على بعد أسابيع قليلة من انتهاء عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، تجد الجزائر نفسها أمام حصيلة دبلوماسية هزيلة وواقع سياسي مؤلم، بعد عامين من محاولاتها استغلال هذا المقعد لخدمة أجندتها الانفصالية المتعلقة بقضية الصحراء المغربية. فبينما كانت القيادة الجزائرية تراهن على موقعها داخل المجلس لإحداث اختراق دبلوماسي لصالح جبهة البوليساريو، جاءت النتائج عكس التطلعات، لتكرس فشل النظام العسكري في تحقيق أي مكسب سياسي أو اعتراف أممي بمواقفها. فمنذ بداية ولايتها، حاولت الجزائر استغلال حضورها في اجتماعات مجلس الأمن واللجان الأممية للترويج لأطروحتها الانفصالية، غير أن تلك المساعي اصطدمت برفض واسع من قبل أعضاء المجلس، الذين تمسكوا بدعم جهود الأممالمتحدة الهادفة إلى إيجاد حل سياسي واقعي ودائم ومتوافق عليه. غير أنه مع مرور الوقت، تبين أن الجزائر عجزت عن تحويل عضويتها المؤقتة إلى ورقة ضغط مؤثرة، وظلت خطاباتها حبيسة المواقف المتكررة دون أي أثر فعلي في قرارات المجلس. و في المقابل، استطاع المغرب أن يستثمر هذه المرحلة لتعزيز حضوره الدبلوماسي وموقعه الدولي في الدفاع عن وحدته الترابية، اذ تمكنت الدبلوماسية المغربية من تسجيل اختراقات نوعية، كان أبرزها إعلان فرنسا في يوليوز 2024 دعمها الصريح والكامل لمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، واعتبارها الحل العادل والدائم والواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء. هذا الموقف شكل صفعة قوية للجزائر التي ظلت تراهن على تحييد المواقف الأوروبية أو التأثير فيها لصالح مشروعها الانفصالي. ولم تتوقف موجة الدعم عند فرنسا، إذ سارعت المملكة المتحدة إلى تجديد موقفها المؤيد للمقترح المغربي، مؤكدة أنه "الأكثر واقعية ومصداقية" لحل هذا النزاع، وهو ما عزز مكانة المغرب كفاعل موثوق وشريك استراتيجي على الصعيد الدولي. كما تزايدت خلال الفترة نفسها مواقف داعمة من دول إفريقية وأمريكية لاتينية وآسيوية، اعتبرت أن المبادرة المغربية تمثل الإطار الأنسب لإنهاء النزاع وضمان استقرار المنطقة. و في المقابل، بدا واضحا أن الجزائر فقدت الكثير من رصيدها الدبلوماسي، بعدما فشلت في كسب أي حليف جديد لموقفها داخل المجلس أو خارجه. فكل محاولاتها بقيت حبيسة قاعات الاجتماعات دون نتائج ملموسة، في وقت واصل فيه المغرب توسيع دائرة التأييد الدولي لمقترحه. ومع اقتراب نهاية فترة عضوية الجزائر في مجلس الأمن، يتأكد أن النظام الجزائري أخفق في تحويل هذا الموقع الأممي إلى رافعة دبلوماسية، ليجد نفسه أمام عزلة متزايدة، مقابل نجاح المغرب في تعزيز حضوره ومصداقيته على الساحة الدولية، وتأكيد مكانته كطرف أساسي ومسؤول في مسار تسوية النزاع حول الصحراء المغربية.