بتعليمات سامية.. أخنوش يترأس الوفد المشارك في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة    دي ‬ميستورا ‬بمخيمات ‬تندوف ‬بعد ‬مشاورات ‬بموسكو ‬    ‬المغرب ‬و ‬الصين ‬يرسيان ‬ببكين ‬آلية ‬الحوار ‬الاستراتيجي ‬و ‬يشيدان ‬بجودة ‬العلاقات ‬الثنائية    إدماج ‬الموارد ‬البحرية ‬في ‬دينامية ‬التنمية ‬الاقتصادية ‬الاجتماعية        ترحيب عربي باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين    المغرب ‬والهند.. ‬شراكة ‬استراتيجية ‬تتعزز ‬بالدفاع ‬والصناعة    بقدرة إنتاج تناهز 100 ألف وحدة سنويا.. المغرب والهند يفتتحان مصنعا لإنتاج المدرعات ببرشيد    كيوسك الإثنين | المغرب الخامس إفريقيا في التكنولوجيا الزراعية والغذائية    مصرع سيدتين وإصابة 18 آخرين في حادثة مميتة بشتوكة آيت باها    اكتشاف غير مسبوق: سمكة بالون سامة ترصد بسواحل الحسيمة    غوارديولا يشكو من الإرهاق البدني بعد التعادل أمام أرسنال    نهائي دوري (بوينوس إيريس) الدولي للفوتسال.. المنتخب المغربي ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني (2-0)    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى مع ترقب الأسواق لتوجهات مجلس الاحتياطي الفدرالي    كيم جونغ أون يشترط رفع مطلب نزع السلاح النووي لبدء الحوار مع الولايات المتحدة    كأس إفريقيا.. المغرب يفرض تأشيرة مؤقتة على مواطني ثماني دول بينها الجزائر وتونس        طقس الإثنين.. أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات        ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    رزمات حشيش ملقاة على الجانب الطريق السيار بتراب جماعة سيدي إسماعيل    حريق مهول يأتي على مطعم شهير بالجديدة    "عمر المختار" تنضم لأسطول الصمود    الدفاع الجديدي يوضح حادثة القميص    غوتيريش: إفريقيا بحاجة إلى شراكات    هزة ارضية جديدة بسواحل إقليم الحسيمة    كندا وأستراليا وبريطانيا تعلن اعترافها بدولة فلسطين    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    نقابيو "سامير": الإرادة السياسية المتماهية مع مصالح لوبيات المحروقات هي السبب في خسائر الشركة    أخنوش يترأس الوفد المغربي في الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    تعادل مثير بين ا.تواركة وأ.الدشيرة    إنتاجات سينمائية عالمية تطرق أبواب القاعات المغربية في الموسم الجديد    "حين يزهر الخريف".. الكاتبة آسية بن الحسن تستعد لإصدار أول أعمالها الأدبية    أخنوش.. هناك واقع يعاني منه المواطن في المستشفيات يجب أن يتحسن بتدخل الإدارة    توضيحات بخصوص اعتماد المغرب مسطرة طلب ترخيص إلكتروني للدخول إلى التراب الوطني خلال كأس إفريقيا    موهوب يسجل في مرمى "أورينبورغ"    في بيان المؤتمر الإقليمي للاتحاد بالعيون .. المبادرة الأطلسية من شأنها أن تجعل من أقاليمنا الصحراوية صلة وصل اقتصادي وحضاري    الدوري الدولي لكرة القدم داخل القاعة بالأرجنتين..المنتخب المغربي يتفوق على نظيره للشيلي (5-3)    الرجاء ينهي ارتباطه بالشابي وفادلو على بعد خطوة من قيادة الفريق            دور الفرانكفونية تجدد الثقة بالكراوي    المغرب يترقب وصول دفعة قياسية من الأبقار المستوردة الموجهة للذبح    خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا (أمينة بنخضرة)        بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    الرسالة الملكية في المولد النبوي        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار
العروي: الدولة المغربية مازالت في حاجة إلى ضمانة الفقيه ومباركته
نشر في المساء يوم 23 - 11 - 2008

كعادته، في المرات القليلة التي يخرج فيها المفكر المغربي عبد الله العروي عن صمته، يقول أشياء نكاد لا نجد لها نظيرا بين ركام الأقوال في زمن الخواء المعرفي. في خرجته هاته، يفصح العروي عن مواقفه وتصوراته حول قضايا كثيرة تنطلق من أسلوبه في الكتابة وتتوقف طويلا عند مفاهيم الحداثة والتقليد والموضوعية وكتابته عن عهد الحسن الثاني والاقتصاد والليبرالية... لتنتهي عند قضايا التربية واللغة وأمور أخرى. مواقف العروي هاته عبر عنها في أجوبته عن أسئلة الزميل الباحث إدريس كسيكس والباحثة فاضمة أيت موس.
الحلقة (4)
- نلاحظ، اليوم، بروز وجهين لفاعلين أساسيين في الحياة العامة هما: الخبير المستشار والواعظ. بين هذا وذاك؛ في رأيك، أي مكان يبقى للمثقف/المفكر المدافع عن الحداثة؟
< الفيلسوف بالوظيفة سيقول لكم إن دوره، الذي لا يمكن الاستغناء عنه، هو التنظير لعمل الأول والثاني.
أما أنا، فقد كنت دائما أعتقد أنه حين يصبح المجتمع مستغنيا عن المفكر التحديثي، فذلك يعني أنه يسير على طريق التحديث. وإذا صح ما تقوله، فإننا نصبح، مرة أخرى، أمام الثنائية السابقة؛ أي أن الخبير يجدد والواعظ يُدين، ثم يعيد وصف الأشياء.
أنا لا أتفق مع أولئك الذين يتأسفون على سنوات الستينيات والسبعينيات. فالمثقفون كان لكلامهم صدى في المجتمع لأنهم كانوا يسمحون لأنفسهم بالحديث عن أي شيء، ولأنهم كانوا، وحدهم، الذين يعرفون التعبير عما يريدونه. أما اليوم، وقد بات، أخيرا، بإمكان المختصين أن يتكلموا ويجعلوا الآخرين يفهمونهم، فالقائلون بالعموميات صار صوتهم أقل وصولا إلى الآخر من ذي قبل.
ليس في الأمر، إذن، أي مدعاة إلى التأسف إذا صح تشخيصك للوضع؛ غير أنني أعتقد أن هذا التشخيص غير كامل. فالمثقف التحديثي، من حيث التعريف، لا يمكن أن يخاطب إلا الدولة التحديثية، من حيث كونه لا يتبنى، كليا، مصلحة أي جماعة معينة (بما في ذلك المثقفين المشكلين من المدرسين والصحافيين والفنانين...).
الدولة، في المغرب، دولة تحديثية ولو من حيث كونها وريثة دولة الحماية؛ وذلك بناء على مبدإ الاستمرارية الذي لا يمكن لأحد أن يفلت منه. بيد أن الدولة المغربية تبقى في حاجة إلى ضمانة الفقيه ومباركته؛ وهو الأمر الذي يبرر اللجوء إلى اللغة السلفية. هنا، أيضا، نعاين تدخل حيلة التاريخ (التي رأيناها سابقا). في هذه الظروف، لا تحتاج الدولة إلى التبرير «النفعوي» للشخص التحديثي؛ بل قد يتحول التبرير إلى عائق للدولة. من هنا جاءت عزلة المثقف التحديثي. لكن السؤال هو: هل يتعلق الأمر، فعلا، بالمثقف التحديثي؟
- الانتقال إلى الحداثة يتطلب إصلاحا ثقافيا وسياسيا لتحويل السنة. هل ذلك ممكن عندنا في الواقع المغربي؟
< ماذا تقصد بذلك؟ ممكن، على أي مستوى؟ النظري أم التطبيقي؟ على المستوى النظري، نجد التقليد، أي تقليد، يتحدد على أساس لا قابليته للتجاوز أو الزوال. فنظرية التقليد موازية في امتدادها لديمومته. وأطروحتي أنا هي أن الأمر وهم أو خدعة.
وإذ أُذكر، هنا، بظروف ظهور النظرية في حد ذاتها، أسرد النقط التي تقوي التقليد وتلك التي تضعفه.
تاريخيا، يتقوى التقليد في ظل الهزيمة والإحباط. هذا ما أوحى لي باستحضار شخص (النبي) إبراهيم؛ فقد أتى من بلاد ما بين النهرين إلى تخوم مصر وسوريا، أي إلى قلب ما كان يشكل التاريخ العالمي، لإعلان فشل الإنسان ومغامرة هذا الأخير. لكن، إذا دققنا الأمر نجد أن التاريخ لا يتوقف عند إبراهيم: هذا هو الفعل المحتجب وغير القابل للنقاش. وأما حجبه فيعني تعزيز وتقوية التقليد، أما الاعتراف به فيعني الدخول في الإصلاح.
وعلى مر التاريخ، ظل التقليد يتفتت ثم يعود إلى التشكل؛ وبين لحظة التفتت ولحظة التشكل كل شيء ممكن، حتى على مستوى الحقيقة نفسها. الأمر، في الأخير، يتوقف على إرادتنا واختياراتنا.
أثناء الهزيمة وبعدها، وفي لحظة تيه وشؤم يتردى التقليد؛ لذلك يصبح عنيفا (هل من عنف أعنف من عنف الكنيسة الكاثوليكية في مواجهتها ل«لوثر» والعدو العثماني!). ويمكنه في هذه اللحظة أن يكون موضوع إصلاح، لا أن يزول.
ما أقوله هنا عشناه حين سقوط الحماية عندما هرب زعيم كل الزوايا. لكن، وكما تعلمنا ذلك على حسابنا، يعود التقليد إلى البروز مع كل لحظة تردد مهما كانت بسيطة، بل ويغدو أكثر قوة وعجرفة، وأكثر إلحاحا وأمرا من أي وقت مضى.
- قلت في كتاب «مفهوم العقل» إن الأوتوبيا الإسلامية بقيت حية بنتيجتها الحتمية التي تنتقص من قيمة الدولة نفسها. أي عامل تراه اليوم قادرا على توقيف الدولة الحديثة، هل هوالوزن الذي يمثله العامل الديني أم تراجع دور المؤسسات؟
< في قولي ذاك، كنت أحيل على التعارض القائم بين إيديولوجيا الدولة الإسلامية (الخلافة) وحقيقة الدولة الوطنية. استمرار الأولى لا يسمح بتوطيد أسس الثانية. فإذا قلتَ، في كل السياقات، إن القرآن هو دستورنا، فإنك تمنع الدستور الذي تبنيته باستفتاء من أن يفرض نفسه كمرجع وحيد. هنا يكون القانون ملغوما على مستوى القاعدة.
نحن اليوم أمام نفس الإشكال، بل إن الأمر يتعلق بحالة أعوص من ذي قبل. الخطر الذي كان يتهدد النظام والوحدة الوطنية- وهو أمر لا بد من قوله- في عهد الحسن الثاني كان يأتي من بلدان مثل مصر وسوريا، حاملتي لواء القومية العربية. أما اليوم، فالخطر يأتينا من بلدان أقل تقدما تاريخيا واجتماعيا، وهذا واقع، لكنها تملك وسائل أكبر بكثير من تلك التي كانت تملكها مصر وسوريا. وما عليكم إلا أن تنظروا إلى صحافة تلك البلدان وقنواتها التلفزيونية ومنظماتها الخيرية، إلخ، لتلمسوا قوة ما تملكه من وسائل. والدولة الوطنية، في المغرب كما في بلد آخر، لا حيلة لها أمام قوة تلك الوسائل، بل تجد نفسها مجبرة على التعامل مع تلك الدول. بيد أن ما يمكن أن يحدث هناك في تلك البلدان وتنتقل عدواه إلى مناطق أخرى لا يمكن التنبؤ به البتة. هنا يمكن أن نعود إلى تلك النظرية البولشفية القديمة حول التنمية غير المتكافئة. فنحن أمام مجتمعات تتراكم فيها الثروات الهائلة دون أن يكون المجتمع مستعدا لامتصاصها. وإذا حدث، هناك، أي انقلاب في الوضع فسيصيبنا لا محالة، بقوة الأثر المشترك، كما أصابتنا، في الماضي، وبشكل غير مباشر، تبعات ثورات مصر والجزائر وليبيا، إلخ.
مرة أخرى، أقول هذا وأنا أستحضر هم الموضوعية من أجل تحديد ما يمكن أن نتمناه وما يجب أن نخشاه. صحيح أن عوائق التطور كبيرة - وترتبط بالدين كما هو يُعلم ويمارس، وبالبنية الاجتماعية والمصلحة السياسية لبعض الجماعات، لكنها تتقوى باستمرار بالعامل الخارجي، الذي لا حيلة لنا أمامه. أمام هذا الخطر المحتمل، تبرز ضرورة إنقاذ الوحدة الوطنية كأولوية قصوى. إلا أن الكثير من المعلقين ينسون هذا الأمر رغم أهميته الكبيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.