شهدت مدينة خنيفرة حادثا مأساويا هز مشاعر الرأي العام، بعد انتحار شابة في مقتبل العمر تدعى "وفاء"، إثر تناولها مادة سامة (سم الفئران)، وذلك بعدما تعرضت لحملة تشهير قاسية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم تداول صورها بشكل مسيء من طرف مجهولين. هذه الفاجعة لم تكن مجرد حادثة فردية، بل سلطت الضوء من جديد على الوجه المظلم للعنف الرقمي الذي بات يحصد ضحاياه في صمت. الحادثة أثارت موجة كبيرة من الحزن والغضب، سواء في محيط أسرة الفقيدة أو لدى فعاليات المجتمع المدني، التي رأت في ما وقع دليلا صارخا على هشاشة الحماية القانونية للنساء والفتيات أمام ما يتعرضن له من عنف إلكتروني وضغوط نفسية قاتلة. و في هذا السياق، عبرت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة عن أسفها العميق لما حدث، مؤكدة أن العنف الرقمي لا يختلف في خطورته عن أي شكل آخر من أشكال العنف، بل قد يكون أشد قسوة لأنه يطارد الضحية في حياتها الخاصة ويعرضها لنبذ اجتماعي وضغط نفسي لا يحتمل. الجمعية أعلنت تضامنها الكامل مع عائلة وفاء، وأكدت أنها ستوفر لهم دعما نفسيا وقانونيا، بما في ذلك تعيين محامية لمتابعة الملف أمام القضاء، حتى لا يظل الجناة في مأمن من المحاسبة. ولم تتوقف الجمعية عند حدود التضامن، بل طالبت السلطات المعنية بضرورة مراجعة القانون 103.13 الخاص بمحاربة العنف ضد النساء، معتبرة أن النصوص الحالية لا تواكب التحولات الرقمية التي جعلت العنف الإلكتروني يتخذ أبعادا خطيرة. كما شددت على الحاجة الماسة إلى قانون خاص يجرم بوضوح كل أشكال التشهير، الابتزاز، وانتهاك الخصوصية عبر الوسائط الرقمية. إلى جانب ذلك، دعت الجمعية مختلف الفاعلين من مؤسسات رسمية، وهيئات مجتمع مدني، وإعلاميين، إلى تحمل مسؤولياتهم في نشر الوعي بمخاطر العنف الرقمي، وإطلاق برامج للتربية على الاستخدام الآمن والمسؤول للفضاء الافتراضي، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي. إن انتحار وفاء ليس مجرد خبر عابر، بل هو جرس إنذار يفرض فتح نقاش وطني جاد حول حماية النساء من العنف الرقمي، وإعادة النظر في السياسات العمومية المرتبطة بالأمن الرقمي والوقاية النفسية، ضمانًا لعدم تكرار مثل هذه المآسي مستقبلا.