رغم دفاعه عن مبررات تحديد سن الولوج إلى مهن التربية والتكوين ب30 سنة، ترك وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، الباب مفتوحا أمام إمكانية مراجعة هذا القرار الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والمجتمعية. وأوضح الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن النقاش العمومي الجاري حول الموضوع تحظى بمتابعة دقيقة من الوزارة، مشيرا إلى أن "باب التعديل غير مغلق"، وأن الوزارة بصدد دراسة عدة سيناريوهات لضمان التوازن بين تحديث منظومة التعليم واستيعاب مطالب الشباب. القرار، الذي اعتبره عدد من النقابيين والفاعلين "إقصائيا"، أثار احتجاجات بين المرشحين الذين تجاوزوا السن المحدد، خاصة في ظل ارتفاع البطالة بين حاملي الشهادات العليا. غير أن الوزير برادة دافع عن هذا الإجراء، مؤكدا أنه جزء من رؤية إصلاحية تهدف إلى استقطاب كفاءات شابة قادرة على مواكبة التحولات المتسارعة في قطاع التعليم والانخراط في مسار مهني طويل الأمد، مضيفا: "القرار لم يكن أبداً إقصائيا، بل يستند إلى منطق تربوي وتنموي واضح". و فيما يخص مبررات القرار، أشار الوزير إلى بيانات إحصائية حديثة مستخلصة من آخر مباراة للتوظيف في القطاع، والتي شارك فيها نحو 120 ألف مترشح، تم قبول 14 ألفا فقط منهم. وأظهرت هذه المعطيات أن 80% من المقبولين تقل أعمارهم عن 25 سنة، بينما لم يتجاوز 4% منهم سن 29 عاما. كما تبين أن 75% من الناجحين حصلوا على "ميزات جيدة" في البكالوريا والإجازة. واعتبر الوزير أن هذه الأرقام تعكس تفوق الكفاءات الشابة من حيث الجاهزية الأكاديمية والمهنية. كما أشار الوزير إلى تأثير القرار على مؤسسات التعليم الخاص، موضحا أن بعض الفيدراليات اشتكت من مغادرة عدد من الأطر التعليمية للقطاع الخاص لاجتياز مباريات التوظيف العمومية، مما أحدث اضطرابات في سير الدراسة، خصوصاً خلال فترات الامتحانات. وأضاف أن المترشحين القادمين من التعليم الخاص يواجهون صعوبة في المنافسة مع الخريجين الجدد، وهو ما يطرح تساؤلات حول الإنصاف والتوازن في مباريات التوظيف. واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على إمكانية مراجعة القرار إذا دعت الضرورة، مشددا على أن الوزارة منفتحة على المقترحات والشركاء الاجتماعيين، وأن الهدف الأسمى هو رفع جودة التعليم وتفعيل خارطة الطريق 2022-2026. مضيفا : "نحن واعون بالمشكل ونعمل على معالجته بشكل عقلاني ومتدرج، يراعي مصلحة المدرسة المغربية". و تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد احتجاجات جيل Z في المغرب، حيث طالب آلاف الشباب بتوسيع فرص التشغيل في قطاع التعليم وإعادة النظر في شروط الولوج، خصوصا شرط السن الذي اعتبره كثيرون تمييزيا وغير منصف في ظل واقع اقتصادي صعب وفرص محدودة.