المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاونات.. مدينة تعاني حصار زراعة الكيف وغياب الأطر الإدارية بمؤسساتها
أزيد من 1000 مزارع لهم قضايا خاصة بزراعة القنب الهندي أمام المحاكم
نشر في المساء يوم 26 - 08 - 2010

يطل مركز المدينة من أعلى هضبة على جل الضواحي والبلدات، وفي قلب هذا المركز ترابط أهم المؤسسات التي يعيب عليها السكان عدم إعطائها الاهتمام اللازم
لانشغالاتهم في مناطقهم الجبلية الوعرة، التي لا يزال عدد منها يعيش العزلة بسبب ضعف البنيات الطرقية وقلة المواصلات في أكثر من 1600 دوار، فيما رمت الرغبة الملحة والسريعة في تسلق سلم الطبقات الاجتماعية بالعشرات من مزارعي حوالي 24 جماعة قروية بها بين أحضان زراعة الكيف، دون أن تفضي حملات متتالية للسلطات إلى الحد منه. ساكنة الإقليم والتي يبلغ عددها حوالي 670 ألف نسمة حسب إحصائيات 2004، تعاني أيضا من تراجع خدمات المراكز الصحية وقلة الأطر الطبية التي يرفض بعضها العمل في المنطقة، فيما يعاني أبناؤها المتمدرسين من غيابات حطمت الأرقام القياسية للمدرسين.
لا زالت محكمة الاستئناف بفاس تنظر في ملف شقيقين ينحدران من دائرة غفساي بضواحي تاونات، اتهمهما أخوهما الثالث، وهو عون سلطة بزراعة القنب الهندي، وقضت المحكمة الابتدائية بتاونات في حقهما بالسجن النافذ شهرين وسنة سجنا. ويعد دوار العزايب بجماعة تمزكانة في منطقة غفساي، وهو الدوار الذي تتحدر منه هذه العائلة، من بين الدواوير التي غزتها زراعة القنب الهندي في حوالي 24 جماعة قروية بالإقليم منذ سنة 1993.
الكيف في الإقليم
وتعود قصة اعتقال الشقيقين إلى شجار عائلي وقعت بعض مشاهده قبالة المحكمة الابتدائية لتاونات، ما دفع السلطات الأمنية إلى التدخل، قبل أن يتبين أثناء الاستماع إليهما بأنهما مبحوث عنهما بتهمة زراعة الكيف منذ سنة 2005.
وطبقا لاعترافات أحدهما في محضر الدرك، فإنه أقدم على زراعة الكيف لتسوية وضعيته المالية، لكن لجنة محاربة هذه النبتة داهمت أرضه الفلاحية في بداية الموسم الفلاحي لسنة 2005، وعملت على إتلاف ما زرعه. ولم تمنعه هذه العملية من الاستمرار في عمله. فقد زرع أرضه مرتين متتاليتين بهذه النبتة، واستفاد من محصولها، موردا بأنه قرر التوقف عن مواصلة زراعة الكيف في سنة 2009 بمبرر ضعف الإنتاج.
وتحدث شقيقه، الذي يشتغل عون سلطة في هذه المنطقة عن حوالي 16 قطعة أرضية يستغلها مالكوها في زراعة القنب الهندي بهذا الدوار. وتم اعتمادا على هذه التصريحات تحرير مذكرات بحث في حقهم.
وفي موقعي «مرج المصباح» و«واد التملاخ» أشارت معطيات للدرك بسرية غفساي بضواحي الإقليم سنة 2005 إلى حوالي 43 قطعة مزروعة بالكيف. وقد تم الاستئناس من قبل لجنة مختلطة مكونة من الدرك والمياه والغابات والوقاية المدنية والإنعاش الوطني، بتصريحات عون سلطة للتعرف على أسماء المزارعين لإصدار مذكرات بحث في حقهم وتقديمهم لاحقا إلى العدالة.
وبنفس طريقة الاستعانة بمعطيات الشيوخ والمقدمين وصل عدد المبحوث عنهم في منطقة تاونات وضواحيها بتهمة زراعة القنب الهندي إلى حوالي 1000 مزارع. ويطعن عدد من أبناء المنطقة في هذه المعطيات التي يقدمها أعوان السلطة، معتبرين أن عددا منهم يذهب ضحية تصفية حسابات شخصية وعائلية وقبلية، فيما البعض الآخر يذهب ضحية رفض دفع إتاوات يفرض عليه أداؤها تجنبا لأي مكروه قد يعترضه أو يعترض فلاحته، في وقت لا تصل فيه أسماء مزارعين آخرين إلى أسماع المحققين، بالرغم من أن أراضيهم الفلاحية المزروعة بالكيف توجد على مقربة من منزل عون السلطة.
«اقتصاد بديل»
استفادت الجماعات القروية ال24 التي غزتها زراعة الكيف في دائرتي غفساي وتاونات بالإقليم من برنامج التنمية المندمجة الذي تموله وزارة الداخلية بتنسيق مع شركاء آخرين، وذلك لتشجيع المزارعين على التخلي عن هذه الزراعة، لكن جل المؤشرات تؤكد أن المساحة المزروعة لا تسجل أي انخفاض. ويدفع هذا الوضع، مع التخوف من تنامي المساحات المزروعة، السلطات إلى القيام بحملات لمحاربة هذه الزراعة. وعادة ما تبدأ هذه الحملات بارتياد الأسواق الأسبوعية والمساجد والدواوير قبل بداية موسم الحرث، وذلك لحث الناس على تفادي زراعة الكيف. ولأن هذه الحملات لا تقنع عددا من مزارعي هذه المناطق، فإن السلطات تنتقل إلى حملات أخرى تستعين فيها بعمال الإنعاش والعمال الموسميين، ومعهم رجال الدرك والجمارك وأعوان السلطة والقوات المساعدة، لإتلاف محاصيل هذه الزراعة ورشها بالمبيدات. وفي المرحلة الموالية تحرر مذكرات بحث في حق هؤلاء المزارعين الذين تتم مداهمة منازلهم بالدواوير من أجل اعتقالهم، كما تجري عمليات الاعتقال تارة في الأسواق الأسبوعية، وفي الإدارات العمومية التي يلجؤون إليها لقضاء أغراضهم، وحتى داخل المساجد، كما وقع مؤخرا في الجماعة القروية «الزريزر» حيث تم إلقاء القبض على 3 مزارعين في المسجد أثناء تأديتهم للصلاة. لكن هذه الحملات لا تجدي في القضاء على المحصول في جماعات يعتبر جل مزارعيها أن زراعة الكيف هي التي أنقذت مناطقهم من «العزلة» وجعلتهم يتحولون من وضع اجتماعي هش إلى وضع اجتماعي مريح مكنهم من بناء منازل إسمنتية وشراء سيارات فارهة وتوفير جل احتياجات أسرهم، إلى حد أنهم يؤكدون أن عائدات بعض الأسر من زراعة القنب الهندي بهذه الجماعات هي التي ساهمت في بناء بعض الطرقات وتجهيز بعض المدارس وبناء بعض المساجد. ولم تعد هذه الزراعة تشغل موسميا اليد العاملة في المنطقة وحدها، بل أصبحت تجلب يدا عاملة من مختلف مناطق المغرب، سواء أثناء عملية الحرث أو إبان مرحلة الحصاد.
الكيف والغابة
في إحدى بياناته الأخيرة، نبه المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى ما أسماه التجاوزات الخطيرة التي تطال المجال الغابوي في منطقة غفساي بضواحي تاونات. وتحدثت الجمعية عن ترام على مساحات شاسعة من الملك الغابوي، وهو الترامي الذي يتم عبر اجتثاث الغابة باستعمال المناشير الكهربائية لقطع الأشجار أو اللجوء إلى المبيدات لقتلها أو إضرام الحريق فيها، حتى يتسنى للمترامين استغلالها في زراعة القنب الهندي. وقالت الجمعية إن هناك «أقلية نافذة» هي المتهمة ب«التدبير الممنهج الذي تتعرض له الأملاك الغابوية بدائرة غفساي». كما تحدثت عن «صمت المسؤولين» إزاء هذا الوضع. وقدمت الجمعية معطيات دقيقة حول 6 مساحات غابوية شاسعة تم الترامي عليها.
البيئة في خطر
لا يتوفر الإقليم سوى على وحدة صناعية فقط متخصصة في الآجور. وهذه الوحدة التي توجد في المنطقة الصناعية بمزوارة في ملكية رئيس بلدية تاونات في الولاية الجماعية الماضية. وكانت السلطات قد أحدثت هذه المنطقة الصناعية منذ حوالي 15 سنة، دون أن تتمكن من جلب مستثمرين إليها. ويعتمد اقتصاد المنطقة على الفلاحة، بما فيها زراعة الحبوب والأشجار. على أن المنطقة معروفة أكثر بأشجار الزيتون التي جعلتها أول مزود للسوق المغربية بالزيتون بنسبة 25 في المائة.
وإذا كانت هذه الأشجار تساهم بشكل كبير في تحريك عجلة اقتصاد المنطقة، فإن الوحدات الصناعية المتخصصة في تحويلها، والتي يبلغ عددها ما يقرب من 3000 وحدة في الإقليم، بالرغم من تشغيلها ليد عاملة موسمية مهمة، فإنها تشكل خطرا على البيئة، وخصوصا على الفرشة المائية السطحية التي جعلت تاونات تتصدر لائحة المناطق الأغنى بمياهها السطحية في المغرب بثلاثة سدود معروفة هي: سد الوحدة وسد ادريس الأول وسد السهلة، بالإضافة إلى مجموعة من البحيرات التلية.
وتعتمد وحدات عصر الزيتون على وسائل تقليدية في مجملها باستثناء 35 وحدة طورت نسبيا من تجهيزاتها. ويتمثل خطر هذه الوحدات على البيئة في لفظها مخلفات عصر الزيتون في الأودية، ما يجعلها تنتقل بسهولة إلى المسطحات المائية، مما يصيب الأرض، ويهلك الماشية ويضر بالمياه التي يستعملها السكان في الشرب. وبالرغم من عدة شكايات حول هذه الوحدات، إلا أن مخلفات عصر ما بين 170 ألف طن إلى 200 ألف طن من الزيتون توجه إلى هذه المسطحات المائية.
وإلى جانب الزيتون، فإن المنطقة تصنف كذلك في المرتبة الأولى من حيث إنتاج مادة «الكبار»، وبالرغم من مؤهلات الإقليم لتطوير هذا الإنتاج، إلا أن وزارة الفلاحة يعاب عليها عدم تبنيها لمشاريع من شأنها تطوير إنتاج «الكبار» في هذه المنطقة التي تعرف بكونها من المناطق التي يغلب الطابع الجبلي على تضاريسها.
كما تعرف دائرة تيسة، وهي من بين دوائر الإقليم، بتربية الخيول «العربية البربرية». وتحتل في هذا الإنتاج المرتبة الأولى في المغرب. ولعل هذه المكانة هي التي دفعت السلطات إلى توفير الدعم لموسم سنوي يقام كل شهر أكتوبر للاحتفال بالخيول «العربية البربرية» وتسويق منتوج المنطقة والدعاية له. لكنه، وفي ظل ملابسات لم تتضح بعد، ألغي موسم السنة الماضية، فيما يجهل مصير موسم هذه السنة.
ساكنة معزولة
ساهمت الطبيعة الجبلية للإقليم في ضرب عزلة قاتلة على عدد كبير من جماعاتها المحيطة. وبالرغم من أن وزارة التجهيز قد عمدت إلى تعبيد عدد من الطرقات، فإن الساكنة عادة ما تفرض عليها العزلة من جديد في كل تساقطات مطرية. فقد تضررت عدة مسالك طرقية بعضها حديث العهد بالبناء، في السنة الماضية، وبالرغم من شكايات المواطنين الموجهة إلى كل من عامل الإقليم ومندوب وزارة التجهيز، فإن أوضاعها بقيت دون معالجة. فالطريق الوطنية رقم 408 والتي تربط بين مركز تاونات وقرية با امحمد لم يتم إصلاح الأعطاب الكثيرة التي تعرضت لها بسبب التساقطات. كما أن الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين فاس وتاونات تعرضت أجزاء منها بدورها إلى عدد من الإصابات دون إصلاحها، في وقت تسجل فيها حوادث سير تكون قاتلة في معظم الحالات. أما الطريق الرابطة بين جماعة وارتزاغ ومدينة فاس مرورا بمركز الولجة وحمرية، فهي لم تشهد أي إصلاح منذ إحداثها منذ 20 سنة، ما أفضى إلى تحولها إلى طريق شبه مشلولة. ولا تزال عدد من الجماعات القروية بقرية ابا امحمد، مثل جماعة اجبابرة وجماعة بوشابل وجماعة الولجة وجماعة سيدي العابد وجماعة المكانسة، تعاني من عزلة شبه تامة.
أزمة في الكوادر
في سنة 2007، وأثناء تقييمها للغيابات المتكررة لرجال التعليم عن مزاولة مهام التدريس في مختلف المؤسسات التعليمية بجماعات الإقليم، أحصت نيابة التعليم حوالي «قرن من الغياب» للمدرسين. وبهذا الرقم تكون المنطقة قد حطمت الرقم القياسي في غيابات الأساتذة والمدرسين عن أداء الواجب في مؤسساتهم التعليمية. وفي السنة الماضية حطمت الإضرابات التي شهدها القطاع التعليمي بالإقليم، والتي كانت تدعو إليها مختلف النقابات التعليمية للمطالبة بالاعتراف بالمنطقة منكوبة حتى يتمكن المدرسون من الاستفادة من بعض التعويضات، (حطمت) الأرقام القياسية على الصعيد الوطني. ولا يفضل عدد كبير من المدرسين الاستقرار بالقرب من مؤسساتهم التعليمية بمبرر غياب البنيات التحتية المناسبة في هذه الجماعات. ويقطن عدد منهم في مركز تاونات وفاس. ويبرر عدد منهم عدم التحاقهم بالتدريس في هذه المؤسسات بصعوبة التنقل وغياب المواصلات ووضعية الطرق المهترئة. ويفرض على المتمدرسين التأقلم مع هذا الوضع الذي يدفع عددا منهم إلى مغادرة الدراسة في وقت مبكر بسبب عدم مسايرة الركب أثناء الالتحاق بمستويات التعليم الإعدادي، والعودة إلى الدوار لمساعدة الأب في أعماله الفلاحية أو الاستعداد لولوج سلك الجندية أو تعلم الخياطة التقليدية، وهذه هي المهن التي يعرف بها سكان المنطقة، أو الهجرة إلى الأحياء الشعبية المحيطة بفاس بحثا عن عمل.
ونفس الأسباب التي يسوقها المدرسون لتبرير ظاهرة الغياب، هي التي يسوقها عدد من الأطباء لرفض الالتحاق بمستشفيات المنطقة، أو للإلحاح على طلب الانتقال. فبالنسبة لعدد منهم، فإن الإقليم يحتاج إلى بنيات تحتية مناسبة تشجعهم على استقرار أسرهم.
وساهم هذا الوضع في تراجع الخدمات الصحية في مستشفيات المنطقة والتي تراجعت إلى مجرد مراكز صحية عادية، كما هو الحال بالنسبة لمستشفى دائرة تيسا، التي احتجت ساكنتها لأكثر من مرة على هذا التراجع الذي يفرض عليها وعلى الجماعات المحيطة بها الانتقال إلى المستشفى الإقليمي لتلقي العلاجات، مع ما يسفر عنه ذلك من ضحايا بسبب وعورة المسالك وغياب وسائل النقل، وبعد المسافة. وفي دائرة قرية ابا امحمد أدى تقلص عدد الأطر الطبية بالمستشفى إلى التخلي عن عدد من الاختصاصات به. وبسبب غياب الأطقم الطبية، تراجعت الخدمات بعدد من مراكز وزارة الصحة بالجماعات القروية والتي أصبح عدد منها لا يتوفر ولو على طبيب واحد. فقد كان، مثلا، مستوصف جماعة وارتزاغ يتوفر على 3 أطباء، لكن العدد تراجع في الآونة الأخيرة إلى طبيب واحد لم يلتحق بالمستوصف إلا بعد احتجاجات متكررة للساكنة.
الطيور المهاجرة
اضطر الوزير التجمعي السابق محمد عبو، وهو رئيس جماعة بني وليد بتاونات، في شتنبر 2009، إلى المشاركة في أكثر من اعتصام نظم أمام ولاية جهة تازة تاونات الحسيمة إبان انتخاب مكتب مجلس هذه الجهة، وذلك بعدما أعلنت السلطات لأكثر من مرة عن تأجيل العملية الانتخابية، في وقت يقول فيه أنصار الوزير السابق عبو إنه يتوفر على أغلبية مريحة تمكنه من الفوز في سباق منافسة دخله إلى جانب محمد بودرا، رئيس بلدية الحسيمة، والذي قدم إلى حزب الأصالة والمعاصرة من حزب التقدم والاشتراكية. وبالرغم من هذه الاعتصامات، فإن الزمن دار وفاز محمد بودرا بأغلبية الأصوات ضد الوزير السابق عبو، الذي كان محسوبا وقتها على حلف مصطفى المنصوري، الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار. ولم يمكث الوزير عبو كثيرا في حكومة عباس الفاسي، إذ أطاح به تعديل حكومي، وأزيح المنصوري من على رأس حزب التجمع، كما أزيح من على رأس مجلس النواب، وقدم لقيادة سفينة الحزب وزير المالية صلاح الدين مزوار، وهو من المتحمسين للتحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة. واختار كل من محمد عبو الوزير السابق، ومحمد عبو الأب البرلماني الالتحاق بصف الأمين العام الحالي في آخر لحظة، حيث احتضن منزل العائلة بمركز فاس أحد أهم الاجتماعات الحاسمة الممهدة لمؤتمر الإطاحة بمصطفى المنصوري من على رأس الحزب. واستمر حزب التجمع الوطني للأحرار في تدبير شؤون أغلب الجماعات المحلية بمنطقة تاونات بعدما عرف أزمة داخلية تسببت في موجة التحاق عدد من المستشارين الجماعيين المحسوبين على «تيار» البرلماني عبو بحزب الأصالة والمعاصرة. وهدأت العاصفة بعد التحولات التي شهدتها المواقع، واحتفظ عبو الأب بمنصب المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، كما استمر في «تدبير» شؤون الخريطة السياسية والجماعية، مهما كانت تسميات جل الأحزاب السياسية، في هذا الإقليم.
وإذا كانت عائلة عبو من أبرز العائلات السياسية التي ارتبط اسمها بإقليم تاونات، فإن المنطقة أنجبت عدة شخصيات وازنة في المغرب، وهي ذاتها الشخصيات التي يعيب عليها سكان المنطقة عدم اهتمامها بالإقليم ومحنه التي لا تنتهي. فرئيس المجلس الأعلى للحسابات منذ سنة 2003 أحمد الميداوي هو من مواليد سنة 1948 بأولاد عمران بدائرة تيسة، ومحمد طريشة، وهو من الأسماء المعروفة في وزارة الداخلية والذي التحق بها منذ سنة 1972، يتحدر بدوره من تاونات والتي ولد بها في سنة 1948. وإلى جانب هؤلاء، فإن ساكنة المنطقة، تعتبر عددا من المسؤولين في مختلف أجهزة الدولة من أبناء المنطقة، بالرغم من أن سيرهم الذاتية تشير إلى أنهم ولدوا في مناطق أخرى، كما هو الحال بالنسبة لمصطفى الباكوري، المدير السابق لصندوق الإيداع والتدبير، والمدير الحالي لوكالة الطاقة الشمسية بورزازات.
عامل الإقليم يوزع العربات المجهزة على إسكافيي المنطقة في احتفالات رسمية
بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال47 لعيد الشباب والذكرى ال57 لثورة الملك والشعب، يوم الجمعة (20 غشت)، عمد عامل إقليم تاونات، محمد فتال، بحضور منتخبين ورجال سلطة ورجال أمن ودرك وقضاة، إلى توزيع عربات مجهزة بأدوات العمل لفائدة الإسكافيين ببلدية تاونات. وطبقا لبلاغ صادر عن خلية الاتصال بهذه العمالة، فإن المشروع يندرج في إطار البرنامج الأفقي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم سنة 2010. وقد رصد له غلاف مالي يقدر ب 26000,00 درهم بشراكة بين الهيئة الإقليمية للتنمية البشرية وجمعية الأعمال الاجتماعية لإقليم تاونات وبلدية تاونات وجمعية الأمل للإسكافيين التي استفادت من المشروع.
ومساء نفس اليوم تم تنظيم سهرة عمومية فنية قرب مقر العمالة شاركت فيها فرق فلكلورية محلية، وعرفت مشاركة كل من فرقة تكادة وعبيدات الرمى بخريبكة والفنان محمد رويشة، وهي الأمسية التي قاطعها معطلو المدينة الذين دأبوا على تنظيم احتجاجاتهم قبالة مقر العمالة للمطالبة بتوظيفهم، وهي احتجاجات عادة ما تواجه بتدخل قوات الأمن وقوات المخازنية لتفريقها.
وبتاريخ 21 غشت 2010، دشن عامل الإقليم بتراب جماعة اخلالفة التابعة لدائرة تاونات مشروع الإنارة العمومية بمركز الجماعة ، بغلاف مالي قدره 433.488,00 درهما ممول من ميزانية مجلس الجهة، وتفقد أشغال بناء المقر الإداري للسلطة المحلية بالجماعة المذكورة، هذا المشروع الذي يضم مقر القيادة وسكنا وظيفيا بني على مساحة 912 مترا مربعا منها 458 مترا مربعا مغطاة ورصد له غلاف مالي إجمالي قدره 1.496.044,00 درهما ممول من طرف الميزانية العامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.