تلطخت سمعة المغرب رياضيا مرة أخرى على هامش المشاركة المخيبة للآمال في النسخة الثلاثين لدورة الألعاب الأولمبية بلندن 2012، إذ بجانب إخفاق 72 رياضيا في بلوغ منصة التتويج، فقد سقطت كل من مريم العلوي السلسولي وأمين لعلو في اختبار المنشطات وقبلهما عداء الماراطون عبد الرحيم كومري. ورغم أن المغرب لم يسجل في آخر سنتين أرقاما مهولة في حالات سقوط الرياضين في «شرك» المنشطات واحتلاله قبل الحالات المذكورة أعلاه المركز الحادي عشر عالميا ضمن تصنيف الاتحادات الوطنية والمركز الأول عربيا أمام مصر وقطر مقابل تصدر دول مثل الهند وروسيا وفرنسا التي تتوفر على تشريعات وهيئات تحارب تعاطي المنشطات فإن الظاهرة أصبحت مقلقة ومستفزة إلى درجة تبادل اتهامات ورفع دعاوي ضد مجهول وحديث خفي عن لوبيات تدعم جلب وتسويق هذه المواد المحظورة داخل الوطن. وزاد من حجم الكارثة سقوط أسماء وازنة كان اثنان منها (مريم العلوي السلسولي وأمين لعلو) كانت ضمن الفئة (أ) لبرنامج إعداد رياضيي الصفوة وهي الفئة التي كانت تتقاضى مبلغ 20 ألف درهم شهريا إلى جانب الاستفادة من تجمعات ودوريات خارجية، بجانب أن الأمر تزامن مع إخفاق رياضيي ألعاب القوى وباقي الأنواع الرياضية ال11 الأخرى التي كرست تواضع رياضة مغربية تلزمها مراجعة شاملة. مع تنامي الظاهرة مغربيا بحالات مدوية نشطت جمعيات الطب الرياضي وبعض جمعيات المجتمع المدني للمطالبة بسرعة سن التشريعات وتنصيب وكالة وطنية لمكافحة المنشطات، إلا أن رد الفعل الرسمي للجامعات المعنية والقطاع الوصي لم يواكب، إلى أن استفحل الأمر وأصبح الكل يطالب بوقف النزيف ومعالجة الظاهرة من جذورها. وبالرجوع إلى تعريفات الطب الرياضي فالمنشطات هي استخدام مختلف الوسائل الصناعية لرفع الكفاءة البدنية والنفسية للفرد في مجال المنافسات أو التدريب الرياضي، وهي مواد صناعية غير فيسيولوجية تزيد من كفاءة الرياضي. وتتوزع بين مواد صيدلية صناعية، مثل منبهات الجهاز العصبي المركزي والهرمونات والمواد المشتقة منها ومحفزات مستقبلات البيتا والمخدرات والأدوية المدرة للبول والمواد الحاجبة. وهناك أيضا ما يطلق عليه الوسائل المحظورة التي تتم من خلال نقل الدم أو تعزيز نقل الأوكسجين أو المعالجة الكيميائية والفيزيائية. وقامت جامعة ألعاب القوى باعتبارها أنها المعنية مباشرة بالملف لكون عدائيها هم من تورطوا وتم ذكر أسمائهم في لوائح الجهات المختصة بالاتحاد الدولي على مر السنين بتحرك معنوي برفع دعوى قضائية «ضد مجهول» لا تزال تراوح مكانها، بينما خرج أكثر من بطل أولمبي وعالمي ليتحدث عن «وجود تشجيع رسمي» لهذه الظاهرة بينما هدد وزير الشباب والرياضة محمد أوزين وكاتب عام وأمين مال اللجنة الوطنية الأولمبية نور الدين بنعبد النبي بإلزام الرياضين الذين سيثبت أمر تعاطيهم للمنشطات بإرجاع الأموال التي حصلوا عليها ضمن برنامج إعداد رياضيي الصفوة. توزعت حالات الرياضين المغاربة الذين بلغوا 38 حالة بين 2003 و2012 بين تناول المواد المحظورة صيدلانيا أو تلك المنقولة عن طريق الدم بعد أن أبدع الاتحاد الدولي لألعاب القوى جواز السفر البيومتري حيث أعطى نتائج وصفت بالجيدة في إطار الحرب المفتوحة مع اللوبيات التي تشجع التعاطي للمنشطات والمخدرات والتهرب من الفحص. وكان الرجاوي عبد الواحد عبد الصمد أول لاعب كرة قدم يثبت تناوله المنشطات عقب اختبار بتونس على هامش مباراة لدوري الأبطال الإفريقي أمام النجم الساحلي ويتعلق الأمر بمادة «الكيف» ووهي مادة منشطة تتداول بكثرة لدى كثير من الممارسين الرياضيين خصوصا لاعبي كرة القدم إذ تمنحهم القدرة على التحمل كما وتجعلهم أكثر هدوءا وتبطل شعور الجسد بالإرهاق. بجانب العقوبات الإدارية والمالية يتعرض الرياضيون الذين يتناولون المواد المحظورة لمخاطر صحية مختلفة تهم الإدمان وزيادة ضغط الدم والشعور بالقلق والنزعة العدوانية والإدمان وفقدان الشهية وآلام الصدر والاكتئاب وأمراض الأوعية القلبية وتساقط الشعر وعدم انتظام ضربات القلب والمشاكل الجنسية. ورغم أن بداية المنشطات كانت في ساحات الحروب إبان الحرب العالمية فإن رياضيي ألعاب القوى والدراجات هم من ارتبطت بهم هذه الآفة بل إن أول حالة وفاة لرياضي تناول المنشطات سجلت عام 1886 للاعب دراجات بريطاني في سباق للدراجات بين باريس وبوردو. كما توفي لاعب دراجات دنماركي في أولمبياد روما 1960 إثر جرعة زائدة من مزيج الامفتامين وحمض النيكوتنيك وكذا لاعب ألعاب القوى بسبب جرعة زائدة من الهيروين.