تشهد فرنسا هذه الأيام واحدة من أخطر الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، بعدما اندلع حريق غابوي ضخم في منطقة "أود" جنوب البلاد، ابتداءً من مساء الثلاثاء 5 غشت 2025، متسببًا في خسائر بشرية ومادية جسيمة، وسط استنفار غير مسبوق للسلطات الفرنسية. ووفق المعطيات الصادرة عن وسائل إعلام دولية، فقد أتت ألسنة اللهب على مساحة تُقدّر ب16 ألف هكتار، أي ما يعادل أو يفوق مساحة العاصمة باريس، وهو ما يجعل هذا الحريق الأضخم في فرنسا منذ سنة 1949. وقد أسفر الحريق عن مصرع سيدة مسنة بعد أن رفضت مغادرة منزلها في إحدى القرى المتضررة، فيما أصيب 13 شخصًا، من بينهم 11 عنصرًا من رجال الإطفاء. كما أفادت مصادر رسمية بوجود ثلاثة أشخاص آخرين في عداد المفقودين. وفي سياق مواجهة النيران، عبأت السلطات الفرنسية أكثر من 2100 رجل إطفاء، بدعم من طائرات مخصصة لإخماد الحرائق، إلى جانب تدخلات عسكرية لمساندة فرق الإنقاذ على الأرض. كما تم إجلاء سكان عدد من القرى والمخيمات السياحية، وإغلاق طرق رئيسية، أبرزها الطريق السريع الرابط بين فرنسا وإسبانيا. رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، وصف الوضع ب"الكارثة الوطنية"، مشددًا على أن البلاد تواجه ظروفًا مناخية قاسية تتمثل في الحرارة المفرطة، الرياح العاتية، والجفاف المزمن، والتي ساهمت جميعها في تفاقم رقعة الحريق بشكل غير مسبوق. وقد دعت الحكومة الفرنسية إلى تعبئة كل الموارد البشرية واللوجستيكية لمواجهة هذه الكارثة، في حين عبّرت المفوضية الأوروبية عن استعدادها لدعم فرنسا عبر آليات التضامن الأوروبية لمواجهة الكوارث الطبيعية. ويُعزى سبب هذا النوع من الحرائق إلى التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها أوروبا خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت موجات الحر وحرائق الغابات تتكرر بشكل مقلق، خصوصًا في جنوبفرنسا، إسبانيا، والبرتغال. ومن المتوقع أن تستمر عمليات الإطفاء خلال الأيام المقبلة، وسط دعوات محلية ودولية إلى تعزيز استراتيجيات الوقاية من الكوارث البيئية في ظل تفاقم تحديات المناخ.