أحداث السودان تدفع مجلس الأمن لتأجيل جلسة الصحراء المغربية    سرقة متحف اللوفر.. توقيف خمسة مشتبه بهم جدد وفق المدعية العامة بباريس    أشبال الأطلس يصلون الدوحة استعداداً لكأس العالم لأقل من 17 سنة    ريال مدريد يجري مبارتين في أقل من 72 ساعة رغم توصيات "فيفا"    النيابة العامة تفتح تحقيقا في تصريحات "طحن الورق مع الدقيق" بعد البوليميك الذي أثارته في البرلمان    بلاوي يدعو إلى تفعيل العقوبات البديلة    وفاة نجم" ذا فويس" بهاء خليل عن 28 عاما    الرباط تستعد لاحتضان الدورة 30 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف    أسود الأطلس يواجهون الموزمبيق وأوغندا في افتتاح ملعب طنجة استعدادا ل"كان المغرب 2025"    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    تأجيل التصويت بمجلس الأمن حول الصحراء المغربية وسط تجديد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي    تصويت فرنسي ضد اتفاقية مع الجزائر    تقتيل واغتصاب وتهجير.. هيئة مغربية تدين ما يتعرض له السودانيون من مآس مروعة    اكتشافات "جد مشجعة" للذهب في الصحراء المغربية و44 مشروعا للبحث المعدني في 2025 (تقرير)    الذهب يرتفع مدعوما بتراجع طفيف للدولار    مقاييس التساقطات المطرية بالمغرب    حزب التقدم والاشتراكية يدعو إلى تخليق الحياة السياسية وضمان مشاركة الشباب والنساء في انتخابات 2026    غيث نافع يعم عدة مدن مغربية وشفشاون في الصدارة    الصين تحدّد 31 أكتوبر موعداً لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-21"    أكثر من 300 كاتب وأكاديمي يقاطعون "نيويورك تايمز" لانحيازها ضد فلسطين    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف المتورطين في سرقة 60 مليون سنتيم من داخل سيارة بأولاد تايمة    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    رحلة الوعي الرقمي .. دروس للآباء والأبناء    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج الصناعي    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    الأرصاد الجوية تتوقع أمطارًا خفيفة وطقسًا متقلبًا في شمال ووسط المغرب    الطقس السيء يفرض تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة    المغاربة ‬يتصدرون ‬التجنيس ‬في ‬إسبانيا.. ‬طفرة ‬غير ‬مسبوقة ‬في ‬عهد ‬حكومة ‬سانشيز    اتفاقية ‬استثمارية ‬بين ‬المملكة ‬ومجموعة ‬رونو ‬المغرب    في ‬أجواء ‬من ‬التفاؤل ‬والثقة..    قطاعات ‬الماء ‬والطاقات ‬الخضراء ‬ضمن ‬أولويات ‬مشروع ‬القانون ‬المالي ‬الجديد    عاجل | النيابة العامة تفتح تحقيقا قضائيا في مزاعم "طحن الورق مع الدقيق"    شي جينبينغ: يمكن للصين والولايات المتحدة تحمل المسؤولية بشكل مشترك كدولتين كبيرتين، والعمل معا على إنجاز مزيد من الأعمال الهامة والعملية والمفيدة    النيابة العامة تحقق في "دقيق الورق"    مشروع "مؤسسات الريادة" يُحقّق تحسّنا محدودا وغير متوازن في مستوى التحكم في التعلمات الأساس بين الأكاديميات    لماذا يهرب الموظفون من جماعة طنجة؟    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    ملاعب الرباط تستعد: "الأمير مولاي الحسن" و"البريد" يحتضنان معارك الملحق الإفريقي للتأهل لمونديال 2026    توقعات باستقبال 18 مليون سائح في 2025 وتحقيق مداخيل سياحية تبلغ 124 مليار درهم    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يصر التلفزيون على أن يعيش المغتربون خارج الزمن المغربي؟
برامج قليلة موجهة إليهم وتواصل في الدرجة الصفر
نشر في المساء يوم 25 - 01 - 2013

الاستياء، التذمر، السخط.. لم يجد أبناء الجالية المغربية بفرنسا كلمات أقوى للتعبير عن إستيائهم من قرار القائمين على الشأن التلفزي المغربي بحرمانهم من تتبع مباراة المغرب أنغولا
برسم كأس إفريقيا للأمم تحت ذريعة تكاليف النقل المباشر، فيما تتباهى الجالية التونسية والجزائرية بقنواتها الرسمية والخاصة التي تتابع الحدث الرياضي الإفريقي بكل تفاصيله وجزئياته.. مثل هذا الإقصاء والتمييز يزيد أبناء الجالية المغربية قناعة بأن مكانهم في الجهة الخلفية من الوطن، لا من يقوي فيهم شحنة الاعتزاز والتفاخر بانتمائهم ولا من يخلصهم من حالات التقوقع والانحصار المفروضة عليهم في دنيا الاغتراب. واجبهم أن يرفعوا سنويا من قيمة التحويلات المالية لإنعاش اقتصاد وطنهم، وقدرهم في المقابل أن يعيشوا على هامش الوطن لأن البعض ممن أسندت إليهم مهمة الاتصال والإعلام، يصرون على ألا يتصالح هؤلاء مع نشأتهم الاجتماعية والهوياتية.
عدد كبير من أبناء الجالية ممن توافدوا أول أمس على المقاهي المغربية المتناثرة بالأحياء والضواحي الباريسية ذات الكثافة المغاربية والإفريقية لمتابعة المباراة، أصيبوا بصدمة كبيرة وهم يقفون على قرار القائمين على تدبير الشأن الإعلامي المغربي بحرمان مغاربة فرنسا وأوربا والعالم من حدث وطني انتظروه لمدة شهور.. من هؤلاء من طالب بمقاطعة القنوات المغربية إلى حين أن يقدم القائمون عليها اعتذارا رسميا على فعلتهم، ومنهم من ذهب إلى حد مطالبة وزيري الإعلام وشؤون الجالية بالخارج بفتح تحقيق في الموضوع للوقوف على الأسباب الكامنة وراء إرغام أبناء جاليتنا على تتبع المباراة عبر بعض المواقع الإلكترونية التي نقلتها بصوت وصورة كارثيين..
فإذا كانت الأسباب مرتبطة بحسابات متجرية بئيسة، فإن أبناء الجالية يرفضون منذ اليوم أن يتم التعامل معهم على قاعدة الاستفادة الأحادية التي تنم عن إذلال وإهانة صارخين : تحويلات منهم بملايير الدراهم مقابل استخفاف صارخ بانتمائهم وهويتهم.. أما إذا كان القصد هو إصرار التلفزيون المغربي على عزل المهاجر وتهميشه، فإن المسئولية تقع على عاتق القائمين على الشأن الاغترابي ممن يفوتهم أن مثل هذا السلوك قد يرغم المغترب على العيش خارج الزمن الرياضي والثقافي والسياسي المغربي، والسقوط في أحضان ثقافة أنتجها البلد المضيف لجر المغترب إلى حمل ثقافته ولو جزئيا تمهيدا لعزله وتمييزه كي يحتضر شيئا فشيئا في إطار عملية تذويب مدروسة.
ومن هنا يأتي الإدمان المتزايد لشباب الهجرة ممن ينتابهم الإحساس بأنهم غرباء مرتين : في وطنهم الذي يمارس في حقهم الإقصاء والإجحاف المتعمّدين، وفي البلد المضيف الذي حوّل الجالية بفعل التهميش وحالة العداء المبطن لها، إلى موطن خصب لعصابات المتاجرة بالمخدرات، وأحيانا إلى مرتع للحركات الأصولية كامتداد لصعود الإسلام المتشدد وانتشار الفكر السلفي المتزمت في بعض أوساط المهاجرين الشباب.
ولم يقرأ المعنيون بأمر شباب الجالية في الضفتين، الفرنسية والمغربية، أسباب إدمانهم وانحرافهم. فامتنع الطرف الأول (المغرب) عن مصالحتهم مع نشأتهم الاجتماعية في غياب مؤسسات ترفيهية ومراكز ثقافية تأويهم وتعطيهم نقط ارتكاز تمكنهم من تحصين هويتهم، فيما انتقل الطرف الثاني (فرنسا) من الإهمال والإقصاء إلى الهجوم على الجالية وارتكازاتها الثقافية والاجتماعية ضمن عملية تذويب منهجية تندرج في سياق ما يمكن تسميته بالعنصرية المقنعة أو الهادئة..
ولنشاهد جميعا التلفزيون المغربي الموجه لأبناء المهجر، فنبحث عن شريط وثائقي أو محاورة ثقافية خاصة بالهجرة أو برامج للمرأة والطفل المغتربيْن، أو على الأقل منتوج إعلامي بمواصفات ثلاثية الأهداف : الترفيه، التربية، والتثقيف...لا شيء من كل هذا للمغترب الذي أصبح يعيش بذاكرة ثقافية فارغة تملأها برامج القناتين الجزائريتين «كنال تلفزيون» و»بور تلفزيون» والمحطات الإذاعية (إذاعة الشرق» اللبنانية، و محطة»راديو سولاي» التونسية و»راديو المغرب العربي» الجزائرية. أما المغرب فلا إذاعة له ولا حتى مركز ثقافي واحد يصالح المغاربة مع نشأتهم، بينما تقيم الجزائر مركزان ثقافيان بكل من باريس ومرسيليا، ولكل من تونس ومصر وموريتانيا وحتى دجيبوتي مراكزها الثقافية التي تتابع عن قرب هموم ومشاكل جالياتها وفق منظور يؤمن بالبعد الإشعاعي لثقافة الوطن وثقافة الانتماء.
وفي غياب أي إدراك بدور المنابر السمعية البصرية من حيث هي الوسيلة الأولى للترفيه والمعرفة والإطلاع، لا يجد المغتربون من بد مع فيض الحنين إلى الوطن وانشغالهم الغريزي بأخباره، سوى متابعة البرامج التلفزيونية الوطنية التي لا تخرج من عنق ثلاثية الطرب والطبخ وبرامج الموضة النسوية التي يعاد بثها ثلاث مرات في الأسبوع. وهنا لابد من نصح لأصحاب البث المتكرر ثلاث مرات أن يضعوا حدا لمثل هذه الممارسة الساذجة. فليس أسخف من أن تستهزئ القناتان الأولى والثانية بأناس تعتقد أنهم أغبياء. لذلك انتبهوا لو سمحتم، فالمهاجرون ليسوا أغبياء ولا محدودي الإدراك حتى تعتقدوا أنهم سيتقبلون منكم هذا التكرار السخيف الباعث على الاشمئزاز والتقزز والحسرة.
أما السؤال المركزي الذي يجب طرحه و تكرار طرحه هو لماذا التلفزيون المغربي يصر على تصدير الطرب والطبخ والموضة للمهاجرين دونما اهتمام يذكر بمواد أخرى مرتبطة ببيئتهم. لماذا غياب المنتوج الإعلامي التلفزيوني الموجه إلى المرأة ومعها الطفل المهاجر الذي نجبره هكذا على التخلي عن قيمه وشخصيته فيما الآخرون يتمسكون بها ويصدرونها إليه بعناوين براقة؟.
أبناء الجالية يشككون اليوم في أن يكون في القاموس الإعلامي المغربي مكان لهم، ويعتبرون أن القائمين على شؤونهم يسيرون اليوم بدون دليل للهجرة، بل يعتبرون المهاجرين همّا زائدا.. وهم في كل هذا، ينتظرون أن ينعم عليهم الزمن بمتخصصين أكفاء قادرين على التوجه إليهم بمواد إعلامية تلبي تطلعاتهم الثلاثة: الترفيه، التربية والتثقيف.

أحمد الميداوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.