مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب "مولاي عبد الله" بالرباط    الزفزافي: "لا شيء يعلو فوق مصلحة الوطن" .. وأشكر إدارة السجون    الملك يبعث تعزية إلى رئيس البرتغال    الصناعة التحويلية: أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية التخطيط)    بدء أعمال الدورة ال164 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بمشاركة المغرب    مغربي ضمن 11 مصابا أجنبيا في حادث القطار السياحي بلشبونة البرتغالية    لفتيت يعقد جلسات استماع لقادة الأحزاب حول مذكراتها لإصلاح القوانين الانتخابية    الحكومة تصادق على إدراج المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي في مؤسسات التعليم العالي    المحاكم الوطنية تصدر 118 عقوبة بديلة منذ دخول القانون حيز التنفيذ    بوريطة يجري مباحثات مع وزير الخارجية المصرى على هامش مجلس الجامعة العربية    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    مونديال 2026 ( الجولة 7 -المجموعة 5) ..في مواجهة منتخب النيجر ،أسود الأطلس يسعون لتأكيد مسارهم الصحيح    الدخول المدرسي.. عودة التلاميذ إلى المدارس تعيد الزخم للمكتبات    نقابة موظفي التعليم العالي تندد ب"خروقات" خلال الإضراب الوطني وتعلن عن خطوات احتجاجية جديدة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الزفزافي يغادر السجن مؤقتًا لتشييع والده    صيادلة المغرب يحتجون على "اختناق القطاع" وسط جدل أسعار الأدوية المرتفعة    تداولات الافتتاح بورصة الدار البيضاء    جلول: الزفزافي الأب كان ضميرا حيا في مواجهة الظلم والجور وجاب الساحات دفاعا عن حريتنا    الفيفا تطلق المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    المغرب يوسع أسواق التوت العليق إلى 26 دولة    الإصابة تبعد أشرف داري عن معسكر الأسود    ريال بيتيس يضم سفيان أمرابط على سبيل الإعارة        سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية        لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    إلزام شركة "غوغل" بدفع 425 مليون دولار لتعويض مستخدميها عن جمع بياناتهم    بلجيكا تتجه نحو الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء قبل نهاية 2025    الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الجديدة.. مطلب ملح لفتح شارع L وفك الخناق عن محاور حيوية بالمدينة    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    الدرك الملكي بأزلا يوقف مشتبها في سرقته لمحتويات سيارة إسعاف    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة            دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقصوصتان : طعام جنازتي وأنثى المرآة


طعام جنازتي
في الساحة العمومية عرضت قلبي للبيع، فأعرض الناس عنه.. في الوقت الذي اعتقدت أنه بضاعة بائرة، ظهر مجموعة من الشباب الطائش من مختلف الأعمار، وبدأوا يتقاذفونه بفرح جنوني.. تبسمت.. نهضت منتعش الروح والجسد، وتوجهت لشقتي خفيفا كظل، وفي غرفة نومي كنت أستخرج، كل ليلة، شاعرا من الذين جعلوني أسبح في نهر الحب والخيال، وأقوم بتعذيبه قبل أن أجهز عليه..
في عملي، لم أكن أعبأ بصراخ المدير وشتائمه وتهديداته، كنت أؤدي عملي بميكانيكية وأنصرف، مديرا ظهري للرجل الذي لطالمها استمتع بسبي وبالاقتطاعات التي كانت تطال أجرتي الهزيلة أصلا.. أدير له ظهري وأستمتع بغرقه في وحل تسلطه الباهت، وأمشي ضاحكا لأزيد من منسوب غيظه..
وأنا في شقتي، سمعت طرقا سرعان ما تسارع ليصير قويا، فتحت الباب لأجدني أمام امرأة تبسمت لي، وطوقتني بذراعيها وادعت أنها زوجتي، ودلفت إلى الداخل وقالت لي: أعتذر منك عن تأخري، فقد كنت إلى جانب زوجي المريض إلى أن مات ودفناه بحرقة.. تنبهت إلى أنها كانت ترتدي جلبابا أبيض وتضع على رأسها خرقة بيضاء، وتنتعل بلغة بيضاء.. سرت في جسمي رعشة باردة..
وفي الغرفة، تخففت من جلبابها، ومن بطنها أخرجت دزينة أطفال مختلفي الأعمار، وقالت لي: إنهم أبناؤك. سرعان ما أحاطوا بي باكين، وأنا أنظر إليهم ببلاهة، نهرتهم أمهم وأبعدتهم عني، وقالت لهم بحزم: سنذهب يوم الجمعة للترحم على قبره. ثم مدتني بصحن به عسل وسمن، وبقطعة خبز، وقالت لي آمرة: هذا ما تبقى من جنازتك فكله..! خرجت من شقتي مسرعا كملسوع وتوجهت إلى الساحة لا ألوي على شيء..
تنبيه واجب التنفيذ: يمكنك، أيها القارئ النبيل، أن تقلب الورقة، ستجدني قد تركت لك على ظهرها كفنا، لف قصتي فيه، وألق به في أقرب سلة نفايات. بذلك ستحرمني من لذة تعذيبك.
أنثى المرآة
في وحدتها بغرفتها خافتة الإنارة، وكلما اعتراها حزن عابر: لا تتورع عن نزع ملابسها والتعري بكل جرأة أمام المرآة تتملى تفاصيل جمالها طالما أنها وحيدة. وحين تكون في الشارع تخفي فتنتها بخيمة سوداء كالجحيم وترمي المتبرجات بنظرات شماتة وتشف. هي لا تحقد عليهن، ولا على لباسهن الذي يكشف تفاصيل أنوثتهن، بل تحقد على العيون التي تتابع تفاصيلهن بألسنة قرمزية يسيل لعابها، وهي لا تثير في أحد مجرد نبض.
تتساءل: كيف توقظ النجوم من سباتها ولا تستطيع إيقاظ مشاعر من تريده؛ رجلا فحلا؟ وتقول في نفسها ثانية همسا كنوع من التعويض أو العزاء سيان: يا حسناء الحسناوات؛ ما أبهاك! لا يضاهي جمالك جمال؛ فأين العارفون؟ أين الصلحاء لينصلح الوقت؟ ما اختل الميزان إلا لانعدام البصيرة! باركت جسدها براحة كفها من أعلى الاشتهاء إلى أخمص اللذة بتأوهات توقظ الجبال… هي الذهب الإبريز، فأين العيار؟
تذهب إلى السوق عمدا كل يوم لتتابع مهارة الجزار في تقطيع اللحم، وبقع الدم الشهية على وزرته البيضاء، لكن وجهه العبوس ينفرها، بعكس موظف البلدية الوسيم والأنيق، كلما رآها هش في وجهها وبش مرحبا، يسرع لخدمتها بأريحية، لكنها لا ترى فيه خشونة مطلوبة؛ فرقته وطراوة يده لا يمكن أن توقظ أنوثتها الغافية.. غاضبة من برودة العيون المتكلسة، توجهت صوب حقل يانع السنابل، واتخذت لنفسها مكانا قصيا، وراحت متعبدة، راكعة ساجدة، حتى هدها التعب، فغفت.
مر الفلاح مبتهجا بسنابله، هاجسه كيف يبعد الطيور عن حباتها المغرية، شاهد خرقة من حرير سوداء ملقاة بالقرب، فرح بها وصيرها فزاعة مرعبة. قالت حين استفاقت: يا ألله !شكرا لك أن استجبت لدعائي ! .
(°) قاص، شاعر وناقد مغربي، من أعماله قطف الهديل، دوائر القلق، المشهد الأخير، طنين الشك، الطيور لا تنظر خلفها، أنامل الربيع، شفاه الورد، مفترق طرق، تائه وسط حواري التأويل، مقامات عشقية ….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.