تشير أحدث التوقعات الصادرة عن مؤسسة "فيتش سولوشنز" إلى تحسن مرتقب في إنتاج القمح بكل من المغرب ومصر خلال موسم 2025/2026، في تطور قد يخفف جزئيا من الضغوط التي تواجهها منظومة الأمن الغذائي في البلدين، وإن كان التحدي الأكبر لا يزال متمثلا في التغيرات المناخية والتحديات المرتبطة بالمياه والموارد الزراعية. ووفقا للتقرير، من المنتظر أن يرتفع إنتاج القمح في المغرب بنسبة 16.7%، ليصل إلى 2.9 مليون طن، بعد تراجع حاد سجله الموسم السابق بنسبة 40.9%، نتيجة ظروف الجفاف الطويل الذي أثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي، خاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد. هذا التحسن يعزى بالأساس إلى تحسن التساقطات المطرية مطلع سنة 2025، رغم أن آثار الجفاف لا تزال ملموسة. في المقابل، تتوقع المؤسسة أن يسجل إنتاج القمح في مصر زيادة طفيفة بنسبة 1.3%، ليرتفع من 10.10 مليون طن إلى 10.13 مليون طن. هذه الزيادة تعود إلى التوسع في المساحات المزروعة وتحسن ظروف السوق، إلا أن مصر ستبقى مع ذلك واحدة من أكبر مستوردي القمح عالميًا، مع اعتماد يتجاوز 50% لتغطية حاجياتها الاستهلاكية. ولا تزال ندرة المياه في المغرب من أكبر العوائق أمام استدامة الإنتاج الزراعي، مما يدفع الحكومة إلى تعزيز استثماراتها في مشاريع تحلية المياه والتقنيات الزراعية الحديثة. وعلى الرغم من هذه الجهود، يبقى التغير المناخي عاملا ضاغطا على القطاع الفلاحي، ويضع مستقبل الأمن الغذائي في المغرب على المحك. أما مصر، فرغم كونها من أكبر منتجي القمح في إفريقيا، إلا أن الاكتفاء الذاتي ظل منخفضا عند متوسط 45.5% خلال الفترة ما بين 2020 و2025. الحكومة المصرية تعمل على تقليص هذه الفجوة من خلال رفع الأسعار المقررة للفلاحين، وتحديث أنظمة الري، وتحسين جودة البذور. كما أبرمت اتفاقيات تمويل دولية لتعزيز الأمن الغذائي، منها قرض بقيمة 700 مليون دولار من المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة. ويشكل القمح ركيزة أساسية في النظام الغذائي لكلا البلدين، ففي مصر يسهم بنحو 1,060 سعرة حرارية للفرد يوميًا، ويغطي برنامج دعم الخبز حوالي 66% من السكان، مما يجعل استقرار أسعار القمح أولوية قصوى للدولة. أما في المغرب، فتؤثر تقلبات أسعار القمح بشكل مباشر على مستوى المعيشة، لا سيما في ظل هشاشة القطاع الزراعي. وفي ظل استمرار التغيرات المناخية واشتداد الضغوط على الموارد الطبيعية، من المتوقع أن يبقى كل من المغرب ومصر معتمدين على استيراد القمح لتلبية احتياجاتهما الغذائية، على الرغم من التحسن النسبي المتوقع في الإنتاج المحلي.