في اليوم الثالث من مهرجان إيمينيك بمدينة أكادير، دعا المنظمون الجمهور المحلي إلى رحلة تاريخية وعاطفية عبر عرض الفيلم للمخرج حسن الويزكاني. يصوّر الفيلم رحلة شاب مغربي يبحث عن أثر والده، الذي هاجر وعمل كعامل منجم في شمال فرنسا، حيث جرى تجنيده في عهد فيليكس مورا، الذي لُقّب ب«تاجر العبيد في العصر الحديث». يرسم الفيلم صورة حميمة وإنسانية عن هذا الأب اليتيم والراعي الذي كان محبوبًا جدًا في قبيلته، لكنه اضطر في يوم من الأيام إلى مغادرة وطنه والعمل في مناجم الفحم كعامل منجم في فرنسا. ومن خلال شهادات أصدقائه ورفاق دربه في المهجر، يسلط المخرج الضوء على شخصية رجل مهذب وأنيق وكريم، لم ينس أبداً أصوله وعائلته رغم الغربة، ولم يتحدث علنا عن معاناته أو ألمه، محافظًا على كرامته وصموده نحو عائلته الصغيرة وأصدقائه. ومع ذلك، تخفى هذه الصورة النبيلة واقع قاس ومظلم خلف الكواليس، وهو نظام استغلال لا يرحم، يشوبه التمييز والعنصرية. من خلال مداخلته بعد العرض، استعرض حسن بنطالب، الصحفي والباحث المتخصص في قضايا الهجرة، هذه القصة المغيبة لعمال مناجم الفحم المغاربة الذين جرى توظيفهم اعتبارًا من ستينيات القرن الماضي في مقاطعتي نور-با-دو-كالاي. ووصف هذا النظام بأنه «أقصى ما يمكن أن يصل إليه الاستعباد الحديث»، حيث بنيت ازدهار صناعة الفحم على دم وعرق هؤلاء الرجال الشجعان الذين تعرضوا للهامشية. وأشار بنطالب أيضاً إلى أن هؤلاء العمال المغاربة حُرموا لعقود من الحقوق المماثلة لنظرائهم الأوروبيين، وخاصة فيما يتعلق بسكنهم وظروف التدفئة، هذا بالإضافة إلى وجود عنصرية مؤسسية عززت من استبعادهم الاجتماعي. شكل عرض محطة بارزة ادن في فعاليات مهرجان إيمينيك، حيث جمع بين الذاكرة التاريخية والتأمل المعاصر في قضايا الهجرة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ومن خلال هذا العمل، يدعو المهرجان جمهوره إلى عدم نسيان هذه الرحلات المؤلمة التي ساهمت في ربط المغرب بأوروبا، ولا تزال تؤثر في ديناميات الهجرة الحالية. ومن خلال إلقاء الضوء على هذه القصص التي طالما ظلت مسكوتاً عنها، يطالب الوثائقي بالاعتراف العادل والإنساني بهذه الأجيال من العمال الذين بذلوا الكثير، دون أن تنصفهم الأقدار دومًا بالحقوق والاحترام الذي يستحقونه.