في سنة 1505 م سمح للمسمى جورج دوميطو أحد نبلاء البلاط الملكي البرتغالي وقائد رماة الفرسان ببناء قلعة على نفقته بالجديدة مقابل رياسته للمدينة هو وورثته، مع قبض عشر الرسوم المفروضة على السلع المصدرة من الجديدة وكل الرسوم التي يفرضها ملك البرتغال أو إتاوة أو جزية يدفعها أهل البلد، ولكن المقاومة ظلت متواصلة ضد البرتغالي الدخيل في مدينة الجديدة وغيرها من الجيوب المحتلة، في نفس السنة فكر البرتغاليون تعويض عبد الرحمان بيحيى الزيات غير أن ذلك لم يتحقق حيث ظل عبد الرحمان هو القائد إلى حين اغتياله على يد بن وشمان ويحيى أوتعفوفت اللذين استطاعا إقناع العامة بمشروعية عملهما وذلك سنة 1506 م . اقتسم الشخصان بن وشمان ويحيى أوتعفوفت السلطة إلى أن كثر المعارضون، فدخلا في المسلسل الذي دخله القائدان السابقان فأرسل علي إلى « مغدور» لطلب العون من قبطانها دييغو الذي استطاع علي إقناعه بمصاحبته إلى آسفي لكي لا تخرج المدينة من يد البرتغال ، ولما وصلاها، وجدا الحرب الأهلية مشتعلة، فتطلب الأمر الالتحاق بالبرتغال لطلب العون العسكري من الملك . وبما أن يحيى كان آنذاك هو الحاكم ، وبما أنه عارض تحصن البرتغاليينبالمدينة، فان دييغو كلم سريا علي بن وشمان وأخبره أنه يريد تسليمه سلطة المدينة، وأوحى له بالهجوم بصحبة أنصاره ليلا على دار يحيى أوتعفوفت وقتله، وأضاف أنه سيساعده إذا اقتضى الحال، والمغزى من وراء هذا كله هو خلق الشكوك بين الصديقين وجعل كل واحد يظن أن الآخر يريد قتله، وهي نفس السياسة التي تم نهجها من طرف البرتغاليين في آزمور غير أن هذه الأخيرة كانت تعرف انقساما أقل خطورة مما كانت عليه جارتها، وذكر الرحالة الألماني فرنانديش أن المدينة كانت في قطيعة مع البرتغال سنة 1507 م وفي هذه السنة تعقدت الأمور بوصول أمير وطاسي إلى آزمور … يذكر حسن الوزان وصول محمد الشيخ الوطاسي إلى دكالة بغرض تخليصها من الغزو الأجنبي ويذكر كذلك تقوى هذا الحاكم وتدينه حيث قال « فكان كلما صادف في طريقه مسجدا أوقف الجميع وصلى ودعا بخشوع: «اللهم إنك تعلم أني ما جئت إلى هذا البلد المهجور إلا لمساعدة سكان دكالة وتحريرهم من الأعراب الزنادقة المتمردين، ومن أعدائنا الألداء المسيحيين». … « وبعد هذا الصيد استراح الملك قليلا ثم ارتحل مع جيشه قاصدا المدينة «الغربية» بدكالة». وفي 26 يوليوز 1508 م الموافق ل 914 هجرية توجه أسطول من لشبونة إلى آزمور حيث وصل يوم عاشر غشت وقد قذف المغاربة الأسطول بالحراقات وخلايا النحل وكانوا نحو ثمانية آلاف علاوة على خمسة عشر إلى ستة عشر ألف مقاتل في البادية وقد فسحوا المجال للبرتغاليين حتى نزلوا إلى البر واتجهوا مصطفين نحو المدينة فالتحم الفريقان واضطر الأسطول إلى الالتحاق ببوغاز جبل طارق وكان في صف المدافعين عن المدينة زيان الوطاسي ابن عم السلطان ، ولم يستطع البرتغاليون مهاجمة آزمور بحرا نظرا للحواجز الصخرية في الميناء … يسمح لنا سجل الضرائب بتحديد الأماكن التي خضعت خلال سنة 1511 م للبرتغاليين حيث أمضوا معاهدة مع سكان قرى بني ماكر الأربع في ماي 1511 م وأمضت عبدة معاهدة التزمت فيها بأداء الضرائب يوم 18 أكتوبر 1511 م وخضعت تازروت مرة ثانية يوم 30 نوفمبر 1511 م ، وتسمح جملة من مؤلف كويش بالاعتقاد بأن شمال الشياظمة كان يدين بدوره بالطاعة خلال هذه السنة الشيء الذي يؤكده السجل المذكور ، وفي 31 يناير 1512 م خضعت قبائل أولاد عمران والغربية وشجعة وتميم « الحوز « وبعض قرى الكنتور ك « تكرانت « و « كراندو « … وأولاد دويب قرب تيط وفرع من أولاد سبيطة، وخضعت المدينة الغربية ومشنزاية يوم 2 مارس 1512 م ، والملاحظ أن خضوع المدينة الغربية جاء بعد سلسلة من الغارات انتهى جلها بفشل برتغالي، وتكبد القبطان خلال إحداها هزيمة حقيقية وبتاريخ 3 شتنبر 1513 م / 919 هجرية أغار البرتغاليون على آزمور برا حيث واجههم خمسة آلاف فارس مغربي، وكان سكان المدينة يقذفون على البرتغاليين من أعلى السور خلايا النحل والسهام علاوة على الطلقات النارية وفي البحر يشعل الأسطول البرتغالي النار في الحراقات المغربية وكان عدد المراكب الشراعية البرتغالية ستين، وقد اعتبر البرتغاليون آزمور كنقطة انطلاق لاحتلال الشاوية ومملكتي مراكشوفاس وكان أسطول الغزو يضم خمسمائة مركب و 18 ألف جندي حيث أبحر أولا في الجديدة وكان في آزمور 80 مدفعا وكمية كبرى من البنادق وكانت الأسوار محصنة بثمانين برجا وقصبة وعندما سمع سكان مدينة وتيط احتلال آزمور جلوا عن المدينتين ليبسط البرتغاليون نفوذهم على مجموع ساحل دكالة بعد أن كانوا قد احتلوا عسكريا مدينة آسفي سنة 1508 وقد سلم حكم المنطقة لمتعامل مغربي هو يحيى بن تاعفوفت وإن كان شمال دكالة قد بقي لفترة قصيرة خارج نفوذه وقد بشر دوك براكانس البابا بالنصر ولم يستطع البرتغاليون المساس بأهل الشاوية نظرا لبعدهم ولعلاقتهم بسلطان فاس وبمولاي الناصر الذي كانت له زوجتان من بنات « عيشو « شيخ الشاوية الذي كان يسكن بين آزمور وأنفا وكان هذا الوضع يعرقل المفاوضات مع أهل الشاوية، وقد رمم البرتغاليون قصبة آزمور كما حاول مولاي الناصر أخ ملك فاس محاصرة آزمور عام 1514 م ولكنه انهزم وفقد أربعة آلاف من رجاله . لقد انصب المجهود العسكري ليحيى بن تاعفوفت لصالح الاحتلال البرتغالي ، فوقف ضد مقاومة السعديين الذين نظموا عدة حملات عسكرية على المواقف البرتغالية انطلاقا من بلاد سوس، وقاموا بحملات واسعة بين قبائل دكالة لتوعيتها وتأليفها ضد البرتغال وحثها على القيام بحركة الجهاد ضدهم ، كما عملوا على زرع الشقاق بين العميل يحيى بن تاعفوفت والسلطات البرتغالية وقد نجحوا في ذلك عندما أبعد بن تاعفوفت عن السلطة ، وبغيابه نجحت المقاومة وبدأ تقهقر الوجود البرتغالي . ومن أهم القبائل التي قاومته تحت راية السعديين « أولاد عمران « . ولم ينجح يحيى بن تاعفوفت عندما رجع إلى السلطة في تهدئة هذه القبيلة التي دبرت قتله، وبذلك تخلص السعديون من أخطر عدو لهم، فبدأت نهاية الاحتلال البرتغالي الذي انحصر في المراكز الساحلية وهي آزمور ومازكان وآسفي .