800 ميغاواط من الطاقة الشمسية و602 ميغاواط/ساعة من التخزين لتعزيز السيادة الكهربائية للمغرب
أعلنت مجموعة «أكوا باور» السعودية، عن فوزها بصفقة تطوير مشروعي «نور ميدلت 2» و»نور ميدلت 3»، بطاقة إنتاجية تبلغ 400 ميغاواط لكل محطة، ومنظومة تخزين بالبطاريات بسعة إجمالية تبلغ 602 ميغاواط/ساعة، ضمن نموذج البناء والامتلاك والتشغيل (BOO)، بموجب اتفاقية لشراء الكهرباء تمتد لثلاثة عقود، مع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن). ويمثل المشروعان امتدادا لمنصة نور متعددة التقنيات، التي تعد واحدة من بين أكبر المشاريع الشمسية المركبة على مستوى العالم، حيث سيسهمان في تقليص نحو 1.2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع تعزيز قدرة الشبكة الوطنية على مواجهة ذروة الطلب، وإدماج مزيد من الطاقات المتجددة ضمن المزيج الوطني. ويرتبط هذا التطور بإستراتيجية مغربية محكمة تستهدف رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المئة من القدرة الكهربائية المركبة بحلول عام 2030، منها 20 في المئة من الطاقة الشمسية، و20 في المئة من طاقة الرياح، و12 في المئة من الطاقة الكهرومائية. وتفيد بيانات وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بأن القدرة المركبة من مصادر متجددة بلغت، إلى حدود نهاية 2023، ما مجموعه 4.6 جيغاواط، تمثل نحو 39 في المئة من إجمالي القدرات الكهربائية. ويطمح المغرب إلى مضاعفة قدرته الإنتاجية إلى 11.8 جيغاواط في أفق 2030، منها 5.2 جيغاواط من الطاقة الشمسية، و5.1 جيغاواط من طاقة الرياح، و1.6 جيغاواط من الطاقة الكهرومائية. ويجري في هذا السياق تطوير عدد من المشاريع الكبرى، من بينها محطة نور زاكورة، ومحطة طرفاية للطاقة الريحية، ومشروع نور أوسرد، إلى جانب إطلاق خارطة طريق وطنية للهيدروجين الأخضر. وتندرج هذه المشاريع في إطار رؤية ملكية واضحة، حثّ فيها الملك محمد السادس، خلال خطبه المتتالية، على تسريع وتيرة الانتقال الطاقي، وتنويع مصادر الإنتاج، وتثمين الموارد المتجددة التي يزخر بها المغرب، بما ينسجم مع التزاماته المناخية، ويعزز موقعه في الأسواق الإقليمية والدولية. وأظهرت دراسة حديثة للمكتب الشريف للفوسفاط أن المغرب يتوفر على أعلى معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، تتراوح ما بين 5.3 إلى 7.8 كيلوواط/ساعة في اليوم للمتر المربع، ويمتد متوسط عدد أيام الإشعاع الشمسي إلى أكثر من 300 يوم في السنة، وهو ما يتيح فرصا غير محدودة لتوليد الطاقة الشمسية. وبلغت الاستثمارات الإجمالية في مجال الطاقات المتجددة إلى حدود 2024، ما يفوق 60 مليار درهم، ومن المرتقب أن تتضاعف خلال الخمس سنوات المقبلة، بفضل انخراط عدد من الشركاء الدوليين، ضمنهم الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، إلى جانب مستثمرين من القطاع الخاص، مثل «أكوا باور» و»سيمنس غامسا» و»إينيل غرين باور». وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «أكوا باور»، ماركو أرتشيلي، التزام المجموعة بتعزيز قدرات المغرب على إنتاج وتخزين الطاقة النظيفة، مشيرا إلى أن الشركة تستثمر حاليا 9.5 مليار دولار في إفريقيا، وتتوفر على محفظة مشاريع في المغرب بطاقة إجمالية تبلغ 765 ميغاواط، تشمل محطات «نور 1» و»نور 2» و»نور 3» و»نور PV1» ومحطة «خلادي» للطاقة الريحية. وبدوره، اعتبر المدير الإقليمي للشركة في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا، هاشم غباشي، أن مشروعي «نور ميدلت 2» و»نور ميدلت 3» يشكلان مرحلة جديدة في مسار تعزيز الأمن الطاقي المغربي، والانتقال نحو نموذج إنتاج منخفض الكربون، فيما أكد المدير العام لأكوا باور المغرب، عمر علوي المحمدي، أن هذه المشاريع ستحدث أثراً اقتصاديا واجتماعيا مباشرا، وستعزز الشراكة مع الفاعلين العموميين في المملكة. في المقابل، يثير خبراء في قطاع الطاقة مسألة تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتجويد آليات التمويل والتصنيع المحلي، خصوصا في ضوء التحديات المرتبطة بسلاسل التوريد العالمية وارتفاع تكاليف التكنولوجيا. ويشير تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى ضرورة تطوير منظومة صناعية وطنية في مجال الطاقات المتجددة، وتوفير تكوين متخصص لفائدة الموارد البشرية، حتى لا يظل المغرب مجرد سوق للتركيب والاستغلال، بل يتحول إلى منصة إقليمية للإنتاج والابتكار. ويرتبط الرهان الطاقي أيضا بخارطة طريق الهيدروجين الأخضر التي أطلقها المغرب سنة 2021، والتي تتوقع إنتاج أكثر من 10 ملايين طن من الهيدروجين ومشتقاته سنويا، بحلول عام 2050، وتصدير ما لا يقل عن 4 ملايين طن نحو أوروبا. وقد تم الإعلان عن إنشاء «المعهد المغربي للهيدروجين الأخضر»، ووضع إطار تنظيمي خاص لجذب الاستثمارات في هذا المجال، ضمن تصور استراتيجي يروم تنويع الصادرات المغربية وتحقيق الاكتفاء الطاقي وتعزيز التموقع الصناعي للمملكة. وفي سياق هذه الدينامية، يواصل المغرب التفاوض مع شركاء أوروبيين وآسيويين لإقامة مشاريع مشتركة في مجال الطاقة المتجددة، بما في ذلك كابلات الربط الكهربائي العابرة للمتوسط، ومصانع لإنتاج البطاريات ومكونات الألواح الشمسية، مع التركيز على تحفيز الصناعة المحلية وتشجيع نقل التكنولوجيا.