المحكمة تنظر الإثنين في ملف اعتقال شابين طبعا شعار "التعليم والصحة حق للجميع" على قميصيهما    احتفالات في غزة وتل أبيب بعد اتفاق وقف إطلاق النار    ترامب يعلن عن اتفاق يمهد لإنهاء الحرب في غزة    قضاء طنجة الإداري يبت في أول ملف استعجالي يخص إقالة مستشار جماعي بمرتيل    أمن طنجة يوقف فرنسياً من أصول جزائرية مبحوثاً عنه دولياً بتهم خطف واحتجاز وتهديد بالقتل    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    شباب المغرب غاضب /2من5    قراءة في مقال الدكتور جليل برادة: "ماذا ينتظر المغاربة من خطاب الملك يوم الجمعة المقبل"    اتفاق برعاية ترامب ينهي "حرب غزة"    ترامب: العالم توحد حول "اتفاق غزة"    ناشطة سودانية تدعم سحب نوبل كرمان    إسرائيل: اتفاق غزة لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة مجلس الوزراء    ثمن نهائي مونديال الشيلي.. المنتخب المغربي يواجه نظيره الكوري و عينه على انتزاع بطاقة العبور نحو الربع    عاجل.. حركة "جيل Z" تُقدّم ملفًا مطلبيا شاملًا ل"إحياء روح دستور 2011″ و"إطلاق عقد اجتماعي جديد"    شبيبات من أحزاب الأغلبية الحكومية في لقاء مكاشفة مع جيل Z    سيدي بوقنادل .. تفكيك شبكة للاتجار بالطيور والثعابين والعناكب المحمية    برنامح محو الأمية بالمساجد .. ما يقارب 5 ملايين مستفيدة ومستفيد منذ انطلاق البرنامج سنة 2000    الأميرة للا حسناء تبرز جهود حماية البيئة في مؤتمر عالمي بأبوظبي    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الأرجنتين وكولومبيا والنرويج وفرنسا تواصل مسيرتها في مونديال الشباب    رابطة الدوري الإسباني تعلن إقامة مباراة برشلونة وفياريال بميامي كأول مواجهة أوروبية تقام خارج القارة    تأسيس لجنة وطنية للمطالبة بالإفراج عن عزيز غالي ورفاقه المحتجزين بسجون الاحتلال الاسرائيلي        لوروا: المغرب نموذج للكرة الإفريقية    تداولات "البورصة" تنتهي بالانخفاض    المغرب ينهي الاعداد لودية البحرين    مصر تتأهل إلى المونديال في المغرب    عشية الخطاب الملكي أمام البرلمان.. حركة "جيل زد" تدعو إلى تجديد التظاهر الخميس في أكثر من 20 مدينة مغربية    سلاليون يحتجون على عامل مديونة    مفكرون يراجعون أثر الترجمة في تشكيل نظرة الغربيين إلى الذات الشرقية    تطوان تحتضن ملتقى الشعر العربي    "جيل زد" يٌخرج عمر بلافريج من صمته: لا أمل في التغيير من داخل المؤسسات ولكن الأمل في الجيل الجديد    توضيح بشأن حيثيات وفاة سيدة حامل بمستشفى الحسن الثاني بأكادير..    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    الحكومة تفتح بابا جديدا للتغول… الإعلامي تحجيم الأصوات المعارضة، وتعريض البلاد لخطر «ديمقراطية الشارع»!            إسبانيا توقف تصدير الأبقار الحية إلى المغرب    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الأنثروبولوجيا الإعلامية ودورها في فهم الصحافة في العصر الحديث    انطلاق موسم التكوين للصناعة التقليدية    القطاع البنكي يقود نمو أرباح الشركات داخل البورصة خلال النصف الأول من 2025    رونالدو أول ملياردير في عالم كرة القدم    ثلاثة باحثين بينهم الأردني، من أصل فلسطيني، عمر ياغي يفوزون بنوبل الكيمياء    ابتداء من يومه الخميس وإلى غاية يوم الأحد الجديدة تحتضن الدورة 14 من مهرجان «الأيام السينمائية لدكالة»    إسني ن ورغ 16 بأكادير: تاج ذهبي جديد يتوج إبداع السينما الأمازيغية والعالمية    انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"            أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسطنبول مدينة الجسور المعلقة

إسطنبول تلك المدينة النائمة في حضن غوايتها، تلقي عليك فتنتها من أول نظرة تجود بها عليها، تورطك في عشقها، فلا تخرج منه سالما. حتما يصيبك لحظتئذ هواها ويستبد بك عشقها، فكلما دنت منك زادتك غواية وافتتانا. إنها أميرة المدن المتوجة، هي فاتنة بكل تفاصيلها، تكاد من حسنها أن تتبسما، كما قال الشاعر واصفا ذات لحظة شعر محيا الربيع الطلق. مدينة ممشوقة القوام، ناعمة الملامح، لا ريب أنها حازت آيات الحسن من مجامعها. هناك استلقت على امتداد العدوتين أقصد القارتين، تتوسد خاصرة بحر مرمرة، وتغتسل قدماها المرمريتان في مياه البحر الأسود، مدينة استطاعت أن تجعل من الهجنة رونقا، وتصنع من زرقة ماء البوسفور زنارا، تحيط به خصرها النحيف، المتألق في عنفوان، ومن الغابات الخضراء نسجت إكليلا، تضعها على رأسها الجميل، كابتسامة امرأة فاجأها المطر وهي تحت جناح حبيبها القادم فجأة من غيابات السفر، يحملها بغتة، خوفا عليها من البلل، أو أن تعلق بثيابها شائنة من طين، فتغدو لحظتها وكأنها إحدى تلك الأميرات اللواتي عاقبهن السلطان ذات غضب، ونفاهن بلا رحمة إلى الجزر النائية، بيد أنه عكس المتوقع، توج المدينة سلطانة على قلبه، وجعل منها ملكة متوجة، تقود في كوكب ملكي بديع، تلك الجزر والغابات والأنهار والرعود والأنواء والسحب التائهة، التي اتخذت من السماء مرعى وممشى تسيح في رحابه دون رقيب أو حسيب.
إسطمبول ليست مجرد مدينة. إنها السحر نفسه متجسدا في الملكوت، هناك حيث يلقي بطلاسمه على الزائر التواق إلى الحب والحنان، فيغدو أسيرا لجمالها، متعلقا بحبها الاستثنائي وفتنتها المتجددة.
إسطنبول قطعتان من جمال حي، انفصلتا عن بعضهما، ذات لحظة غضب إله، يغار من الجمال وللجمال الذي يصنعه، لكن حين ينتهي من صنعه، يتملكه الحزن لأن غيره سيكون له من نصيب.
اسطمبول قطعتان شاهقتا الحسن، تطل كل قطعة منهما على القطعة الأخرى، فتبتسم على استحياء، ثم يتملك كل منهما الحزن فجأة، فتنزف كل منهما دموعا مدرارة، تنهمر بغزارة فتملأ دموعهما ما بين القطعتين، وتنقطع حبال الاتصال، ويغدو الانفصال سيدا ساديا يعذب غيره، ومازوشيا يتلذذ بكل عذاب وهو واقع عله كذلك لا محالة. تنفصل القطعتان، فيصبح التواصل بينهما صعبا بل مستحيلا، تصرخ القطعة الأوربية ذات الجدائل الشقراء، متفقدة شقيقتها، فيتردد صدى صرختها الثكلى في جوف القطعة الأسيوية بكثير من القهر والافتتان، ويزداد الشوق اشتعالا، ويحن النصف إلى نصفه طلبا للاكتمال، فتنبثق من حيث لا ندري تلك الجسور، التي تشكل شرايين الحياة، تمد كل منهما بما يضمن لهما البقاء والازدهار والعنفوان. وتتجدد مع كل تواصل وعودا شتى بالحب والعشق والاكتمال.
جسر البوسفور
هذا الجسر تم افتتاحه مناسبة الذكرى 50 لتأسيس الجمهورية التركية، في 30 تشرين الأول/أكتوبر من العام 1973، ويعتبر رابع أطول جسر في العالم، وحاليا يحتل المرتبة 21 عالميا، بحسب المعطيات المتوفرة، وعرف باسم جسر «البوسفور»، إلا أنه تم تغيير الاسم إلى جسر «شهداء 15 تموز/يوليوز».
وكان افتتاحه حدثا مميزا، إذ بفضله كتب التاريخ أول عبور مشيا على الأقدام بين القارتين، وفي 8 حزيران/يونيو من نفس العام، بدأت التجارب لعبور السيارات، وصولا إلى الافتتاح الرسمي، حيث افتتح رئيس الجمهورية آنذاك، فخري قورتورك، الجسر، معلنا بدء عصر جديد في إسطنبول.
جسر السلطان الفاتح
ومع ازدياد أعداد السيارات في إسطنبول، وعدم كفاية الجسر الأول لتلبية حاجة التنقل بين شطري المدينة، ونظرا للازدحام الشديد، جاء إنشاء الجسر الثاني، لمتطلبات النقل والتنمية، وبدأ العمل به في 4 كانون الثاني/يناير 1986، صمم من تحالف شركات أجنبية، ونفذ من طرف شركات عديدة، من بينها شركات تركية ويابانية.
وافتتح الجسر في 3 تموز/يوليو من العام 1988، وافتتحه رئيس الوزراء آنذاك، تورغوت أوزال، بقيمة بلغت 125 مليون دولار، وتمر فوقه المركبات بأربع مسارات ذهابا، ومثلها إيابا.
ويبلغ طول الجسر 1510 مترا، والعرض 39 مترا، والمسافة بين البرجين 1090 مترا، فيما يرتفع الجسر عن سطح البحر 64 مترا، ويتميز بكون الجسر معلق بزوج من الكوابل، وفي حال استدعت الضرورة تبديل أحدها، فيمكن ذلك .
جسر السلطان سليم
جسر «السلطان ياووز سليم» (سليم الأول) هو الجسر المعلق الثالث الذي يصل بين شطري ولاية إسطنبول الأوروبي والآسيوي، ويعد أعرض جسر معلق في العالم، حيث يبلغ عرضه 59 مترًا، كما تعد أعمدته الأعلى في العالم، بارتفاع 322 مترًا، ويحتوي على عشرة مسارات، 8 منها للسيارات، ومسارين للقطار السريع، ويرتفع عن سطح البحر 59 مترا.
ويُعرف جسر السلطان سليم أيضا، بأنه أطول جسر معلق مدعم بمسارات للسكك الحديدية في العالم، حيث يبلغ طوله 2164 مترا، والمسافة بين البرجين 1408م، وساهم بشكل كبير منذ افتتاحه في حل أزمة التكدس المروري الذي تعاني منه المدينة، فضلا عن تخفيف الكثافة على الجسرين الآخرين.
هذه الجسور المعلقة الثلاثة ليست مجرد جسور أو قناطر، إنها أيقونات، مكتظة بالدلالات. في طياتها تكتنز كثيرا من المعاني والرموز الإنسانية العميقة. إنها تواصل واكتمال، وحلم دائم بالعبور، وانصهار للثقافات بعضها مع البعض، هي بلا شك وعد بمستقبل مشترك، لا يشمل جزئي مدينة جميلة، فتنت وما زالت تفتن جميع من حط الرحال بها يوما فحسب، بل هي وعد بمستقبل وحدوي للإنسانية جمعاء شرقها وغربها شمالها وجنوبها، حين يصبح ما هو إنساني المعيار والسبيل والهدف لكل من حمل قلبا وحلما وصدقه السعي نحو تحقيقه. إنها وعد كبير بالسلم والأمن للجميع باختلاف الأعراق والأديان والجنسيات، وليس ذلك على هذا الكائن المشاغب الهش المتمرد الذي يدعى إنسانا بعزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.