في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    تتويجا ‬لمسار ‬ناضج ‬وجاد ‬من ‬الجهود ‬الدبلوماسية : ‬    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية    التامني: قرار المحكمة الدستورية صفعة قوية لحكومة عاجزة عن احترام الدستور    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    أزمة ‬الإجهاد ‬المائي ‬تطل ‬على ‬بلادنا ‬من ‬جديد..‬    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة على الإطلاق عالميًا    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    ماكرون يطالب "بمزيد من الحزم" حيال الجزائر ويعلق إعفاء حاملي جوازاتها الدبلوماسية من التأشيرة    انتقالات: سون هيونغ-مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    توقعات "الأرصاد" لطقس اليوم الخميس    كيوسك الخميس | المغرب الأول مغاربيا والثالث إفريقيا في الالتزام بأهداف المناخ    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    منشق شمالي يدخل كوريا عبر الحدود البحرية    "فتح الناظور" يستعين بخبرة جحوح    زيلينسكي يجدد الدعوة للقاء مع بوتين    في الحاجة إلى رجة سياسية تعيد الثقة    وقف حرب الإبادة على غزة والمسؤولية الوطنية    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    الرباط تفتتح مرآبًا عصريًا تحت الأرض لتخفيف ضغط السير وسط المدينة        الرجاء يتعاقد مع الزهواني من تواركة    الحرائق تخرج عن السيطرة في فرنسا.. قتلى ومفقودون ومناطق بأكملها تحت الرماد    مصرع وزيرين في غانا إثر تحطم مروحية عسكرية شمال غربي أكرا    ترامب يهدد برسوم جمركية جديدة على الهند بسبب النفط الروسي ونيودلهي ترد: الاتهامات "غير مبررة"    هذه تفاصيل رسالة ماكرون للوزير الأول فرانسوا بايرو بخصوص التعامل بحزم مع الجزائر    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    تعيينات جديدة في صفوف الأمن الوطني بالإدارة المركزية واللاممركزة    المحكمة الدستورية تسقط الفقرة الأولى ومواد أخرى من قانون المسطرة المدنية    قرعة الأبطال و"الكاف" بدار السلام    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    تنظيم جديد للسفر من "طنجة المتوسط"    خبيرة غذائية تبرز فوائد تناول بذور الفلفل الحلو    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    ماكرون يرفع سقف المواجهة مع الجزائر ويدعو حكومته لنهج أكثر صرامة            نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الأربعاء إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    حين ينطق التجريد بلغة الإنسان:رحلة في عالم الفنان التشكيلي أحمد الهواري    النجمة أصالة تغني شارة «القيصر» الدراما الجريئة    رئيس الفيفا جياني إنفانتينو: دعم الملك محمد السادس جعل المغرب نموذجاً كروياً عالمياً    المغرب... تضامن مستمر ومتواصل مع فلسطين بقيادة الملك محمد السادس    توقيف أفارقة متورطين في تزوير جوازات سفر وشهادات مدرسية أجنبية ووثائق تعريفية ورخص للسياقة    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    طفل يرى النور بعد ثلاثين عامًا من التجميد    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاربة بالكفايات بين التنزيل بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين و الممارسة في التعليم المدرسي
نشر في المساء يوم 16 - 01 - 2013

شرعت المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين برسم السنة التكوينية 2012 -2013، وبموجب المرسوم المُحدِث لها والصادر في 23 دجنبر2011، في تجريب
العُدّة البيداغوجية الخاصة بتكوين المدرّسين في مختلف الأسلاك التعليمية.
وتجدر الإشارة إلى أن هندسة هذه العدة اتخذت من المقاربة بالكفايات إحدى ركائزها، إذ تم تحديد الكفايات المهنية المستهدَفة لدى الأساتذة المتدربين ووضع الإطار المنهجيّ لبنائها وتقويم مدى تحكم الخريجين فيها.
ويرجع اعتماد المقاربة بالكفايات في هندسة هذه العُدة إلى سببين، الأول مرتبط بالبعد المُمَهنن للتكوين، والمتمثل في بناء كفايات مهنية لتلبية حاجات التأهيل لمهنة التدريس، والثاني مرتبط بضرورة ملاءمة ملمح التخرج والمهام المُنتظَرة من الخريجين، والمتمثلة أساسا في إنماء كفايات لدى المتعلمين في مواد تخصصهم، ما دامت المناهج المدرسية الحالية قد تبنّت المقاربة بالكفايات.
للتذكير، فقد اعتمدت المقاربة بالكفايات في المناهج التعليمية بناء على الوثيقة -الإطار المنبثقة عن لجن مراجعة المناهج (يونيو 2002) والتي شكلت توجهاتها العامة منطلقا لبلورة الكفايات في مختلف المواد الدراسية انطلاقا من صنافة خماسية: كفايات تواصلية ومنهجية وثقافية وتكنولوجية وإستراتيجية.
إلا أن الالتباس الذي ظلّ يكتنف هذه المقاربة، إنْ على مستوى منطوق الكفايات المُستهدَفة أو على مستوى كيفية بنائها لدى المتعلمين وتقويم مدى اكتسابهم لها يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي:
كيف سيتعامل الأساتذة المُكوّنون في إطار مرافقتهم الأساتذة المتدربين خلال السنة التكوينية الحالية مع مناهج تعليمية بهذا الغموض، خاصة أنها من أبرز الدعامات المستغلة في مختلف الأنشطة التكوينية؟
لإلقاء الضوء على هذه الإشكالية، سنحاول القيام بقراءة تحليلية مقتضبة للمقاربة بالكفايات بالمناهج التعليمية الحالية، مادة علوم الحياة والأرض نموذجا.
-على مستوى منطوق الكفايات:
تشير وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة علوم الحياة والأرض في سلك التعليم الثانوي الإعدادي (نسخة غشت 2009) إلى المجالات الخمسة للكفايات، كما نصّ عليها الكتاب الأبيض، وتربط كل مجال بمجموعة من المهارات والقدرات والمواقف، لنضرب أمثلة لى ذلك:
-التواصل الشفويّ والكتابي (في مجال الكفايات التواصلية)؛
-البحث عن المعلومات من مصادر مختلفة (في مجال الكفايات المنهجية)؛
-احترام الحياة والاهتمام بالذات في مجال الصحة (في مجال الكفايات الإستراتيجية)؛
-الوعي بنسبية الثقافة العلمية (في مجال الكفايات الثقافية)؛
-الاستعمال السليم للتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال (في مجال الكفايات التكنولوجية).
فهل هذه القدرات والمهارات والمواقف هي الكفايات نفسها، أم هي موارد يتوقف عليها بناء الكفاية؟ وهل ينحصر مدلول الكفاية في هذه الحالة في نعتها (تواصلية أو ثقافية).. بينما منطوقها مُضمَر؟
أما وثيقة البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة علوم الحياة والأرض في سلك التعليم الثانوي التأهيلي (نسخة يوليوز2007)، فتنص بداية على الخماسية نفسها من الكفايات، لتنتقل بعدها إلى تحديد «بعض» الكفايات النوعية المرتبطة بالمضامين المعرفية للمادة في كل شعبة، دون الإشارة إلى أيّ تمفصل بين الصنفين.. وكلمة» بعض» قد تعني إمكانية استهداف كفايات أخرى إضافة إلى تلك المنصوص عليها في المنهاج).
ومن بين الكفايات النوعية المستهدَفة في شعبة الجدع المشترك العلمي مثلا:
-»إدراك أهمية الهندسة الوراثية في المجالين الزراعي والصناعي، مع تنمية مواقف واتجاهات محددة من تطبيقاتها وانعكاساتها على البشرية.
على مستوى كيفية بناء الكفايات، أفردت ضمن منهاجَي السلك الإعدادي والتأهيلي، فقرات لتدقيق مفهوم الكفاية ولتوضيح كيفية بناء التعلمات وفق المقاربة بالكفايات، ولكنْ بشكل لا ينطبق على منطوق الكفايات المتضمنة في المنهاج.
أما على مستوى تقويم التحكم في الكفايات فقد تمت الإشارة إلى اعتماد أدوات متنوعة، بما فيها اختبارات الاختيار من متعدد والاختبارات المقالية.
انطلاقا مما سبق، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
طغيان الطابع العرضاني (transversal) على معظم هذه الصياغات.
هل يمكن استهداف كفاية من قبيل «التواصل الشفوي والكتابي» أو من قبيل «الاستعمال السليم للتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال» في مادة علوم الحياة والأرض مثلا؟
سيكون هذا ممكنا إذا نصت المناهج بشكل واضح وصريح على تبني المقاربة بالكفايات المستعرضة (approche par les compétences Transversales).
آنذاك يجب أن يحدد المنهاج إستراتيجيات إنماء مثل هذه الكفايات «العابرة للمواد» وكذا آليات تقويمها.
وفي هذه الحالة يصبح استمرار الاشتغال بمواد مستقلة بذاتها تناقضا صارخا.
-ورود مصطلحات في منطوق الكفايات من قبيل استيعاب، وعي، إدراك، احترام... وهذا يتنافر والتعاريف المُقدَّمة في المنهاج لمفهوم الكفاية ولخصائصها.
-غياب تصور دقيق لإستراتيجيات تقويم التحكم في كفاية:
إذا كان إبراز التحكم في الكفاية يقتضي التعبئة المندمجة لمجموعة من الموارد بهدف حل وضعية مشكل أو إنجاز مهمة مركبة، فاختبارات الاختيار من متعدد أو اختبارات التكملة، مثلا، أدوات غير ملائمة لتقويم الكفاية. ويُبرز هذا بجلاء خلطا بين تقويم مكتسبات المتعلمين من معارف أو مهارات وبين تقويم مدى تحكمهم في الكفايات.
في خضمّ واقع تربويّ يطغى عليه عدم انسجام بنية المناهج التعليمية الحالية ويتعذر فيه تنزيل المقاربة بالكفايات خلال الممارسة، تبنّت عُدة تأهيل الأساتذة المتدربين في المراكز إطارا منهجيا واضحا لأجرأة هذه المقاربة، ويتجلى ذلك في:
-بناء مصوغات تقترح الموارد اللازمة لبناء الكفايات المستهدفة وكذا الوضعيات التي يمارس من خلالها الأساتذة المتدربون هذه الكفايات ذاخل المركز؛
-تخصيص ما يناهز 60% من زمن التكوين الإجماليّ للأنشطة الممهننة والتداريب الميدانية، والتي تشكل وضعيات مركَّبة وفرصا فعلية لممارسة الكفايات المنشودة؛
-تحديد آليات التقويم، سواء تعلق الأمر باختبار اكتساب الأساتذة المتدربين للمعارف والمهارات أو التثبت من تحكمهم في الكفايات المهنية المستهدفة؛
-توضيح مكونات امتحان التخرج، إذ يواجه الأساتذة المتدرّبون وضعية مهنية تقتضي منهم إعداد مقطع تعلمي وتقديمه أمام لجنة، من أجل الإشهاد على اكتسابهم الكفايات المهنية المُستهدَفة.
وفي ظل هذه الممارسة المجددة على مستوى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يجب أن نسجل مدى الصعوبات التي يواجهها التكوين في هذه الفترة الانتقالية، نظرا إلى غياب تصوّر منهاجي إجرائيّ لتنزيل المقاربة بالكفايات في التعليم المدرسي.. لذا يصبح التعجيل بإخراج مناهج تعليمية واضحة المدخل ومنسجمة العناصر، وبالتالي قابلة للتنفيذ، في الأسلاك الثلاثة من المطالب الأكثر إلحاحا، لأنّ المصادقة على عُدّة تأهيل الأساتذة الحالية، والتي تشكل مدخلا رئيسيا للارتقاء بأداء منظومة التربية والتكوين، رهينة بانسجامها الداخلي، والمتمثل في مدى ترابط مكوناتها وكذلك انسجامها الخارجيّ، أي مدى توافقها مع حاجيات المنظومة ومع توجهاتها وكذا مع المقاربة البيداغوجية المُعتمَدة في المناهج التعليمية.

أمينة بلحاج
أستاذة مبرزة
المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.