المغرب يحقق أزيد من 47 مليار درهم إيرادات جمركية في 6 أشهر    زيدان: اللجنة الوطنية للاستثمار صادقت على 237 مشروعا استثماريا بقيمة 369 مليار درهم    بونو وحكيمي يزينان التشكيل المثالي لكأس العالم للأندية    ارتفاع نسبة نجاح نزلاء السجون في البكالوريا لسنة 2025    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    حادثة سير خطيرة تتسبب في انقسام سيارة إلى نصفين بين مغوغة والعوامة    شفشاون تُخصص مواقف سيارات مجانية لمحاربة فوضى "الجيلي الأصفر"    الحركة النسائية ترد بقوة وتتهم بنكيران بتكريس الوصاية على النساء    الدولي المغربي الشاب ياسين خليفي ينضم إلى سبورتينغ شارلروا    وفاة "تيكتوكر" مغربية بعد عملية تكميم المعدة تثير الجدل حول التنمر وضغوط "السوشيال ميديا"        مفاوضات هدنة غزة تدخل أسبوعها الثاني دون تقدم وسط تفاؤل أميركي    ألباريس يحسم "بوليميك" الجمارك مع المغرب وينتقد القراءات المغرضة    72 ساعة بين المباريات و21 يوما عطلة نهاية الموسم.. "فيفا" يصدر قرارات بشأن صحة وفترات راحة اللاعبين واللاعبات    دعوات لاستقصاء رأي مؤسسات دستورية في مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب إسبانيا    انتفاضة آيت بوكماز ضد الحيف الاجتماعي!    هيئات نسائية تستنكر خطاب بنكيران حول تزويج الفتيات وتعتبره إساءة وتحريضا على التمييز    غالبيتهم من الأطفال.. إسرائيل تواصل جرائم التعطيش بغزة وتزهق أرواح أزيد من 700 فلسطيني    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    لوكا مودريتش ينضم رسميا إلى ميلان    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    إنريكي ينفي اعتداءه على جواو بيدرو: "حاولت الفصل بين اللاعبين"        وفاة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    الملك محمد السادس يهنئ إيمانويل ماكرون بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    الرحّالة الرقميون: جيل جديد يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بهدوء    المغرب يستعرض حصيلة 3 سنوات من إطلاق التأشيرة الإلكترونية (E-Visa)    فرحات مهني يكتب: الجزائر تعيش فترة من القمع تفوق ما عاشته في عهد بومدين أو الشاذلي أو بوتفليقة    الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني    ويحمان يكشف خبابا نشر رسالة الفقيه البصري حول تورط الاتحاديين في المحاولةالانقلابية- فيديو    "البتكوين" تتجاوز ال 120 ألف دولار    تنظيم حملة توعوية بمخاطر السباحة في حقينات السدود    غارسيا هدافا لكأس العالم للأندية 2025    الاقتصاد ‬الوطني ‬يحافظ ‬على ‬زخمه.. ‬بنمو ‬بلغ ‬نسبة ‬4,‬8 %    ثقة مجموعة البنك الدولي في الاقتصاد الوطني متواصلة    تأهيل ‬المناطق ‬المتضررة ‬من ‬زلزال ‬الحوز ‬    عزلة ‬النظام ‬الجزائري ‬تكتمل ‬و ‬الخناق ‬يشتد ‬عليه    ترامب يعلن أن واشنطن ستسلم أوكرانيا منظومات "باتريوت" للدفاع جوي    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    خطة أمنية جديدة لمواجهة تصاعد الاعتداءات في الشوارع المغربية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    كيوسك الإثنين | "كان 2025″ و"مونديال 2030".. المغرب يمر إلى السرعة القصوى    مونديال الأندية.. الإنجليزي كول بالمر يتوج بجائزة أفضل لاعب        لو يي شياو تبهر الجمهور بإطلالة تحاكي نساء هويآن في حقبة الجمهورية الصينية: سحر الماضي يلتقي بجمال الحاضر    تشلسي يصعق باريس سان جيرمان ويتوج بلقب مونديال الأندية الموسع بثلاثية تاريخية    دلالات خفقان القلب بعد تناول المشروبات المثلجة    "بوحمرون" يسلب حياة طفل في مدينة ليفربول    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس صانعة معادلة الحرية

لم تمثل التجربة التونسية فى التحول من دولة الحكم الشمولي إلى دولة الحكم الديمقراطي حدث نوعى فحسب كونها تقع فى فضاء الثقافة العربية الإسلامية؛ ولكنها وعلى مدار ما يقارب قرنا من الزمن شهدت العديد من التحولات الاجتماعية والثقافية الجمعية، ويعود هذا لموقع تونس الجغرافى المطلة برأسها نحو الشمال الأوروبي وبأقدامها راسخة فى أفريقيا، وهو ما أهلها على مر التاريخ أن تكون حاضرة لاستقبال الاشعاع الحضارى والتفاعل معه وصبغه بالبصمة التونسية، فكانت تونس قرطاج؛ وحنا بعل وتونس الملكة ديهيا وتونس الزيتونة وابن خلدون وخير الدين التونسي وصولا إلى تونس الوطنية البورقيبة وتونس ثورة الياسمين التى كانت أول الغيث فى موجات الربيع العربي والتى ما انفكت تضرب العالم العربى منذ قرابة عقد من الزمن، ولا يبدو أنها فى طريقها للاضمحلال بقدر ما تبدو معالم تشكيل موجات أخرى جديدة له تلوح فى الأفق.
تلك هى تونس التى أثمر فيها الربيع العربى ؛ فثمة عبق من الحداثة ورثته تونس خلال القرنين الماضيين حيث تأثرت بأفكار وتجربة التنوير الأوربية والتي تبناها فيما بعد مفكرين وسياسيين تونسيين مثل المفكر خير الدين التونسى واستطاعت تحويل تلك الأفكار إلى تجارب واقعية، وهو ما بلور الشخصية الوطنية التونسية على يد وطنيين مثقفين تقدمهم الحبيب بورقيبة؛ وانعكس فى حركة النضال ضد المستعمر الفرنسي والتى كانت ذات طابع سلمى احتجاجى فى جل مراحلها واستطاعت أن تحقق الاستقلال بأقل الخسائر وبحكمة قادة سياسيين مفكرين ومثقفين استطاعوا قراءة الخارطة السياسية الدولية فى خمسينات القرن الماضي بحكمة لكونهم جزء من مجتمع على تواصل ثقافي وجغرافي وثيق بمحيطه الأوروبى والعالمي وكذلك العربي والإسلامي.
واليوم عبرت تونس مرحلة الربيع العربي بنجاح لنفس تلك الأسباب، فثمة مجتمع مثقف وثمة قادة سياسيين مفكرين ومنفتحين على العالم، وهذا ما وفر لتونس ميزة إحداث توزان قوة بين القوى الناعمة فيما بينها والمتمثلة فى القوى السياسية المتعددة الايديولوجيات والنقابات والاتحادات العمالية والتى يتصدرها الاتحاد التونسى للشغل الذى تحول إلى نموذج يحتذى به لكل الدول النامية فى خوض النضال النقابي المستقل بمعزل عن التأثر بالتيارات السياسية، وثمة توازن آخر أحدثه هذا المجتمع التعددى بطبيعته بين جميع التيارات السياسية بكافة مشاربها الحداثية والتقليدية، وهذا التوازن المتكامل أعطى كل تلك القوى الناعمة ثقل فى ميزان القوة مع القوى الصلبة للدولة ممثلة فى السلطة التنفيذية بقوى الجيش والأمن فى معادلة توازن قوى الوطن، وتلك هى معادلة الردع الوطني السحرية لكل من تسول له نفسه الاستبداد؛ وهى التى استطاعت تونس العبور من خلالها إلى ما نراه اليوم من عبور آمن إلى مصاف الدول الديمقراطية الحرة؛ والذى توج بانتخاب المرشح المستقل الدكتور قيس سعيد أستاذ القانون الدستورى بجامعة تونس رئيسا جديدا لتونس من بين أكثر من 26 متنافس على المنصب فى جولتين انتخابيتين كثير منهم كان ممثل لأحزاب كبيرة وقديمة كنداء تونس وحركة النهضة؛ وكلهم خسروا وانتخب الشعب الحر من رأى بوعيه السياسي وبثقافته الجمعية المتراكمة عبر التاريخ؛ ومن رأى فيه مرشحهم القادر على الحفاظ على معادلة الردع الوطنى.
علينا نحن الفلسطينيين أن نتعلم الدرس من التجربة التونسية الرائدة في كيفية صياغة معادلة الحرية وإحداث توازن ما بين القوى الناعمة والصلبة في حالتنا الفلسطينية ونذهب باتجاه تجديد الشرعيات بعد فشلنا الذريع في تحقيق المصالحة وانهاء الانقسام لنصل إلى بر الأمان بشعبنا الفلسطيني الحر الذى يستحق إعادة إرادته الشعبية المسلوبة منه منذ سنوات طوال .
*أستاذ علوم سياسية
وعلاقات دولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.