تواصلت، لليوم الثاني على التوالي، حملات سلطات مدينة المحمدية الرامية إلى دعم وحماية الأشخاص بدون مأوى، من خلال تدخلات ميدانية مكثفة تروم نقلهم إلى مركز للإيواء، تزامنًا مع موجة البرد التي تشهدها المنطقة، وذلك في سياق "الجهود الوقائية التي تهدف إلى الحد من المخاطر الصحية والاجتماعية المحيطة بالمشرّدين". وتستهدف هذه الحملات اليومية مختلف الأحياء السكنية وشوارع المدينة، حيث تجري عمليات رصد ميدانية لإقناع الأشخاص في وضعية تشرد بالانتقال إلى مركز الإيواء، بمن فيهم أجانب قادمون من دول جنوب الصحراء، وذلك في إطار مقاربة إنسانية تراعي أوضاعهم الاجتماعية والصحية. وخلال اليوم الأول من هذه الحملة، ليلة الإثنين – الثلاثاء جرى نقل 42 شخصا إلى مركز الإيواء، من بينهم امرأتان تم إيواؤهما في فضاء معزول عن الذكور، بما يضمن احترام خصوصيتهما ويوفر لهما ظروف استقبال ملائمة، وفق الترتيبات المعتمدة داخل المركز. أما خلال اليوم الثاني، مساء الثلاثاء، فتم نقل 14 شخصا إضافيا من الشارع إلى المستشفى ثم مركز الإيواء، من ضمنهم أشخاص يعانون من مشاكل صحية مختلفة، حيث يخضع عدد منهم للمتابعة الطبية بالمستشفى أو مركز الإيواء، كل بحسب حالته الصحية. وفي هذا السياق خضع أحد المستفيدين لأولى الفحوصات الطبية في أفق إخضاعه لعملية جراحية بسبب معاناته من كسر على مستوى الساق، كما يتم توزيع الأدوية والعكاكيز على بعض الحالات التي تستدعي ذلك، مع توفير متابعة طبية يشرف عليها أطباء متطوعون، إلى جانب عناصر من الهلال الأحمر المغربي. وبحسب المعطيات المتوفرة إلى حدود الساعة فإن جميع نزلاء المركز من فئة البالغين، فيما ستعمل السلطات المعنية في حال رصد قاصرين خلال الأيام المقبلة على نقلهم إلى مركز القصبة للأطفال في وضعية صعبة، بعيدا عن فئة البالغين داخل مركز الإيواء المؤقت. وأوضح الواقفون وراء المبادرة أن عددا من الأشخاص بدون مأوى يعانون من مشاكل صحية تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، وتتطلب المتابعة الطبية اللازمة، أبرزها نزلات البرد وأمراض الجهاز التنفسي، إضافة إلى بعض حالات التعفنات الجلدية. محمد أيت احماد، المندوب الإقليمي للتعاون الوطني بالمحمدية، أفاد بأن "حملة حماية الأشخاص بدون مأوى تندرج في إطار تدخلات إنسانية منسقة، تقودها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تحت إشراف عامل المحمدية، وبمشاركة عدد من المتدخلين المؤسساتيين والمدنيين، بهدف توفير شروط الاستقبال والرعاية لهذه الفئة خلال موجة البرد". وأوضح أيت احماد أن "هذه المبادرة تنفذ بتنسيق بين ممثلي السلطة المحلية وجمعية النور للتضامن الصحي، والهلال الأحمر المغربي، والمندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، إلى جانب الوقاية المدنية، والقوات المساعدة، والأمن الوطني، فضلا عن الجماعة المحلية التي وفرت مقر الإيواء المؤقت للأشخاص بدون مأوى". وبحسب المندوب الإقليمي للتعاون الوطني تمر عملية التكفل بعدة مراحل متكاملة، تبدأ ب"نقل الأشخاص بدون مأوى من الشارع إلى قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي مولاي عبد الله، قصد إخضاعهم للفحص الطبي، قبل نقلهم إلى حمام شعبي للاستحمام، ثم تمكينهم من الحلاقة وارتداء ملابس جديدة". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "المستفيدين يتلقون وجبة عشاء فور وصولهم إلى المركز الإيواء، ويقضون ليلتهم في ظروف تحفظ كرامتهم؛ كما يتم توفير ثلاث وجبات غذائية على مدار اليوم، مع الحرص على تنويع الوجبات وتقديم أغذية ساخنة، بما يستجيب لحاجياتهم الصحية والغذائية". وأشار أيت احماد إلى أن "عددا من الأشخاص في وضعية تشرد يبدون في البداية رفضا للانتقال إلى مركز الإيواء، غير أن هذا الموقف يتغير بعد الاستفادة من الخدمات المقدمة، إذ يصبحون حريصين على العودة إلى المركز، خاصة في أوقات الوجبات الغذائية وحين يحين موعد النوم". وختم المندوب الإقليمي للتعاون الوطني بالمحمدية تصريحه بالتأكيد على أن "القائمين على هذه المبادرة باشروا محاولات لتوفير شاشة تلفزية كبيرة داخل مركز الإيواء المؤقت، قصد تمكين النزلاء من متابعة المباراة النهائية لكأس العرب، ومنحهم فرصة تشجيع المنتخب الوطني الرديف في أجواء جماعية تعزز الإحساس بالاندماج والاهتمام".