قال الإمام علي (ض): وإِذا رأيْتَ الرزقَ ضاقَ ببلدةٍ (***) وخشيتَ فيها أن يضيقَ لا مكسبُ فارحلْ فأرضُ للّهِ واسعةُ الفضا (***) طولاً وعَرْضاً شَرْقُها و المغربُ … ضرورات الهجرة تاكتيكية أو استراتيجية عبر تاريخ البشرية تقف وراءها دوافع واعتبارات مختلفة ليقوم بها أفراد أو جماعات صغيرة و كبيرة ..ومنها هجرة الأنبياء والرسل ومنهم الرسول محمد (ص) من مكة إلى المدينة والتي كانت في 22 من شهر ربيع الأول،الذي وافق 24 سبتمبر عام 622م، ولقد ارتأى عمر بن الخطاب بعد ملاحظة من أبي موسى الأشعري الذي علق على مراسلة مؤرخة بشهر شعبان متسائلا: كيف سنميز بين شعبان السنة الحالية وغيرها، فقام الخليفة باستشارات مختلفة أفرزت اقتراحات تأرجحت بين ميلاد الرسول وهجرته ووفاته، ليستقر الرأي فى ربيع الأول من عام 16 للهجرة،على أن يكون يوم 01 محرم من عام 17 للهجرة هو أول سنة هجرية .. واضطر العديد من الأنبياء والمُرسلين للهجرة لحماية دعوتهم من القمع والبطش والتضييق الاقتصادي للبحث عن أماكن مأهولة او فارغة يتمكنون فيها من ترتيب وتنظيم وتقوية صفوفهم وتبليغ الرسالة لمن وجهوا من معاصريهم وليعلم بها غيرهم سواء كانوا معنيين باتباعها ام لا … وفي إطار الإعداد للهجرة الكبرى المؤسسة للأمة الإسلامية مع النبي الرسول الى المدينة أمر النبي (ص) البعض من أتباعه الأوائل بالهجرة إلى الحبشة بسب الظلم والاعتداءات الكبيرة من غير أتباعه من قريش قائلا: «إن فيها رجلا لا يُظلم الناس عنده».. وعرف العالم الإسلامي هجرات بعد ذلك بسبب الحروب والمعارك والفتن المذهبية والسياسية وبسبب الصراع على الحكم لتأسيس وبناء دول وإسقاط أخرى فيما أصبح يعرف بالعالم الإسلامي منذ إرهاصات قيام دولة بني أمية إلى القرن الحالي … كما ساهم التقسيم الذي كان وراءه الاستعمار الغربي للمناطق الإسلامية وغيرها في صنع خرائط بلقنت ليس فقط الشعوب والدول ، بل وضعوا منهجية استبدادية تحكمية «مستدامة» تتجدد واجهاتها وغاياتها وطرقها حيث امتدت أياديهم إلى الثروات المختلفة استغلالا ونهبا وتفقيرا، وسعيهم الحثيث لضبط سير و إيقاع الاقتصاد على المقاس الذي يبقي الدولة و الإنسان تابعا وخاضعا لسلطاتهم وسياساتهم الاستراتيجية ونفوذهم الدولي الديكتاتوري المغلف بالخطاب الديمقراطي والترويج المسرحي التعسفي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على نقيض ما يطبقونهم في بلدانهم ..وعملت قوى التحكم العالمي تعتمد منهجيات جديدة انطلاقا من امتلاكها وتطورها الكبير في مجال التقنيات والعلوم المختلفة حيث يصعب على الدول الضعيفة متخلفة أو سائرة في طريق النمو ان تساير سرعتهم أو تحقق نموها الطبيعي بمعزل واستقلال عنها .. فحل احتكار الأسواق العالمية والتحالفات الاقتصادية والصناعية والتقنية واللوبيات الامبريالية والمؤسسات المالية محل جحافل الجيوش …كما وظف الابتزاز والكيد وصناعة تفكيك الدول وإضعافها وخلق بؤر للتوتر محل المواجهات المباشرة … ونذكر بعض أسباب الهجرة وأهدافها من: .. بحث عن الأمن والاستقرار، والرزق، والعلم، والحرية والديمقراطية …إلخ ..وتعني أيضا أن يهجر الإنسان الأفكار الظلامية والعدمية والمتخلفة والتحريفية، ويهجر الظلم والمظالم والتهميش والإقصاء، والسياسات التضليلية والاستبدادية ..الخ وعند ذكرنا لهجرة المغاربة فسنجدها تتجه من وإلى مختلف مناطق الوطن منطلقة من بوادي وقرى وصحارى المغرب العميق والبلدان والمناطق الخلفية كما تسمى في بعض التوصيفات المستعملة فيما أصبح يطلق عليه السياسات السكانية والعمرانية الحضرية والقروية . وهذه الهجرات مازالت مستمرة وتتقوى سنة بعد أخرى بما لها من نتائج سلبية على العالم القروي ، وما لها من إيجابيات بالحواضر في العديد من القطاعات، كما تنتج عنها سلبيات وقعت وتقع بسبب عدم اعتماد برامج تنموية تؤهل المدن في مجال بنيات الإدماج والاستقبال على مستويات منها السكن والتعليم والعلاج والخدمات والفضاءات الاجتماعية وخلق فرص شغل وتثمين وتنمية الأوراش الاقتصادية وخاصة في مجالات تجارة القرب وتيسير التموين في جميع الأحياء، وإنعاش التجار الصغار والمتوسطين والعديد من الحرف والمهارات والخدمات المختلفة .. ونجد كذلك هجرات وتهجير للخارج: * التي اتجهت إلى دول أوروبية مختلفة لتوفير واستغلال اليد العاملة المغربية القوية لتدوير الإنتاج وتفعيل التنمية والنهضة الاقتصادية بها … *ومنها التي قصدت دولا بالقارات الخمس للبحث عن رزق جديد ينقذ المهاجرين من الفقر ومختلف أشكال الخصاص والتخلف.. * و من أجل العلم والمعرفة والبحث العلمي والعمل الأكاديمي .. *وأخرى برؤوس أموال وخبرات وتجارب مغربية للاستثمار في بلدان العالم .. *ومنها « التهجير» القسري التعسفي اللا إنساني الذي أقدمت عليه الجزائر سنة 1975 بترحيل عشرات الآلاف من المغاربة الذين أسسوا أسرهم بزواج مغاربة من جزائريات ومغربيات من جزائريين، وساهموا بجدية في استقلالها و بناء اقتصادها، إلا أن سياسات الحكام بالجزائر كما استهدفت المساس بالوحدة الترابية للمغرب، اعتدت على الشعبين المغربي والجزائري الذين امتزجت دماؤهم سواء في إطار دعم الثورة الجزائرية ، أو علاقات المصاهرة والقرابات العائلية بين سكان الجهة الغربية للجزائر والجهة الشرقية للمغرب منذ عصور …؟؟ * والهجرات التي نظمت من طرف القوى الاستعمارية والإمبريالية للشباب المغربي بتجنيدهم وإلحاقهم بجيوشهم لمواجهة خصومهم وأعدائهم في أوروبا وآسيا وتأثيراتها السلبية على من بقي حيا منهم وعلى أوضاع وظروف عيش أسرهم .. ، *ومنها التي استهدفت المغاربة اليهود ليرحلوا إلى مختلف دول العالم وخاصة نحو أرض فلسطينالمحتلة والذين يتجاوز عددهم بها 500 ألف نسمة، حيث يشكلون ما يقارب 8 في المئة من مجموع سكان إسرائيل. إن الإحصائيات المعلن عنها رسميا تقول بأن عدد المغاربة المستقرين خارج الوطن ارتفع من 1.7 مليون سنة 1998 ، ليبلغ عددهم ما يقارب 05 ملاين سنة 2013 ،وهذا رقم مهم قياسا بعدد ساكنة المغرب ، ولاشك أن العدد ارتفع ما بين ذلك التاريخ ويونيو من سنة 2018.