رئيس النيابة العامة يدعو إلى تسريع أبحاث قضايا الفساد وتشديد العقوبات    Trevo تفتح باب التسجيل للمضيفين المغاربة‬    نادي المحامين بالمغرب يرفع دعوى قضائية ضد توكل كرمان أمام القضاء التركي    المدافع باعوف ضمن اللائحة الأولية لأسود الأطلس    باعوف ضمن الأسماء المدعوة في التشكيل الأولي لوليد الركراكي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ملتقى وطني للشبيبة الاتحادية بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيسها    شبكة لغسل أموال المخدرات عبر "منتجعات صحية" تُطيح بمسؤولين بنكيين    جماعة اثنين شتوكة ترفض تنظيم مهرجان فوق ترابها دون سلك المساطر القانونية وتطلب تدخل عامل الإقليم    مؤسسة "جدارة" تحتفي بجيل جديد من الشباب الطموح في يوم الاندماج والامتنان 2025    الشرطة تفك لغز جريمة غامضة بتزنيت    غياب حكيمي عن مواجهة لوريان مع PSG.. ما السبب؟    حكيمي ضمن التشكيلة المثالية للجولة ال9 من الدوري الفرنسي    شاطئ مدينة مرتيل يشهد اختتام البطولة الوطنية للصيد الرياضي الشاطئي    الدرك يحقق في حادثة سير أودت بحياة سيدة وطفلة قرب ابن أحمد    في قلب بنسليمان..مهرجان عيطة الشاوية يرى النور في مدينة المونديال    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    يضم نقوشا صخرية وقبورا جنائزية.. مطالب بحماية موقع أثري بكلميم من التخريب    تصريحات لامين جمال تُشعل الكلاسيكو    انتفاضات واحتجاجات تختفي.. وأخرى جديدة تظهر، لكن حالتنا السياسية لا تتغير    أزيد ‬من ‬178 ‬ألف ‬قضية ‬طلاق ‬وتطليق ‬سنويا ‬بمعدل ‬488 ‬حالة ‬يوميا    عودة الاحتجاج على تعطيل التكرير في مصفاة "سامير" وضياع حقوق الأجراء والمتقاعدين    مشروع قانون مثير للجدل يجرّم "التشكيك" في نزاهة الانتخابات و"التشهير" بالناخبين والمرشحين    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    مونديال اليافعات (ثمن النهائي).. المنتخب المغربي يواجه كوريا الشمالية بطموح بلوغ ربع النهائي    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    "خاوة خاوة.. بلا عداوة" أغنية تجسد نداء الأخوة المغربية الجزائرية في ذكرى المسيرة الخضراء أعلنت شركة موغادور ميوزيك ديجيتال المغربية عن قرب إصدار الأغنية الجديدة "خاوة خاوة.. بلا عداوة"، بمشاركة نخبة من الفنانين المغاربة والجزائريين، في عمل فني مشتر    ارتفاع أسعار النفط بعد التوصل إلى إطار عمل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين    إعطاء انطلاقة 49 مركزا صحيا جديدا على مستوى 9 جهات    دراسة حديثة: الاحتباس الحراري يؤثر في توزيع الأمطار والثلوج    سورج: يامال تأثر بصافرات الاستهجان.. والخسارة في الكلاسيكو لا تدعو للقلق    ترامب يرغب في لقاء كيم جونغ أون    روسيا تعلن اعتراض 193 مسيرة أوكرانية    الأمين العام للأمم المتحدة يدين انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف    النفط يرتفع بعد توصل أمريكا والصين إلى إطار عمل لاتفاق تجاري    بورصة البيضاء تبدأ التداول بأداء إيجابي    تصاعد الشكاوى من عنصرية المرضى والزملاء ضد الممرضين في بريطانيا    شكاية ضد توكل كرمان بتهمة التحريض    هامبورغ تتصدر مجددا قائمة الولايات الأكثر سعادة في ألمانيا    الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار .. تقدم الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا    كيوسك الإثنين | إصلاحات جديدة لتعزيز الشفافية وتحصين العمليات الانتخابية    دونالد ترامب يبدأ زيارة رسمية لليابان    الصين: ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الكبرى بنسبة 3,2 بالمائة عند متم شتنبر    أغنى رجل في إفريقيا سيجعل مصفاته في نيجيريا "الأكبر في العالم"    "البحر البعيد" لسعيد حميش يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حفل الحراقية يختم مهرجان الصوفية    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنياؤهم وأغنياؤنا
نشر في المساء يوم 03 - 09 - 2011

تشهد العديد من الدول الغربية حالة استنفار لمواجهة آثار الأزمة المالية والاقتصادية الحالية وتأثيراتها على ميزانيات هذه الدول. وتوقع الخبراء ارتفاع العجز في الميزانيات السنوية
وتصاعد الديون العمومية، بما يهدد وضعها الاقتصادي برمته.
وفي خضم النقاش حول سبل الخروج من الأزمة، خرج الملياردير الأمريكي وارين بوفيت في مقال له في «النيويورك تايمز» ينادي برفع الضرائب المفروضة على كبار الأغنياء، مطالبا بألا تمس الزيادة في الضرائب 99,7 في المائة من المساهمين الأمريكيين، ولكن فقط الباقين الذين يصرحون بأكثر من مليون دولار من المداخيل في السنة.
وفي فرنسا، طالب 16 من كبار أثريا ومدراء كبريات الشركات الفرنسية الحكومة الفرنسية بفرض مزيد من الضرائب عليهم للإسهام في تخفيف الأزمة المالية وإيجاد مخرج لعجز الدولة الحالي. وقد كان لندائهم وقع كبير في الإعلام، ونشر على نطاق واسع تحت عنوان: «اِفرضوا علينا مزيدا من الضرائب». ومما جاء فيه: «نحن رؤساء وقادة الصناعة ورجال ونساء الأعمال والمصرفيون والمواطنون الأثرياء، نود أن يقوم أثرى المواطنين بدفع مشاركة استثنائية عندما يؤدي العجز في الميزانية العامة واحتمالات تدهور الدين الحكومي إلى تهديد مستقبل فرنسا وأوربا، وعندما تتقدم الحكومة بطلب التضامن من الجميع، تظهر مدى أهمية مشاركتنا».
وبالفعل، فقد فرضت الأزمة المالية والاقتصادية، التي لا تكاد تخف حتى تشتد مرة أخرى، على الحكومات الغربية «الرأسمالية الليبرالية» مراجعة سياساتها الضريبية. وعادت إلى الواجهة في مختلف الدول الأوربية مفاهيم، مثل الضريبة على الثروة ورفع رسوم الأجور العليا وغيرهما.
وإذا أخذنا مثال فرنسا، فإن الحكومة تهدف إلى تقليص عجز المالية العمومية والذي يساوي حاليا 5,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فاقترحت مجموعة من الإجراءات ستعرض على البرلمان في بداية شهر شتنبر المقبل، وهي تتضمن زيادة في عدد من الرسوم والضرائب وإلغاء إعفاءات ضريبية وخفض العديد من النفقات، بما يوفر حوالي 11 مليار يورو خلال 24 شهرا، ويخفض عجز الميزانية الفرنسية إلى أقل من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في أفق سنة 2013.
وتشمل تلك الإجراءات الزيادة في الرسوم على المرتبات العليا، وزيادة الرسوم على الخمور والسجائر والمشروبات الغازية، وعلى تذاكر المهرجانات وقاعات الألعاب وغيرها. وقد قام الوزير الأول الفرنسي بتقديمها إلى الرأي العام من الآن، والنقاش حولها مفتوح بين الأحزاب السياسية وفي الإعلام.
لكن ماذا عن المغرب؟ ما هي خطط الحكومة لمواجهة العجز المتوقع في الميزانية العامة؟ أين النقاش العمومي الشفاف في هذا المجال؟ يبدو أن الحكومة واللوبيات المتحكمة لا تزال تريد الانفراد بالإجراءات والقرارات، وتتوجس من أي نقاش مفتوح قد يؤدي إلى التضحية بالامتيازات المراكَمة.
ويمكن أن نقف هنا عند أهم دروس التحولات التي يعرفها النقاش في الدول الغربية.
الدرس الأول هو وعي جزء مهم من كبار الأثرياء وأرباب الشركات الكبرى في الغرب بارتباط مصالحهم بحفظ مصالح المجتمع كله، فتراكم ثرواتهم مقابل الفقر المدقع بجوارهم تهديد للاستقرار. وأظن أن على أثرياء المغرب وأرباب شركاته الكبرى أن يقوموا بخطوات شجاعة لتخفيف الضغط على الفئات الضعيفة والمتوسطة، وإلا فإن التوتر الاجتماعي سيضر ليس فقط بمصالح هذه الفئات، وإنما سيضر أساسا بمصالحهم هم.
وهنا، لا بد من التأكيد على أنه رغم وجود مقاولات مواطنة تؤدي مهامها وواجباتها في مهنية وفي احترام للمقتضيات القانونية والأخلاقية ذات الصلة، فإن هناك أخرى تتهرب من الضرائب وتهرب الأموال إلى الخارج وتتنكر لواجباتها الاجتماعية. لأرباب هذه المقاولات نقول إنهم يشكلون، فعلا، ثقبا في مالية المغرب وعبئا على الوطن والمواطنين. الدرس الثاني هو عودة الضريبة التضامنية على الثروة بقوة في مختلف الدول الغربية، على أساس أنها -في هذه الظرفية الصعبة بالذات- تضمن أكثر قاعدة العدالة الضريبية، وتسهم في الحد من التفاوت في توزيع المداخيل والثروات. ومن الضروري اليوم ببلادنا البدء في تطبيق هذا النوع من الضريبة بالشكل الذي يحقق هذه الأهداف دون دفع المستثمرين وأصحاب الأموال إلى الهجرة إلى الخارج بطبيعة الحال.
الدرس الثالث هو أن أفضل حل لمعضلة صندوق المقاصة ليس هو إلغاؤه بحجة أن دعم المنتجات الأساسية تستفيد منه الفئات الغنية أكثر من الفئات الفقيرة التي يفترض أن يرصد لها، وأن نفقاته تشكل ضغطا على تحملات الميزانية العامة للدولة مما يمس بالتوازنات الاقتصادية الكبرى (أو الماكرو اقتصادية)، ولكن أفضل حل هو استعمال الآلية الجبائية لترد الفئات الغنية من خلالها ما استفادته من دعم المواد الأساسية، وبذلك يمكن أن تسهم السياسة الجبائية بفاعلية في إعادة التوزيع الجماعي والتخفيف من الفوارق الاجتماعية. ومن هنا، تشكل زيادة الضرائب والرسوم على المواد والخدمات التي لا تحتاجها الفئات الضعيفة والمتوسطة الوسيلة الناجعة.
الدرس الثالث، ويندرج ضمن النقطة السابقة، هو ضرورة إعادة النظر في أشطر ونسب الضريبة على الدخل، بما يحقق تصاعدية حقيقية تسير في اتجاه تحقيق أقصى درجة من الإنصاف. وأذكر أنه طيلة السنوات الماضية، كلما ارتفعت المطالبات بخفض نسبتها على الأجور الضعيفة والمتوسطة، تمرر الحكومة أيضا تخفيضات على الأجور العليا، مع أن تأثير النسب، مهما علت، على هذه الأخيرة ضعيف جدا، لكنه يسهم بقسط معين في العدالة الجبائية المذكورة. ونحن نظن أن التأثر بالنموذج الفرنسي كان حاضرا آنذاك حتى في بعض النسب. واليوم، يقترح الوزير الأول الفرنسي رفع النسبة العليا للضريبة على الدخل من 40 إلى 41 في المائة. وقد آن الأوان لتراجع الحكومة فورا نسب تلك الضريبة عندنا، بما يناسب أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، لتصبح أكثر تصاعدية بما يحقق الأهداف الموازناتية والاجتماعية وفق السياق المغربي، فالدراسات تبين أن النسب الحالية تؤدي، في النهاية، إلى أن ضغط الضريبة على ضعيفي الدخل أكبر بكثير من ضغطها على ذوي المداخيل العالية.
هذه بعض الدروس الآنية التي لا تغني عن البدء في إصلاح جذري للمنظومة الجبائية وإصلاحات عميقة في طريقة تدبير الشأن العام الوطني بما يقطع مع التبذير والفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.