مرت 20 فبراير، قبل خروجها إلى العلن بشكلها الحالي وبتنسيقياتها المختلفة، بمراحل متعددة، إذ انطلقت بصفحة «مغاربة يحاورون الملك»، التي تغيّرَ اسمها، بعد ما وقع في تونس، إلى «حركة حرية وديمقراطية الآن»، التي أصدرت بيانها الأول في 27 يناير 2011 وضم خمسة مطالب أساسية، تمثلت في «إلغاء الدستور الحالي وتعيين لجنة تأسيسية من كفاءات نزيهة من هذا البلد لوضع دستور جديد يعطي للملكية حجمها الطبيعي، وحل البرلمان والحكومة والأحزاب، التي ساهمت في ترسيخ الفساد السياسي، إضافة إلى اتخاذ إجراءات فورية حقيقية وملموسة للتخفيف عن معاناة الشعب المغربي وإحداث صندوق عاجل للتعويض عن البطالة وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتعيين حكومة مؤقتة تقوم بالتدبير المؤقت، في انتظار وضع الدستور وتوافق الهيآت والفعاليات النزيهة من كافة فئات الشّعْب على ما يجب القيام في إطار العقد المجتمعي الجديد بين الملكية والمجتمع». وربطت الحركة مطالبها الخمسة بكونها تأتي في إطار وصفتها بالتحولات العالمية المتسارعة، التي تتجه إلى إعطاء الشعوب المكانة التي تستحقها وتكريس أولوية الديمقراطية والحرية والإرادة الشعبية. واعتبرت أن مبادرتها تقوم على «تنظيم تظاهرة عارمة من أجل مطالبة المؤسسة الملكية بإحداث التغييرات الضرورية في النظام السياسي بما يُمكّن فئات الشعب المغربي من حكم نفسها وإحداث قطيعة حقيقية ونهائية مع ممارسات الماضي والاستفادة من خيرات البلد وتحقيق التنمية الحقيقية». ولم تنس الحركة، في بيانها التأسيسين التذكير بأن الملك أعرب، في بداية حكمه، عن نيته في تحديث المجتمع المغربي، وقام بمبادرات في هذا الاتجاه، من قبيل التحقيق في ما يسمى «سنوات الرصاص» وتوسيع هامش ملحوظ في الحريات وتبيني لغة جديدة في التعامل مع متطلبات الشعب المغربي. والملاحظ في هذا البيان، الذي حمل توقيع ثلاث شخصيات، سرعان ما ستختفي من الساحة الإعلامية، أنه تضمّنَ ستتغير بعد دخول الهيآت السياسية إلى الحركة، من قبيل مطلب «تعيين لجنة تأسيسية» في البيان الأول، الذي سيتحول إلى مطلب «انتخاب مجلس تأسيسي»، كما أن دعوة الحركة إلى حل الأحزاب يُظهر غياب الثقافة السياسية عن مصدريه وأن مطالبهم كانت اجتماعية محضة من خلال مطالبتهم بإنشاء صندوق للتعويض عن البطالة.
وثيقة ميلاد 20 فبراير بعد ثلاثة أيام من إصدار الوثيقة الأولى، صدرت الوثيقة الثانية التي تؤرخ لميلاد لحركة 20 فبراير، تحت اسم «الأرضية التأسيسية لحركة 20 فبراير من أجل الكرامة.. الانتفاضة هي الحل». وحملت الوثيقة توقيع المدون فتح الله الحمداني، باسمه المستعار «سليم ماضي»، بتاريخ 30 يناير 2011، وسرعان ما تم تدارك القصور السياسي الذي تميزت به الوثيقة الأولى للحركة، عبر إعادة تقويم مطلب إلغاء دستور 1996 وتهيئ الظروف لانتخاب هيئة تأسيسية من طرف الشعب تناط بها مهام إعداد دستور يُعرَض للاستفتاء، يقوم على أسس حديثة تأخذ فيه الملكية شكلها الحديث كرمز لوحدة الأمة، دون صلاحيات تنفيذية أو تشريعية أو قضائية، بخلاف الوثيقة الأولى التي نصّت على تعيين. كما شملت المطالب إقالة الحكومة الحالية وحل البرلمان، بمجلسيه، وتعيين حكومة انتقالية، تناط بها مهام اتخاذ مبادرات عاجلة من أجل التخفيف من حدة الأزمة الاجتماعية، بخفض الأسعار والزيادة في الأجور وفتح صندوق عاجل للتعويض عن البطالة وتشغيل جميع حاملي الشهادات المعطلين فورا، بدون قيد أو شرط، وتطبيق القانون على الجميع، بمحاكمة كل المفسدين وكل من ثبت تورطهم من المسؤولين في جرائم ضد الشعب المغربي، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين. وتحدثت الوثيقة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يمثله تردي الحالة الاجتماعية للأغلبية الساحقة التي تتعمق حدتها بغلاء الأسعار وتدني الأجور وتفشي البطالة، حتى في صفوف حملة الشهادات العليا، الذين تُقابَل مطالبهم العادلة والمشروعة بالتعامل اللا إنساني من طرف الدولة، وانتشار الأمية وتدني مستوى التعليم، إلى جانب انتهاك الحريات وحقوق الإنسان التي تجلّت في التضييق على الصحافة وقمع المظاهرات وعودة الاختطافات والتعذيب في السجون، السرية والعلنية، وكذا تفشي الرشوة والمحسوبية وتشجيع اقتصاد الريع، وهي الأوضاع التي ينطق بها الواقع المعيش وتقر بها تقارير المنظمات الدولية. وتعد هذه الوثيقة شهادة ميلاد «حركة 20 فبراير من أجل الكرامة»، التي وُصِفت بأنها حركة مستقلة عن كل الأحزاب والنقابات وباقي التنظيمات الموجودة في الساحة، تقتنع وتلتزم بالعمل في إطار ما تتيحه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان من إمكانات للفعل الميداني، هدفها «العمل إلى جانب الشعب المغربي من أجل المطالبة بكرامته ومن أجل صالح هذا الوطن بمحاربة كل الفاسدين الواقفين ضد الإرادة الشعبية». وقررت الحركة أن المسيرات يجب أن تكون في 27 فبراير، لكنْ لتزامن ذلك اليوم مع ذكرى تأسيس البوليساريو، فقد تقرَّرَ أن يتم تقديم المسيرة في 20 فبراير، تزامنا مع الأحد، يوم العطلة الأسبوعية الرسمية في المغرب.