حلَّ المخرج الفلسطيني ميشال خليفي ضيفا على مهرجان «السينما المغربية والإيبروأمريكية» الذي تم تكريمه على هامش الدورة 14 للمهرجان ، حيث سيتم إصدارضمن سلسلة «سيناريوهات» التي يشرف عليها نادي مرتيل للسينما والثقافة ، سيناريو فيلم «نشيد الحجر» للمخرج ميشال خليفي . باعتباره عملا سينمائيا وتجربة ثقافية تسعى من وراء اصدارها تعزيز المكتبة السينمائية المغربية والعربية . وللمخرج الفلسطيني ميشال خليفي علاقة خاصة بالمغرب، هذه العلاقة التي تجسدت في أعماله السينمائية، نذكر منها: «الذاكرة الخصبة» ، «عرس الجليل» وغيرها من الأعمال المتميزة التي لقت إقبالا سينمائيا وثقافيا ضمن برامج الأندية السينمائية المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للأندية السينمائية.. يعتبر المخرج ميشال خليفي والمولود في الناصرة سنة 1950، والمقيم في بلجيكا منذ سنة 1970، حيث درس الإخراج المسرحي والتلفزيوني في ال INSAS (المعهد الوطني العالي لفنون العرض) ، قبل أن يتخرّج عام 1977. ويبدأ رحلة إبداع في الإخراج السينمائي عاكسا هموم القضية. ويعد ميشال خليفي رائد السينما الفلسطينية الحديثة ، حيث كان أول مخرج فلسطيني يصور في فلسطين فيلمه التسجيلي الطويل «الذاكرة الخصبة» الذي فاز بجائزة أحسن فيلم طويل أول لمخرجه في مهرجان قرطاج 1980، والذي عرض في «أسبوع النقاد» في مهرجان كان لسنة 1981. وفي سنة 1986 ، أخرج خليفي فيلمه الروائي الطويل الأول والذي كان في نفس الوقت أول فيلم روائي طويل لمخرج فلسطيني مصور في فلسطين «عرس الجليل» الذي عرض في "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان 1987، وفاز بالجائزة الذهبية في مهرجان سان سباستيان 1987، وبالجائزة الذهبية في مهرجان قرطاج 1988، وجائزة النقاد العرب، وجائزة هاني جوهرية من منظمة التحرير الفلسطينية في نفس المهرجان. وقد عرض فيلمه الروائي الطويل الثاني «نشيد الحجر» في "نظرة خاصة" في مهرجان كان السينمائي 1990، وفيلمه الروائي الطويل الرابع «حكاية الجواهر الثلاث» في "نصف شهر المخرجين" في مهرجان كان 1995، إضافة إلى فيلمه التسجيلي الطويل «الطريق 181» ، في إشارة إلى رقم قرار تقسيم فلسطين سنة 1947، وهو فيلم بلجيكي ، أخرجه مع المخرج الإسرائيلي إيال سيفان في 270 دقيقة، والذي عرض في مهرجان ياماجاتا للأفلام التسجيلية في اليابان سنة 2005. وإضافة إلى فيلم «الذاكرة الخصبة» كإنتاج ألماني - فلسطيني، الذي تكمن قوّته في بساطة عرضه، وذلك من خلال رصد لعائلة فلسطينية وحياتها الريفية الهادئة ورفض الأم بيع أرضها رغم الضغوط، أنجز خليفي بضعة أفلام أخرى تحمل الهم الفلسطيني من بينها «أنشودة الحجر» و«أنت، أنا، القدس» (1995) ..، ثم الفيلم الروائي الذي اختار له عنوان «زنديق» (2010) ومحوره عودة مخرج إلى بلدته الفلسطينية حيث تواجهه صراعات الوضع على أكثر من وجه،الذي نال جائزة أفضل فيلم روائي في «مسابقة المهر العربي» في مهرجان دبي. ومن أفلامه ،كذلك، «الزواج المختلط في الاراضي المقدسة» و «معلول تحتفل بدمارها» و «حكايا الجوهرات الثلاث».. في هذا الحوار مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، يتحدث ميشال خليفي عن السينما والانسان الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، .. وهذا نص الحوار: o في ظل مايعرفه الواقع السياسي للقضية الفلسطينية من اشكالات سياسية، هل تخشى على الوسط السينمائي الفلسطيني ؟ n لا أخاف من هذا، لأن ما يجمعنا كمخرجين هو الهوية الثقافية، وتجربتنا أصبحت جزءا أساسيا في نظرتنا للمستقبل... فهناك جدلية تفيد بأن النضال السياسي يساعد النضال الثقافي، والنضال الثقافي يدعم النضال السياسي، والهوية السياسية لا تتجسد الا بالهوية الثقافية، ونحن بحاجة إلى الثقافة ..وأنا على قناعة تامة أن المخرج الآخر هو زميل لي واحترمه في بنيته الفنية والثقافية والنفسية والفكرية، وهو إغناءٌ لي وليس إفقارٌ، ونفس الشيء بالنسبة للسياسية أنا أرتاح للتعددية في المواقف السياسية ،وهو إغناء للمجتمع الفلسطيني إن أُحسن توظيفه. o معظم أفلام ميشال خليفة ذات علاقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي ؟ n قوة إسرائيل تأتي من ضعف المجتمع الفلسطيني، وضعف المجتمع الفلسطيني ليس بسبب قوة إسرائيل، وإنما في التركيبة الاجتماعية للفلسطيني ، ونحن إذا جددنا وقوينا حالنا وقوينا مجتمعنا ثقافيا وحضاريا للمستقبل، لا نفكر ان أسرائيل أبدية أو قوة مطلقة، فالقوة المطلقة هي ارادة المجتمع في التحرر.. o كمخرجين فلسطينيين هل تخاطبون الفلسطينيين أو العرب أو الانسانية جمعاء من خلال أفلامكم؟ o هناك نتاج يجب أن يتوجه إلى المجتمع الفلسطيني رأسا، ومضامين يجب تكون جزءا منه، وهناك أعمال يجب أن تكون في جدل مع العدو الصهيوني، وفي قضايا يجب أن تكون جزء من الثقافة العربية الكبيرة ، ولكن دورنا جميعا أن ننتج أعمال للانسانية جمعاء بهدف كسب حلفاء وأصدقاء لأن القضية عادلة والانسانية معها، وبالتالي يجب أن يكون طريقنا إلى التحرر نموذجا يحتدى من مجتمعات أخرى.. o كيف تنظر إلى الجمع بين السينمائي والوثائقي في بعض أفلامك؟ n يجب أن يكون لدينا مراكز تتبنى الأرشيف في فلسطين، فكل صورة نلتقطها في الوقت الحالي هي أرشيف... وقد عرضت لطلابي في جامعة بيرزيت فيلم «الذاكرة الخصبة» ، والذي تم تصوير جزء منه بين رام الله وبيرزيت، ولدى مشاهدة الفيلم الآن أصبح مشاهد تاريخية. فهذا جزء من عملنا السينمائي، وهو الارشيف وليس أرشيف الطبيعة أو التطور العمراني للمدينة، وإنما أرشفة وتوثيق الحركة العاطفية والنفسية والداخلية للانسان الفلسطيني. o على طول المسافة للسيرة السينمائية لميشال، أنجزت مجموعة من الأعمال السينمائية، فما هو أكثر هذه الأعمال الذي استطعت من خلالها أن تجيب به عن الأسئلة التي كانت تراودك؟ n حقيقة، وأنا أفكر في مسيرتي الشخصية، وهنا لا أعني التعميم، فارتباطي بالتجربة الإنسانية الفلسطينية، هي التي تطرح علي الأسئلة، بحيث عندما أطرح الأسئلة، أجد أن هناك أسئلة أخرى، فأنا أبني من خلال السؤال وليس من خلال الجواب، فأنا أحاول أن أعرف ما أنا لا أريد لأبحث عن ما أريد. o كيف تنظر إلى السينما مستقبلا؟ n أكيد، أن السينما في تغيير جذري، وحتى عالم السمعي البصري بدوره يعرف التغيير. وهذا بدأ منذ سنوات الخمسينيات، لكن السينما في أفول، والشيء الرائع بها عملت على تحديد قطيعة في علاقة الإنسان مع تاريخه، حيث تتصور أنه منذ بداية السينما إلى اليوم، صار هناك ذاكرة قرن من الزمن، أكثر من الذاكرة الموجودة في كل تاريخ البشرية. وما تقدمه التكنولوجيا الحديثة نموذجاً عن هذا التطور الهائل.