شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة توسعا ملحوظا في الزراعة المكثفة الموجهة للتصدير، خاصة مع انتشار البيوت البلاستيكية وزراعة محاصيل عالية القيمة مثل الطماطم الشيري، الخيار، الفواكه الحمضية والأفوكادو الموجهة بالأساس إلى الأسواق الأوروبية. ورغم المكاسب الاقتصادية التي يحققها هذا التوجه، إلا أن انعكاساته على الموارد الطبيعية أصبحت مقلقة، حيث يستهلك القطاع الزراعي حوالي 80 في المائة من المياه الوطنية، في وقت لا تمثل فيه الأراضي المروية سوى نسبة محدودة من مجموع المساحات المزروعة. هذا التوجه يؤدي إلى تصدير كميات ضخمة من ما يسمى ب"المياه الافتراضية" نحو الخارج، ما يفاقم الضغط على المناطق القاحلة والسواحل ويهدد المواطن الطبيعية، خصوصا الرطبيات والطيور المائية، نتيجة تقلص المسطحات المائية وتلوث مياه الري والمخلفات الزراعية التي تتسبب في هجرة أو اختفاء أنواع غير قادرة على التكيف. كما تلعب الشركات الزراعية الكبرى دورا بارزا في هذه الأزمة، خاصة في مناطق سوس وشتوكة حيث تستغل مئات الهكتارات وتستهلك كميات ضخمة من المياه الجوفية والسدود، مما ينعكس سلبا على التنوع البيولوجي المحلي. ورغم المشاريع الحكومية المتعلقة بالسدود وتحلية مياه البحر، إلا أن الخبراء يؤكدون أن الحل الحقيقي يكمن في ترشيد استهلاك المياه الزراعية عبر تقنيات الري الحديثة، إلى جانب حماية المواطن الطبيعية وإعادة توجيه الدعم الزراعي نحو أنماط إنتاج أكثر استدامة.