تأتي كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025)، المقررة ما بين 21 دجنبر و18 يناير المقبل، لتكشف عن وجه آخر لهذه البطولة، يتمثل في تلك الروابط التي ينسجها اللاعبون – النجوم في ما بينهم، والتي تتراوح بين علاقات الصداقة والمودة داخل الفرق التي يمارسون في صفوفها والمنافسة الشرسة على رقعة الميدان في سعيهم لقيادة منتخبات بلدانهم للتتويج باللقب القاري النفيس. ونادرا ما تقتصر كرة القدم على كونها مجرد قضية أفراد معزولين، بقدر ما هي حكاية صداقات وأخوة تتجاوز أرضية الملعب والقميص الذي يحمله اللاعب، حيث يجعل هؤلاء «الزملاء – الخصوم» من ممارسة كرة القدم بمفهومها الواسع لغة مشتركة وصلة وصل في ما بينهم. أكرد – أوباميينغ .. زميلان يجمعهما نفس النادي وتفرقهما ال (كان) تجمع بين نايف أكرد وبيير إيميريك أوباميانغ علاقة وطيدة داخل نادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي، وشاءت الأقدار أن يلتقي هذان اللاعبان، وهما من أبرز نجوم كرة القدم الإفريقية حاليا، على أرضية الملعب ذاته. ويتقاسم المدافع المغربي والمهاجم الغابوني أكثر من مجرد قميص النادي ذاته، بل تربطهما حصص الإعداد البدني وتبادل النصائح بعيدا عن أعين الكاميرات، كما يتشاطران لحظات من المرح تجعل من كل حصة تدريبية تجسيدا ملموسا لأخوة متينة. وعشية انطلاق كأس أمم إفريقيا، تعكس علاقة الصداقة بين اللاعبين مدى قدرة كرة القدم الإفريقية على تقديم أعز شيء في الوجود: روابط نسجت عراها على أساس عشق الساحرة المستديرة والاحترام المتبادل، إلى حد أضحت معه قادرة على محو الحدود الجغرافية التي تفرق بين الأمم، وتمثل مصدر ميلاد صداقة رياضية حقيقة. محمد صلاح وساديو ماني.. علاقة بين تقلبات ظرفية ومودة ثابتة نجح لاعبا ليفربول، المصري محمد صلاح حاليا، والسنغالي ساديو ماني سابقا، في تحقيق العديد من الألقاب والإنجازات وساهما، بالتالي، في إدخال الفرحة على قلوب عشاق «الفريق الأحمر» تحت قيادة المدرب الألماني يورغن كلوب. غير أن ما تجمعه كرة القدم يفرقه القدر أحيانا. فقد شابت العلاقة بين «الفرعون» المصري و»أسد التيرانغا» السنغالي بعض التقلبات، بل ودخلا في قطيعة مؤقتة بعدما لجأ المنتخبان المصري والسنغالي إلى الضربات الترجيحية خلال كأس أمم إفريقيا بالكاميرون سنة 2022، حيث سعى أحدهما لمنح بلاده أول نجمة قارية، فيما كان الآخر يرغب في إضافة لقب ثامن إلى البلد الأكثر تتويجا بالكأس القارية. وفي الأخير، دو ن التاريخ أن ماني وزملاءه جعلوا السنغال تفوز بلقبها الأول. وعلى الرغم من ذلك، يجسد صلاح وماني صداقة نادرا ما يشهدها عالم المستديرة، فقد جمعهما القدر بداية رفقة منتخبي بلادهما وتحت قميص نادي ليفربول الإنجليزي، حيث ربطا علاقة صداقة متينة قوامها الاحترام والثقة المتبادلين. وترجمت هذه الألفة بين اللاعبين على أرضية الملعب، حيث بلغا درجة كبيرة من الانسجام في ما بينهما، وهو ما جسدته تمريراتهما على المقاس وتحركاتهما المتزامنة، فضلا عن الدعم الذي يقدمه أحدهما للثاني، والإيماءات المفعمة بالمودة ولاسيما في لحظات التوتر والضغط. بونو وكوليبالي.. الصديقان في مربع العمليات لا تقتصر العلاقة التي تجمع بين حارس عرين «أسود الأطلس» ياسين بونو والمدافع الصلب ل»أسود التيرانغا» كاليدو كوليبالي على رقعة الملعب، وهي تتجاوز أيضا الحصص التدريبية والمباريات، لتشمل التشجيع والدعم المتبادل في اللحظات الحاسمة، مما جعل آصرة قوية وخفية تبنى بين الاثنين. وتعكس صداقة اللاعبين المبنية على الثقة والتفاهم المتبادل أن كرة القدم بإمكانها أن تكون أرضية للتنافس الشريف وفضاء لنسج علاقات المحبة والأخوة، إلى درجة يصبح معها نجاح طرف هو بمثابة نجاح للطرف الآخر.