بنك المغرب يختبر العملة الرقمية    لبؤات الأطلس يعبرن إلى نهائي "كان السيدات" بعد مباراة مشوقة أمام غانا    طنجة.. مداهمة شقة بحي العرفان تُسفر عن توقيف 4 شبان وفتاة (صور)    سيارة أجنبية تقتحم شاطئا وسط ذهول المصطافين.. والأمن يتدخل بسرعة    لاعب اتحاد طنجة عبد العالي معاطي يستعد لمغادرة الفريق نحو الزمالك    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    ترامب يبرم تسوية تجارية مع اليابان    أمن أكادير يتعقب سائقا أجنبيا على رمال الشاطئ بعد تعريضه حياة المصطافين للخطر    أصيلة.. توقيف مبحوث عنه وطنياً وحجز 646 قرصاً مهلوساً    بين الإصلاح والتخوفات.. البرلمان يصادق على قانون جديد لتنظيم المجلس الوطني للصحافة    فرنسا.. القضاء يحيل وزيرة الثقافة رشيدة داتي وكارلوس غصن على المحاكمة بتهمة الفساد    نيجيريا تهزم جنوب إفريقيا وتتأهل لنهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024    المنتخب المغربي للسيدات يتأهل لنهائي كأس إفريقيا بفوزه على غانا بركلات الترجيح        "لبؤات الأطلس" إلى نهائي كأس إفريقيا للسيدات بعد فوز مثير على غانا بركلات الترجيح    استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في ملف "مجموعة الخير" وتُسقط مطالب الضحايا    بلاغ استنكاري من مفتشية حزب الاستقلال بالعرائش بشأن مشروع الشرفة الأطلسية: دعوة لحماية الهوية التاريخية وتجويد مسار التنمية    لفتيت: مكاتب حفظ الصحة ستغطي جميع الجماعات بحلول 2026 بدعم يفوق مليار درهم    رئيس مجلس النواب يدين "اعتداء السمارة" ويؤكد تماسك الجبهة الداخلية    البرتغال تعبر عن دعمها الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    الكلاب الضالة تسببت في 100 ألف حالة عض سنة 2024... ووزارة الداخلية تبرمج مراكز للإيواء    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال انتظار المساعدات    على غرار ما يفعل الشاعر    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    ارتفاع جديد يسجل في أسعار المواد الغذائية واللحوم في الصدارة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بمهنة التراجمة المحلفين        أمسية مطرون تحتفي بالتنوع الثقافي    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    مقدونيا الشمالية تدعم مغربية الصحراء وتبادر نحو تعزيز العلاقات مع المغرب عبر تسهيلات التأشيرة وخط جوي مباشر    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    عطل يجبر طائرة حكومية ألمانية على الهبوط الاضطراري    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    أسعار النفط تتراجع        السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن        مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية        بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاوي: اضطررت إلى بيع منزلي لتوفير تكاليف علاج الرايس
نشر في المساء يوم 11 - 02 - 2013

هل كانت معاناة معتقلي سجن تازمامارت، الأكثر فظاعة في تاريخ المغرب الحديث، أقسى وأبشع من معاناة أبنائهم وزوجاتهم الذين عاشوا الجوع والتشرد والخوف؟ من خلال «كرسي الاعتراف» مع
خديجة الشاوي، زوجة محمد الرايس، أحد أشهر معتقلي سجن تازمامارت، يختل الجواب بنعم. في «كرسي الاعتراف»، تحكي خديجة الشاوي كيف تزوجت «لاسبيران» (المرشح لرتبة ضابط) محمد الرايس، وعمرها 12 سنة، وكيف تركها عرضة للتشرد رفقة ستة أطفال، هم إرثها منه عندما اعتقل على ذمة محاولة الانقلاب على الحسن الثاني سنة 1971. وكيف طرقت باب للا عبلة، والدة الحسن الثاني، وما عانته لمقابلة الأمير مولاي عبد الله، وصولا إلى لقائها بالحسن الثاني الذي استجاب لطلبها، ليس بالإفراج عن زوجها، وإنما بتخفيف الحكم الصادر في حقه من الإعدام إلى السجن المؤبد، قبل أن تفاجأ ذات صباح باختفاء زوجها من سجن القنيطرة إلى مصير مجهول، ثم كيف جن جنونها وهي تقرأ رسالة خرجت من جحيم تازمامارت، يقول فيها الرايس: «أنا في سجن هو أقرب إلى القبر»، لتبدأ معركة التعريف بقضية معتقلي تازمامارت والنضال من أجل الإفراج عنهم، إلى أن أخلي سبيل زوجها محمد الرايس الذي اقتيد من تازمامارت إلى سجن القنيطرة حيث قضى سنة إضافية، قبل أن يتدخل السوسيولوجي الفرنسي الشهير، جاك بيرك، لدى الحسن الثاني للإفراج عنه، لتجد الشاوي أمامها شخصا بملامح وطباع غريبة مقارنة بذلك الزوج الذي فارقها لمدة عشرين سنة.
- كيف وجد زوجك محمد الرايس أسرته التي غُيِّب عنها لأزيد من عشرين سنة؟
وجد أن المغرب ككل طرأت عليه تحولات عميقة، فكيف بأسرته، فقد توفيت والدة الرايس أثناء وجوده في تازمامارت، أما أبناؤنا الستة فقد ذاقوا من المرارة والألم ما سيبقى موشوما في عقولهم وأبدانهم إلى آخر يوم من حيواتهم: ابننا رشيد أصيب، ولم يتجاوز بعد ربيعه الثالث، بصدمة نفسية عندما غاب والده، وبقي لمدة سبع سنوات عاجزا عن النطق والحركة وكارها للنساء، بمن فيهم أنا وجدته وأخواته، ولم تبدأ صدمته في التراجع إلا حينما توصلنا بأول رسالة من الرايس من تازمامارت؛ كما أن ابنتنا بشرى أصيبت، على إثر التهاب في اللوزتين، بمرض في المخ، فصار جسمها يرتعش طول الوقت، ولا زالت على ذلك الحال إلى يومنا هذا (تعيش مع أمها في البيت)، كما تعاني حتى الآن من مرض في العظام، تسبب لها في تقوس في ظهرها، اضطررنا معه إلى بعثها إلى فرنسا لتتلقى العلاج، لكن الأمر لم يُجْد نفعا، تم عادت لتقضي فترات في المستشفى تحت الرعاية الطبية المركزة، ولم تبدأ حالتها في التحسن إلا في السنوات الأخيرة، وكل ذلك بسبب أنها لم تستكمل وإخوتها التلقيحات الطبية، بعدما بقيت وثائقنا، بما فيها دفاتر الأبناء الطبية، محجوزة في إقامتنا بأهرمومو، بعد محاولة الانقلاب، وقد رفض الممرضون والأطباء في المستوصفات أن يتابعوا تلقيح أبنائي بدون وثائق؛ كما تسبب عدم استكمال التلقيحات لابننا سعيد، توأم بشرى، في مرض أصاب رجله، محدثا له إعاقة ما زال يجترها إلى اليوم؛ أما رشيد، الذي أصيب وهو ابن ثلاث سنوات بالصمم والبكم والكساح، ولم ينفع معه أي علاج، فقد كنا نحاول أن نخرجه من حالة الصدمة بأن نحكي له عن أخبار الرايس التي كانت تأتينا عبر الرسائل، ونطمئنه على حالة والده، وهو ما كان يخفف من حدة
نوباته.
- ما الذي يفعله رشيد الآن؟
رشيد الآن مهاجر في بلجيكا. وحكايتي معه طويلة ومأساوية، فأول ما انتقلنا للسكن رفقة حماتي في الرباط، بعد اعتقال زوجي، ذهبت إلى مصلحة التعاضدية العسكرية، عند كولونيل يدعى المكي، والتمست منه أن تتكلف التعاضدية العسكرية بعلاج ابني رشيد، لأن والده كان في الجيش، لكنه نهرني وطردني أنا وابني المريض. وبعدما اشتغلت في مستشفى التخصصات في الرباط، وأصبحت مستفيدة من التغطية الصحية، ألحقت رشيد بمدرسة الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت أدفع تكاليف النقل المدرسي، لكنه لم يتمكن من متابعة الدراسة كأقرانه من الأطفال، لأنه فقد النطق والسمع والحركة، وحتى حين بدأت حالته في التحسن كان يقع على وجهه بمجرد أن يقف على قدميه، حتى إن أسنانه الأمامية انكسرت عدة مرات. وفي مدرسة الأمل هاته لم يكن سهلا عليه التأقلم، لأن كل العاملين فيها كن نساء، وابني رشيد لم يكن حينها يطيق أن تقترب منه امرأة، لذلك فغالبا ما كان يتبرم من الذهاب إلى المدرسة. بعد ذلك ألحقته بمدرسة في سلا، بعدما لاحظت ميولاته الفنية، فصار يتعلم فيها الرسم والفنون التشكيلية، وقد قضى بها ثلاث سنوات، وحصل على دبلوم، فأخذت نسخة عن ذلك الدبلوم ومعها دفتر يتضمن مخطوطاته ورسوماته وقصدت المندوبية السامية للتخطيط، وطلبت مقابلة المدير، الذي استقبلني دون أن يعرف من أكون، فحكيت له عن حالة ابني ورجوته أن يجد له عملا يساعدني به على حمل ثقل الأسرة وسد متطلباتها، فأخذ المدير مني الدبلوم ودفتر الرسومات، وطلب مني أن أترك له رقم هاتفي، ووعدني بأنه سيحاول أن يجد له عملا. وقد وفى بوعده، لكن ليس في الإدارة بل في بيته، حيث كان رشيد يرسم له لوحات مقابل أجر زهيد. واستمر هذا الوضع زهاء ستة أشهر. وفي أول أيام رمضان من سنة 1993، وكان الرايس قد خرج من السجن، تلقيت اتصالا هاتفيا من مدير المندوبية السامية للتخطيط هذا، يطلب مني أن أصحب ابني رشيد إلى مكتبه في الغد، وعندما ذهبنا أخبرني المدير بأنه وجد لابني عملا في مندوبية التخطيط، ومنذ ذلك الحين عمل رشيد في قسم الخرائط، كما استمر خلال عطلة نهاية الأسبوع في الذهاب إلى بيت المدير ليرسم له لوحات تشكيلية.
- ما الذي كان يفعله مدير المندوبية السامية للتخطيط بلوحات ابنك رشيد؟
بعد مدة، سنكتشف أن ذلك المدير كان يبيع لوحات ابني في أمريكا. المهم أن رشيد ظل يعمل في المندوبية السامية للتخطيط إلى أن ترسم في وظيفته، لكنه بعد فترة لم يعد مرتاحا في ذلك العمل، ولا في مكوثه بالمغرب، فراتبه كان هزيلا، وكان يحز في نفسه أن مصاريف علاج والده كثيرة بينما هو لا طاقة له على مساعدتنا في تغطية تلك المصاريف، خصوصا بعدما أصيب الرايس بمرض القصور الكلوي وصرت أدفع مقابل عملية تصفية الكلى، التي كان الرايس يقوم بها ثلاث مرات في الأسبوع، مبلغ 7000 درهم شهريا، خصوصا وأن زوجي لم يكن يستفيد من التغطية الصحية، إضافة إلى أدوية علاج داء السكري التي كان ثمنها مرتفعا آنذاك، وكذا أدوية علاج الضغط؛ وفي ما بعد أصبحت أبعث في طلب دواء البوطاسيوم من الخارج، وهذا الدواء كذلك كان يكلف مبلغا كبيرا، وبالإضافة إلى هذه الأمراض حمل الرايس معه من تازمامارت حساسية في الجلد، فكنت أبعث في طلب دواء الفوسفور من الخارج، ناهيك عن بعض الأدوية من المقويات والفيتامينات، لأن عملية التصفية تفرغ الدم من أهم هذه المكونات. وهكذا كنت أجد أن فاتورة الصيدلية، في آخر الشهر، قد بلغت 10 آلاف درهم أو أكثر، خارج مصاريف التصفية. وأمام هذا الوضع، اضطررت إلى بيع المنزل الذي كنت قد اقتنيته بعدما اشتغلت في وزارة الصحة، ووضعت المبلغ في البنك، وأخذت أسحب منه تكاليف العلاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.