أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الحسن الثاني بتطوان ويتقبل التهاني بهذه المناسبة السعيدة    برشلونة تدعم مغربية الصحراء وتبرز جدية مقترح الحكم الذاتي    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الأضحى في تطوان    في أجواء روحانية بالمصلى.. هكذا عبّر المواطنون عن فرحتهم بعيد الأضحى (فيديو)        غزة: مقتل 31 فلسطينيا بقصف إسرائيلي ثاني أيام الأضحى    متفوقاً على لامين ومبابي.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    سوء التنظيم يفسد أجواء مباراة المغرب وتونس الودية: جماهير تقتني التذاكر وتمنع من الدخول    1526 شخصا يستفيدون من عفو ملكي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    نجاح مسؤولة أمنية مغربية.. يصيب هشام جيراندو بالسعار    قتلى وجرحى في حادثة سير ضواحي أزمور        عيد الأضحى في إندونيسيا: مظاهر احتفالية روحانية في أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان    جوكوفيتش يلمح أنه ربما خاض آخر مباراة له في رولان غاروس    بعد فوز صعب على منتخب تونس.. الركراكي يبرر الآداء الضعيف ل "الأسود" بصعوبة اللعب في يونيو    أول أيام التشريق.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات الثلاث    زلزال بقوة 6,4 درجات يضرب شمال الشيلي    صراع علني بين ترامب وإيلون ماسك... اتهامات متبادلة وتهديدات سياسية واقتصادية    المغرب.. قيمة السلع والخدمات تفوق لأول مرة عتبة 1500 مليار درهم    طقس حار اليوم السبت بعدد من مناطق المغرب    وزارة التربية تمدد آجال طلب المنح    الملك محمد السادس يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الإصابة تُغيّب ديمبيليه وباركولا عن مواجهة ألمانيا في الأمم الأوروبية    تقنيات الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل مباريات كأس العالم للأندية 2025″    اكتشاف مومياوات نادرة في البيرو تعود لحضارات ما قبل الإنكا        كارثة عمرانية بسور المعكازين بطنجة.. ومطالب بمحاسبة الشركة المشرفة على الفضيحة!    باريس ومونتريال ونيويورك تحتضن فعاليات يوم الأمة القبائلية: دعوة مفتوحة من الحكومة المنفية لإحياء الذاكرة وتأكيد خيار الاستقلال    الأسود تزأر مرتين ضد تونس في فاس    مشروع ضخم لربط كهربائي بين المغرب وفرنسا يعزز طموحات المملكة كجسر طاقي بين إفريقيا وأوروبا    المنتخب الوطني يفوز على نظيره التونسي في مباراة ودية بهدفين نظيفين    رفع عدد الرحلات الجوية بين طنجة ومالقا خلال صيف 2025    الملك محمد السادس يصدر عفوه السامي على 1526 شخصا بمناسبة عيد الأضحى المبارك    قناة إيطالية تشيد بالوثائقي المغربي "إشعاع مملكة" الذي تنتجه شركة "Monafrique Prodcom"    للجمعة ال79 … آلاف المغاربة يتظاهرون بالعديد من المدن دعما لغزة والقدس    اللحوم تنفد في محلات للجزارة    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء        طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    متجاوزا التوقعات.. النمو الاقتصادي الوطني لسنة 2024 يسجل تحسنا بلغ 3,8%    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    إسرائيل تهدد بمواصلة ضرب لبنان في حال لم ينزع سلاح حزب الله    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    أسعار الذهب ترتفع    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فراقش الحلوف
نشر في المساء يوم 29 - 04 - 2009

كان الجميع يتهم المضاربين في البورصة ومدراء البنوك والشركات الكبرى بالوقوف وراء الأزمة العالمية، إلى أن خرج لهم «بني حلوف» من الجنب.
وبسبب «الحلوف» نزلت كل البورصات العالمية أمس إلى مستويات غير متوقعة، بسبب انتشار «أنفلونزا الخنازير» في أكثر من قارة.
فمرض «الحلوف» تسبب في نزول مستوى الرحلات الجوية والمبادلات الاقتصادية بين الدول وفي انخفاض استهلاك الخنازير، وأصاب السياحة العالمية بالركود. البورصة الوحيدة التي أنعشها «الحلوف» هي بورصة المختبرات الطبية العالمية المتخصصة في صناعة الأدوية. سيقول بعضكم إن «مصائب قوم عند قوم فوائد».
ويبدو أن اللوبيات المتحكمة في هذا الاقتصاد العالمي الضخم، الذي ينتج ويصدر الأدوية المضادة للأوبئة العالمية، تفرك يدها فرحا وهي ترى أسهم شركاتها تحلق من جديد في البورصات العالمية. فمنذ «ضربة» أنفلونزا الطيور وداء «السارز» لم تعرف شركات الدواء العالمية انتعاشة مالية كتلك التي تعرفها اليوم بفضل الخنازير.
وإذا كانت منظمة الصحة العالمية تدافع عن مصالح شركات إنتاج الأدوية الكبرى، وتريد «تغراق الساس للحلوف» وتحميله وحده مسؤولية الفيروس الذي يجتاح بلدان العالم، فإن «الحلوف» الأوربي والأمريكي ليس مقطوعا من شجرة وليس لديه من يدافع عن مصالحه. والدليل على ذلك أن قبيلة «بني حلوف» لديها منظمة عالمية اسمها «المنظمة العالمية لصحة الحيوان» ومقرها باريس جندت موظفيها للوقوف إلى جانبه في هذه المحنة وقفة «حلوف» واحد. وأول شيء قامت به هذه المنظمة الحيوانية هو الدعوة إلى تسمية «أنفلونزا الخنازير» باسم آخر هو «أنفلونزا المكسيك». فالمكسيك هو البلد الذي ظهر فيه الفيروس أول مرة، ولذلك يستحق أن يحمل «شرف» هذا الاختراع العظيم مكان «الحلوف» الذي ليس سوى ضحية مثل الآخرين في هذه الكارثة.
وكما ترون فوسط هذه الأزمة الصحية العالمية تختفي حرب اقتصادية طاحنة بين قبيلة «بني حلوف» وقبيلة شركات صناعة الأدوية العالمية. وفي هذه الحرب يلجأ كل واحد إلى منظمته الصحية العالمية لكي تدافع عن مصالحه الاقتصادية.
وحتى الدول التي توجد بها حكومات دينية متطرفة كإسرائيل لجأت إلى هذه الطريقة الملتوية لكي لا تمس بمصالح شركات تربية وإنتاج «الحلوف». فقد قررت إسرائيل أن تعمل بنصيحة «المنظمة العالمية لصحة الحيوان» وتطلق على هذا المرض «أنفلونزا المكسيك»، وذلك بعدما غلف نائب وزير الصحة الإسرائيلي المتشدد «ياكوف ليتسمان» هذا القرار بفتوى تبرر اللجوء إلى هذه التسمية بكون الدين اليهودي يعتبر الخنزير حيوانا نجسا. ولذلك فهو يفضل وصف المرض بأنفلونزا المكسيك حتى لا يضطر إلى التلفظ بكلمة خنزير. يعني «تفوت غير الحلوف وتجي فيمن بغات».
أمام الأمراض والأوبئة العابرة للقارات تضع الشركات العالمية الكبرى مصالحها دائما فوق كل اعتبار. وسواء كانت شركات لإنتاج لحوم «الحلوف» أو شركات لإنتاج الأمصال المقاومة للفيروسات المعدية، فإن المعركة الحقيقية لا تدور في المختبرات الطبية وإنما تدور دائما على عتبات البورصات العالمية.
والشيء نفسه ينطبق على الشركات الكبرى المتخصصة في صناعة الأسلحة. فبدون حروب تصاب أسهم هذه الشركات بهبوط حاد في البورصات، وتصبح مهددة بالإفلاس. ولذلك تصبح الحروب قضية حياة أو موت، بالنسبة إلى شركات صنع الأسلحة طبعا، وليس بالنسبة إلى لدول التي تخوض هذه الحروب.
ولعل القارة الإفريقية تبقى أكبر سوق حرة لبيع الأسلحة المصنعة أوربيا وأمريكيا. فهي القارة الأكثر تعرضا للحروب الأهلية والانقلابات والمشاكل السياسية التي تستدعي من البلدان المتخاصمة إبرام صفقات بملايير الدولارات للتزود بأحدث الأسلحة تحسبا لإعلان أحد الجيران الحرب بشكل مفاجئ. ولنا في صفقة الفرقاطات الأخيرة التي يسعى بوتفليقة إلى إبرامها مع ألمانيا، أياما قليلة فقط على عودته إلى عرش قصر المرادية، بسعر يقارب ملياري دولار، خير مثال على هذه «المخاوف» التي تلعب عليها شركات صناعة الأسلحة والدول التي تصدرها للرفع من عائدات صادرتها بالعملة الصعبة.
وطبعا، ستعمل شركات صناعة السلاح الفرنسية كل ما بوسعها لكي تقنع المغرب بشراء فرقاطات مضادة للفرقاطات الجزائرية تحسبا لحرب مفاجئة يعلنها الأشقاء الجزائريون علينا. وهذا تقريبا يحدث في كل دول العالم الثالث التي لا تستطيع صنع رصاصة واحد وتكتفي باستيراد كل أسلحتها من الشركات العالمية المسيطرة على هذا القطاع.
وإفريقيا ليست فقط سوقا لترويج أسلحة الشركات العالمية، وإنما هي أيضا سوق لترويج العقاقير والأدوية المضادة للأمراض المعدية والقاتلة. فأغلب حكومات الدول الإفريقية تصرف جزءا كبيرا من ميزانياتها لاقتناء أدوية مضادة لأمراض تظهر في دولهما فقط.
ولعل الجميع يتذكر الحملة العالمية في وسائل الإعلام التي رافقت الإعلان عن فيروس «أنفلونزا الطيور»، وكيف تم التسويق على نطاق واسع لدواء «الطاميفلو» المضاد للمرض. وبمجرد ما تزودت كل الدول بمخزونها الخاص من هذا العقار وتوصلت المختبرات العالمية التي تملك براءة اختراع الدواء شيكاتها بالعملة الصعبة، لاحظ الجميع كيف تراجع الحديث عن ضحايا «أنفلونزا الطيور» إلى المرتبة الثالثة أو الرابعة في ترتيب مواضيع نشرات الأخبار، إلى أن اختفى نهائيا.
ومن يدري، فربما سيخف الحديث عن «أنفلونزا الخنازير» مباشرة بعد إنتاج المصل الضاد للفيروس وبيعه لكل بلدان العالم وتحصيل شيكاته.
والمدهش في الأمر أن صراع المصالح هذا يمكن أن يكتسي أحيانا طابعا طينيا كما وقع في إسرائيل، كما يمكن أن يكتسي طابعا إنسانيا كما صنعت إنجلترا عندما أرسلت مساعدات طبية عاجلة إلى المكسيك. فإنجلترا هي إحدى أكبر الدول المنتجة للحوم الخنازير في العالم. وهي عندما تقوم بهذه الخطوة «الإحسانية» لصالح «حلاليف» المكسيك، فإنها لا تقوم بذلك من أجل سواد عيون المكسيكيين، وإنما خوفا من انهيار واحد من أهم منتجاتها الفلاحية الموجه إلى الاستهلاك المحلي والتصدير.
ولعل المغرب أصبح خلال السنوات التسعة الأخيرة سوقا يستهدفها مربو «الحلوف» بمنتجاتهم. فقد عرف استيراد المغرب للحوم «الحلوف» ارتفاعا قدره ثلاثة آلاف في المائة سنة 2006 مقارنة بالسنوات التي قبلها، مما عجل بانقراض مزارع تربية «الحلوف» بالمغرب، والتي أصبح عددها لا يتعدى ست «فيرمات» بعد أن كان عددها يصل إلى عشرين «فيرمة». وهكذا، أصبح تجار «لحم الحلوف» يفضلون استيراده من الخارج على تربيته في الداخل، لأن التكلفة أرخص. الآن بعد تعليق المغرب لاستيراده «لحم الحلوف» من الخارج فليس أمام هؤلاء المستوردين سوى تعويض «خسارتهم».
الذين عاشوا في أوربا يعرفون ماذا يعني «لحم الحلوف». إنه الضمانة الغذائية الأساسية اليومية لمئات الملايين من الأوربيين. وأي اختلال في تموين السوق الأوربي بهذه المادة قد يؤدي إلى تغيير جذري في العادات الغذائية لقارة بأكملها. والأوربيون كانوا سباقين إلى اختراع مقولة شعبية تقول إن «الحلوف» هو الحيوان الوحيد الذي يؤكل بالكامل. حتى «فراقش الحلوف» يأكلونها بعد تمليحها وقليها في الزيت وتقديمها في البارات، فهي «القطعة» المفضلة لشاربي «البيرة». أما جلد «الحلوف» فيتم تقشيره وتيبيسه وقليه ثم أكله مثل شرائح «التشيبس»، مثله مثل أذنيه وذيله وأظافره. أما دمه الذي ينزف من الثقب الذي يحدثونه في بلعومه من أجل قتله، فيتم جمعه وتخثيره وبيعه في الأسواق التجارية الممتازة داخل أكياس بلاستيكية.
ومع ذلك تجد «بريجيت باردو»، رائدة حقوق الحيوان في الغرب المتقدم، الوجه لكي تشتم المسلمين وتنتقدهم بسبب الطريقة التي يذبحون ويأكلون بها خرافهم في عيد الأضحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.