كانت الساعة تشير الى العاشرة و النصف مساء، ترددت كثيرا قبل الحسم في قرار التوجه صوب منطقة اولاد عياد التي تبعد عن بني ملال ب 40 كلمتر و عن سوق السبت اولاد النمة ب 13 كلم قصد لقاء ضحية حادث الاحتجاز والاغتصاب الجماعي ثم الوشم المرضي.تنازعني ضغط كبير وأسئلة كثيرة طيلة الطريق رغم سابق تعاملي مع ملفات مؤلمة،إلا أن التجربة الحالية لها خصوصيتها. زقاق ضيق، منزل متواضع بابه حديدي صدئ يشي بتواضع المستوى المعيشي لقاطنيه ،لملمت شتات أسئلتي وطرقت الباب بإلحاح إلى غاية فتحه من طرف سيدة ثلاثينية بدت مستعدة نفسيا لهذا النوع من الزيارات التضامنية والاستقصائية. بعد تحية مقتضبة وتقديم نفسي وصفتي الإعلامية، التمست لقاء الشابة ضحية الحادث البشع، فكان الجواب بالإيجاب والترحيب لأجد نفسي وسط بيت وأجواء مثقلين بمشاعر ضاغطة. في زاوية بهو بيت من غرفتين، تجلس سيدة مسنة وإلى جانبها شابة. كانت الأخيرة هي الضحية خديجة. طلبت منها لقاء صحفيا في شأن مأساتها،لتعتذر بداية بسبب الإرهاق قبل أن توافق شريطة عدم تصويرها. "كنت في منزل جدتي ساعة احتجازي. استدرجني شاب يقطن بجوارنا إلى منطقة خارج أولاد عياد حيث احتجزني رفقة ثمانية من أصدقائه طيلة شهرين. باستثناء المسمى رضوان الذي كان يقدم لي الأكل ويرأف في، فقد مارس علي المحتجزون الذين كانوا يتعاطون مختلف أنواع الكحول والمخدرات، جميع أشكال الاغتصاب والتنكيل والتعذيب مع إجباري على تعاطي المخدرات والكحول والتفنن في وشم جسدي بأصباغ كانت تسبب لي الحكة لساعات طويلة. كانوا يتلقون اتصالات أسرتي ويخبرونها بأنني متواجدة بمدينة الدارالبيضاء حينا وفي إحدى مدن الشمال أحيانا أخرى. فشلت كل محاولات هروبي وقوبلت بمزيد من التعذيب والتنكيل، إلى درجة إطفاء أعقاب السجائر في جسدي. تصعد خديجة تنهيدة حارقة، وتستعيد بألم فقد عذريتها، والحالة المرضية لوالدها، وانقطاعها عن الدراسة. تطالب بالانصاف، تستنكر الظلم والحكرة، وتطلب من المغاربة دعمها. بجسد متخن بجراح الاغتصاب، التعذيب، الجوع والعطش، ثم الوشم السادي، تحاول خديجة استجماع شتات إرادتها وتطلق نداء عبر جريدتنا إلى ملك البلاد، وكل مكونات الشعب المغربي قصد دعمها وانصافها. خديجة في حاجة إلى علاج نفسي، جسدي، وتدخل تجميلي لإصلاح التشوهات التي لحقت جسدها جراء حفلات التعذيب الجماعية. حسب نور الدين السعدي، ناشط حقوقي وجمعوي، "ما تعرضت له خديجة شيء مؤسف و نحن كمجتمع مدني نستنكر هدا الفعل الاجرامي ،خديجة هي ضحية مجتمع هي ضحية مدينة مهمشة ،مدينة بساكنة تتجاوز 30 الف نسمة بدون دار الشباب ،بدون اماكن للترفيه بدون مكتبة. وبمركز للدرك الملكي لا يتجاوز تعداد افراده 20 دركيا. ،فمرتكبو هذا الجرم هم منتوج هذه المعطيات،ونحن نطالب ان تاخد العدالة مجراها وبانزال اقصى العقوبات في حق المعتدين.عائلة الضحية فقيرة جدا، الاب مياوم وعاجز عن العمل بسبب المرض. وحتى ظروف إقامة الأسرة مأساوية. هذه صورة لواقع العديد من العائلات بالمدينة وشبابها". صالح وراد ناشط حقوقي طالب بأن تأخد العدالة مجراها مع توفير الحماية لعائلة الضحية ،التي تتعرض للكثير من التهديدات. " بعد شهرين فشلت خلالهما جميع محاولات هروبي، حملوني ذات صباح وتركوني امام باب منزلي .تقدمت رفقة والدتي بشكاية لدى الدرك الملكي باولاد عياد حيث تم القبض على أغلب المعتدين باستثناء عنصرين أحدهما كان يتفنن في تعذيبي وتشويه جسدي بالوشوم. جدتي تتلقى تهديدات عبر اتصالات هاتفية لا نعرف مصدرها ونحن الآن تحت الترهيب.اريد ان اتابع دراستي و أنا في حاجة للدعم قصد العلاج لأن ظروفنا الاجتماعية صعبة ولا نملك حتى مسكنا يأوينا" اختتمت خديجة التي احتجزت طيلة شهرين بين أشجار الزيتون على مسافة قريبة من مركز اولاد عياد في غياب تام أي دورية أمنية. نظمت فعاليات حقوقية وجمعوية وقفة تضامنية باولاد بوعياد تضامنا مع خديجة ضحية جرائم الاحتجاز، الاغتصاب الجماعي، التعذيب والوشم السادي طيلة شهرين من طرف مجموعة من شباب المنطقة. المحتجون الذين توجوا نشاطهم التضامني بمسيرة نحو بيت خديجة رفعوا شعارات تدعو إلى إنصاف الضحية ومحاسبة الجناة مع ضرورة توفير الأمن للمنطقة ورفع التهميش عنها.