برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى عاهل المملكة المتحدة بمناسبة عيد ميلاده    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيسة جمهورية الهند    جمعية: "بيجيدي" يسيء للجالية اليهودية    أبعلال تتصدر نتائج "الباك" بجهة فاس    تامر حسني يكشف تطورات الحالة الصحية لنجله    موجة حر من الاثنين إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    التلميذ ايمن المالكي يتوج باعلى معدل باكالوريا باقليم الحسيمة        "صفعة للاستثمار وضربة لصورة المغرب".. نخرجو ليها ديريكت يكشف كواليس توقيف مشروع فندقي ضخم في قلب الدار البيضاء    مواهب كروية تستحق اهتمام الأندية الكبرى: زياد الإدريسي الجناح الكروي الطائر    حركات استعراضية ومنافسة عالمية.. موتوكروس فري ستايل يعود إلى الرباط -فيديو-    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم يهم تحسين وضعية مهندسي العدل    بورصة البيضاء تغلق الأسبوع بانخفاض    الحسنية توقع رسميا عقودها مع المدرب الرئيسي والمدير الرياضي للحسنية    الوكالة المغربية للدم ومشتقاته تطلق حملات وطنية للتبرع بالدم بمختلف جهات المملكة    الكوكايين يقود شخصا للإعتقال بطنجة    مواجهات نارية تنتظر بايرن ميونيخ وباريس سان جيرمان في انطلاق كأس العالم للأندية    تكريم الفنانين أحمد حلمي ويونس ميكري في حفل افتتاح مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي    إسرائيل تضرب منصات صواريخ إيران    مونديال الأندية.. ميسي "متحمس" وماسكيرانو يشيد بقوة الأهلي    رينجرز يعلن رحيل المغربي عصام الشرعي من منصبه كمساعد مدرب    إيران تقرر إغلاق الأجواء حتى إشعار آخر    حصيلة وفيات تحطم طائرة هندية ترتفع إلى 270 شخصا    إيران تعلن مقتل 3 علماء نوويين و 2 قادة عسكريين جدد    "غوغل" تطلق ميزة جديدة لتحويل نتائج البحث إلى بودكاست بواسطة الذكاء الاصطناعي    اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    إسناد تسيير ضريبة السكن وضريبة الخدمات الجماعية إلى المديرية العامة للضرائب    مطالب للحكومة باتخاذ إجراءات ملموسة تحفز اندماج القطاع غير المهيكل بالاقتصاد الرسمي        الطالبي العلمي يستقبل وفد المنتدى البرلماني الإفريقي لبحث قضايا الدفاع والخارجية    لامين يامال يفجر "ضجة كبيرة" بشأن صفقة نيكو ويليامز    ريال مدريد يضم اللاعب الأرجنتيني ماستانتوونو    أفتاتي: من الواجب التضامن مع الشعب الإيراني في مواجهة إجرام كيان صهيوني مارق    "العدل والإحسان": الاعتداء على إيران يؤكد نهج الكيان الصهيوني القائم على العنف والإجرام    أجواء حارة في توقعات طقس السبت    واشنطن.. عرض عسكري غير مسبوق احتفالا بالذكرى ال250 لتأسيس الجيش الأمريكي    بعد رد إيران... سعر النفط يرتفع إلى 74.23 دولار للبرميل    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري    حملة ميدانية واسعة لمحاربة احتلال الملك العمومي بسوق للازهرة بالجديدة    تراجع ملحوظ في كميات وقيمة الأسماك بميناء الناظور خلال الأشهر الأخيرة    اجتماع عمل لبحث إجراءات إعادة تكوين قطيع الماشية على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة    " التحول " معرض فردي للفنانة حياة قادري حسني برواق باب الرواح بالرباط    نج وكي بلاك يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك    السفير الصيني في المغرب، لي تشانغلين، يكتب: إلغاء الرسوم الجمركية سيتيح فرصًا أكبر لإفريقيا        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    شهادات مرضى وأسرهم..    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو إسحاق الألبيري.. الشاعر الذي ((قتل)) الوزير اليهودي بقصيدة
أثرت أشعاره المناهضة للاستبداد في العامة فثاروا ضد الوزير الظالم
نشر في المساء يوم 21 - 07 - 2014

بعد سقوط الخلافة الأموية بالأندلس تفتتت البلاد واستبدت كل طائفة بجزء منها، ودخلت الأندلس في عصر الفوضى العارمة الذي عرف في التاريخ بعصر ملوك الطوائف، ومن هؤلاء الملوك يبرز اسم باديس بن حبوس كمسعر حرب أشعل فتيل الفتن وجيش الجيوش لحرب إخوانه واستنزافهم، وهو ملك من قبيلة صنهاجة لم يتجاوز طموحه حدود تحقيق ملذاته الخاصة والحفاظ على إمارته الصغيرة في غرناطة، شأنه في ذلك شأن سائر ملوك الطوائف. ومن سيئاته التي يذكرها التاريخ أنه عمل على تنصيب ولاة ظلمة جائرين جعلوا همهم استنزاف مقدرات الرعية وإثقال كاهل الناس بالضرائب والمغارم، وعلى رأس هؤلاء الولاة يوسف بن النغالة، اليهودي الذي أسند إليه باديس شؤون الإدارة والحكم في دولته. ويوسف هذا هو ابن وزير سابق لباديس عرف بدهائه وحنكته وسعة اطلاعه، وهو الذي قال عنه ابن حيان: «كان هذا اللعين في ذاته على ما روي عنه من هداية من أكمل الرجال علما وفهما وذكاء ورصانة ودهاء ومكرا، ومعرفة بزمانه، ومداراة لعدوه، واستسلالا لحقودهم بحلمه ... دائم التفكير، جماعة للكتب». وقد أخذ عنه يوسف كل صفاته ما عدا صفة الحلم وزاد عليها صفات أخرى جلبت عليه مقت الناس وغضبهم، فقد رغب في التقرب إلى باديس بمضاعفة الضرائب وملء خزائن الدولة. وإن جعله هذا أثيرا عند الملك فقد أثار عليه سخط العلماء والعامة، ولم يُخفِ كثيرون حنقهم عليه ورفضهم لتسلطه. وإن كان والده حليما ذكيا في تجنب إثارة العامة فإن يوسف لجأ إلى أساليب أخرى للحفاظ على مكانته في الدولة، إذ وضع جماعة من اليهود المقربين منه في مراكز الحكم وأنشأ شبكة من الجواسيس كان يحصي من خلالها أنفاس الملك وولي عهده وكل أصحاب النفوذ في الدولة، وهذا جعله على دراية بكل القرارات الحاسمة التي يصدرها الملك ومقربوه. وقد مكنه تغلغله في دائرة صناعة القرار من إحباط محاولة للانقلاب على الملك، فعزز ذلك مكانته ورفع قدره، فكان أن فوض له باديس كل سلطاته فأثار استياء عارما في الأوساط الغرناطية. وكان على رأس الذين انتقدوا يوسف علنا ونبهوا الملك لخطورة تماديه في ظلم الرعية واستبداده الشاعر أبو إسحاق الألبيري، غير أن الملك لم يقبل نصائحه وأبعده إلى ألبيرة وحال بينه وبين الناس في غرناطة التي كان تمثل موطن الحل والعقد في دولة باديس. وقد انضم بلقين ولي العهد نفسه إلى فئة المناهضين لجبروت يوسف وظلم صنائعه من اليهود الذين استطالوا على أهل غرناطة وساموهم سوء العذاب فدبر له ابن النغرالة مكيدة انتهت بقتله بالسم ونسبت الجريمة إلى بعض جواريه وخدمه. وحين أحس يوسف أن الجو خلا له اتصل بابن صمادح وراح يؤلبه على غزو غرناطة بعد أن أحس بتنامي موجة العداء ضده وضد أصحابه. كان تدبير ابن النغرالة محكما، فتصريف شؤون الدولة بيده وبيد زمرته، وهو إن عدم القدرة على استئصال شأفة خصومه في ظل حكم باديس فلن يقف أمامه شيء في ظل حكم ابن صمادح، ويكفيه أن يشير على ابن صمادح بأن خصومه من رؤوس الفتنة الذين يهيجون العامة، ظن ابن النغرالة أنه لن يكون بحاجة إلى مبررات للفتك بكل أعدائه إذا تغير نظام الحكم، ولم يدر بخلده بعدما وضع اللمسات الأخيرة على خطته أن تدبيره برمته ستنسفه قصيدة واحدة، فالمنفى لم يؤثر في عزيمة أبي إسحاق ولم يفت في عضده، وظل يتحين الفرص ليثير الناس على يوسف حتى بلغ مسامعه أنه يخطط لتسليم غرناطة إلى ابن صمادح فكتب يحرض العامة عليه:
ألا قل لصنهاجة أجمعين/ بدور الزمان وأسد العرين/ لقد زل سيدكم زلة/ تقر بها أعين الشامتين/تخير كاتبه كافرا/ ولو شاء كان من المؤمنين/ فعز اليهود به وانتخوا/ وتاهوا وكانوا من الأرذلين.
كان وقع القصيدة في النفوس عظيما، يقول الناقد الإسباني أميليو غارسيا غوميز: «والحق أن القصيدة تستحق ما حظيت به من شهرة، ولا نعرف إلا في القليل النادر أن أبيات الشعر لعبت دورا سياسيا مباشرا في التاريخ السياسي لأمة من الأمم فكهربت العزائم ودفعت بها في سرعة خاطفة إلى إشعال الحرائق وشحذ السيوف للقتل، كالدور الذي لعبته هذه القصيدة. ولعل الشعر الأندلسي لم يعرف أبدا البساطة عارية كما عرفها في هذه القصيدة ... لقد اجتاحت أنغامها حية متوهجة أعماق المدينة كزفير النيران».
خرج الناس، الذين أثرت قصيدة أبي إسحاق في نفوسهم، عام 459 ه في العاشر من صفر يقصدون بيت ابن النغرالة، يتقدمهم شيوخ صنهاجة وسادتها، ففر منهم إلى قصر باديس، فاقتحموا عليه القصر وقتلوه وصلبوه على باب غرناطة، وكروا على أصحابه وصنائعه ففتكوا بهم ووضعوا بذلك حدا لاستبداده وظلمه.
يوسف الحلوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.