العرائش أنفو في الوقت الذي تحتفل فيه معظم دول العالم ب عيد العمال (فاتح ماي)، تعتبر هولندا واحدة من الدول الأوروبية القليلة التي لا تُخصص هذا اليوم كعطلة رسمية. بل على العكس، يمر يوم فاتح ماي في هولندا كأي يوم عمل عادي، مما يثير تساؤلات حول سبب هذا الاستثناء في سياق العالم المعاصر. الاستثناء الهولندي: السياق التاريخي والسياسي تُعتبر هولندا استثناءً في هذا السياق مقارنةً بدول أخرى مثل ألمانيا، فرنسا، وبلجيكا، التي تحتفل جميعها ب عيد العمال في فاتح ماي. إلا أن هذا الاستثناء لا يعد أمراً عشوائيًا، بل يعكس تفاعلاً مع عوامل تاريخية، سياسية، وثقافية تشكّل الهوية الاجتماعية والسياسية في هولندا. ضعف التأثير التاريخي للحركات العمالية في هولندا على عكس العديد من الدول الأوروبية، التي شهدت حركات عمالية كبيرة في بداية القرن العشرين، لم تعرف هولندا نفس الزخم الثوري أو التصعيد النقابي الذي أدى إلى فرض فاتح ماي كعطلة رسمية. ففي دول مثل فرنساوألمانيا، كانت النقابات العمالية أكثر قوة، وقد تمكنت من دفع الحكومات للاعتراف بهذا اليوم ك يوم عيد العمال. في هولندا، لم يكن للحركات العمالية نفس التأثير البارز، وهو ما جعل هذا اليوم يمر دون أن يُعترف به كعطلة رسمية. النقابات العمالية في هولندا، بالرغم من قوتها الحالية، لم تكن في الماضي قوية بما يكفي للضغط من أجل الاعتراف ب فاتح ماي. وجود بديل رمزي: يوم الملك إحدى الأسباب المهمة لعدم احتفال هولندا ب فاتح ماي هي التقارب الزمني بين عيد العمال ويوم الملك. في هولندا، يتم الاحتفال ب يوم الملك (Koningsdag) في 27 أبريل، وهو يوم عطلة وطنية كبرى في البلاد. قبل ذلك، كان يُحتفل ب يوم الملكة (Koninginnedag) في 30 أبريل. وكان هذا التاريخ قريبًا جدًا من فاتح ماي، مما خلق نوعًا من البديل الرمزي الذي يعوض احتفال العمال بهذا اليوم. يحب الهولنديون بشكل عام العائلة الملكية، وتعتبر الملكية جزءًا من هويتهم الثقافية والاجتماعية. لذا، توفر الاحتفالات الملكية نوعًا من الاحتفال الوطني الكبير الذي يحل محل عيد العمال في الذهنية الشعبية. الرمزية بين عيد العمال ويوم الملك في الماضي، عندما كان يُحتفل ب يوم الملكة في 30 أبريل، كان هناك تداخل بين عيد العمال و يوم الملكة في الأذهان، وهو ما شكل نوعًا من التوازن الرمزي. ومع نقل يوم العرش إلى 27 أبريل في ظل عيد ميلاد الملك ويليام ألكسندر، اختفى هذا التداخل الزمني، ولكن لم يُعوّض ذلك بإقرار فاتح ماي كعطلة رسمية. هذا التغيير أزال التوازن الرمزي الذي كان قائمًا بين العيدين. التوازنات السياسية الداخلية على الرغم من أهمية العائلة الملكية في هولندا، إلا أن المسألة ليست مجرد حب للملك. يتعلق الأمر بشكل أساسي بالتوازنات السياسية الداخلية في البلاد. الحزب العمالي في هولندا لم يكن يومًا قويًا بما فيه الكفاية للضغط على الحكومة لتخصيص فاتح ماي كعطلة رسمية. ومع ذلك، تمكنت النقابات العمالية من الحفاظ على الرمزية العالمية لعيد العمال من خلال تنظيم احتجاجات ومسيرات لرفع الوعي حول قضايا حقوق العمال. دور النقابات العمالية في هولندا بالرغم من أن فاتح ماي ليس يوم عطلة رسمية في هولندا، تلعب النقابات العمالية دورًا رئيسيًا في حماية حقوق العمال. وتشمل المهام الأساسية للنقابات: التفاوض الجماعي: تقوم النقابات بالتفاوض مع أرباب العمل حول الأجور، ساعات العمل، الإجازات، و شروط العمل. حل النزاعات: تقدم النقابات الدعم للعمال في حالة حدوث نزاعات مع أرباب العمل، سواء من خلال التفاوض أو اللجوء إلى القضاء. التأثير السياسي: تلعب النقابات دورًا في التأثير على التشريعات والسياسات التي تهدف إلى حماية حقوق العمال. حماية من الاستغلال: تسعى النقابات لحماية العمال من الاستغلال في بيئات العمل غير الآمنة أو غير العادلة. خلاصة في الختام، يعتبر فاتح ماي يومًا عالميًا بالنسبة للعديد من دول العالم، ولكن في هولندا لا يُحتفل به كعطلة رسمية بسبب عدة عوامل، أهمها التقارب الزمني مع يوم الملك، ضعف التأثير التاريخي للحركات العمالية، والتوازنات السياسية الداخلية. رغم ذلك، تستمر النقابات العمالية الهولندية في رفع الوعي حول قضايا العمال من خلال تنظيم احتجاجات وفعاليات لزيادة الفهم حول حقوق العمال في هولندا.محمد سلامي دوردريخت هولاندا فاتح ماي 2025