نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح أحيانا قوية يومي الأحد والاثنين    منعطف قضائي بشأن شرعية رسوم تسجيل الطلبة الموظفين        طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    فيضانات تجتاح جنوب إسبانيا بعد تساقطات ليلية كثيفة    تأخر الإشهاد ونقص السيولة يرجئان صرف منحة "الريادة" إلى مطلع 2026    "كان المغرب".. موزمبيق يحقق أول انتصار له في تاريخ المنافسة على حساب الغابون (3-2)    سلطات آسفي تدقق في لوائح المتضررين من الفيضانات لتفادي الإقصاء            أمن أكادير يتفاعل مع "فيديو الطوبيس" ويوقف قاصرا بمدينة إنزكان    حكيمي: "جميع اللاعبين يشعرون بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.."    مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو تتجاوز 300 مليون دولار خلال موسم واحد    بنسليمان.. انتخاب أحمد بلفاطمي كاتبا إقليميا لاتحاد المقاولات والمهن بإجماع المهنيين    مدرب زامبيا يتوعد المغرب    الناخب الوطني: دياز بلغ "النضج الذهني"    تحسن نسبي مرتقب في الأحوال الجوية بالمغرب بعد أيام من الاضطراب الجوي        عاصمة الرباط تنتظرها بطولات أكبر ..    حادث دهس يصيب شرطيا إسرائيليا    بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري عام 2021    روسيا تعلن إسقاط 25 طائرة مُسيّرة    الحلم المغاربي حاضر في الرياضة غائب في السياسة    قرار حكومي يوسّع الاستفادة من منحة "مؤسسات الريادة" ويعدّل منظومة التحفيز    مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    بعد خمس سنوات من التطبيع.. تقرير يكشف تغلغل إسرائيل في المغرب من الفلاحة إلى الأمن والتعليم والطاقة    مباريات قوية الأحد تحدد ملامح التأهل    غموض الموقف المغربي والإماراتي يلفّ رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً لاعتراف إسرائيل ب"أرض الصومال"    شتاء غزة.. الأمطار تُغرق ما تبقى من خيام والبرد ينهش أجساد النازحين        "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ترفض مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وتدعو إلى جمع عام استثنائي    عواصف عنيفة تحصد أرواحًا في السويد وتغرق دول الشمال في الظلام    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    أزيد من 2600 مستفيد من قافلة طبية متعددة التخصصات بخنيفرة    مصرع عشريني في اصطدام مروّع بين دراجة نارية وسيارة بطنجة    كُرةٌ تَدُورُ.. وقُلُوبٌ تلهثُ مَعَها    العرض الرقمي الأول لفيلم عباسي    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام        ورزازات في الواجهة : العلامة الترابية "زوروا ورزازات" visit OUARZAZATE تتصدر مؤلَّفًا دوليًا مرجعيًا في إدارة العلامات التجارية بين الشركات    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    نسبة الملء 83% بسد وادي المخازن    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة مع رشيد نيني في واشنطن
نشر في المساء يوم 08 - 07 - 2011

لم يكن مفاجئا، إطلاقا، بالنسبة إلي أن أحلم بكابوس يكون الصديق القديم رشيد نيني حاضرا فيه بقوة، فقبل هجوعي إلى النوم، جرى الحديث عنه بيني وبين بعض أفراد عائلتي
ونحن على مائدة العشاء، كما قرأت أخبارا عنه، خلال اليوم نفسه، خصوصا في الجريدة التي يرأس مجلس إدارتها. ورغم أن جدتي -رحمها الله- كانت تنصحني بعدم سرد أحلامي على أي أحد، لحكمة تعلمها هي وحدها وتجنبتْ أن تذكرها لي، مكتفية بالقول «ما مزيانش وصافي».. فإنني أستسمحها لي هذه المرة أن أسرد هذا الحلم، أو بالأحرى الكابوس، الذي عشته في ليلة من ليالي الأسبوع الماضي، وأنا على يقين من أنني لست الوحيد الذي سبق له أن حلم برشيد نيني، خصوصا خلال هذه الأسابيع الأخيرة، حيث يقضي العقوبة الحبسية المجحفة وحيث لا يمر يوم دون أن نذكر اسمه ونطّلع على ظروف اعتقاله وغير ذلك من المستجدات المرتبطة بتجربته المريرة.
لم يسبق لي أن زرت أمريكا الشمالية ولا الجنوبية ولا الوسطى، ولكن كيف حدث أن حلمت أنني في مأزق مع رشيد نيني على سلم عمارة شاهقة في ولاية واشنطن؟ كنا نصعد درجات لا حصر لها ولا عد، لبلوغ ما يفوق الطابق الخمسين، دون أن نفكر في استعمال المصعد، مع علمنا بوجوب الصعود إلى ذلك الطابق، حيث يوجد مطعم، في حين قال لي رشيد نيني إنه ليس هناك مطعم بل معرض تشكيلي، فيه عدة لوحات للشعيبية طلال، لمزيد من التوضيح، وأنا أقول له إن الشعيبية ماتت ولا يمكن أن تكون هناك وإنه مطعم وليس معرضا تشكيليا، وأذكّره بأنني «جائع» وبأنه علينا أن نصعد إلى المطعم حالا..
كنا قد التقينا، صدفة، تحت ممر أرضي وعبّرتُ له عن أنه كان علينا أن نأتي إلى ولاية أخرى غير واشنطن، وقال لي إنه من الأحسن أن يكون المرء بالقرب من «جحر الأفعى»، ولم أفهم قصده، ثم فاجأني بالقول إنه سيرافقني إلى المطعم، لكنه لن يأكل أي شيء..
- أنا: هل تغذيت؟
- رشيد نيني: لا، لم أتغذ ولا أفكر في الأكل.
- أنا: إذا كانت شهيتك مقفلة، يمكن أن تفتح الشهية بعصير برتقال..
كنا قد ولجنا العمارة، حيث يوجد مطعم في أحد طوابقها البعيدة، لكنْ ونحن نصعد السلالم ونتصبب عرقا وأنفاسنا تكاد تنقطع، باغتتنا خادمة المطعم، وقد عرفنا صفتها من خلال بذلتها الفضفاضة، المائلة إلى البياض، والتي كانت مرسومة عليها بشكل فني كلمة «food»...
ما تزال هذه الكلمة ماثلة أمامي حتى كتابة هذه السطور. كانت خادمة المطعم ذات حجم مرعب: بدا أنها تزن أكثر من طن، إلى حد أننا تجنبنا التوجه نحوها أو حتى النظر إليها.. لاسيما أنه بالإضافة إلى كل تلك الأوصاف، كان شعرها أشعث، غير أنها أخذت تتعقبنا، بعد أن انتبهت إلى أننا غيّرنا وجهتنا وشرعنا، هذه المرة، نهبط السلالم التي لا حصر لها.. يا للكابوس! وكنا نتفادى أن تخبطنا بيديها، وكانت تستفسرنا حول وجهتنا، وهي تدعونا إلى مطعمها وتردد الكلمة ذاتها بصوت خشن: «فوود.. فوود.. فوود»..
وكان علي، في الصبيحة نفسها، حتى قبل أن أتوجه إلى العمل، أن أفك خيوط هذا الحلم المزعج، فقد كنت قرأت عنوانا بالبنط العريض، على رأس الصفحة الأولى للجريدة التي يرأس رشيد نيني مجلس إدارتها، مفاده أن التضييق عليه متواصل وأن ندوة في واشنطن تطالب بالإفراج عنه، إذن لهذا السبب كان الحلم قد جرى في هذه الولاية الأمريكية بالذات، لكن لماذا ذكر أنه لم يتغذ وأنه لا يفكر في الأكل؟ لا بد أن هذا الحادث له صلة باحتجاجه على المضايقات التي ما فتئ يتعرض لها في السجن -فكََّ الله أسره- إلى حد أنه هدد بالإضراب عن الطعام، بعد أن أضرب، فعلا، عن الخروج إلى الفسحة. ولكنْ ما موقع الفنانة التشكيلية طلال -رحمها الله- في هذا الحلم المزعج؟ الحقيقة، أعترف أنني لم أتوصل إلى معرفة السبب، وهذا شيء طبيعي، فأغلب الأحلام، أو بالأحرى الكوابيس، لا يكون منطقيا، لكنْ لماذا كان المطعم في الطابق ال57 وليس في الطابق السفلي مثلا؟ أعتقد أن السبب واضح، وهو أنه في ذلك اليوم كان عدد الأيام التي قضاها رشيد نيني وراء القضبان، بالضبط، سبعا وخمسين (57) يوما، وقد اطّلعتُ على هذه المعلومة في أعلى الصفحة الأولى للجريدة التي يرأس مجلس إدارتها، أما الجثة الضخمة لخادمة المطعم، التي كانت ترغب فقط في أن تخبطنا بيديها لتزهق أرواحنا، فهي الكابوس بعينه.
ذكريات قديمة واقعية، قد تسعف في إضاءة هذا الكابوس:
-الذكرى الأولى، في أواسط التسعينيات من القرن الماضي في مقهى «المثلث الأحمر» في الرباط: «تواطأ» رشيد نيني وجمال بودومة ضدي وسلباني بعض القطع النقدية حين وضعتها سهوا فوق الطاولة، وهما يسخران مني بعد أن عبّرت لهما، بكل سذاجة، عن عدم جدوى هذا المبلغ المالي الزهيد، وكنا جميعا في شبه عطالة عن العمل.
-الذكرى الأخرى ونحن (نيني والدامون وأنا) في بداية الألفية الثالثة، على متن باخرة «كوماريت»، عائدين من الخزيرات، بعد أداء مهمة صحافية بمناسبة موسم عبور الجالية المغربية في الخارج، حذرنا رشيد نيني من خطورة الريح ودعانا، بإحساس غامض، إلى أن نبتعد حالا عن سطح الباخرة، وهو يجرني أنا بالخصوص بكلتا يديه.
-تحية لرشيد نيني، إنه مبدع وليس مجرما أو إرهابيا، ولهذا ينبغي إطلاق سراحه.
صحافي في جريدة «بيان اليوم» - عبدالعالي بركات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.