْحِيص..
2 – انْتِفاء الْمَنْهَجِيَّة العِلْمِيّة التَّوْثِيقِيَّة فِي الكِتَاب، نَقْرَأُ فِي الصَّفْحة 19، ما يَلِي: «وَهُنا ارْتأَيْتُ أَنْ أَنْقُلَ لَكُمْ مَا أَوْرَدَهُ الَمفَكِّر الْمِصري محمود أَبُو رَيَّة رحمه الله فِي كِتَابه «أضْواءٌ عَلَى السُّنة الْمُحمدية» نَقْلا عَنِ الْفَقيه الْمُحَدِّث رَشيد رِضَا رَحِمَهُ الله صَاحِبُ الْمَنار فِي الْمُوازَنَةِ وَالْمُقارَنَة بَيْنَ أَحَادِيثِ مَنْعِ كِتَابة الْحَدِيث، والْأَحَادِيثِ الْمُجِيزَةِ لَهُ… « (ص. 19). (التشديد مني). تَتَمَثَّلُ الْمَنْهَجِيَّة الْعِلْمِية الْمُتَّبَعَة في عَدَم ذِكْرِ لَا الْجِنْسِيَّة وَلَا الْأَلْقَاب وَلاَ التَّرَحُّمِ عَلَى أَيِّ أَحَدٍ…، إِذْ يَنْبَغِي لِلْباحِثِ أَنْ يَتَجَرَّدَ عَنْ مَوْضُوع الدَّرْسِ، كَمَا أَنَّ الْمُؤَلِّف لَمْ يَذْكُرِ لَا طَبْعَةَ الْكِتَابِ وَلَا الصَّفَحَاتِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهَا، حَتَّى يَسْهَلْ عَلَى الْقارِئِ الرُّجوع إِلَى النَّص الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ.
3- إِنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُحَدِّد النُسْخَة الْمُعْتَمَدَةَ مِنْ صَحِيح الْبُخَارِي فِي بَحْثِهِ والَّتِي يُحِيلُ عَلَيْهَا؛
4- إِنَّ عَدَم وُجُودِ نُسْخَة بِخَطِّ يَدِ الْبُخَارِي أَوْ أَحَدَ تَلامِذَتِهِ أَوْ تَلاميذِ تَلامِذَتِهِ لَيْسَ حُجَّةً لِلْقَوْلِ بأَنَّ الكِتَابَ مَنْحُولٌ عَلَى الْبُخَارِي. هَلْ عَدَم وُجُودِ نُسْخَة خَطٍّيَّة لِامْرِئِ الْقَيْسِ أَوْ لِزُهَيْر بْنِ أَبِي سَلْمَى أَوْ لِغَيْرِهِمَا تَجْعَلُنَا نُنْفِي الْمُعَلَّقاتِ عَنْ أَصْحَابِهَا؟ فَالْكُلُّ، عَرَباً وَمُسْتَشْرِقِينَ، يَنْسُبُونهَا لَهُمْ. بَلْ يُمْكِنُنِي أَنْ أَذْهَبَ بَعِيدًا، فأَقُول: هَلْ وُجِدَتْ نُسْخَةٌ خَطٍّيَّة مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِخَطِّ يَدِ الرَّسُولِ، عِلْماً بأَنَّ مَسْأَلَةَ أُمِّيَةِ الرَّسُولِ أَضْحَتْ قَضِيَّةً مَرْدودَةً، طَبْعاً لَا وُجُودَ لَهَا الْبَتَّةَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا أَحَدَ يُجَادِلُ فِي الْوَحْي وفِي نُزُولِ الْقُرْآن عَلَى محمد؛
5 – يَتَحَدَّثُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْفَصْلِ الْخامِسِ وَخاصَّةً الْمَبْحَث الْمُعَنْوَن بِ»اخْتِلَافِ نُسَخِ صَحِيح الْبُخَارِي» يَقُولُ الْمُؤَلِّف:»مِنَ الضَّرَباتِ الْقَاضِيَّةِ الْمُوَجَّهَةِ لِكِتَاب صَحِيح الْبُخَارِي مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ النُّسخِ..»(إيلال ص.269). إِنَّ اخْتِلَافَ نُسَخِ الكِتَابِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِنَفْي نَسَبِ الكِتَاب لِصَاحِبِهِ. عِنْدَمَا أَحْرَقَ عُثْمَان بْنُ عَفَّان كُلَّ نُسَخِ الْقُرْآن، أَوْ مَا يُعْرَفُ بِالْمَصاحِفِ الأُولَى: مُصْحَف أُبَيُّ بْنُ كَعْب، ومُصْحَف عَبْدُ اللهِ بْنِ مَسْعُود، ومُصْحَف عَلَى بْنِ أَبِي طَالِب…، هَلْ شَكَّكَ أَحَدٌ فِي الْقُرْآن، رَغْمَ مَا قِيلِ حَوْلَ الْمَوْضُوع؟ زِدْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ الْمَشْهَدِ الْحُسَيْنِي الَّتِي تُعْتَبَرُ نُسْخَةً أَصْلِيَّةً لِمُصْحَفِ عُثْمَان بْنِ عَفَّان، قَد أَثبَت عِلْمُ التَّحْقِيق وَتَارِيخ الخُطُوط أَنَّها لَيْسَتْ كَذَلِك؛
فَمَسْأَلَةُ الاخْتِلَاف نَجِدُها أَيْضاً فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم ، سِيَّمَا فِي مَا يُسَمَّى الْقِرَاءَات، بَيْنَ قِرَاءَةِ وَرْشٍ وَقِرَاءَةِ حَفْص وَمِثَالُنَا عَلَى ذَلِكَ، الآية 146، سُورَة آل عمران.
– قِرَاءَةُ وَرْش: «وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لما أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَإِنَّوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ»؛
– قِرَاءَةُ حَفْص: «وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لَمْا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَإِنَّوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ».
نَفْسُ الشَّيْء نَجِدُهُ فِي سورَةِ الْفاتِحَة الَّتِي يَقْرَؤُها وَرْش ب: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين مَلِكِ يَوْمِ الدِّين…» فِي حِين أَنَّ حَفْص يقرؤها ب: «الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين مَالِكِ يَوْمِ الدِّين» وَهُنَاكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ ، هَلْ الاخْتِلاف فِي الرِّوَايَات أَوِ الْقِراءاتِ سَبَب لِنَفْي وَحْيِ الْقُرْآنَ؟
أُوَافِقُكَ الرَّأْيَ أُسْتاذ رَشيد فِي مَسْأَلَة النَّبْش فِي التُّراثِ وتَنْقِيَّة ثَقَافَتِنا وَلَكِنْ بِأَسُسٍ عِلْمِيّة مَتِينَة، وَلَكِنَّنِي أَتَحَفَّظُ فِي مَسْأَلَةِ أُسْطُورَةِ الْبُخَارِي، لَا دِفَاعًا عَنْهُ، وَلكِنْ، لِكَوْنِ حُجَجِكَ ظَنِّيَةُ التُّبُوث.
الهوامش:
(Endnotes)
1 – رشيد إيلال، «صحيح الْبُخَارِي نهاية أُسْطُورَة»، دار الوطن، الطبعة الأولى، 2017؛
2 – إِنَّظر:
– زكريا أوزون، جناية الْبُخَارِي انقاذ الدين من إمام المحدثين؛ رياض الريس، الطبعة الأولى 2004؛
– سامر الاسلامبولي، تحرير العقل من النقل، قراءة نقدية لمجموعة من أحاديث الْبُخَارِي ومسلم؛ عَدَم ذكر دار النشر، القاهرة 2015؛
– وضاح صائب، قتل الإسلام وتقديس الجناة، وبخاصة الإضاءة الخامسة: جناية كتبة الأحاديث، الصحاح ليست صحاحا.. الْبُخَارِي نموذجا، دار الإِنَّتشار العربي، الطبعة الأولى 2011؛
-إبراهيم فوزي، تدوين السنة، رياض الريس، الطبعة الأولى 1994؛
– ابن قرناس، الْقُرْآن والْحَدِيث، منشورات الجمل، وبخاصة القسم الأَول من الدراسة، الذي يقع فِي أكثر من 140 صفحة من أصل 527 صفحة، الطبعة الأولى 2008؛
3- زكريا أوزون، جناية الْبُخَارِي ، انقاذ الدين من المْحدثين، رياض الريس الطبعة الأولى، 2004، ص. 11.
4- انظر سيرة أبي هريرة وخاصة علاقته بعمر بن الخطاب، فِي كِتَاب الطبقات لابن سعد، تفسير الطبري…
5 – سيد محمود القمني، السؤال الآخر، الكِتَاب الذهبي، مؤسسة روزاليوسف، الطبعة الأولى، 1998، الصفحة 59.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.