لشكر يتفاعل مع انتظارات في تطوان    وكالة "AMDIE" ترفع دينامية المغرب لجذب الاستثمار وتوسيع الأسواق    مديرة يونسكو تأسف لانسحاب أمريكا    ذوو احتياجات خاصة يطالبون بإصلاح شامل لمنظومة الاستهداف الاجتماعي    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    وزير خارجية غامبيا: المغرب شريك استراتيجي موثوق به وذو مصداقية    فرنسا تفرض حظر تجول ليليًا على القاصرين في مدن عدة بسبب تصاعد عنف المخدرات    الكنيست يؤيد بالأغلبية اقتراحا يدعم "ضم" الضفة الغربية المحتلة        ميسي وألبا يواجهان خطر الإيقاف بعد الانسحاب من مباراة كل النجوم في الدوري الأميركي        مجلس إدارة الصندوق المغربي للتقاعد يوافق على صياغة عقد برنامج جديد مع الدولة للفترة 2025-2027    المجلس الأعلى للاتصال يُحفظ شكايات ضد بث حفل "طوطو" بموازين ويشدد على احترام حرية التعبير وسياق البث    حرية تنقّل بلا تأشيرة.. جواز السفر المغربي يتصدر الترتيب    السكتيوي يرسم ملامح المعركة الإفريقية... تشكيلة الشان جاهزة            الأزبال تغزو شاطئ بوقانة في عز الصيف وتُغضب المصطافين    مدير منظمة الصحة العالمية: "جزء كبير من سكان غزة يتضورون جوعا... لا أعرف ماذا يمكن تسمية الأمر غير مجاعة جماعية"    طارق السكتيوي: اللاعبون المدعوون يتوفرون على الخبرة اللازمة لخوض غمار كأس إفريقيا للاعبين المحليين    نرجس الحلاق تعلن طلاقها للمرة الثانية وتودع زوجها بكلمات مؤثرة    الدرك يعتقل بارون مخدرات نواحي اقليم الحسيمة مبحوث عنه وطنيا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الإنخفاض    الصين تدعم المغرب لتطوير شبكة السكك الحديدية عبر أسرع قطارات العالم    انعقاد مجلس الحكومة غدا الخميس    وكالة بيت مال القدس الشريف توقع اتفاقية مع مستشفى المقاصد لإيواء مرضى ومرافقيهم من قطاع غزة    كلمة .. المغرب أولا أيها المشرعون    يواجهن منتخب نيجيريا يوم السبت في نهائي قوي .. ضربات الترجيح تُقَرِّبُ لبؤات الأطلس من لقبهن القاري الأول        جمعية أمل إنزكان تفوز بكأس العرش للسباحة بالزعانف    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    رحيل الفنان التشكيلي عفيف بناني.. أحد رواد الريشة المغربية وصاحب "قصبة تينزولين"    فن اللغا والسجية.. مولات السر سوليكا القديسة/ ديوان تلاميذي تجربة رائدة اولاد العرام ديوان يعكس المجتمع (فيديو)    اشغال اللقاء التواصلي والاستشاري لتجويد أشغال الشرفة الأطلسية بالعرائش    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اختتمت المعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية بإقليم الحسيمة    غامبيا تجدد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء وتأييدها الكامل لمخطط الحكم الذاتي    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    لأول مرة بإفريقيا.. المغرب ينجح في زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب اللاسلكي    تنظيم مهرجان كانگا إفريقيا 2025 بتارودانت    غدا تنطلق فعاليات الدورة 19 لمهرجان تويزة    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بتنظيم المجلس الوطني للصحافة    غزة تموت جوعا… التجويع الإسرائيلي يقتل 10 فلسطينيين خلال 24 ساعة    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    جامعة لقجع تحدد موعد افتتاح أول مكتب إقليمي للفيفا بشمال إفريقيا من الرباط    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الوطنية والبعد الامبراطوري في ملكية محمد السادس -22-

رسائل برنامجاتية لضبط إيقاع الحكم لدى سلاطين المغرب
كتاب «حياكة (خياطة) الزمن السياسي في المغرب: خيال الدولة في العصر النيوليبرالي..» للباحث والجامعي محمد الطوزي كتاب رفيع وتوثيقي وجد جريء في تقديم أطروحته العميقة حول الدولة المغربية. وهو عمل طويل النفس تطلب من الباحث والمفكر محمد الطوزي ورفيقته في العلم والتنقيب التاريخي بياتريس هيبو، ثلاثين سنة من العمل تخلله البحث الميداني والحوارات والقراءات في الوثائق والاحداث إلخ... ونزعم أن في الكتاب أطروحة متكاملة وبنيوية لتاريخ الدولة فيها عناصر لم يسبقه إليها أحد، حسب ما اطلعنا عليه من مقاربات بشكل متواضع طبعا وطبعا.
وتشهد كل كتابات القرن ال19 أن هذه الإصلاحات، المصنفة "غير مكتملة" أو " غير تامة" أو المستحيلة من طرف مؤرخي الدولة الوطنية هي تتحقق أساسا تبعا لمنطق إمبراطوري.. وحتى ولو كانت هناك حروب وهزائم، فإن المراسلات والمكاتيب تكشف لنا استمرار هندسات الحكم وأنماطه "مغايرة"، والتي تتغير دلالاتها حسب السياق..
تميز هذا السياق بالتهديد القادم من السواحل الجنوبية (شهران بعد هذه الرسالة كتب السلطان إلى محمد برغاش، وزير البحرية المستقر بطنجة، مثيرا المفاوضات مع الإسبانيين، الذين كانوا يريدون فتح ميناء في سوس وفيها حديث عن حَرْكة سوس والمهمة الخاصة بأساكا وهو ما يبرهن على أن ضغوطات الإسبانيين كانت جد قوية )، وهذا التهديد كان بمقدوره أن يضع موضع خطر القواعد التجارية للنظام الذي كرس احتكاره ابتداء من القرة 18 بعد بناء مدينة الصويرة، ولم يكن واردا مطلقا لدى النخبة في تلك الفترة تصور إمكانية فقدان السيادة أو الخضوع لاستعمار، ووحدها كانت موضوع معادلة المصالح التجارية، ونزاعات الاستقلال الذاتي أو التمرد المعبر عنها من طرف ساكنة التخوم، كما رأينا، كانت من أجل المفاوضات، ولم تكن تخطر في البال، في أي لحظة من اللحظات، فكرة الانفصال أو الاستقلال، سواء في سوس أو في الصحراء، سواء من طرف حسين تازروالت أو لدى بيروك بمنطقة واد نون أو لدى ال«تكنا» ..
أهداف الحرْكتين في 1882 و1886، اللتين تم تنظيمهما بعد عشرة سنوات بعد بداية حكم الحسن الأول، لا تشهدان على تحول في أنماط الحكم، وقد تم شرحهما بإسهاب في بريد للسلطان وجهه إلى الجميع ( ونجد نفس الرسالة موجهة إلى قائد الرباط عبد السلام السوسي مؤرخة بشهر شعبان مقابل 17 يوليوز 1882. وهي من حيث التفاصيل تختلف شكلا عن الرسالة التي نشرها الناصري ، وقد كانت تتكلم عن نفس التيمات ونفس المعلومات، حيث نجد فيها فقرات" مستنسخة نسخ لصق" وفقرات مكتوبة بطريقة مختلفة مثيرة الدليل على قدرة التكيف مع سياقات وموازين قوى مختلفة خاصة بالدولة الإمبراطورية)، وهذه الرسالة اتخذت شكل تقرير عن مهمة، ولا يتعلق الأمر هنا بالرسالة الوحيدة التي تملك هذه الخصائص. حيث أن سلاطين المغرب اعتادوا ضبط إيقاع حكمهم بواسطة رسائل برنامجاتية على غرار مولاي سليمان ومحمد بن عبد لله ومحمد بن عبد الرحمان والحسن الأول.
علاوة على رسالة هذا الأخير، التي تم عرضها أعلاه، تم توجيه رسالة أكثر رسمية إلى العالم الإسلامي بمناسبة السنة الهجرية الجديدة، كما سيفعل الحسن الثاني بعد مرور قرن من الزمن في 1979( الرسالة موجودة على موقع وزارة الشؤون الإسلامية ).
والكلام، المعبر عنه بشكل نظامي بلغة كاتب مخزني، متعارف عليه ورسمي يستشف منه جوانب تهم التوعية وقتها، كما يشرعن في الوقت نفسه الأسس الداعمة والقانونية للسلطة.(هكذا نجد أنه حول منطوق يمكنه أن يوحي بالتحكم والعنف مسنود بالقوة يتسرب دوما تذكير بالآيات أو السنة النبوية التي تؤسس وتشرعن الفعل). ولا يمكن والحالة هاته أن نتحدث عن "التحديد المجالي" للسيادة الإمبراطورية ولا عن مجرد سلطة رمزية ..( وقد عبر عبد لله العروي عن ذلك بصورة بلاغية إذ بالنسبة له " المخزن شبح، بيد أنه شبح يشبه والد هاملت يتحكم في حركات الأحياء") .
في الجزء الأول من رسالة 1882 يبدأ السلطان بوضع الطاقم المرافق له وجيوشه كي يحدد وظيفتهما الرئيسية: خلق الرهبة، والصدمة والذهول لتفادي استعمال العنف قدر الممكن. والحملة بذلك ليست "ضربة عنف"، بل هي ضربة" رجل يضع ثقته في مولاه". وبعدها يقدم الحسن الأول وجهة نظره حول المجال الترابي الذي سيدخله سوس، ويحدد الطبيعة التي تربطه بهذه "البلاد" باستعمال بلاغة التشبيه " المَطيَّة المنقادة".. ثم إن الرسالة تصف، بطريقة بلاغية، حكم اللحظة، والتي تلخص في إعادة النظام بعد ستين سنة من الغياب .. واستعادة النظام هاته مرت عبر استقبال وفود للوقوف على خضوعها، والشروط التي لا يمكن للسلطان أن يتراجع عنها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.