في نيويورك... أغلبية ساحقة تدعم مغربية الصحراء: الحكم الذاتي يترسخ كخيار واقعي ووحيد لإنهاء النزاع    "الداخلية" تحيل ملف مزاعم رشوة عامل آسفي السابق على النيابة العامة    أخنوش يجري مباحثات مغربية صينية    النباوي يلتقي رئيس النزاهة العراقية    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    تراجع مقلق في مخزون السدود بالمغرب إلى 32% بسبب الجفاف والتبخر    تشكيلة "الأسود" أمام منتخب الكونغو    32 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمدن    الرباط تحتضن نقاشا إفريقيا حول "حق التتبع" للفنانين التشكيليين والبصريين    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    المغرب يقترب من إنجاز عالمي غير مسبوق ب16 انتصارا متتاليا    اعتراض قارب على متنه مهاجرون من بنغلاديش قبالة سواحل المضيق    الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة ب 70 مليار دولار    الوزير برادة: قد أرتكب أخطاء لأنني لا أعرف 15% من معطيات الوزارة.. والإصلاح يتطلب الوقت    أخنوش يستقبل وفدا صينيا رفيعا لتعزيز الشراكة الاقتصادية    البطولة الاحترافية 2: المغرب التطواني يسجل فوزه الأول خارج الديار وبني ملال يتذيل الترتيب بنقطة واحدة    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    شعلة الحي المحمدي تطلق «حوارات شبابية» مع الدكتور كمال هشومي    منير محقق يصدر «تحليل بنيات الحكاية الشعبية المغربية»    رسميا.. تحديد موعد الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد    "ماركا" الإسبانية تشيد باللاعب المغربي الدولي عثمان معما    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يحاسبوا قضائيا    "جيتكس غلوبال 2025" .. الذكاء الاصطناعي يحدد خريطة إنتاجية جديدة    "تقنيو السكانير" ينادون بتقنين المهنة    "أسعار الاستهلاك" ترتفع في المملكة    منتخب "الأشبال" يواجه فرنسا بطموح بلوغ النهائي والاقتراب من اللقب التاريخي    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية    إندونيسيا تستبعد رياضيين إسرائيليين    دعوات نقابية لاحترام حق الشباب في الاحتجاج وتحذير من تهديد الاحتقان المتنامي للسلم الاجتماعي    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    أكادير.. اعتقال شخص متلبس بالتحضير لعملية الهجرة غير الشرعية لفائدة 45 مرشحاً    الحسيمة.. أحكام بحق خمسة قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    المغرب يتجه لدخول نادي منتجي اليورانيوم في العالم    شرطة فاس تستخدم سلاحها الوظيفي لإيقاف جانحين بعد تعرض عناصرها لهجوم بسكاكين    قادة أربع دول يوقعون وثيقة شاملة بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة    مهرجان بن جرير يكرم رشيد الوالي ويحتفي بذكرى محمد الشوبي    إسبانيا ‬تتموقع ‬إلى ‬جانب ‬المغرب.. ‬نحو ‬شراكة ‬بحرية ‬جديدة ‬تعيد ‬رسم ‬موازين ‬المتوسط    "فيفا" يكشف التميمة الرسمية لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة    الشرقاوي: "جيل زيد" حرّكت المشهد السياسي لكنها تعاني من التضخم الرقمي وغياب القيادة    البلاوي يبرز جهود النيابة العامة في حماية النساء خلال المنتدى الإفريقي لتمكين المرأة    طقس الثلاثاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    الحكومة الفرنسية الجديدة الهشة تعرض مشروع الميزانية    قصف يقتل 3 فلسطينيين شرق غزة    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة في غياب الجمهور

وأنا أقرأ الخاتمة التي أنهى بها فريدريك جامسون، المؤلَّف الجماعي الهام حول العلاقة بين السياسة والاستيتيقا، الصادر عن دار النشر فيرسو نيويورك سنة 1977، استوقفني كثيرا تعبير «الجمهور الغائب». تعبير لخص به جامسون بشكل مكثف نقد الواقعيين (من لوكاتش الى بريخت) لمعارضيهم الحداثيين على امتداد عقود، ابتداء من عشرينيات القرن الماضي، والذين كانوا قد جعلوا من النص المفتوح واللوحة المفتوحة، ومن التجريد، أساسا لرؤية استيتيقية جديدة بمقتضاها يكون العمل الفني تعبيرا عن نوازع العوالم الداخلية للفنانين والكتاب والمبدعين أكثر من كونه صورة انعكاسية للعالم الخارجي.
الاستيتيقا القائمة على جعل النصوص أو اللوحات أو العروض المسرحية، تعبيرا عن الذوات الداخلية، وحدها كانت، حسبما ذكر جامسون، قد وصلت الى ذروتها حينما أصبح التجريد قيمة فنية جمالية في حد ذاته، فانقطعت الصلة بالجمهور وبالعالم الخارجي ثم بالواقع، واقع الناس وواقع الاشياء المحيطة بهم. وضمن هذا الذوق الاستيتيقي الحداثي كان من الطبيعي، بل ومن المحتم على وجه الدقة، أن يغيب الجمهور وان يلغى أصلا من دائرة اهتمام الفنانين والمبدعين وأن تتحول عوالم الفنانين الى فضاءات مغلقة على ذاتها، وألا يتم الحوار حينما يتم إلا بين نخبة المبدعين، لا يستطيع ان يقترب منه إلا من أوتي حكمة من حكم التجريد.
تعبير الجمهور الغائب الذي جرى ذكره في مجال الاستيتيقا من طرف جامسون، أجده ينطبق تماما على المجال السياسي عندنا حينما نفكر في جماهيرية السياسة عندنا. فلقد أصبح تقلص جمهور السياسة مقاسا بتراجع أعداد المنخرطين والمواكبين والمهتمين باللعبة السياسية، أحد السمات المميزة للوضع العام منذ سنوات غير قليلة. وهذا التقلص في جماهيرية السياسة وصل اليوم الى مدى لم يعد فيه مفهوم العزوف كافيا لتوصيفه أو تفسيره.
تبدو مجريات اللعبة السياسية عندنا أشبه ما تكون بمباراة مملة في كرة القدم في ملعب يتسع لعشرات الآلاف من المتفرجين، لكن ثقل المباراة ومللها وخواء الرهان المطروح جعل المدرجات فارغة إلا من بعض المجموعات الصغيرة ، تتابع تحركات اللاعبين دون حماس أو اقتناع بما يقومون به داخل الملعب هي مباراة في غياب الجمهور مع كل ما ينتج عنها من تداعيات على مستوى قيمة المباراة وقيمة اللعب.
الحداثيون المناهضون للواقعيين في مجال الآداب والفنون، والذين قارعهم على صعيد الفلسفة الاستيتيقية جورج لوكاتش وبرتولد بريخت، كانوا قد بلوروا نظريات ورؤى جديدة في مجال الاستيتيقا قدموها بشجاعة وبالمكتوب للقراء المتتبعين، وكانت تلك النظريات والرؤى محور سجالات في الساحة الفنية، فتحت وعي النقاد على جدلية الذاتي والموضوعي، والفردي والجماعي في دنيا الابداع الفني. ترى ما الذي يقدمه المسؤولون عندنا عن جعل السياسة تمارس في غياب الجمهور من رؤى أو تصورات؟
الحداثيون المناهضون للواقعيين والذين تحدث عنهم جامسون أداروا ظهورهم للواقع الخارجي وللتقليد الأرسطي الكانطي في مجال الاستيتيقا، معوضين مهمة التلقي على الجمهور العريض، لكنهم في المقابل أنتجوا أعمالا لا يمكن الطعن في قيمتها الفنية والجمالية، أو في قابليتها لكي تصنف كإبداعات. ترى ما الذي قدمه للسياسة ولربيرتوار السياسة في بلادنا أولئك المسؤولون عن جعل السياسة تمارس في غياب الجمهور؟.
المؤكد على كل حال ان السياسة في بلادنا لن تستعيد عافيتها إذا لم تستعد جمهورها، كيف؟ ذلك هو السؤال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.