زيادات مرتقبة في أسعار السجائر ابتداء من يناير 2026    أطباء القطاع الحر يحتجون على الوضعية غير القانونية لهيأتهم الوطنية ويطالبون بانتخابات عاجلة    تحويلات مغاربة الخارج تناهز 103 مليار درهم حتى نهاية أكتوبر    ارتفاع طفيف في أسعار الإنتاج بالصناعات التحويلية    أمرابط يقود الوداد لانتصار مهم على عزام التنزاني في كأس "الكاف"    الوداد يعود بفوز ثمين من زنجبار    بجيجو: بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، باشر المغرب إصلاحاً طموحاً لاستباق الأزمات الصحية وتعزيز حكامة المنظومة الصحية    جددت المملكة المغربية وجمهورية الصومال الفيدرالية، اليوم الجمعة، التأكيد على إرادتهما المشتركة لتعزيز شراكتهما القائمة على التضامن الفاعل بين البلدين    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف في تقريرها السنوي استمرار تضييق الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال 2024    انخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    الأطلس في قلب القفطان : رموز الطبيعة تلهم تصاميم أسبوع القفطان 2026    عن ترجمتها لرواية «حكاية جدار» للفلسطيني ناصر أبو سرور: الفرنسية ستيفاني دوجول تفوز ب «جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة»    ندوة وطنية بالصويرة تستقصي «ذاكرة الشاعر محمد السعيدي الرجراجي    الدورة 21 للمهرجان الدولي السينما والهجرة بأكادير تركز على قضايا الهجرة وتكرم رواد الصناعة السينمائية    هل كانت ترجمة قرار مجلس الأمن 2797 حيادية أو موجهة سياسيا؟    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    ترحيل جثامين أفراد الأسرة المغربية الأربعة ضحايا حادث اختناق في مالقة    النيابة العامة تلغي أزيد من 70 ألف برقية بحث طالها التقادم        الدار البيضاء .. التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين    مولودية وجدة يستقبل الجريح رجاء بني ملال لتأكيد الصدارة    "أوروبا ليغ".. ليون إلى الصدارة وأستون فيلا يواصل عروضه القوية    كوريا واليابان تدرسان تقديم ملف مشترك لاستضافة كأس آسيا لكرة القدم 2035    طنجة.. توقيف شخصين ظهرا في فيديو وهما يقودان سيارتين بطريقة خطيرة ويعرّضان حياة المارة للخطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    حموشي يجدد دماء إدارته بتعيينات جديدة في خمس مدن    المغرب وإسبانيا يعقدان الدورة ال13 للاجتماع رفيع المستوى في مدريد خلال دجنبر المقبل        أحكام نهائية ثقيلة في قضية "التآمر على أمن الدولة" بتونس        "فيفا" يكشف تفاصيل إجراء قرعة مونديال 2026 والوعاء الذي يضم المغرب    الوداد وأولمبيك آسفي يسعيان لمواصلة البداية القوية في كأس "الكاف"    إيران تقاطع قرعة كأس العالم 2026    ترامب يفعلها من جديد... إعلان مفاجئ يربك العالم.    أكثر من 1.1 مليار شخص قاموا برحلات دولية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    جلالة الملك يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالعيد الوطني لبلاده    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    انطلاق عملية تصدير أولى توربينات الرياح من معمل "أيون" بالدريوش نحو ألمانيا    مخرج فيلم "كوميديا إلهية " علي أصغري يقدّم مقاربة مبسطة للواقع في مهرجان الدوحة السينمائي    128 قتيلا حصيلة حريق بهونغ كونغ    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    13 قتيلاً في قصف على ريف دمشق    "العلم" تتوج بجائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها الخامسة عشرة    حجز 200 كلغ من اللحوم الحمراء الفاسدة بأحد المحلات بحي الديزة بمرتيل    مجلس النواب يصادق على قانون الانتخابات ويمرّر شرطاً تعجيزياً يُقصي الشباب من اللوائح المستقلة        وفاة داني سيجرين .. أول من جسّد شخصية سبايدر مان على التلفزيون    سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 40 قتيلا على الأقل    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الأمير مولاي رشيد: المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يرسخ الحوار والاكتشاف    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلاد أول دستور للمملكة بدون بصمة أجنبية وفصائل سياسية تعتبره غير كاف
نشر في المساء يوم 22 - 06 - 2011

ظل حلم الحصول على دستور ديمقراطي بالمغرب حاضرا باستمرار لدى الطبقة السياسية والفكرية في بلادنا طيلة قرن من الزمن، منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،
منذ أن عملت فئة من النخبة الفكرية والعلمية بالمغرب على وضع مسودة أول مشروع دستوري عام 1908 بتأثير من رياح الشرق، التي كانت تهب على المغرب من الإمبراطورية العثمانية. وبالرغم من توالي إصدار الدساتير في المغرب والتعديلات الجزئية، التي كانت تخضع لها منذ العام 1962، فإن دستور 1908 ظل مطمحا للجميع، إذ كان بمثابة المرجعية التاريخية التي تقاس عليها جميع المكاسب الديمقراطية في المغرب.
ويمكن القول إن دستور 2011، الذي أعلن عنه الملك أول أمس في خطابه بعد ثلاثة أشهر من المشاورات والمداولات، يرسم قطيعة مع الدساتير الممنوحة، التي كان يشرف عليها فقهاء دستوريون فرنسيون، ويعلن الابتعاد كثيرا عنها، بينما يؤكد القرب النسبي من طموحات الجيل الأول من المغاربة، التي عبر عنها مشروع 1908، على الأقل من حيث المنهجية الديمقراطية، حيث إنه لأول مرة يتم إشراك الطبقة السياسية والمجتمع المدني في وضعه، إذ كان التقليد السابق يقضي بأن يتم وضع مشروع الدستور داخل القصر بإشراف أجانب، ثم يتكلف الملك بمنحه للمغاربة، الذين يطلعون عليه للمرة الأولى أثناء الاستفتاء «التأكيدي»، بينما اعتمد وضع المشروع الجديد منهجية مقلوبة، إذ تم وضعه من قبل لجنة مثلت فيها مختلف التوجهات المجتمعية، ثم رفع إلى الملك كي يطلع عليه، وخرج جزء كبير من مضامينه إلى الرأي العام المغربي في مواكبة للنقاشات التي كانت تدور حوله.
نص الدستور الجديد في تصديره على أن المغرب دولة إسلامية ذات سيادة متشبثة بوحدتها الترابية وفاعلة ضمن المجموعة الدولية، وعلى أن الإسلام دين الدولة، التي تضمن للجميع حرية ممارسة الشعائر الدينية، وعلى تكريس الأمة المغربية لوحدتها وعلى التنوع المستمد من روافدها التي رسخت هويتها العربية والأمازيغية والحسانية والصحراوية -الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، وكذا تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار من أجل التفاهم بين مختلف الحضارات الإنسانية. كما تم ترسيخ مكانة اللغة العربية كلغة رسمية والتنصيص على وسائل النهوض بها، واعتبار الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، مع الإحالة على قانون تنظيمي يحدد كيفيات إدماجها في التعليم وفي القطاعات ذات الأولوية في الحياة العامة. ونص المشروع على أن القانون هو التعبير الأسمى عن إرادة الأمة، وعلى مساواة جميع المواطنات والمواطنين أمام القانون. وأكد المشروع على انتخاب ممثلي الشعب داخل الهيئات المنتخبة الوطنية والترابية بالاقتراع العام المباشر، وبشكل تكون فيه الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة أساس الشرعية والتمثيلية الديمقراطية، وعلى مبدأ الربط بين ممارسة المسؤوليات والمحاسبة. كما أكد على تكريس الملكية المواطنة الضامنة للخيارات الأساسية للأمة، والتي تتولى مهام السيادة والتحكيم الأسمى من خلال تحديد سن رشد الملك في 18 سنة إسوة بكل المواطنين المغاربة. وفيما يخص إمارة المؤمنين ميّز المشروع بين صلاحيات الملك، بصفته أميرا للمؤمنين الذي يرأس المجلس العلمي الأعلى، الهيئة الوحيدة المؤهلة لإصدار فتاوى رسمية، وبين صلاحياته بصفته رئيسا للدولة، وخول رئيس الحكومة سلطة تنفيذية فعلية وجعل البرلمان مؤسسة قوية ذات صلاحيات واسعة تشمل ممارسة السلطة التشريعية والتصويت على القوانين ومراقبة الحكومة وتقييم السياسات العامة.
وفي إطار منح المواطنين المزيد من المشاركة في التشريع منح الدستور الجديد للمواطنين والمواطنات الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية، على أن يحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، ومنح للمغاربة المقيمين بالخارج حقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، ونص على إحداث هيئة للتكافؤ ومكافحة كل أشكال التمييز، في إطار تحقيق مبدإ التكافؤ بين الرجال والنساء. ونص الدستور الجديد أيضا على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، وعلى أن السلطات العمومية تدعم بالوسائل الملائمة تنمية الإبداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة، كما يسعى إلى تطوير تلك المجالات وتنظيمها، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة. وأقر الدستور الجديد، لأول مرة، بالحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، وعلى أنه لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة. كما نص على أن حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، وعلى أن السلطات العمومية تعمل على تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.
وفيما يتعلق بصلاحيات الحكومة أصبح لهذه الأخيرة، بموجب المشروع الجديد، صلاحيات أوسع، إذ انتقل الوزير الأول إلى رئيس فعلي للحكومة، وصار هو الذي يقود وينسق العمل الحكومي، وينفذ البرنامج الحكومي، الذي نال على أساسه ثقة مجلس النواب، وله صلاحية الإشراف الفعلي على الإدارة والمؤسسات العمومية، بمن في ذلك ممثلو الدولة على المستوى اللامركزي، وهو يعين خلال انعقاد مجلس الحكومة الموظفين المدنيين السامين، بمن فيهم الكتاب العامون والمديرون المركزيون للوزارات ورؤساء الجامعات. وتم منح صلاحيات أوسع لمجلس الوزراء، تهم السياسات العمومية والقطاعية، ومشاريع القوانين قبل تقديمها إلى البرلمان، ومشاريع قوانين المالية، فضلا عن السلطة التنظيمية والتعيينات. وارتقى مشروع الدستور الجديد بالقضاء إلى سلطة مستقلة، لتكون في خدمة الحماية الفعلية للحقوق وضمان احترام القوانين، حيث أصبح المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يترأسه الملك، حجر الزاوية في هذه السلطة ويسهر على احترام الضمانات الممنوحة لرجال القضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.