جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    خامنئي: إيران "لن تستسلم أبدا" للضغوط    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني.. تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    رحيمي وحركاس وعبيد ضمن أغلى عشرة لاعبين في صفوف الفرق العربية المشاركة في كأس العالم للأندية    توقيف سيدة وبحوزتها 3072 قرص طبي مخدر من أنواع مختلفة وجرعات من مخدر الكوكايين    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    وهبي: آن الأوان للإقرار التشريعي بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية    اعمارة: أنماط التشغيل الجديدة تواجه تحديات غياب التأطير القانوني والحرمان من الحماية الاجتماعية    الإمارات تجدد دعمها الكامل لمغربية الصحراء خلال جلسة أممية: خطة الحكم الذاتي أساس الحل النهائي    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الريسوني: من الواجب على المسلمين مساندة إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي    الجيش الإسرائيلي يعلن بدء موجة هجمات جديدة في منطقة طهران    المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد الافتتاحية بكأس العالم للأندية    الصفقات الجديدة تدعم صفوف مانشستر سيتي قبل مواجهة الوداد في مونديال الأندية    بعد أزمة القطيع.. مطالب لمجلس الحسابات بافتحاص أموال وبرامج جمعية مربي الأغنام والماعز    جهة "سوس-ماسة" تسهم ب9.5% من التجارة الخارجية للمغرب وتستهدف تعزيز موقعها التصديري    لقجع: 85% من أنشطة المغاربة تشتغل خارج القانون    حجز 8 أطنان من المخدرات بشاطئ أكلو    المغرب ‬يواصل ‬تموقعه ‬بقوة ‬على ‬الخريطة ‬العالمية ‬لصناعة ‬الطيران    الحكومة تدافع عن الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي وتؤكد أنها مؤسسة عمومية مستقلة    احتجاجات مرتقبة أمام وزارة التعليم بسبب الإقصاء من الأثر الرجعي للترقية خارج السلم    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    "أزطا أمازيغ" تنتقد سياسات الدولة وتدعو لاحترام التنوع والعدالة الثقافية    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    العثور على شاب مشنوق داخل شقة بالحسيمة في ظروف غامضة    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    الشرعي يدرب "لويسترلو" البلجيكي    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاضرة المحيط تتحدث عن نفسها الحلقة 8
نشر في بيان اليوم يوم 19 - 07 - 2013

مدينة آسفي.... تاريخ وحضارة... وهوية متعددة الأعراق
اختلف المؤرخون في تاريخها، كما تم الاختلاف في أصل تسميتها، وبين كل خلاف أو اختلاف، كان لابد من إعادة رسم المشاهد والصور والوقائع التاريخية .. مدينة تحمل أكثر من اسم، وتنتسب لأكثر جهة .. لكنها تظل شاهدة على كل ذلك الاختلاف بالكثير من الإصرار على مواجهة المستقبل .. فمن هنا مر الفنيقيون والكنعانيون والبربر والبرغواطيون واليهود والفاتحون المسلمون والبرتغاليون والإنجليز والإسبانيون والمورسكيون والفرنسيون، جميعهم مروا من مدينة وديعة تنام على ضفاف الأطلسي، بينما بقيت آسفي شاهدة على زخم تاريخي يمتد إلى بدايات البدايات، دليلنا في ذلك أن التأريخ لهذه المدينة ينطلق من مرحلة ليس لها امتداد كما باقي الحواضر والمدن، فكان لزاما علينا أن نعود لما وراء الكتابات التاريخية، إلى حيث تم الاتفاق رغم روح الخلاف، إلى آسفي الأصل. والأصل منارة ووادي ومنحدر وبحر. وحين يجتمع البحر بالوادي والمنارة، تكون ولادة آسفي التي سماها ابن خلدون«حاضرة المحيط» . من أجلها سنكتب تأريخا بسيطا يعتمد أمهات الكتب رغم قلتها، وبحوث المؤرخين الجدد رغم اختلافها،
والرواية الشفهية رغم تضاربها. لكننا حتما لن نذهب أبعد من كل ذلك، لتبقى آسفي تحمل لغز البداية، من بداية الحكاية، والحكاية رواية بين بدايتها.والنهاية ألف سؤال.
آسفي .. تواطؤ وولاء للبرتغال!
بناء على ما سبق يورد مؤرخون آخرون بأن الاحتلال البرتغالي تم تسريعه بعد أن تحولت المدينة إلى محطة تجارية أقرب إلى الدولية منها لأي شيء آخر، فامتلأت آسفي بالنصارى القادمين مع مجموعة من قوافل التجارة التي أصبحت آسفي محطة ضرورية للتوقف بها أثناء كل رحلة بين سواحل إفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية، ومعهم جاءها جواسيس ومخططون لاستعمار بطيء مؤَكَّد وبمنهجية تعتمد الكثير من الطرق، من خلال استمالة أعيان المدينة والقبائل، وتوزيع الأموال عليها واستمالتها لقبولهم وقبول تواجدهم، وهو ما قوى شوكتهم ومكانتهم، لدرجة أصبحوا يتدخلون في تولية من يحكم المدينة وباديتها من هذه الأسرة أو تلك، وهو أمر عجل بالعديد من القلاقل والاضطرابات والفتن، ومعه كان «أحمد بن علي» الذي تؤكد المصادر بأنه ظل حاكما للمدينة لمدة تفوق 10 سنوات،بولاء تام للبرتغال التي كانت تُجاهد لتكون القوة المحتلة الأولى بعد أن تبين لها أن حاكم آسفي»أحمد بن علي» بدأ يميل ناحية الإسبان بدافع من أخيه «يحيى الزيات» فدبروا انقلابا على «أحمد بن علي» ونصبوا ابن أخيه عبد الرحمان بن علي الزيات سنة 1498 ميلادية.أما الأستاذ المصفى البوعناني وفي موضوع يحمل عنوان «يحى أو تعفوفت بين الطموح السياسي وأطماع البرتغال في إقليم آسفي» تضمنه مؤلف يحمل اسم «تاريخ إقليم آسفي من الحقبة القديمة إلى الفترة المعاصرة، « صادر ضمن سلسلة بحوث ودراسات دفاتر دكالة/عبدة، منشورات دكالة عبدة للثقافة والتنمية، تأتينا روايات أخرى عن الدور الخطير الذي لعبته شخصية كانت في البداية ضمن فرقا خاصة من المحاربين المشاة المشهود لهم بالكفاءة الحربية العالية رفقة «علي بن وشمان» ويحيى بن الزيات وآخرون، وفي نفس الوقت يشكلون ما يسمى وُجهاء المدينة وأكابرهم، شخصية بربرية ستبصم تاريخ المنطقة، بعد محطات سابقة أظهر فيها الرجل ولاء للبرتغال بعد ضعف الوطاسيين، لدرجة أنه عُيِّنَ حاكما على مدينة تسمى «سرنو» يتصرف في مداخيلها ومن الضرائب المفروضة على ساكنة المنطقة، في الوقت الذي كان ابن أخيه «سعيد تاعفوفت» مستمرا في خدمة البرتغاليين بآسفي.
ولعلنا لن نقفز على مرحلة عاشت فيها آسفي صراعات وحروبا بين زعاماتها السياسية، حيث كانت المواجهة بين أحمد بن علي والقائد عبد الرحمان، ومواجهة الأخير للقائد علي بن واشمان وصديقه يحيى أوتعفوفت، تم المواجهة التي جرت بين هذا الأخير وصديقه القديم يحيى أوتعفوفت، صراعات حول مناطق النفوذ والولاء وجمع الخراج والضرائب وإخضاعها للغزاة الجدد، ولن يكون هؤلاء سوى البرتغاليون الذين استغلوا تلك الصراعات لمناصرة الأقوى، والأقوى في دائرة الصراع حسب العديد من المؤرخين لم يكن سوى «يحيى أوتعفوفت» الذي كان رجلهم وموضع ثقتهم، فأغدقوا عليه المكارم والهدايا، وأقنعوه في فترة من الفترات بالسماح لهم ببناء بناية حصينة على شاطئ البحر، من أجل تأمين وتخزين بضائعهم وسلعهم التي كانت تتنوع بين الحبوب التي يحملونها على سفنهم باتجاه بلادهم البرتغال.
وبالعودة للصراعات والحروب بين قواد المنطقة وحكامها، نجد ضمن الكتب التاريخية مراسلة بعث بها سكان المدينة إلى الملك البرتغالي «إيمانويل الأول» ضمنوها ما عاشته المدينة بعد قتل القائد عبد الرحمان من طرف القائد علي بن وشمان بمساعدة صديقه يحيى أوتعفوفت، رسالة تضمنت الاتفاق بين سكان آسفي والقبطان «ديوغو دي أزامبوجا Diogo de Azambuja»، على تعيين يحيى قائدا على آسفي، يكون وسيطا بين المسلمين والنصارى، ومعه يقوم بإصلاح أحوال البلاد والعباد، ولعل أجمل تعبير عن ذلك ما ورد في كتاب «وصف إفريقيا» للمؤرخ حسن الوزان،» ذلك أن أهل آسفي اتفق رأيهم على تعيين يحيى بن تعفوفت ، الذي لا يوجد أحسن وأفوى وأصدق منه، سالم من جميع العيوب... وفرحت الناس ودخلت العُربان، وكان البيع والشراء والأخذ والعطا».
وبالعودة للشخصية التي قلنا عنها بأنها لعبت دورا خطيرا في احتلال آسفي من البرتغاليين، نعود لفترة تعيينه قائدا على آسفي وباديتها، حيث كانت الزيارة التي قام بها لعاصمة الإمبراطورية البرتغالية، مناسبة لتعيينه الرسمي من طرف الملك البرتغالي، وهو عمل له رمزيته بكون آسفي دخلت بصفة رسمية تحت النفوذ البرتغالي، وبالتاي كان التعيين هناك بعاصمة البرتغال، سنة 1511، والعودة لمباشرة الحكم قائدا لآسفي، لكن خلافات كبيرة ستنشب بينه وبين القبطان البرتغالي بآسفي «نونو فرنانديش دي أتايد Nuno Fernandes de Ataid» يقال بأن التجار اليهود هم من أشعلها ومن كان يُذكيها، وهو ما عجل بدعوته للعودة إلى البرتغال، وهناك قضى ما يقرب السنتين، إلى أن مات القبطان البرتغالي « دي أتايد de Ataid «، فقرر الملك البرتغالي إعادته للمغرب وتعيينه قائدا على كل دكالة مع مجموعة من الإمتيازات، دعما له للتحكم في منطقة تدخل ضمن نفوذ الإمبراطورية البرتغالية، امتيازات عددها المؤرخون، أهمها أن الملك قدم له مع التعيين اللواء الملكي والطبل، وحرس خاص يتكون من رماة مغاربة يجهزهم ملك البرتغال، وبالمقابل يتكلف القائد يحيى بمجموعة من الواجبات اتجاه إمبراطورية البرتغال، أولها تنفيذ الأوامر التي تأتيه من الملك، وجمع الواجبات والمستحقات الخاصة بالملك البرتغالي، فيما أهم هذه الواجبات، تعبئة كل سكان دكالة بما فيها آسفي للدفاع عن المنطقة ضد ملك فاس المسلم، وخدمة الملك متى تقرر ذلك من خلال حكام البرتغال على مدن آزمور وآسفي، وعدم تعيين قوادا على المناطق، وفي أقصى الحالات اقتراحهم على الملك البرتغال ليقرر ما يشاء.
ومع مرور الزمن، تقوت شوكة البرتغاليين من خلال هذه الشخصية التي وصلت درجة السلطان بأرض دكالة، دليلنا في ذلك رسالة تعيين أبي عبد الله محمد بن الحاج مقدما على قبيلة الحارث، حيث يقول في مطلعها: «...وبإذن من له الأمر والأحكام السلطانية بمدينة آسفي، الشيخ الأجل الأفضل الأكمل الأعز الأرفع الأجمل المؤيد المنصور أبو زكرياء يحيى بن محمد أدام الله عزه ومتع المسلمين بحياته وأفسح لنا في دولته وأيده بالظفر والنصر وأعلا مناره وألهمه إلى طريق رشده»، بل هناك الكثير من الوثائق التاريخية التي تتحدث عنه كسلطان وملك للمغاربة والمسيحيين، سلطان سيضع تشريعات قانونية ويُحدد الجنايات التي تحدد الجزاء والعقاب، كالقتل والجرح والسرقة والشتم والسب والضرب وانتهاك الحرمات، والنميمة والديون والزنى والخلاف بين الزوجين، وضرب المرأة واغتصاب مال الآخرين، بل إنه وبعد أن أصبح الآمر والناهي، أصبح العامة يتعاملون معه كسلطان بطقوس السلاطين، كتقبيل اليد، والركوع له تأكيدا على الإحترام والمبايعة، والهتاف له بالنصر والتمكين خلال جولاته بالمنطقة، ومناصرته خلال الحروب التي قادها ضد عدد من الأمراء، كما هو الحال مع الأمير الهنتاتي بمنطقة آكوز، فانطلق في تثبيت دعائم الحكم البرتغالي لآسفي وكل منطقة دكالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.