ألهب الفنان اللبناني مارسيل خليفة صاحب «منتصب القاعة أمشي « ،» أمي « ،» ريتا « و »جواز السفر »، عشاق أغانيه في حفل فني أحياه مساء يوم الجمعة الماضي بقصر الباهية التاريخي بمراكش، خلال افتتاح فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الشعر المغربي، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبادرة من دار الشعر بتعاون مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة وبشراكة مع دار الثقافة بحكومة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة. وعاش الجمهور الحاضر من كلا الجنسين لحظات مميزة من الأغاني القديمة والجديدة من «ربيرتوار »أغاني مارسيل خليفة فنان اليونسكو للسلام، الذي سلم له درع تكريمي من طرف وزير الثقافة والشباب والرياضة تثمينا لتجربته الفنية الحافلة بالإبداع والعطاء، حيث أتحف الحاضرين بمقطوعات صامتة على آلة العود. وتخللت الحفل لقاءات شعرية لكل من الشاعرة ثريا مجدولين والشاعر حميد الشمسدي ووصلات موسيقية للفنان أمير علي. وتميز حفل الافتتاح بالحضور الشرفي لوزير الثقافة والشباب والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة الحسن عبيابة ورئيس دائرة الشارقة عبد الله لعويس ووالي جهة مراكش أسفي ورئيس جهة مراكش أسفي والمدير الجهوي للثقافة والعديد من المسؤولين والمهتمين بالشأن الثقافي. وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد الحسن عبيابة وزير الثقافة والشباب والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة، أهمية هذه المهرجانات الرامية إلى الانفتاح على أجيال وتجارب شعرية مغربية رائدة، والتعريف بالتنوع الثقافي الذي تزخر به بلادنا. وركز عبيابة في كلمته على جهود صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى بالإمارات العربية المتحدة حاكم الشارقة، في تعزيز علاقات التعاون الثقافي بين هذه الإمارة والمملكة المغربية. وأضاف أن هذا المهرجان يشكل بعد أن ظل فنا مهمشا ومظهرا للتخريب والإبداع غير المرغوب فيه من جانب بعض السلطات، بات فنالشوارع أو «الغرافيتي » هدفا تلهث وراءه المعارض وهواة جمع القطع الفنية. وكانت مدينة نيويوركالأمريكية خلال حقبة الثمانينيات شاهدا على انتشار ظاهرة الرسوم الجدارية )غرافيتي( الذي أصبح أحد الأعمدة الرئيسية ال 4 من ثقافة الهيب هوب، إضافة إلى موسيقى الراب وفن »Turntablism« أو «قلب المائدة » والذي يعتمد على التلاعب بالموسيقى لخلق نوع جديد ورقصة «البريك دانس »، وامتزج الهيب هوب في الشوارع مع تيارات ثقافية أخرى صاعدة وقتها مثل البانك، وبعدها تحول الغرافيتي إلى طريقة للتواصل في ما بينها. واعتاد الفنانون استخدام الرذاذ كي يتركوا رسومهم على الجدران والحمامات العامة ومحطات المترو والقطارات والحافلات، ما أدى لانتشار استخدامه، حتى بدأ يبعث برسائل سياسية واحتجاجية وهو الطابع الذي لا يزال يتميز به حتى اليوم. وخلال الفترة بين الستينيات والثمانينيات، ظهر أبرز رموز فن الغرافيتي داريل ماكراي أو(كورنبريد ) الذي يعد بمثابة والد الغرافيتي. وبدأ كورنبريد مسيرته مع الغرافيتي حينما وقع أثناء الستينيات في حب فتاة تدعى سينتيا التي كانت مودعة بإحدى الإصلاحيات، وحين خرجت منها، كتب الشاب على الجدران القريبة بحيث تتمكن سينتيا من قراءة عبارة «كورنبريد يحب سينتيا ،» ونجح بالفعل في لفت انتباهها ومن هنا بدأ في الرسم بجميع أنحاء فيلادلفيا. وفي العقد التالي ومع نهاية حقبة السبعينيات، ملأ جان مايكل باسكيات جميع أرجاء نيويورك برسومات تحمل توقيع )سامو( كانت تضم رسوما ذات أبيات شعرية أو بعض أنواع السخرية، وحتى حين توفي )سامو( أُعلنت وفاته عبر رسم جداري حمل عبارة )توفي سامو( رغم أنه في الحقيقة لم يرحل عن الحياة بل استمر فيها على هيئة فنان آخر. ويعد كيث هارينج، أحد رواد الفن المعاصر والحضري ومن جيل باسكيات، وبدأ الرسم على الألواح التي كانت توضع فوقها إعلانات المترو بنيويورك. وبعيدا عن رسوماته وعباراته، منحت الخطوط البسيطة والشخصيات التي يمكن التعرف عليها بسهولة هارينج التقدير خارج الولاياتالمتحدة، وفيما كانت الثمانينيات تقترب من نهايتها ولا يزال من المخجل دعوة فنانين من الشارع إلى فعاليات فنية، كان هارينج قد سافر في جميع أنحاء العالم لزيارة مدن ومتاحف. ودأب هارينج على اختيار الأحياء الأكثر تهميشا التي كان يزورها، حيث وقع اختياره على حي رافال في وسط مدينة برشلونة الإسبانية، وتحديدا أحد أكثر الشوارع التي رُجتى فيها عمليات بيع المخدرات، كي يرسم جداريته ضد مرض الإيدز. وفي أمستردام، اكتُشف العام الماضي رسم جداري كان وضعه خلال زيارة للمدينة في 1986 بأحد أكثرالأحياء فقرا في العاصمة الهولندية. ولم تكن أوروبا استثناء، فحين عبرت ثقافة الهيب هوب المحيط، أخذ الفنانون المحليون يملأون الجدران بالرسومات والتصاميم، حيث بدأ خافيير برو(بليك لو رات ) في رسم الجداريات بباريس عام 1981 . وكان بليك لو رات صاحب فكرة استخدام المرسام وهي قطع مفرغة على شكل معين بواسطة آلة حادة ما للرسم بواسطة الرذاذ. ويقول عبر موقعه الإلكتروني «قررت استخدام هذه القطع لسبب واحد: عدم تقليد الغرافيتي الأمريكي الذي شاهدته في نيويورك عام 1971 . أردت أن يكون لي أسلوبي الخاص وبدأت في رسم فئران في شوارعباريس. الفئران هي الحيوان الوحيد الذي يعيش في المدن وستتمكن هي من البقاء حتى بعد اختفاء الإنسان .» ورغم أن وجود جدران مطبوعة بشكل سيئ أو تفتقر للمسة الفنية لا يزال أمرا محبطا، فإن ظهور رسم لفنان حضري معروف يعد أحد عوامل الجذب لأي مدينة. ونشرت جامعة وورويك البريطانية عام 2016 دراسة تشير إلى ارتفاع أسعار العقارات في توجد الأحياء التي تشهد وجود عدد أكبر من الرسوم الجدارية. ويمتلك شيبرد فيري، الفنان الذي أبدع لافتات )أوبي( الأسطورية، ثروة تقدر ب 15 مليون دولار، وفقا لمعرض )وايد وولز( المتخصص في فن الحضر. وبدأ فيري برسومات )أندريه جاينت هاز آ بوس(، وشرع في بناء إمبراطوريته شيئا فشيئا. وفي 2008 شارك في اللافتات الانتخابية لصالح الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، قبل أن يتعاون مع شركة )أوربان أوتفيترز( لصالح خط إنتاج ملابس وأعمال أخرى لشركات. ولا تغفل العلامات التجارية النجاح الذي يحققه «فن الشارع » منذ أعوام، حيث تتنافس على إدراجه في منتجاتها، فعلى سبيل المثال انتهت شركة )لاكوست( الفرنسية من طرح مجموعة تحمل تصميمات هارينج، كما تلجأ شركات أخرى لهذا النوع من الفن في حملاتها الدعائية. «لا أصدق فكرة أنكم ابتعتم هذا الهراء ».. هذه العبارة تخص البريطاني المجهول بانكسي الفنان الحضري الأشهر في العالم. وقد كتبها عبر موقعه الإلكتروني بعد يوم واحد من بيع صالة مزادات )سوثبيز( اللندنية 3 من أعماله بمئات الآلاف من الدولارات. وفي أكتوبر من العام الماضي، وبعد انتهاء المزاد ببيع أعماله مقابل 1.3 مليون دولار، شهد الحضور عملية تدمير أعمال بانكسي بنفسه. وأكد هذا الموقف رأي الفنان برفض بيع رسوماته بالمعارض أو دور المزادات. ودفع فنان أمريكي، العام الماضي، 730 ألف دولار مقابل لوحة بمرسام لبانكسي انتزعت من جدار أحد أسواق لندن، مؤكدا أنه سيدمرها لأن «فن الشارع لا يجب أن يباع ويُشترى .» ويبدو أن بانكسي ليس بحاجة للمال، فقد نشرت مجلة )فوربس( في 2013 أن صافي ثروته يصل إلى 20 مليون دولار، رغم أن هذا الرقم ليس مؤكدا، حيث لا يعرف أحد هويته الحقيقية. ويتحصل بانكسي على النقود مثل باقي الفنانين عبر بيع أعماله، لكنه يفعل ذلك بأقل من قيمتها السوقية، بحسب مطبوعة )آرت سبيس( نقلا عن هيو لور التاجر الذي يبيع أعماله ورسومات فنانين آخرين دون وسطاء. ويقول لور «هو ذكي ومن الواضح أنه في وضع مميز. حقق إنجازا عظيما هو وفريقه بعد مرور 20 عاما من العمل .» وأخرج بانكسي فيلما وثائقيا هو )مخرج من متجر الهدايا( الذي حقق عائدات 5 ملايين دولار ونشر عدة كتب تحوي صورا لأعماله ونصوصا كتبها بنفسه. والطريقة الوحيدة للحصول على أحد أعمال بانكسي هي عبر ) The Office of Pest Control ( حيث تباع الأعمال الجديدة فحسب، لكن الموقع الإلكتروني يذكر دائما أنه ليس ثمة شيء معروض للبيع. ويعيش بانكسي من فنه ولا يبدو أنه يعاني أي مشكلات في الأيام الأخيرة من كل شهر، لكن النجاح التجاري لأعماله لا يبدو أنه يعني له شيئا كذلك. خطوة متجددة للاحتفاء بالإبداع المغربي وبتعدد روافده، مما سيعزز قنوات الحوار بين الشعراء والفنانين والمبدعين، الذين يجتمعون للاحتفال بقيم الحب والسلم والإخاء. و أ و ضح أن هذه التظاهرة الثقافية تروم الانفتاح على التجارب الشعرية المغربية الرائدة وتترجم التعددية الثقافية، التي تسم المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأشار وزير الثقافة والشباب والرياضة إلى دور مهرجان الشعر المغربي في تعزيز قنوات الحوار التفاعلي بين الشعراء والفنانين والمبدعين، منوها بالمكانة المتميزة الذي أصبحت تلعبها دار الشعر بمراكش في الساحة الثقافية الوطنية. من جانبه، توقف عبد العويس رئيس دائرة الثقافة بحكومة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، عند العلاقات التاريخية التي تربط بلاده بالمملكة، مشيرا إلى الدور الذي اضطلعت به دور الثقافة بالعالم العربي التي أحدثت برعاية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. وأوضح أن هذه البنيات الثقافية شكلت نجاحا على كل الأصعدة، لأنها مكنت من لم شعراء واكتشاف آخرين ناشئين، بالإضافة إلى ضمان انبجاس حركة شعرية بالعالم العربي. وترسيخا لثقافة الاعتراف تم الاحتفاء بالتجربة الإبداعية للشاعرة مليكة العاصمي، والشاعر بابا محمد سالم الري، والشاعر فاطمة التواتي. وبخصوص المتوجين بجوائز الدورة، آلت الجوائز الثلاث الأولى لأحسن قصيدة على التوالي لكل من الشعراء: بوبكر المليثي، عبد الحق وفاق، وكريم أيت الحاج، أما جائزة النقد الأدبي فكانت من نصيب الباحث محمد محي. وتخللت الدورة الثانية من مهرجان الشعر المغربي، التي اختتمت فعالياتها أول أمس الأحد، سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية الغنية والمتنوعة. ويأتي تنظيم هذا المهرجان في افتتاح الموسم الثقافي الثالث لدار الشعربمراكش، ترسيخا لعلاقة التعاون القائمة بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة بدولة الإمارات العربية «الغرافيتي » المتحدة.